مذبحة النمل
{ إذا كان الخيال حلوا ً فالواقع أحلى }
بسام عدنان
كان الوقت ُ قد قارب الظهر والشمس قريبة من الزوال . وحرارة الجو تكاد تكون محرقة . لولا جلوسنا تحت شجرةٍ نتفيأ بظلها . في أحدى الحدائق بعد أن شعرنا بالملل من المقهى أنا واحد الأصدقاء . بينما كانت العصافير تزقزق ُ , وهي تبحث ُ عن رزقها بين الفتات , والحمائم في أعشاشها ُتسمعك هديلها . ونستمتع بخرير ماء هادئ من أحدى السواقي المحاذية. وقد أشار لي صاحبي عن فوهة ترابية , قد انبثقت من داخل الأرض . مدورة كأنها تل من التراب . وتسمى عين النمل . وقال لي صاحبي سأريك معجزة من استخبارات النمل . ليتني لم أرى ولم استمع إليه فقد كانت بيده ِ حلوى { الجكليت } وقد قضم نصفها ووضعها على تلت بيت النمل , وكانت نملة وحيده من النوع الكبير{ الفارسي } تجوب المكان تبحث ُ فيه , واقتربت من الحلوى ودارت حولها عدت دورات . فتذوقتها وأرادت أن تسحبها فلم تستطيع , فقام صاحبي برش التراب على تلك النملة . وسألته ُ عن السبب وقال كي نعرفها ونميزها من بين النمل . ولا أعرف ُ قصده ُمن ذلك , فتبين فيما بعد بأنه صاحب تجربة وخبره في عوالم النمل . قال انتظر قليلا فسترى العجب العجاب . وفعلا دخلت النملة إلى مخبئها . وبعد لحظات خرجت النملة صاحبتنا , وقد أسميتها صاحبتنا لأننا نعرفها من التراب الذي رشه ُ صاحبي عليها كي تبدو متربة مميزة ً , تتقدمهم وخلفها أسراب من النمل كأنه جيش جرار جاء ليخوض معركة من أجل الطعام . وقام صديقي { الخبيث } فقد كنيته ُ بالخبيث برفع الحلوى من مكانها . وأقبل النمل ومعه صاحبتنا يدورون وهي تتقدمهم ويبحثون حول التل . كمن يبحث عن ضالته وبعد البحث والاستطلاع عاد إلى مخابئهم . خائبين دون أي شيء أو رزق , وقام صاحبي بإعادة الحلوى إلى مكانها . وبعد لحظات خرجت صاحبتنا للاستطلاع ثانية . ووقفت فوق الحلوى وتذوقتها ودارت حولها عدت دورات . وقام الخبيث برش التراب أيضا عليها لكي كما قلت تكون مميزه عن بقية النمل . ودخلت إلى مخبئها مسرعة وما هي إلا لحظات .. ويخرج خلفها أسراب من النمل وهي تتقدمهم منتشية . وقام الخبيث برفع الحلوى . وأنا احترق في داخلي وأريد أن أخاصمه , على فعلته هذه لكن دون جدوى , وقد قام النمل بالبحث وهي تدور حول المكان , لأنها صادقة بما أخبرت أصدقائها , وقد أصبحت في نضرهم كاذبة . وعادوا أدراجهم خائبين لكن ليس كخيبة صاحبتنا التي اعتبروها كاذبة ومخادعة . وحرارة الشمس تزداد لكن كان هنالك بعض الشذروانات الصغيرة التي تلطف الجو. والمنتشرة في كافة أرجاء الحديقة . وقام مرة أخرى بوضع الحلوى في نفس المكان . وخرجت صاحبتنا النملة المسكينة .فوجدت الحلوى ! وأعتقد بأنها قد تعجبت ولم تعرف سبب اختفائها . وقام الخبيث برش التراب عليها . كما أسلفت لكي تكون معروفةً لدينا . ودارت حول الحلوى عدة دورات لغرض التأكد . من وجودها , ثم ابتعدت قليلا وعادت قبل أن تدخل المخبئ . للتأكد من وجود الحلوى لكثرت ما خدعت في المرات السابقة . ودخلت مخبئها , وبعد هنيئة خرجت وخلفها أسراب النمل المسرع . وقام الخبيث برفع الحلوى . وجاء النمل تتقدمه ُ صاحبتنا . ودارت حول المكان عدة دورات وحولها النمل يبحث . فلم يجدوا شيء لذا أعتبر النمل أن الأخبار كان كاذبا . من هذه النملة التي أتعبتهم بأخبارها الكاذبة . لذا أعتقد اعتبروا أن أخبارها الكاذب كان مقصود . وحدث الذي لم أتوقعه ولو توقعته لم جعلته ُلم يحدث . حيث قام النمل بوضع صاحبتنا في داخل دائرة . أو حلقة وهم حولها . حيث ُ بدء الهجوم عليها , فقد قطعوها أربا ً أربا . ولو كنت أعرف النتيجة هذه لما سمحت لهم بقتلها . بهذه الطريقة الشنيعة َ . والتي حزت في نفسي وجعلتني أخاصم هذا الخبيث لمدة طويلة . وعاد النمل أدراجه ُ , وبعد قليل جاءت أعتقد أحدى صديقات صاحبتنا النملة .الصادقة البريئة لتستطلع المكان . وقام الخبيث بإعادة الحلوى . وقام برش التراب على هذه النملة . فصرخت بأعلى صوتي ماذا تريد أن تفعل . بحق نبي الله سليمان . فقال أطمئن لن أكرر ما فعلته ُ سابقا وقد وبخته ُ بأن المشكلة ستكبر بيننا . ودارت النملة الجديدة حول الحلوى لتتأكد من وجودها . ثم دخلت المخبئ وبعد لحظات خرج النمل خلفها .وتقدم الجميع فوجدوا الحلوى الملعونة . فقاموا بسحبها ولا أعرف النتائج داخل المخبئ فعذرا لف عذرا للنملة المسكينة وعذرا لكم أصدقائي.