السخرية من الذات شفاء من كل داء!
السخرية من خلق الله طبع رديء وسلوك قبيح، لا شك في ذلك. فالسخرية فيها تعال على الآخرين وكأننا أفضل منهم، مع أن الأولى أن ننظر في عيوبنا قبل أن ننشغل بنواقص الآخرين.
ننشغل بعيوبنا؟ هنا قد يكون للسخرية وجه إيجابي، حينما تكون السخرية من ذاتنا وعيوبنا. لا حاجة لنا أن نعلن ذلك للناس، لكن من الممكن أن نسخر من عيوبنا بيننا وبين أنفسنا.
لست أنا صاحب الفكرة. فقد قرأت منذ قليل مقالاً لكاتب أمريكي (واحد من مؤلفي كتاب Rework الشهير) ومؤسس إحدى شركات البرمجيات في شيكاغو، عن استخدام السخرية من الذات، والذات هنا هي الشركة، بغرض تطوير الأداء والمنتجات. والفكرة التي قامت الشركة الصغيرة بتجربتها هي اجتماع جميع العاملين بالشركة في حفل تقريظ وسخرية من أفضل منتجات شركتهم! والهدف هو كسر الحاجز النفسي الذي يحول بين الإنسان وبين التعبير عن النقد عن طريق تحويل السخرية إلى نشاط فكاهي. النقد، في جانبه الإيجابي البناء، ليس ذماً ولكنه محاولة لرؤية النقص من أجل إصلاحه. يقول الكاتب أن التجربة كانت رائعة وأنهم قرروا الاستمرار في هذه العادة، فجلسة السخرية هذه نتج عنها بالفعل لفت النظر إلى العديد من الثغرات في منتجات الشركة ومن ثم وضع خطة لإصلاحها.
أعجبتني الفكرة! ورأيت أنه في الإمكان أن تتسع لتشمل أحوالنا الشخصية وثغرات الذات النفسية والسلوكية. لماذا لا نجلس جلسة مع الذات لنسخر من أنفسنا؟ قد ننتبه إلى عيوب عرفناها في أنفسنا زمناً طويلاً لكنا نؤجل النظر في وجهها ونهرب منها هروب الطفل المدرك لخطئه وعبثه! نعم فالنفس كالطفل! لو واجهناها بعيوبها لتكبرت واستكبرت وربما أنكرت! لكن لو بصرتها بعيوبها في إطار من الضحك والتفكه، في خفاء عن عيون الناس، فسوف تتقبل النقد بقبول حسن وقد تجدها وقد أقدمت في يوم واحد على تغيير تطمع فيه منذ سنوات!
من مقالات
التنمية الذاتية