جبل كيستة ـ كوردستان
وديان وربوع خضراء واسعة تمتد عند حدود العراق الشمالية مع تركيا وإيران، تنتشر فيها قمم جبال تغطيها الثلوج... هي محمية طبيعية اليوم بعدما كانت على امتداد سنوات طويلة ساحة حرب دامية بين الفصائل الكوردية ودول المنطقة، خصوصاً الحكومات المتعاقبة على السلطة في العراق.وأعلنت حكومة إقليم كوردستان العراق منتصف العام الماضي تحويل هذه الأراضي الجبلية محمية طبيعية ومنعت صيد الحيوانات وقطع الأشجار على امتداد ربوعها الخضراء.وبدأت الحياة تدبّ مجدداً في هذه المناطق، وعادت الحيوانات البرية إلى مواطنها بعدما هجرت جبالها الشاهقة وأراضيها الخضراء التي هجرها الإنـــسان قبل ذلك، بسبب الحروب المتكررة هناك. وأصبحت المنطقة البالغة مساحـــتها نحو 1100 كيلومــتر مربع، وتمتد على طول أقصى المـــثلث الحدودي بين العراق وتركيا وإيران، محمية يشرف عليها خبراء متخصصون بينهم أجانب.وأطلق عليها اسم «محمية جبلي هلكورد وسكران» لأنهما أعلى جبلين في المحمية، وهي تقع على مسافة 150 كيلومتراً شمال مدينة أربيل، عاصمة الإقليم، وتنتشر فيها جداول مياه عذبة من الثلج الذي يتراكم خلال فصلي الخريف والشتاء، ويبقى على القمم حتى الربيع، على رغم ارتفاع درجات الحرارة هناك.وتعرف كذلك تلك المناطق التي ترتفع 3600 متر عن سطح البحر، بكهوف ثلجية تتكون من الثلوج المتراكمة، وبحيرات عذبة على الجبال وبين الغابات الكثيفة والوديان.
وقال عبد الواحد كواني، قائمقام قضاء جومان رئيس الهيئة المشرفة على المحمية، إن «الهدف من إنشاء المحمية هو حماية البيئة وإعادة الحضارة والثقافة إلى هذه المنطقة، إلى ما كانت عليه معيشة الناس في الماضي».وأوضح أنها «مشروع علمي يمكن الجامعات في العراق وإقليم كوردستان من إجراء البحوث والدراسات فيها من خلال التنوع البيئي والحيواني».
ولفت المسؤول الكوردي إلى أن «الهدف الآخر من إنشاء المحمية هو تحويل الأراضي إلى منطقة سياحية للإقليم والعراق والشرق الأوسط من خلال مشاهدة الحيوانات البرية، لجذب السياح الخليجيين لكونها أقرب إليهم من أوروبا».وأوضح أن المسؤولين عن المحمية بدأوا تربية الأغنام بمساعدة السكان المحليين، وبناء معامل صغيرة لزيادة الإنتاج المحلي الذي تشتهر به المنطقة من الفواكه الجافة مثل التين والرمان، إضافة إلى اللوز والجوز، لبيعها إلى السياح وزوار المحمية.ويدعم المشروع كل من حكومة إقليم كوردستان العراق و «المعهد النمساوي للتكنولوجيا»، إضافة إلى منظمة إيطالية وشركة هولندية.وحول الصعوبات التي تواجه إنشاء المحمية، قال كواني إن «حقول الألغام التي زرعت إبان الحرب العراقية - الإيرانية (1980-1988) وآثار الحروب والصراعات التي شهدتها المنطقة بين الحكومة العراقية والحركة التحررية الكوردية، هي أبرز الصعوبات التي تواجهنا».ومن الصعوبات أيضاً «تعرض المنطقة للقصف من جانب تركيا وإيران خلال السنوات الماضية لاستهداف عناصر حزب العمال الكوردستاني».ويتخذ الحزب الكوردي - التركي المعارض، والجناح الإيراني له المعروف بـ»بيجاك»، من المناطق الجبلية العراقية القريبة من الحدود مع إيران وتركيا معاقل له.وأوضح كواني أن كثيراً من الحيوانات البرية، مثل الغزلان والدببة والنمور تعيش الآن في المحمية، مؤكداً أن حكومة كوردستان العراق «منعت في شكل تام صيد الحيوانات البرية، وهناك حراس لحمايتها ومعاقبة كل من يحاول الصيد أو قطع الأشجار هنا».