الخوف انفعال طبيعي، أوجده الله في النفس البشرية؛ لحمايتها من الأخطار والحفاظ على سلامتها.فالاستجابة الطبيعية عند أي خطر تبدأ بانفعال الخوف الذي يدفع للهرب لتأمين الحماية للنفس. فهو دافع يساعدنا على التكيف في البيئة التي نعيشها.
وتبدأ المشكلة عندما يعمل هذا الدافع بتحريك النفس منالسلوك التكيفي إلى سلوك لا تكيفي نتيجة تجاوزه الحد الطبيعي. أو تحوله من مصدر خوف طبيعي، لمصدر غير طبيعي نتيجة تحول الخوف إلى قلق شديد، بدلاً من دفعه للنفس للتكيف والحماية من الخطر, يصبح هو في حد ذاته مصدراً للخطر عليها.
ويبدأ انفعال الخوف عند الأطفال في سن مبكرة. فنجد الطفل يميز المحيطين به، فيندفع نحو أمه ويخاف الوجوه الغريبة عنه. ويشعر بالأمان مع أفراد أسرته الذين اعتاد عليهم. وقد يمتد ذلك الخوف معه لسن أكبر، فيظهر بشكل واضح في سن الرابعة أو الخامسة عند التحاقه برياض الأطفال فيبدو في صورة تعلق شديد بالأم والخوف من الانفصال عنها.
ولاشك أن الطفل عند دخوله للمدرسة لأول مرة قد يشعر ببعض الخوف والقلق الطبيعي خاصة إن كان الطفل الأول أو لم يتعود على الحياة الاجتماعية. ولم يسبق له الالتحاق برياض الأطفال. وتظهر المشكلة عندما يتعدى ذلك الخوف والقلق والبكاء الفترة الطبيعية التي يمر بها كل طفل عند دخول المدرسة لأول مرة.
بالإضافة إلى ظهور أعراض الخوف من المدرسة في صورة السلوك الرمزي الذي يعطينا مؤشراً على حالة الطفل النفسية؛ لأن صغر سنه قد لا يسمح له بالتعبير الجيد عن خوفه وقلقه، فتظهر مظاهر مختلفة من الرموز الجسدية، من ألم في المعدة أو البطن، مع غثيان واستفراغ (تقيؤ) وإعياء عام. وكذلك تبرز المظاهر السلوكية كالبكاء والصراخ والالتصاق بالأم عند دخول المدرسة، مع خوف شديد يظهر عند النوم بشكل نوبات فزع وصراخ مع ظهور معالم نفسية من كآبة ونوبات الذعر والقلق.
ومن العوامل التي تساهم في نشأة مشاعر الخوف عند الأطفال هي أسلوب التنشئة الأسرية كالحماية الزائدة، والتدليل الذي يتلقاه الطفل طيلة السنوات السابقة، وقلق الأم عليه، وشدة تعلقها به، وما يتلقاه من تنبيهات أمه تجاه المدرسة، وطريقة تعامله مع من فيها، وما يسمعه من الأطفال الأكبر منه سناً من قسوة بعض المعلمين، أو انشغال الطفل بمتطلبات الدراسة عن اللعب أو مروره بمواقف سلبية في رياض الأطفال. كما أن وجود بعض المشكلات النفسية كالقلق الاجتماعي وقلق الانفصال، كل تلك العوامل تمثل له عائقاً مخيفاً يمنعه من تقبل المدرسة.
في الحلقة القادمة نتحدث عن أساليب علاجية لخوف الطفل من المدرسة.