مدى فعالية أقراص اليود في مكافحة التسرب الإشعاعي
في ظلّ المخاوف الرّاهنة من تسرّبات المفاعلات النووية وخاصة في اليابان تكّشف الكثير من الإحتياطات الأمنية والطبية التي تأخذها الدول الأوروبية المتقدمة وأبرزها تخزين أقراص اليود لتوزيعها على السكان القريبين من المفاعلات النووية في حال حدوث طارئ لكن ما مدى فاعلية تلك الأقراص للوقاية من التعرض للإشعاعات ما زال الموضوع مثار جدل طبي.
__________________________________________________ __________________________________
ما زالت مشكلة المفاعل النووي فوكوشيما ترمي بظلال من المخاوف والشكوك حول خطورة المفاعلات النووية وما يمكن أن ينجم عنها من تسرّب إشعاعي، ورغم أن مشكلة فوكوشيما بدأت في اليابان إلا أن الجذع الأوروبي تصاعد بوتيرة عالية منذ بداية الحادث وحتى الآن خوفا من وقوع الكارثة نفسها على الأراضي الأوروبية ، وما قد يمكن ان ينجم عنه من أضرار وكوارث ليست خافية على أحد .
في ظل المخاوف الراهنة من تسرّبات المفاعلات النووية وخاصة في اليابان تكّشف الكثير من الإحتياطات الأمنية والطبية التي تأخذها الدول الأوروبية المتقدمة في الإعتبار من أجل مقاومة حدوث مثل هذه الكوارث على أراضيها ، في ألمانيا على سبيل المثال هناك مخزون دائم من أقراص اليود التي يمكن توزيعها على السكان الذين يقعون في محيط المفاعلات النووية إذا حدث أمر مفاجئ لإحداها على سبيل المثال ..
ونتج منه تسرب اليود 131 ، لذلك فإنه يمكن تفعيل تلك الخطة المحكمة لتوزيع أقراص اليود على السكان والتي هي حبيسة أدراج المسؤولين منذ وقت الحرب الباردة بين أوروبا والولايات المتحدة من جهة وبين الإتحاد السوفيتي السابق من جهة أخرى غير أنه ما زالت سارية حتى الآن خوفا من كوارث المفاعلات النووية في أوروبا نفسها .إن المخازن السرية لليود لم تعد سرية الآن واصبحت معروفة فهناك 7 مخازن لليود في 7 أماكن متفرقة على التراب الألماني ، منها 3 أماكن في ولاية بافاريا وحدها مركزها الرئيس موجود في "رودنج" وهو يحتوي وحده على 9 ملايين قرص يود محفوظة بطريقة آمنة ، هذا المخزن عبارة عن مبنى في قبو أسفل مدرسة ،واختياره آنذاك في هذا الموقع يرجع الى الخوف من هجوم نووي في فترة الحرب الباردة ، درجة رطوبة المخزن تصل الى 60 درجة أما درجة الحرارة فهي تصل مابين 10 الى 16 درجة .
يقول مدير الخدمات الطبية الطارئة في ولاية بافاريا "مايكل دايننجر" إنه لدينا خطة دقيقة لتوزيع أقراص اليود في الحالات الحرجة التي تنشأ من تسرب إشعاع أحد المفاعلات الموجودة في أرض الولاية خاصة اليود 131 ،ويستطرد قائلاً إن هذه الخطة أيضا معروفة لدى هيئة الصليب الأحمر في ولاية بافاريا وهي تعتمد على توزيع أقراص اليود على كل السكان طبقاً للتوزيع الجغرافي الموجود في كل المدن والقرى .
لكن كيف يمنع ابتلاع أقراص اليود من خطر امتصاص الجسم لليود 131 ؟ يقول "مايكل دايننجر "ان هذه النسبة التي يأخذها الإنسان عن طريق إبتلاع الأقراص تجعل الغدة الدرقية تمتص من اليود ما يصل الى حد الإشباع ما يجعلها لاتمتص المزيد في حالة انتشار اليود 131 في الجو ،واليود 131 يصيب الإنسان بالسرطان و كان هذا هو المسؤول عن انتشار سرطان الغدة الدرقية بشكل واسع بعد انتشار الإشعاع المتسرب من مفاعل تشورنوبيل في عام 1986.
بشكل عام يسبب التعرض للإشعاع النووي في ظهـور أمراض سرطانية متنوعة لكن تأثير ذلك يختلف حسب مقدار الجرعة الإشعاعية والفترة الزمنية للتعرض واختلاف الأشخاص من حيث الأعمار والقوة البدنية ، فإذا كانت الجرعة الإشعاعية قليلة فإن ذلك لا يسبب ظهور أي حالة مرضية واضحة ، إلا أن زيادة الجرعة الإشعاعية إلى حد أعلى قليلا من الحد المسموح به تجعل بعض الأشخاص يشعرون بالتقيؤ خلال الساعات الأولى من تعرضهم وكذلك يشعرون بالتعب وفقدان الشهية وارتفاع درجة الحرارة ، إضافة إلى تغيير ملحوظ في دمائهم . أما إذا كانت الجرعة عالية فان جميع الأشخاص يشعرون بالتقيؤ مع تغيير عدد كريات الدم الحمراء وخلال فترة قصيرة يتوفى عدد كبير منهم وتكثر نسبة الوفيات في حالة عدم توفر المعالجة الطبية ، أيضا تصبح عدسة العين في حالة خطر شديد فهي من المناطق الحساسة جداً للاشعاع النووي بشكل عام والنيوترونات بشكل خاص وان جرعة اشعاعية من النيوترونات تتراوح بين 20 إلى 50 راد كافية لإصابة عدسة العين بالعتمة التي هي عبارة عن حدوث تلف دائم في عدسة العين قد يؤدي إلى فقدان القدرة على الإبصار ، اما في حالة تعرض العين لأشعة جاما فان الجرعة اللازمة لإصابة عدسة العين بالعتمة تكون اكبر مما هي عليه في حالة النيوترونات ولا تقل عن 200 راد ،يصاب كذلك بالعقم كل من الرجال والنساء على حد سواء عند تعرضهم إلى جرعات اشعاعية عالية . وقد يكون العقم وقتياً او يكون بشكل دائم حسب مقدار الجرعة الإشعاعية .
ان التعرض إلى جرعات اشعاعية قليلة نسبياً لا تشكل بمفردها تأثيرا كبيراً على صحة الإنسان الا ان التعرض إلى تلك الجرعات القليلة لفترة طويلة وعلى مدى سنوات تضعف مناعة الجسم ضد الامراض الأخرى وتقود إلى الوفاة . وقد اجريت احصائية بين الأطباء العاملين في حقل الإشعاع حيث وجد أن معدل الوفيات لدى اطباء الاشعة ليس بسبب الإصابة بأي نوع من انواع السرطان وانما لاسباب اخرى منها امراض الكلية والاوعية الدموية وضغط الدم و امراض الكبد وغيرها.