9/13/2013 9:30:05 PMأراد صحافي في جريدة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله والنظام في سوريا إثبات فشل أجهزة كشف المتفجرات التي تفرط الجهات الأمنية، الرسمية والخاصة والذاتية، في الاعتماد عليها، ففخخ سيارته بقليل من أصابع الديناميت، واخترق كل الحواجز الأمنية، ولا من أوقفه أو كشفه.
الصحافي لم يعبأ باحتمال أن تنفجر سيارته.
مفخخة تطوف
حين "فخخ" الصحافي سيارته بقنابل يدوية وأصابع ديناميت وفتيل صاعق، تقصد أن يجول بها في مناطق يتركز فيها الأمن بتدابيره الوقائية، كأن يكثر فيها استخدام الجهاز ذات "الأنتين"، الذي عليه يتكل حامله ليميّز سيارة بريئة من سيارة مفخخة.
ويكتب الصحفي متسائلًا: "كيف يُعقل لجهاز كهذا أن يكتشف المتفجرات؟ ماذا يوجد في داخله؟ ما مدى فعاليته؟ هل هو أقرب إلى أجهزة السكانر أم أنّه يعمل على ذبذبات إلكترونية معينة أو يلتقط أبخرة المتفجرات فيحرك «أنتينه»؟ هل كلّ الأجهزة تُشبه بعضها البعض أم هي مختلفة؟"
ولبرهان وهم الأمن الذي يعيشه اللبنانيون هذه الأيام، في ظل "أبو أنتين"، هذا ما فعله الصحافي. كما روى: "استعانت الأخبار بصديق وضع في سيارته قنابل يدوية عدة وأصابع ديناميت وفتيل تفجير وصاعقاً.
لم يُخبّئ الصديق هذه المتفجرات، بل وضعها في تابلوه السيارة الأمامي. صعدنا معه في سيارته، ثمّ قمنا بجولة على عدد من المراكز التجارية واجتزنا حواجز أمنية، بعضها تابعٌ للجيش اللبناني وأُخرى يتولّاها عناصر انضباط من حزب الله في الضاحية الجنوبية.
وكان الصديق قد حصل على أصابع الديناميت من صيّاد سمك، فيما استعار القنابل والفتيل الصاعق من أحد تجّار السلاح في بيروت. ويقول "أردنا التثبّت من مدى فعالية هذه الأجهزة، علمًا أن ما هو في التابلوه يُستخدم لتصنيع عبوة ناسفة أو لاغتيال أحد ما أو قتل مجموعة من الناس بواسطة القنبلة اليدوية".
أضاف الصحافي: "مرّت السيارة على الجهاز الذي يُزعم أنّه لكشف المتفجرات، لكنّ القضيب المعدني بقي ساكنًا".
مخابئ سرية
وتابع الصحافي مغامرته، فخاطر بالدخول إلى الضاحية الجنوبية. قال: "اجتزنا حاجزين للجيش اللبناني على مدخلي الضاحية المتقابلين من جهتي مخيم برج البراجنة وحي الأميركان في محلّة الصفير. ورغم عشرات الحواجز التابعة للحزب المنتشرة فيها، تمكنّا من المرور عليها جميعها. فالشباب هناك يُفتّشون، في معظم الأحوال، صناديق السيارة فقط، دونما الالتفات إلى مخابئ سريّة محتملة شبيهة بتلك التي عُثر عليها في سيارة الناعمة المفخخة، والتي تبيّن أنّ فيها مخبأً مخفيًا في المقعد الخلفي يحوي كمية كبيرة من المتفجرات".
وأضاف: "ركنّا السيارة في الضاحية، ثمّ ترجّلنا منها. وعندما عُدنا صباح اليوم التالي. كان هناك شابٌ يرتدي نظارات شمسية يحمل جهازًا شبيهًا بذلك المنتشر أمام المراكز التجارية، لكنّه كان أكبر حجمًا. استبشرنا خيرًا، إذ قد يكون الجهاز فعّالًا، لكنّ أملنا خاب، فقد مرّ الشاب المذكور بالمشية المعتادة بالقرب منّا من دون أن يتحرّك أنتين الجهاز الذي يحمله".
براءة وحسن نية
أراد الصحافي في جريدة الأخبار، ببراءة أن يثبت فشل جهاز "أبو أنتين" في الكشف عن المتفجرات، والتدليل على السيارات الفخخة، خصوصًا أنه ضمّن تقريره مقابلة مع مسؤول أمني لبناني أكد له أن الجهاز هذا "ضحك على الذقون". وقد أثبت ذلك فعلًا. لكن مسألة البراءة مطاطة قليلًا.
فالصحافي المذكور والبراءة تزداد مطاطية حين يجيب استباقيًا بعبارة "لو حصل أن ضُبطنا فكنا سنُبرّر ذلك بالعمل الصحافي" على السؤال الآتي: هل يحق لصحافي أن يجول بين المواطنين الآمنين بسيارة مفخخة؟ كما لا بد أن يسأل اللبناني الآمن إن كان يهون إلى هذا الحد الحصول على مكونات عبوة ناسفة من ديناميت وصواعق وفتائل، في وقت لا تصمت فيه القوى الأمنية عن إعلانات كشف الشبكات الارهابية، والمؤامرات "التكفيرية" والفضائح الأمنية؟
وسؤال أخير للصحافي... أي مرجع أمني أو قضائي وافق على هذه التجربة "البتراء"؟ فإن كان حسن النية هو ما قاده إلى "تدوير" كل الثغرات الأمنية في البلد، فالطريق إلى جهنم مفروش بالنيات الحسنة، وإن كان فعلها "من رأسه"، فأين دولة القانون ووزارة الداخلية من هذه المغامرة؟