السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الطفــل البــاكي
للفنان الايطالي جوفاني براغولين
قد تكون هذه اللوحة مألوفة للكثيرين..
لوحة "الطفل الباكي" هي واحدة من عدة لوحات رسمها الفنان لأطفال دامعي العيون، غير أن هذه اللوحة بالذات حازت على الأثر الأكبر والشهرة الأوسع من بينهم. فمنظر الطفل هنا يحمل براءة ووداعة كبيرة، ودموعه المنسابة على وجنتيه تثير الشفقة والعطف.
لكن ليس هذا السبب الوحيد في شهرة اللوحة بل إن هنالك قصة أخرى أعطت للوحـة أهميـة وأضاءة أكبـر.
تقول الرواية، انه في العقود الماضية كثُرت في بريطانيا حوادث اندلاع النار في المباني والبيوت، وقد كانت للوحـة شعبية كبيرة آنذاك، حيث عُلّقت في كثير من الأماكن والمحلات، الا أن المثير في الأمر أن النـار كانت تأكل كل شيء ما عدا اللوحة، وحده الطفل الباكي كان ينجو من الحريق ولا تطاله ألسنة اللهب ! الأمر الذي أثـار حفيظة البعض فشعـروا أن لعـنـة الطفل تطاردهم أينمـا حلـوا !
من جهة أخرى، وبعيدا عن هذه القصة، للوحـة بعد انساني عميق، مثير للحزن والمشاركة الوجدانية، مما دفع الكثيرين وما زال يدفعهم الى شرائها وتعليقها في المنازل والمكاتب والمؤسسات، حتـى صارت رمزا للبراءة والطفولـة والانسانيـة.
رحـلــة الحيـــاة
للفـنـان الأميـركي تـومـاس كــول
قطعة جميلة من النور والشعر وتناغم اللون.
لوحة من سلسلة لوحات توماس كول الأربع التي تصف رحلة الانسان في نهر الحياة، بدءا من طفولته، الى أن يصبح شابا، فرجلا فكهلا.
هنا نشاهد اللوحة الثانية التي تصور مرحلة الشباب، تلك المرحلة التي يتخذ فيها الانسان قاربا فيرحل في نهر الحياة قاصدا قصر احلامه الذي يتراءى له في الأفق.
يجسد الرسام هذه المرحلة برمزية اللون وصفاء النهر واشراقة النور الذي بضيء الكون وبضيء الطريق.
نالت سلسلة لوحات توماس كول اعجاب الناس واستحسان النقاد، نظرا لفنية الألوان المستعملة وجمال الطبيعة وفكرة اللوحات، فتم ادراجه بين ابرز رسامي الطبيعة واكثرهم قيمة وحفاوة.
توفي كول عام 1848 وهو في السابعة والاربعين من عمره بعدما ترك اثرا كبيرا على عالم الرسم وسار على خطاه الكثير من الفنانين الشباب.
الـحـاح الـذاكـرة
للفنـان الإسبـانـي سلـفادور دالـي
"السوريـاليـة هي أنـا"
ولـد سلفـادور دالي فـي 11 أيـار 1904 في كـاتالـونيـا بإسبـانـيـا.
منـذ طـفـولتـه كـان شـخصـا مميـزا غـريـب الأطـوار. كلـما أفـاق مـن النـوم كان يسأل نفسـه: "ماذا سيـفـعل اليـوم سلـفـادور المـعجـزة ؟ "
إكتـشف مـوهبـتـه فـي الرسـم مـنذ صـغره، ونـال تـشجـيـع أفـراد أسـرتـه والـمدرسـين. ثـم عـمل عـلى البـحث علـى كل مـا هـو جـديـد ومتـغيـر فـي الـفـن.
فـي أواخـر العـشريـنـات مـن الـقرن الـمـاضـي حـدث أمران طـورا أسـلوبـه الـفـني :
الأول هـو قـراءتـه كـتـاب "تـفسيـر الأحلام" للعالم النفسي سيـجـمـونـد فـرويـد الـذي يـكشـف فيـه عـالم اللاوعي وتـأثيـر الصـور الجـنسيـة واللاشـعوريـة علـى حيـاتـنـا، وفـي هـذا قـال دالي: إنـه أهـم اكـتشـاف فـي حيـاتـي.
والأمر الآخـر هـو انتـسابـه إلـى الـحركـة السوريـاليـة فـي فرنسـا بقيـادة الكـاتب أنـدريـه بريـتـون.
الفـن السـوريـالي مثلـما عـرّفـه بـريـتـون هـو الفـن اللا عـاقل واللا واقـعـي.. نـرى فـيـه انـهـزام الـوعـي والمسـمـوح والمـفـروض أمـام القـوى الـداخليـة والمتـحررة فـي نفـس كـل إنسـان.
وعلـى هـذا النـسق وتـأثـرا بأفكـار فـرويـد تـرك دالي عـنـان أفـكـاره لـترسـم أهـم اللـوحـات السـوريـاليـة وأجـرأهـا علـى الإطـلاق.
تتـميـز لـوحـاتـه السـوريـاليـة بـكونـها أقـرب للـهلـوسـات والأحـلام.. تـراها كـما وأنـك تـشـاهـد أحـلام إنسـان فـي لـحظـات لا واعـيـة.
لدالي اسـلوب وطـريـقة خـاصة فـي الرسـم ابـتـدعـها بـنفسـه وأسـمـاهـا "النـقـد المـذعـور"،
وفـق هـذه الفـلسـفـة يـقوم بـرؤيـة الـواقـع الـخارجـي بـطريـقـة ذاتيـة، أي أنـه يُسقـط أحـاسيـسـه وأفـكاره وتـداعيـاتـه اللا واعيـة علـى الشـكل الذي يـراه،
فـمثـلا بـدل أن يـرى غيـمة فـي السـماء يـراهـا حبيـبـتـه، وبـدل أن يـرى جبـلا يـراه كـلبـا.. وهـكذا يـرى دالـي بـطريـقـة ذاتيـة لا واعيـة ويـرسـم هذا الـواقـع من منـظـور شـخصـي.
حتـى يـفـعل هـذا كـان عليـه أن يـنفصـل عـن الـوعـي ويـحرر خيـاله ويـتـرك ريشـتـه تـرسـم مـا تشـاء دون تـوقف ودون تـردد،
ثـم يستفـيق مـن غيبـوبتـه ليـقف مبـهورا أمام لـوحـتـه.
أعتبـر بـعض مـؤسسي الفن السوريـالي أن دالي تـطرف كـثيـرا فـي فـنـه، وخـرج عـن قـواعد الفـن السـوريـالي.. غيـر أن دالـي لـم يـكن يكـترث لـنـقـد الآخـريـن وكـان دائـما يـجد لـوحاتـه قـمة الابـداع السـوريـالي وأقـواهـا علـى الإطـلاق.
"إلـحـاح الـذاكـرة" هـي أشـهر أعـمـاله السـوريـاليـة، فيـهـا نشـاهـد خـواء.. مـنـظر بـحـر ضـئيــل ويابسة وفـروع شـجر وبـضع سـاعـات ذائبـة.
تـمـثـل هـذه اللـوحـة عـجـز الإنسـان أمـام الـزمـن وأمـام الـموت.
السـاعـات الـذائبـة تـقـول: إن الـزمـن أقـل صـلابـة ممـا تـوقـعـنـا.
الـذبـاب والـنـمل الـذي يـفتـرس السـاعـات هـو تـلـك الحشـرات الـتـي تـلتـهـم الإنسـان حيـن يـمـوت.
أمـا الـجسـد المنكمش الـذي رسـم بـغيـر مـلامـح والتـي وضـعت فـوقـه سـاعـة، فهـو جسـد سـلـفـادور الـذي سيتـلاشـى لاحقـا دون أن تـكون بيـده القـدرة علـى مـواجـهـة الـزمـن والاسـتـمرار فـي البـقـاء.
الالـوان البـاهـتـة فـي اللـوحـة واللـون الأصـفـر الـخـائـف، وظـفـت جـميـعـها فـي خـدمـة فـكرة الـعـجـز الـتي أراد ايـصـالـها الـفـنـان دون وعـي.
كانت لدالي افكـار كثيـرة عن الخلـود ومحـاولـة التحايـل على المـوت ..
في احدى المناسبـات قـال: "لقـد قررت أن يضعونـي في علبـة بعد موتـي والانتظار إلى يـوم أن يكون بمقـدور البشريـة إعادة الحيـاة لدالي العبقـري،
ان إعادة الحيـاة سيكون ذات يوم عمليـة عاديـة وسانتـظر ذلك اليـوم بهدوء"
ربما هذه اللوحة لا تعكس الا خوفه الحقيقي الا يتحقق حلمه في البقاء، وأن يدركه العمر بسرعة، فيمحي كل اثر لدالي.. ذاك الانسان المميز.
عُـرف عـن دالـي أيضا حبـه للحـيـاة وملـذاتـهـا وفـي إحـدى المنـاسبـات قـال: أريـد أن أحب "غـالا" أبـدا ولا أريـد أن أمـوت..
كـان دالـي عاشـقـا متيمـا بـزوجـتـه "غـالا" التي سـرقـها مـن الشـاعـر بـول إيـلـوار، وكـانـت هـي مـلهـمـته فـي مسـيـرة حيـاتـه الفـنيـة.
يـعـتـبـر البـعض أن دالـي لـم يـمـت عام 1988، وإنـما مـات مـعـنـويـا عـام 1983 عـندمـا فـارقـت حبـيـبـته "غـالا" الحـياة
الفردوس
للفنان الامريكي المعاصر جيفري بيدريك
ولد جيفري بيدريك في العام 1960 ولقيت موهبته الفنية اعترافا مبكرا، اي منذ حوال منتصف السبعينات.
انتح الفنان لوحات فنية كثيرة تعالج مواضيع متعددة ومتنوعة، كما اقام معارض عديدة داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وبيدريك مصنف ضمن قائمة اشهر الفي فنانن ومصمم في القرن العشرين.
لوحته "الفردوس" هي اشهر اعماله الفنية واكثرها رواجا وتداولا، وهو في اللوحة يجمع بين تأثيرين مختلفين: الاول يتمثل في اسلوب فنان الفانتازيا الكبير ماكسفيلد باريش،
والثاني اسلوب زميله السرويالي نك هايد.
فكرة هذه اللوحة استمدها الفنان منالاسطورة الاغريقية القديمةعن حدائق الفردوس التي يذكر هوميروس ان بها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت من صنوف المتع والملذات.
وطبقا للاساطير اليونانية يقع الفردوس في اقصى الطرف الغربي من الارض على ضفاف نهر اوقيانوس.
في تلك البقعة التي يذهب اليها الصالحون والاتقياء بعد موتهم لا عواصف ولا ثلج ولا حرارة ولا برد، بل هواء منعش متعدل تحمله نسائم المحيط، وانهار من حليب وعسل
وبساتين من اعناب وفاكهة من كل صنف ولون.
والفردوس هو مستقر الارواح وارض الابطال والشعراء والكهان الذين لا يموتون بل يحيون حياة ابدية.
في اللوحة المتهوجة بالأزرق وظلاله، تبدو الجنة معلنة امجاد الاله، والسماوات لاهجة بجمال صنع يد الخالق، وكأن العالم الروحي يشبه في بهائهه وتساميه
العالم الطبيعي، حيث الجبال والمروج والتلال والأنهار والحدائق والسهول والبحيرات والفارق الوحيد بين العالم الروحي والطبيعي هو ان عناصر العالم الأول ليست ثابتة او
استاتيكية وانما محكومة بخصائص عالم الروح.
لوحة الفردوس لجيفيري بيدريك حققت رواجا كبيرا في فترة وجيزة، بسبب فرادة موضوعها وجمال تنسيق العناصر والألوان فيها وعلى نحو يبعث في النفس الراحة والسكينة.
تعمية شمشون الجبار
للفنان الهولندي فان رين رمبرانت
لوحة ضخمة وشهيرة لرسام النور والظل رمبرانت.
ولد فان رين رمبرانت في مدينة لايدن- هولندا عام 1606. وكان منذ صباه من أوائل وأهم الرسامين الهولنديين على الاطلاق.
ولا يزال الى يومنا هذا يحتل مكانة مرموقة بين رسامي العالم، نظرا لضخامة أعماله، قوة تعبيره، اتقانه رسم البورتريه وتغطيته لعدد كبير من القصص والأحداث الهامة.
كان رمبرانت مغرما برسم الموليدراما والقصص التاريخية الدينية، فإلى جانب الكثير من لوحاته التي تناولت هذه القضايا، رسم رمبرانت لوحته الشهيرة "تعمية شمشون الجبار" عام 1636، وهي لوحة تجسد أهم حدث في رواية شمشون الجبار حين تآمر عليه أعداؤه للنيل منه وسلب قوته.
تقول الرواية ان شمشون كان بطلا يتمتع بقوى وقدرات جسدية خارقة، وقد جعل الله سر قوته في شعره. ويقال انه كان يصارع أعداءه فينتصر عليهم وحده مهما كان عددهم ومهما كان عتادهم. فتروي القصص انه صارع سبعا ضخما فقتله، واقتلع بوابات مدينة محصنة بيديه العاريتين، وأباد جيشا بأكمله حين كان سلاحه الوحيد عظمة حيوان ميت! والى ذلك من القصص الغريبة.
حاول أعداء شمشون مرارا القبض عليه أو قتله لكنهم لم يستطيعوا. كان دائما يهزمهم في كل مؤامرة، مما اثار حنقهم واهتمامهم الشديد بتدبير اي حيلة للنيل منه.
وقد كان لهم ذلك حين تآمروا مع امرأة جميلة تدعى دليلة، اقنعوها بمبلغ من المال مقابل ايقاع شمشون في غرامها. كان عليها أن تتودد اليه وتغريه حتى يفضي اليها بسر قوته، حتى تم ذلك في إحدى الليالي، فسارعت دليلة إلى قص شعره ومن ثم نادت أعداء شمشون فقاموا بفقء عينيه وتكبيله وقيادته الى الأسر.
رسم رمبرانت في لوحته هذا المشهد الهام من الرواية، بحيث نرى هروب دليلة من المكان ونرى جسد شمشون مسجى عل الأرض يحيط به أعداؤه لفقء عينيه في حين يحاول هو مقاومتهم بشتى الطرق.
سلط رمبرانت الضوء على شمشون ودليلة فهما العنصران الهامان في الرواية، واتقن رسم تعابير الوجه والجسد لجميع الشخوص في اللوحة، فبالرغم من قص شعر شمشون وهو مصدر قوته، لا زلنا نرى الذعر على وجوه بعض اعدائه، وكأنهم خائفين او مترددين من الاقتراب منه. بالاضافة الى حركة قدمي شمشون وتعابير وجهه الغاضب وتشنج أعصابه ويديه بصورة تدل على غضبه ومحاولته الافلات من الرجال، الأمر الذي منح اللوحة قوة أكبر وكأننا نسمع ونشاهد المشهد أمام أعيننا في هذه اللحظة. وهذا ما يميز لوحات رمبرانت عامة.
في نهاية الرواية استطاع شمشون الانتقام من اعدائه، حين أخرجوه من الأسر لمشاهدته وهو أعمى، دون حول أو قوة، كيف سيصارع الأسود وهل سيتغلب عليهم هذه المرة؟ لكنهم لم يكونوا يعلمون أنه في فترة الأسر قد طال شعره واسترد بعضا من قوته، فوقف شمشون بين عامودين أساسيين من مبنى المصارعة وهزّ العامودين بقوة محاولا هدم المبنى على من فيه، قائلا جملته الشهيرة: "عليّ وعلى أعدائي يا رب". فمات شمشون ومات اعداؤه جميعا.
ترمز قصة شمشون الجبار لدى البعض الى قوة الحب والى المقولة الشائعة: ومن الحب ما قتل. ولدى بعض آخر تشير القصة الى قوة المرأة وقدرتها العجيبة على فتنة رجل وسلبه ذاته مهما كانت قوته ومهما كان بطشه.
تعد لوحات رمبرانت من أكثر اللوحات العالمية قوة وضخامة وقدرة على تجسيد الأحداث والقصص الشهيرة.
وقد أطلق على رمبرانت أيضا لقب رسام العتمة نظرا الى تمضيته أغلب الوقت في غرفة معتمة يرسم فيها لوحاته الشهيرة، لكن المفارقة كانت بأنه يعد أكثر الرسامين قوة وشهرة في التلاعب بالنور والظل ومنح الضوء معنى ومفهوما خاصا في لوحاته المختلفة.
الملعونـة
للفـنـان الفرنسـي مارسيـل دوشـان
لوحة صدمت الوسط الفني وصفعت لوحة الموناليزا الأصلية للرسام الشهير ليوناردو دافينشي.
مارسيل دوشان، الفنان الذي استهتر بأساليب الفن التقليدي وأساليب عصر النهضة.. يعيد تشكيل لوحة الموناليزا من جديد مضيفا اليها بشكل هزلي شاربين ولحية.
ولد دوشان في فرنسا عام 1887 ويعتبر من أكثر الفنانين تأثيرا في القرن العشرين وأكثرهم جرءة بأفكاره رغم أنه كان أقل اثارة للانتباه من سائر الفنانين آنذاك.
تبنى دوشان فكرة "الفن كعدم" ومهد الطريق للابتعاد عن التقليدي مضيفا اليه كل ما هو غير تقليدي وغير متبع.
يعرف الجميع اسم مارسيل دوشان من خلال لوحة الموناليزا التي رسمها عام 1919 مضيفا اليها شاربين ولحية، بهدف السخرية من النقاد ومن تقاليد فنون القرون الوسطى الراسخة والجامدة.
ويقول البعض ان دوشان رسم شاربين ولحية للموناليزا بهدف الاشارة الى الازدواجية الجنسية للرسام دافنشي، فيشير البعض أن لوحة الموناليزا ما هي الا بورتريه شخصي لدافنشي الذي يرى في نفسه جانبا انثويا، كما اعتقد العالم النفسي والفيلسوف سيجموند فرويد أن دافنشي كان "مثليا" جنسيا ولم تكن الموناليزا غير صورة للانثى التي بداخله. لذلك يتابع دوشان هذا الاعتقاد مضيفا ملامح ذكورية على اللوحة حتى يبرز الازدواجية الجنسية لدافنشي.
كما أثار دوشان فضيحة فنية عبر رفعه مرحاضا عاديا الى مقام التحفة الفنية في احد اعماله السوريالية. لكن الوسط الفني الفرنسي لم يهضم افكاره وقام برفضه، فيما وصفه مؤسس المدرسة السوريالية اندريه بريتون بـ"منارة السوريالية" وأكد أن هذا الفنان هو الرجل الأكثر ذكاء في القرن العشرين.
يذكر أن مارسيل دوشان ظل فنانا مجهولا بسبب محاولة الاعلام والوسط الفني التعتيم عليه وعلى أعماله.
حين توفي عام 1986 لم يهتم الكثيرون لوفاته. وحدها جريدة "الفيغارو" نشرت هذا الخبر في احدى زواياها بينما خصصت "نيويورك تايمز" صفحتها الأولى لهذا الحدث
رقـص فـي كـولـومبيـا
للفـنـان الكـولومبي فرنـانـدو بـوتيـرو
مـن السـهل التـعرف علـى لـوحـات فرنـانـدو بـوتيـرو مـن شـخوصـها البـديـنـة والأجسـاد الضـخـمة..
إنـها الـعلامـة الفـارقـة للـوحـاتـه.
ولـد الفـنـان فرنـاندو بوتيـرو عـام 1932 في مدينة ميديلين فـي كولومبيا. بدأ العمل كمصور ثـم التحق بأكاديمية سان فرناندو في إسبانيا لدراسـة الفـن ثـم سـافـر الى ايـطاليـا لـدراسـة أساليب الفـن لرسـاميـها الكبـار.
يغلـب علـى لـوحـاتـه وجـود الأجسـاد الضخـمـة والأعضـاء المـستـديـرة. يـصـوّر الـمرح والسـعادة بـدعـابـة لطيفـة، كثيـرة تـلك اللـوحـات الـتي نـرى فيـها شـخصـين سـميـنـيـن يـرقصـان، وكأن الفنـان يـريـد أن يـقول إن الـخفـة ليسـت خـفة الجسـد وإنـما خـفة الروح.
فـي هـذه اللـوحـة يـصـور بـوتيـرو مقـهى حاشـدا بـجو الفـرح والـموسـيقـى والـرقـص. الـعازفـون يتـأهبـون لالتقـاط صـورة. وفـي الـوسط شـخصـان سميـنـان يـرقـصـان بـخفـة وسـط أجـزاء الـفاكـهـة المـتراميـة .
يـعتـقد النـقـاد أن لـوحـات بوتيـرو علـى رغـم بسـاطتـها الـظاهرة، إلا أنـها تـحـمل أبـعادا فـكريـة وفلسـفيـة أخـرى. أعتـقد أن اختيـاره للأجسـاد السـميـنـة ليـس عفـويـا، بل لـه مقصد بـاطن أو ظـاهر، على ذلك يـعلق بوتيـرو بـقوله: "ان الفنان يجذب إلى بعض الأشكال بدون معرفة السبب."
بالإضـافـة لـذلـك، يـعتـبر بـوتيـرو فـنـانـا نـاقـدا للمجتمع والسياسة، ينتـقدهـا بـرسـم رمـوز السـلطـة والديـن وطبـقة البرجـوازيين. ومؤخـرا رسـم لـوحـات كثيرة مـعبـرة لـما يـحدث فـي سـجن أبـو غريـب
ليلة مرصعة بالنجوم فوق نهر الرون
للفنان الهولندي فينسنت فان جوخ
لا يمكن ان نذكر افضل اللوحات العالمية، دون ان نلقي الضوء على هذه اللوحة المميزة للفنان الهولندي فان جوخ.
رُسمت هذه اللوحة عام 1988 أسوة بلوحتين اخرتين اثناء اقامة الفنان في ضاحية آرل الباريسية. وفي ثلاثتهما نرى مشهدا للسماء الصافية وقد تزركشت بالنجوم واضاءت ليل باريس.
في احدى رسائل فان جوخ لأخيه، يعترف بولعه الشديد بالطبيعة ولا سيما السماء في ليل صاف تملؤه النجوم وتعكس اضواءها على الأرض.
في هذه اللوحة، نشاهد ابداع الفنان في رسم طبيعة جذابة فوق نهر الرون بألوان براقة وانعكاسات جميلة لضوء النجوم وضوء المصابيح فوق صفحة الماء، الأمر الذي يمنح النفس شعورا بالسكينة والنشوة. اضافة الى رسمه رجلا وامرأة في أسفل اللوحة، يتمشيان بجانب النهر، مما جعل اللوحة واقعية أكثر.
وما يثير الاهتمام، أن هذه اللوحة لم تنل اعجاب الناس والنقاد فقط، وانما نالت اعجاب علماء الفلك ايضا، حيث اهتموا في دراستها وتحليلها، حتى توصلوا إلى أن فان جوخ استطاع ان يرسم المشهد بدقة فائقة، إذ وضع كل نجم في مكانه، وظهرت الانعكاسات أيضا في مكانها، مما يؤكد ان الفنان قد رسمها حقا في جو طبيعي.
يُعرف عن فان جوخ حبه لرسم الألوان الزاهية وتناقضاتها، وولعه برسم الطبيعة والسماء والنجوم الكبيرة حتى يبرز جمالها ويعكس افتتانه بها.
تتميز ريشته بحركتها العصبية وخطوطها الحلزونية، مما يمكننا التعرف على لوحاته بسهولة. بالاضافة لذلك، فإن خطوط ريشته تكشف لنا ايضا الكثير عن احاسيسه الداخلية وانطباعاته النفسية لدى رسمه للوحة ما.
حانة في فولي بيرجر
للفنان الفرنسي ادوارد مانيه
رائد الفن الانطباعي ادوارد مانيه.
ولد الفنان ادوارد مانيه عام 1832 في باريس لاسرة برجوازية، وقد نشأ هاويا للفنون والتصوير الفوتوغرافي.
تنقل كثيرا في هولندا والنمسا وايطاليا باحثا عن دراسة الرسم والألوان والأعمال الفنية، إلى أن عاد بعد ذلك الى فرنسا وتجول كثيرا في متحف اللوفر للتعرف على اعمال اشهر الفنانين.
تتلمذ مانيه على يد الرسام كوتير، تأثر فيه في البداية، ثم ما لبث ان عارض منهجه الفني واتخذ له مسلكا اخر في الفن التشكيلي، متأثرا فيما بعد بأسلوب الرسام الاسباني دييغو فيلاسكيز معربا عن افتتانه الشديد بالألغاز البصرية المعقدة التي تضمنها لوحاته.
كان يهوى مانيه رسم الحياة العصرية ورسم التأثيرات الحسية التي تلتقطها عيناه، مشكلا فيما بعد مع بعض فناني عصره المدرسة الانطباعية او المدرسية التأثيرية التي تعتمد خصائصها على تحييد الفنان ومشاعره عن موضوع اللوحة، الاهتمام بروح العصر والابتعاد عن القصص الاسطورية والتقليدية، استعمال الالوان من أجل تظليل الأجسام واعطائها بعدا ثالثا وتوزيع الضوء على اجسام عديدة في اللوحة.
غير أن نقاد الفن يعتبرون مانيه قد تفرد عن سائر فناني عصره باعتراضه على نقل الطبيعة والمشاهد الخارجية كما هي، بحيث نجده في كثير من لوحاته قد وزع الألوان وكثافاتها على مساحات اللوحة دون أن يلقي اهتماما للظلال الطبيعية والمشاهد المنطقية.
تعتبر لوحة حانة في فولي بيرجر أهم أعماله الفنية، وقد رسمت قبل وفاته بعام، بحيث تعتبر آخر عمل فني قدمه الفنان.
الغموض والحياة الصاخبة واختلاط مشاعر الحزن بمشاعر الفرح هي أكثر ما يلفت الانتباه في هذه اللوحة.
في اللوحة نرى حانة الفولي بيرجير وهي صالة باريسية شهيرة توفر لروادها اللهو والتسلية والموسيقى والمشروبات المنوعة، وداخل هذا الصخب نجد شابة (نادلة) تقف في وسط الحانة وقد بدا على وجهها شرود غامض او حزن غريب.
ما من شك بأن الشخصية المركزية التي تجذب الانتباه في اللوحة هي هذه الفتاة بملامحها الغامضة، ترى ماذا دعاها الى هذا الحزن او الشرود؟
يعتبر البعض ان الفتاة حزينة وغير راضية عن عملها في الحانة الليلية، ويعتبر اخرون انها تمثيل لكثير من البشر الذين يشعرون انفسهم وحيدين وسط صخب الحياة، كما يمكننا الادعاء أن مانيه صور أحاسيسه في وجه الفتاة بطريقة غامضة في مراحل متأخرة من حياته، حتى يوصل الينا فكرة مفادها أن ما نراه في الواقع من أشياء وصور ومظاهر لا تعدو كونها أمورا تجريدية سطحية تخفي في داخلها عوالم أخرى.
تتجلى ميزة اللوحة أيضا في الخلفية المثيرة التي رسمها الفنان، بحيث من المفترض أن يكون خلف الفتاة لوح زجاجي يعكس الجالسين في الحانة، فمثلا نجد أن المرأة التي تقف وتتحدث مع احد الرجال، هي عبارة عن انعكاس صورتها في الزجاج الخلفي، لكن ما يثير الانتباه أن توزيع الضوء وتوزيع الألوان على الزجاج لم يكن متساويا، فهناك اشخاص بدت اشكالهم واضحة كالمرأة التي ترتدي اللون الأصفر وهي صديقة الرسام وتدعى ميري لورن. أما باقي الأشكال فقد كانوا مجرد انعكاس باهت لصورتهم الحقيقية.
ربما أراد الفنان من هذا أن يقول ان اكثر الاشياء التي نراها في الواقع ما هي الا امور لا توجد الا في المرايا.
ظلت هذه اللوحة محط جدل كثير من نقاد الفن حول قيمتها الفنية وتفسير غموضها واحاجي الانعكاسات الضوئية الظاهرة على الزجاج.
أيا يكن التفسير الصحيح والمقصد من وراء اللوحة، تبقى ألوان ادوارد مانيه روعة حين ننظر اليها، وتظل لوحاته تتصدر قمة اللوحات العالمية والمدرسة الانطباعية
لاسكابيلياتا- رأس الأنثى
للفنان الإيطالي ليوناردو دافنشي
ليوناردو دافشي أحد أشهر فناني عصر النهضة.
ولد عام 1452 في ايطاليا، في قرية صغيرة تدعى فينيشي، وهو الإبن الشرعي لعائلة غنية والدها كاتب عدل والأم فلاحة، الأمر الذي جعله دائم البحث عن حنان الأم المفقود.
رسم دافنشي هذه اللوحة بعد عشرين عاما من إتمامه لوحته الشهيرة "العشاء الأخير".
وكما هو الحال في أغلب لوحاته .. نرى مثالا آخر للمرأة النموذجية التي كان يرسمها ليوناردو. محاولا إبراز الجمال الأنثوي، البساطة، الرقة الروح، النفس والحالة الداخلية للمرأة.. فهي تنعم بالهدوء والسكينة التي تميز شخصيتها في نظر دافنشي.
ما يميز هذه اللوحة هو اللون الترابي الجذاب الذي رسم فيه المرأة.. جامعا بهذا بين الطبيعة الأم والطبيعة الأنثوية، بالأضافة إلى رسمه الشعر المتناثر بشكل عفوي والأنف الدقيق والعينين شبه المغمضتين والفم المائل حائرا بين السعادة والسكون.. كما هو الحال في لوحة الموناليزا، نجد أن وجه المرأة وملامحها الذاتية محيرة بعض الشيء، كأنها خليط من المشاعر . كما أن ميلان رأسها يشبه إلى حد كبير ميلان رأس السيدة العذراء، الأمر الذي يوحي بالطمأنينة والهدوء والمثالية.
في العديد من لوحات دافنشي نلمس حضورا قويا للنساء، ما دفع العالم النفس فرويد وأتباعه للاعتقاد بأن دافنشي كان مثليا جنسيا، وقد كان يرسم الوجه الأنثوي الذي في داخله أكثر من رسمه المرأة بشكل موضوعي.
"لاسكابيلياتا" دافنشي كانت وما تزال تثير اهتمام الكثير من النقاد ومؤرخي الفن. كما أن الطابع التأملي العميق في اللوحة دفع نقادا آخرين للقول إنها أكثر أعمال الفنان تساميا ونبلا، ولربما أكثر سموا حتى من الموناليزا. وقد رسمها ليوناردو دافنشي بطريقة احترافية بارعة تؤهلها لأن تعمر طويلا متحدية كل عوامل النسيان والتقادم.
الجدير بالذكره أن اللوحة اكتسبت شعبية جماهيرية إضافية عام 1998 حين ظهرت في فيلم سينمائي حيث قامت البطلة درو باريمور بتأدية دور تتخذ فيه شكل ووضعية المرأة في بورتريه دافنشي.
أوفيليــــا
للفنـان البريـطـانـي جـون ايفيرت ميـلي
ولـد الرسـام جون ميلي في 8 يونيـو 1829 في بريطانيا،
موهبتـه الفـنيـة الـظاهـرة مـنذ صغره، أتـاحـت لـه فـرصـة دراسة الرسم فـي المـدارس الملكيـة في بريـطانـيـا عندما كان في الحادية عشر من عمره،
هـنـاك كون صداقة متينة مع فنانين في مقتبل العمر أمثال وليام هانت وجابرييل روسيتي اللذان شكوا معه فيما بعد مذهب "ما قبل الرفائيلي" في الرسم.
بخلاف نقاد الفن الذين مدحوا رفائيل واشادوا باعماله كثيرا واعتبروه افضل رسامي العصر، ظهر مذهب جديد عام 1848 متشكلا على أيدي مجموعة من الرسامين والشعراء، ينادي بارجاع الفن البريطاني الى لحمته بالطبيعة والشاعرية والرمزية والدين والواقع الذي انفصل عنهم ما بعد رفائيل. ولذلك سمي مذهبهم الجديد مذهب "ما قبل الرفائيلي".
"اوفيليـا"، هي أكثر لوحات ميلي شهرة، أكثرهم جمالا وأكثرهم ابرازا للمذهب الفني الجديد الذي يعيد فيها ابراز الطبيعة الأم بجمالها وتعقيداتها ويعيد فيها التركيز على الجمال البشري.
موضوع اللوحة مستمد من رواية "هاملت" للكاتب الكبير "شكسبير" ، التي يروي فيها الكاتب القصة التراجيدية لموت اوفيليا عشيقة هاملت بعد ان فقدت عقلها واصابها اكتئاب عميق ثم انتحرت، بعدما قتل هاملت والدها.
رسم جون ميلي اللوحة خلال وقت طويل، محاولا فيها تصوير الشخصية المركزية الغارقة في بركة الماء بطريقة دقيقة مع تحديد ملامح العمق الوجودي والحسي في جو اللوحة، ومعالم الحزن والتراجيديا الظاهران في وجه الشابة اوفيليا، كما واهتم برسم الخلفية الطبيعية بدقة متناهية، مركزا على جمالية اللون والخضرة وتناثر الورود حول الجسد الغارق.
لم تأت الورود السابحة على وجه الماء مجرد زينة خارجية تزين اطار اللوحة، وانما لها ابعادا رمزية تجسد المعنى الوجودي والحسي للطبيعة البشرية:
فنبات الخشخاش يرمز الى الموت، والاقحوان يرمز الى السذاجة، والزهور ترمز الى الصبا، والبنفسج يرمز الى الاخلاص والموت في جيل مبكر، وشقائق النعمان ترمز الى الحب والخيبة.
استغرق رسم الخلفية الطبيعية مدة 4 أشهر، خلالها كان يرسم الفنان المنظر في اوقات متقطعة، بحيث يترك اللوحة فترة معينة ثم يعود ليكمل رسمها من جديد.. ولهذا فقد ظهرت بعض المفارقات في الخلفية، اذ نجد عدم انسجام شكلي ولوني بين الشق الأيمن من اللوحة والشق الأيسر منها، يمكننا ان نلاحظ بسهولة حين تغير اللون بشكل مفاجئ وبدون تدريج.
ولكن برغم ذلك، نالت اللوحة اعجاب النقاد ومحبي الفن، واعتبروا أفضل اللوحات التي جسدت قصة اوفيليا التراجيدية على الاطلاق.
يذكر ان روايات شكسبير عامة، كانت موضع اهتمام ومصدر ايحاء لكثير من الرسامين والموسيقيين والشعراء
الخادمة فتاة الحليب
يوهانِس فيرمير
Johannes Vermeer هو رسَّام هولندي، ولد في بلدة دِلفْتْ (Delft) من فناني القرن السابع عشر عاش بين 1632 - 1675
تميز بتصوير الحياة الداخلية وكان ماهرا في لعبة الظل والضوء و ابراز التفاصيل الدقيقة للأشياء ..
في هذه اللوحة نرى امرأة هادئة ومستغرقة في عملها ..تتجلى هنا مهارته في استخدام الضوء فالمراة تقف بجانب النافذة حيث يأتي الضوء
وخلفها جدار ابيض ..يحد من عتمة المشهد ..من يدقق النظر باللوحة يرى ان فرمير قد نثر بعضا من الاشعة هنا و هناك.. على حواف ابريق الحليب مثلا
والوعاء الذي تسكب فيه وفستانها الاصفر و حتى على قطع الخبز في السلة..
يبدو ان فرمير يعطي كل شي مهما صغر حقه فلم يغب عنه اظهار ظل المسمار المدقوق في الحائظ و كذلك زجاج النافذة المكسور في احد الجوانب
في هذه اللوحة يبرز اسلوب فرمير الفني المعروف انه يشيع جوا من الحميمية على الحياةالداخلية ..
إنه يصنع من الحياة العائلية ملحمة، أو قصيدة غنائية ذات لحظات عائلية بسيطة طبيعية؛ لا مشاهد جماعية ذات نشاط مختلط متعدد..
العاشقان
للفنان البلجيكي رينيه فرانسوا ماغريت
ولد رينيه ماغريت عام 1898.
درس الرسم في بروكسل وسيطر على فنه اسلوب قريب جدا من السريالية.
في لوحاته يحاول رينيه ماغريت ان يفتح للناظر نافذة يطل من خلالها على الجانب المظلم من العقل.
يقال ان ام الرسام كانت امرأة غير سعيدة في حياتها وقد انتحرت ذات يوم بعد ان القت بنفسها في مياه النهر. وعندما انتشلت جثتها بعد ايام كان جسدها
عاريا ووجها مغطى بطرف فستانها، وقد رأى ماغريت جثة والدته عند استعادتها من الماء، ولم تبرح تلك الصورة المزعجة ذاكرته حتى وفاته.
وبعد مرور سنوات على الحادثة رسم الفنان مجموعة من اللوحات التي يظهر فيها اشخاص غطيت وجوههم ورؤوسهم بقطع من القماش.
رغم حميمية لوحة العاشقين هذه الا انها صارت رمزا للعزلة والانسحاق والموت.
غير ان غموض اللوحة وغموض المعاني الكامنة فيها دفع الكثيرين الى تحمليها مضامين اخلاقية مختلفة.
فمثلا ادعى المثليون ان اللوحة تصور رجلين دون ملامح بسبب رفض المجتمع لهم ولحقوقهم، فصارت اللوحة رمزا لهم.
ومنظمات مكافحة الايدز تستخدم نفس اللوحة للتحذير من الممارسات المثلية واخاطرها الكثيرة.
ويراها نقاد اخرون تجسيدا بسيطا ومباشرا للمقولة الشائعة "الحب اعمى".
من اكثر جمل ماغريت ترددا "الكلمات بلا معنى، اننا من نخلع عليها المعاني التي نريد وبطريقة متعسفة في اغلب الاحيان".
ابن الانسان
للفنان البلجيكي رينيه فرانسوا ماغريت
لوحة شهيرة اخرى للفنان ماغريت. حيث تصور تفاحة وجدارا ورجلا مجهولا يعتمر قبعة.
يقول ماغريت محاولا مساعدة الناس على فهم هذه اللوحة: "كل شيء نراه يخفي شيئا اخر، والانسان يتوق على الدوام الى رؤية ما يختفي وراء ما يراه"!
صعبـة ؟!
تقصد الفنان الغموض في اللوحة رغم ان هناك من يعتقد ان العنوان "ابن الانسان" قد يكون مستمدا من القصص الدينية اي قصة ادم والتفاحة والخطيئة.
وقد يكون المعنى في صورة الرجل الذي يبدو دون ملامح هو ان الخطيئة مستمرة. وقد يكون معنى البدلة التي يرتديها ان الخطيئة سافرت عبر العصور لتصل الى عصرنا الحالي بحيث لا يمكن الهروب منها، وستظل امام وجوهنا تذكرنا نحن ابناء الانسان بخطيئة ابينا الاكبر ادم.
وايا ما يكون المعنى الذي اراده ماغريت من وراء هذه اللوحة، فقد عرف عنه نفوره من التفسيرات التي يرى انها تخفف من غموض لوحاته.
العـــروس
للفـنـان الـروسـي مـارك شـاغـال
مـارك شـاغـال رسـام الخيـال والأحـلام والـفـانـتـازيــا..
ولـد شـاغـال فـي 7 يـوليـو 1885 فـي روسيـا لأسـرة بسيـطة الـحـال.
درس الفـن ونـال مـنـحة دراسيـة لـمواصلـة تـعلـمـه فـي فرنسـا، وهـنـاك كـانت فـرصتـه الكبيـرة للتـعرف علـى المـذاهب الفـنـية والفـنـانيـن الكبـار،
وكـان لـذلك الأثـر فـي تـطور أسلوبـه الفـني وابـداعاتـه.
تـغلـب علـى لـوحـات شـاغـال المسـحة السـوريـاليـة التـي لا تـخلـو مـن الـرمـزيـة والـفـانتـازيـا وحس الفـكـاهـة ..
تـعد لـوحـة "العـروس" أكثـر لـوحـاتـه الفـنيـة شـهرة وذيـاعـا..
فيـهـا نـرى عـروسـا تـرتـدي وشـاحـا أبيـض وفسـتـانـا أحـمر.. تـحيـطهـا أجـسام كثيـرة، غـريبـة نـوعـا مـا ووجـودهـا مثيـر للتسـاؤل..
أحدهـم يـقف إلـى جـانب الـعروس وكأنـه يـهمس لـها بشيء أو يـحـاول أن يـعيـد تـرتيب "طـرحتـها" مـن جـديـد..
فـي الخـلفيـة نـرى جـديـا يـعـزف علـى الكـمـان، وسـمـكـة تقـرع علـى طـاولـة، وخلـفهـا مبـنـى عـلى الأكثـر هـو الكنيسـة التي تتم بـهـا مراسـم الـزواج.
الـغرابـة والـغمـوض والـرمـوز فـي لـوحـات شـاغـال ليست بالأمـر الجـديـد، إنـها دائـمة الوجـود فـي لـوحـاتـه، والتـي تسـتـدعي الـمرء كـي يـفـكر فـي مـا وراء القـصـد..
كـمـا وأن مـعظـم لـوحـاتـه تحـوي الكـائـنـات ذاتـها غـالبـا: كالـجدي والكـمـان والسـمـكة وفي كثيـر من الأحيـان ديـك..
مـن وجـهـة نـظر شـخصيـة، أعـتـقـد أن لبـعض هـذه الكـائنـات رمـزا ايـحائيـا جـنسيـا أو عـدوانـي.
فالسـمـكة عـلى سبيـل المثـال، هـي رمـز للـخصـوبـة والـذكـورة..
والـجدي ذا الـقرنيـن قـد يـكون رمـزا للـعـنف والـعداء !
مـا يـلفـت النـظر فـي لـوحـات شـاغـال هـو تـوظيـفـه للـون بـمـا يخـدم فـكرة الخيـال والفـانتـازيـا،
فاللـون الأزرق يـرتبـط بالـحلـم والخيـال، ولـون الفسـتـان الأحـمر، الـذي جـاء مـنـافيـا لـلـمـنـطق، قـد تـكون لـه دلالات ايـروتيـكية أيـضـا .
وظـفـت هـذه اللـوحـة فـي أعـمال شـعريـة وأدبيـة كثيـرة
وظلـت لـوحـات شـاغـال عـامـة مثـار اهـتـمام النـقـاد والمشـاهـديـن..
فـي نـهـايـات حيـاتـه، عـمل شـاغـال فـي زخـرفـة أبـنيـة وأمـاكـن هـامـة عـديـدة مـثل دار الأوبـرا فـي بـاريس وردهـة أوبـرا ميتروبوليـتـان في نيـويـورك
غـورنيـكـــا
للـفـنـان الإسبـانـي بـابلـو بيـكـاســو
لـعلـه فـي مثـل هـذه الـظـروف .. أفضـل لـوحـة تـصـور مـا يـحدث هـي لـوحـة "غـورنيـكـا"
لـوحـة تـجسـد وحشـيـة الـحرب والـجرائـم البشـريـة..
غـورنيـكـا هـي مـديـنـة اسـبانيـة تـعرضـت لهـجـوم القـوات الألمـانيـة عـام 1938، وأثـنـاء هـذا الـهـجـوم أصيـب الـعديـد من البشـر وراحت كثيـر مـن الأرواح ضـحيـة هـذا الـعدوان.
كـان بيـكـاسـو أثـنـاء ذلـك يـقيـم فـي بـاريـس التـي مـارس فيـهـا مهـنـة الفـن طـويـلا، ولـدى سـمـاعـه بالخبـر، تـأثـر كثيـرا وأزعـجـه مـا حدث، فقرر أن يـرسـم لـوحـة تـحتـج علـى مـا مـورس
وأن يـهـدي هـذه اللـوحـة لمـوطنـه إسبـانيـا..
حيـن عـُرضت اللـوحـة لأول مـرة فـي أحـد الـعروض الفـنيـة، نـالت اعتـراض بـعض النـقـاد وخـاصـة الألـمـان منـهم، بـادعـاء أنـها لـوحـة "بسيـطة" و"مـجرد خربشـات" يسـتـطيـع أي صبـي صغيـر رسـمـها..
ولـكن بـعد ذلـك، بـدأت اللـوحـة تـأخـذ حيـزا فـي سـاحـة الفـن، حتـى اعتـبـروهـا مـن أهـم واقـوى اللـوحـات الفـنيـة التـي رسـمهـا بيـكـاسـو علـى الإطـلاق.
فـي لـوحـة غـورنيـكـا.. نـرى مشـهـد ذعـر وألـم وبـلبلـة يـحـيـط ببـعض البشـر أثـنـاء حـدوث اعتـداء عليـهـم..
مـنـهـم مـن يـصـرخ، مـنهـم مـن يبـكي، مـنـهـم مـن يـستـغيث، مـن يـحاول الهـرب ومـن ألـقـي أرضـا صـريـع هـذا الحـدث الدمـوي..
فـي اللـوحـة نشـاهـد ايضـا امـرأة تـحـمل طـفـلا، يـقـال إن الـفـنـان اسـتـعـار فـكرتـهـا مـن لـوحـة "مـذبـحـة الأبـريـاء" للفـنـان بـول روبنـز.
اسـتـعـمل بيـكاسـو بـعض الأمـور التـي تـدل علـى الحـرب كالسـكيـن والحصـان والثــور..
وربـمـا الثـور جـاء هـنـا رمـزا للهـمجيـة والـعـنـف المـمـارس فـي الحـروب.
مـا يـلفت النـظر فـي هـذه اللـوحـة، أنهـا رسـمت باللونيـن الأبيـض والأسـود.. ربـمـا تـقصـد الفـنـان ذلـك حتـى يـشيـر الى سـوداويـة الـحرب وبشـاعتـهـا
كـمـا وأن الرسـام تـخـلى هـنـا عـن رسـم الجـنـود المعتـديـن، وسـلّـط الضـوء بـدل ذلـك علـى البشـر، علـى الأبـريـاء والأطفـال ضـحـايـا أي عـدوان يـمـارس، مهـمـا كـانت جنسـيـة المـعتـدي ومـهـما كـانت دوافعـه.
يشـار إلـى أن بيـكـاسـو كـان رسـامـا منـتميـا إلـى فـئـة الضـعفـاء والمسـاكيـن،
وكـان تـعـاطفـه مـعـهـم بـارزا فـي أكثـر لـوحـاتـه..
لـوحـة "غـورنيـكـا" صـارت اليـوم رمـزا لهـمجيـة الـحرب ومـآسيـهـا
ورمـزا احـتـجاجيـا علـى حـقـوق الإنسـان الضـائـعة فـي كـل الحـروب .
آخر لوحة لغوغ قبل انتحاره
منذ حوالي 90 عام و للمرة الاولى تعرض لوحة للفنان العالمي الهولندي الشهير فينسنت فان غوغ رسمها قبل اسابيع من انتحاره
عرضت للبيع بالمزاد العلني بحوالي 30 مليون دولار اميركي و الوحة هي صورة طفل مع البرتقالة
تم عرض اللوحة في المعرض الأوروبي للفنون الجميلة في ماستريشت بهولندا
والطفل المعني البالغ من العمر عامين ابن شقيقة فان غوغ من زوجها راوول ليفيرت النجار الفرنسي في قرية أوفير التي تبعد 40 كيلومترا الى الشمال من العاصمة باريس، حيث أمضى الفنان الشهير بعض الوقت قبل وفاته
أحلام طالب جامعي
للفنان الإيراني أيمن المالكي
لا شك في أن الفنان الايراني ذائع الصيت أيمن المالكي ينال إعجاب الكثير من نقاد الفن والمقبلين على الرسومات والأعمال التشكيلية.
أيمن المالكي المولود في إيران عام 1976 هو أحد أبرز الرسامين التشكيليين في العصر الحديث..
يمتاز فنه بخلق لوحات أقرب للحقيقة.. شبيهة بالصورة الفوتوغرافية التي ترسم باسلوب موضوعي وواقعي.. لا تشي بإحساس الفنان ولا ترسل مشاعر معينة.. وإنما هي "صورة" طبيعية لمنظر التقطته عين الفنان يمكن للرائي أن يتأملها ويسقط عليها ما يريـد.
لوحة "أحلام طالب جامعي".. هي إحدى لوحاته الشهيرة، فيها يصور منظر طالب جامعي يحمل بين يديه كتابا، يجلس في زاوية معينة، وقد غطى وجهه بالكتاب بطريقة "غامضة" بعض الشيء، تدفع الناظر إلى التفكير قليلا بما جعل الشاب يجلس بهذه الوضعية؟ وقد ترك الأوراق والصحف حوله تتطاير وتنتشر في الفضاء الصامت بإهمال ودون اهتمام؟
يعتقد البعض أن الشاب في اللوحة يصور حال القلق الوجودي الذي يعيشه الطلاب الجامعيون.. قلق إزاء المستقبل وإزاء ما سيحل به بعد انهاء دراسته الجامعية.. ويرى البعض أن اللوحة هي تصوير لليأس الذي يصيب الشباب بعدما ينهون دراستهم الجامعية ولا يعملون بشهاداتهم ومهنهم الخاصة.. والبعض الآخر يراها تصويرا لأحلام الشباب، بحيث يجلس الشاب مغطيا وجهه بالكتاب ويحلم بمستقبل جميل يحقق فيه ذاته.
هذه اللوحة لا تختلف عن سائر لوحات المالكي، فاسلوبه الواقعي الموضوعي واضح فيها، وطريقته المتقنة في رسم تفاصيل اللوحة وتفاصيل الشاب هو ذات الاتقان المتبع والملازم للمالكي في أغلب لوحاته الأخرى..
في اللوحة يمكننا أن نلاحظ نوع القميص المرسوم، فهو قميص حريري شفاف، يمكننا مشاهدة جسد الشاب من خلال القميص ويمكننا مشاهدة اللباس الداخلي للشاب..
بالاضافة لذلك يمكننا ملاحظة اتقان الرسام لرسم وضعية الجلوس، وملاءمة طيات القميص وطيات البنطال لوضعية جلوسه.. بالاضافة الى تنسيق ألوان الملابس وألوان الجو المحيط بالشاب ورسم طيات الصحف المتناثرة بعفوية، بطريقة يخدم بها جو اللوحة وموضوعها
حدائق خلف بوابة الخريــف
للفنان الامريكي المعاصر توماس كينكيد
يعتبر توماس كينكيد اكثر الفنانين الاحياء شعبية ورواجا في الولايات المتحدة اليوم.
لوحاته توصل احساسا بالسكينة والتفاؤل والسلام بفضل الضوء الذي يشع من ألوانه التي تبعث الأمل والالهام في النفس.
تلقى كينكيد العديد من الجوائز على ابداعاته الفنية المتيمزة، كما لقيت اعماله وتلقى الكثير من الثناء والاشادة من الاوساط الفنية داخل الولايات المتحدة وخارجها.
يطلق على توماس كينكيد لقب "فنان الضوء" بالنظر الى مهارته العالية في توظيف الضوء في لوحاته البالغ عددها اكثر من 300 والتي تصور مشاهد تضج بالحياة للطرقات والأكواخ والمنارات والشواطئ والبيوت.
بعض نقاد الفن اليوم يقارن كينكيد بمونيه ورينوار من حيث انه عاش حياة صعبة في البداية وجاهد وتعب كثيرا وهو يبحث لنفسه عن اسلوب فني متفرد.
من بين اجمل لوحاته واكثرها رواجا لوحته المسماة "حدائق خلف بوابة الخريــف" التي انجزها في نوفمبر من العام 1994.
موسيــقى ليـليـة
للفنان الانجليزي بيتر نيكسون
قطعة موسيقية جميلة من ألوان زاهيـة ورومانسية حالمة للفنان المعاصر بيتر نيكسون.
ولد نيكسون عام 1956. وكان هاويا للفن والرسم منذ صغره، تنقل كثيرا بين ايطاليا واليونان، وتأثّر بالميثولوجيا والفولكلور الشعبي.
في هذه اللوحة نـرى تناغما شاعريا بين الموسيقى والرسم والألوان. فقد تجسدت الـ "موسيقى الليلية" في رسم امرأتين جميلتين، مسدلتي الأهداب، مغمضتي العينين في سكينة وهدوء، وكأنه تواطؤ سري بين اللحن والشعور.
تميزت "موسيقى ليلية" بألوانـها الزاهيـة وبرشاقة ريشتها التي تركت حركات الجسد تتلوى على وقع الألحان فتغفو طربـة مفعمة بالحيـاة والنشوة.
يغلب على لوحات نيكسون الالوان الشاعرية المتناسقة والجذابة، واضفاء اجواء رومانسية تبعث في النفس شعورا بالطمأنينة والسلام، ففي أغلب أعماله نرى استرخاء ظاهرا وهدوءا نفسيا في الشخوص المرسومة. وقد أكثر من رسم النساء والورود والاجساد الناعمة، وأكثر من رسم امرأتين جميلتين مغمضتين في لوحة واحدة.
بيتر نيكسون يـُعد أحد أكثر رسامي العصر رواجا وحفاوة واقبالا لدى الناس والنقاد.
أورفيـــــوس
للفنان الفرنسي غوستاف مـورو
غوســتاف مـورو رسـام الرمزيـة والـغمـوض. ولوحـة "أورفيـــوس" هي واحدة من أشهـر أعماله الفنية.
أورفيـــوس في الميثولوجيـا اليـونـانيـة كـان عازفا رائـعا، كان صوته وموسيقاه تسحر الاشجار والحجر، وتغيـر اتـجاه جـريـان النهر.
عشق اوريديشي كثيـرا وتزوجها لكنها سرعان ما ماتت بلدغة ثعبان.
بـعـد مـوتـها أصـيب أورفيـــوس بالإحبـاط والـحـزن، واعتبر أن ما حدث لحبيبته لم يكـن عدلا، فقرر الذهاب الى العالم السفلي واعـادتها الى الحيـاة.
كـان سلاحه في تلك المغامرة موسيقـاه التي سحر بها الأشباح وآلهة الموت. استـطـاع بـواسطتـها أن يـقـنـع الألـهـة هادس بإرجـاع اوريديشي الى الحيـاة شرط ألا ينـظر الى الخـلف أثنـاء خروجهما من عالـم المـوت إلـى أن يدخلا عـالم الحيـاة.
فـي طريـق الـعودة كـان اورفيـوس ممـسكا بيـد اوريديشي التي تسير خلفه، مـحاولا مـنـع نفسـه مـن النـظر اليـها. وعـنـدمـا وصـل عـالـم الحيـاة انفـرجـت أسـاريـره وسـارع بلهفـة محـب ومشـتـاق لتوجيـه رأسـه للخـلف. لـكـن المفـاجأة كـانـت أن اوريديشي لـم تـكن قـد دخلـت عـالم الحيـاة بـعد، كـانت مـا تـزال علـى حافة عالم الموت.
بـهذا أخـلّ اورفيــــوس بالعهد، مما دفع الأشباح الى اختطاف اوريديشي واعادتها ثانية الى عالم المـوت. وهنـا يقع أورفيــوس مـرة أخرى فريسـة للحزن والأسى، ثم يـموت وتتحول عظامه لأوتار موسيقية وايقاعات تسبح في المحيط..
ومـنذ ذلك الحين تحـولت قصة هبوط اورفيــوس الى العالم السفلي الى فكرة ترمز للعاشق الذي يحاول استعادة حبيبته وتخليصها من براثن الهلاك لكنه يفقدها ويفقد نفسه في النهاية نتيجة لهفته الشديدة وحرصه المفرط.
يـذكر أن أسـطورة اورفيــوس كانت عبر العصور المتعاقبة موضوعا للكثيـر من القصص والمسـرحيـات وقصائد الشعر والأعمال التشكيلية والمعزوفات التي ألفها مشاهير الموسيقيين أمثال سترافينسكي واوفنبــاخ وسواهما.
زنـابـق المـاء
للفنـان الفـرنسي كـلود مونـيـه
عامـود الضـوء الانطبـاعي كلود مونـيه، من أكثر الرساميـن انـجذابـا وولـعـا بالطبـيعـة.
وُلـد مونيـه في فرنسـا عـام 1840، كـان منذ نشـأتـه الأولى محبـا للرسم، بـدأ حيـاتـه كرسـام كـاريـكـاتـيـر، ثـم تـعلـم علـى أيـدي فـنـانيـن مجـهوليـن أساليب الرسم وخـاصـة رسم المـنـاظـر الطبيـعيـة التي تميـّز بـها لاحقـا، ثـم التـقى بـرفـاق دربـه الفنـانيـن مانيـه، كوربـيـه، بيسارو وسيزلي ورينوار وشـكلوا مـعا نـواة بـزوغ المدرسة الانطباعية الـتي قـلبت مـوازيـن الرسم التقليـدي وأحدثـت انـقلابـا جديـدا في عـالم الفـن.
تكـمن روعـة مونـيـه في التـقاطـه منـاظر الطبيـعة بـعيـن انتـقائيـة، مرهـفة الحـس ومولـعة بالـجمـال.. حيـث استـطاع أن يـحول كـل مـنـظر يـلفـت نـظره إلـى لـوحـة فـنـيـة تـمثـّل احساسه بـما رأى والسـحر الذي انـطبـع في قلبـه.
انـتـقل مونـيـه فـي أعـمالـه مـن المكـان الثابـت إلى "شبـه المكـان" المتغيـر بيـن لحظة وأخـرى. فبعيدا عن الغـابـات أو المدن أو البنايـات، التقط مونيه صفحة الماء غيـر الثابـتـة، وتـأثيـرات الضـوء ومتغيـراته عليها، تـبعـا للحركة الباطنية التي تحدث فيه بفعل الأشيـاء أو الريـاح أو الأمواج أو الجريـان.
وكـان لـ"زنـابـق المـاء" حـظا كبيـرا في لـوحـاته، حيـث أسـَرت فـؤاده بشـدة وراح يـرسمها عـدة مـرات بشغـف كبيـر، منـتـقلا فـي كـل مرة مـن مـكان إلـى آخـر ومـن زمـن إلـى آخـر، تارة يـرسمها فـي الفـجر وأخـرى في المسـاء، وتـارة في الربيـع وأخـرى في الشتـاء، تـاركـا في كل مـرة بـصـمة خلابـة تـعكس انـجذابـه وتـأثـره الشـديـد بـما رأى.
كـما ويـمتـاز أسـلوب مونيـه بـتعاملـه الجـميل مع الألـوان، فلوحـاتـه تـأسر العيـون ليس بسبب الطبيـعة فحسـب، وإنـما بسبب تـنـاغم الألـوان وتـنـاسقها وروعـة الذوق في اختيـارهـا، فـهو قـادر علـى تمييـز اللـون المريـح لعيـن الـنـاظر وتـأثيـره عليـه، وهـذا مـا منـح لـوحـاتـه شـهرة وقـوة فـي الحـضور.
يـذكـر أن مونيـه ورفـاقـه فـتـحوا الدرب عـن طريـق تأسيس المدرسة الانـطبـاعيـة، لمدارس فنـيـة أخـرى خـرجـت عـن قـانـون الفـن التقليـدي، كالفـن التـجريـدي مثـلا، وكـان لـهم الأثـر في تشـكيـل ملامـح الفـن الحديـث.
حجرة نوم فان جوخ كما رسمها بنفسه 1888
غرفة نوم فان جوخ ضمن بيته الذي رسمه أيضا و يعرف " بالبيت الأصفر "..
تبدو البساطة فيها بكل شيئ .. من طريقة الترتيب وحتى المفروشات التي بها ..
اللافت للنظر في اللوحة الوانها المتباينة الساطعة ..وكذلك سماكة طبقة اللون ..
أحد جدران الغرفة يبدو مائلا ، وهذا ليس خطأ في الرسم وانما هو واقع مطابق لانحراف تلك الزاوية من البيت ..
في رسالته لاخيه ثيـو يقول فان إنه تعمد رسم الاشياء بدون ظلال حتى تبدو الغرفة وكأنها رسم ياباني
يبدو أنه في مخيلته يريد أن تكون غرفة نومه على الطراز الياباني..
بساطة الفرش وصفاء الألوان يجب أن توحي بالراحة والرغبة في النوم ..
راقصـو بوجيـفـال
للرسام الفرنسي بيار اوغست رينوار
بيار اوغست رينوار، أحد أبرز الرسامين الانطباعيين وأكثرهم شعبية وشهرة.
كتب عنه أحد النقاد قائلا: رينوار لا يرسم غير السعادة.
وُلد رينوار عام 1841 في فرنسا، لأسرة بسيطة متوسطة الحال. كان والده خياطا رجاليا، وكان رينوار في سن الثالثة عشر يعمل في رسم الأشكال الزخرفية على الأواني بقصد مساعدة أبيه.
كانت فرصة رينوار للدخول في عالم الفن عندما انتقل والداه للعيش في باريس، تلك المدينة التي تمجد الفن وتستقطب أعدادا كبيرة من الرسامين والفنانين والنقاد، هناك قدم أولى لوحاته الانطباعية "أمرأة باريسية في ملابس جزائرية"، لكنها نالت رفض المديرين المسؤولين عن صالونات العرض، ومن ثم رفض النقاد لأسلوبه الانطباعي الحديث أسوة بأصدقائه الآخرين: مونيه، سيزان، بيسارو وغيرهم الذين شكلوا معا المدرسة الانطباعية وفرضوها كمذهب فني جديد.
تتميز لوحات رينوار أنها مفعمة بالحياة والفرح والسعادة، يرسم المناظر الطبيعية والناس بألوان مشرقة متفائلة في لحظات أنسهم وصفائهم. وتكاد تكون لوحاته خالية من جو الحزن أو الغموض. من أقوال رينوار الشهيرة: "اذا لم يكن في الرسم متعة فمن الأفضل أن يمتهن الرسام مهنة أخرى".
لوحة "راقصو بوجيفال" هي إحدى أشهر لوحاته وأجملها، فيها نرى رجلا يراقص أمرأة في منتجع بوجيفال الباريسي، وحولهم أناس من مختلف الأوساط والطبقات الاجتماعية.
المرأة في الصورة هي سوزان فلادون، إحدى سيدات باريس التي اشتهرت بالجمال والأنوثة، وكانت دائما محط اهتمام الكتاب والفنانين آنذاك. ويقال انها كانت عشيقة رينوار أيضا.
يعتقد البعض أن رينوار كان منزعجا من سوزان في ذاك الوقت، ولذلك نراه يرسمها بهذه التعابير الغريبة على وجهها، بحيث نراها غير راضية عن مراقصة الرجل، فمها مائل نحو اليمين، جسدها بعيد عنه، لا تبدو علامات الفرح والاهتمام على وجهها. أتراها كانت غير راضية فعلا؟ أم كان هذا إحساس رينوار؟
تتميز ألوان رينوار برونقها ودفئها وتناغمها، مما يعطي متعة بصرية ويمنحنا سعادة وفرحا.
يعرف عن رينوار نفوره من توظيف الفن لأغراض سياسية وايديولوجية، واعتقاده بأن الرسم ليس إلا متعة ونشوة.
الصحــــوة
للفنان الكندي المعاصر جوناثان باوزر
وظفت هذه اللوحة في اعمال شعرية وتأملية ووجدانية عديدة، كما ان لوحاته الاخرى تختزل هي ايضا رؤية الفنان الباحث دوما عن المعرفة القديمة والأبدية الموجودة في الكشف الشعري عن كل ما هو مقدس وسام.
يعتقد باوزر ان الميثولوجيا، سواء كانت اعتقادا دينيا او استعدادا نفسيا للحياة، يجب ان ينظر اليها باعتبارها الروح الضرورية والدائمة لعالمنا المعاصر المدفوع بالتكنولوجيا والتغيير الدائم.
لوحات الفنان المتعددة تشتمل على الاسطورة والطبيعة والفانتازيا، وهو في جميع اعماله تمثيل الجمال وقوى الطبيعة والتاريخ والفلسفة ومزجها بالجوانب الروحية والسيكولوجية.
جــون الســـاخنـة
للفنان البريطاني اللورد فريدريك ليتون
ولد فريدريك ليتون في سكاربوربو بانجلترا في العام 1830.
عاش ليتون اربع سنوات في باريس حيث التقى فيها فنانين كبارا من امثال انغر وديلاكروا وغيرهما. وبعدها انتقل الى لندن حيث تولى في ما بعد رئاسة الاكاديمية الملكية.
من بين جميع لوحات ليتون حظيت هذه اللوحة بالذات بشهرة واسعة، واللوحة عبارة عن صورة من صور الجمال الفخم الذي يدفع الناظر الى التمعن باعجاب في هذه السمفونية الرائعة من التشكيل واللون.
كما انها تكشف عن عبقرية ليتون في اللون وعن كلاسيكيته الأصيلة.
وبالرغم من ان هذه اللوحة لا تحكي قصة محددة فان الواضح ان الفنان يدعو الناظر الى التأمل في وضعية الفتاة النائمة.
بعض النقاد يقولون ان هذه اللوحة هي بمثابة اعتراف واضح من الفنان بالتقاليد العظيمة في الفن والتي تعود الى جيورجيوني وتيشان اللذين برعا في تصوير النساء النائمات اللاتي كان يشار اليهن بالاسم الميثي "فينوس".
وبينما لا تبدو الفتاة في لوحة ليتون هنا عارية على الاطلاق، فان رداءها البرتقالي الذي يجذب العين اريد به اثارة الانفعالات الحسية وان بشكل محسوب وحذر. واللون البرتقالي النابض بالحياة في اللوحة يصاحبه نطاق ناعم من الأزرق في الخفية، والجمع الفريد بين هذه العناصر هو احدى الخصائص التي تجعل من هذه اللوحة احدى اروع اللوحات في تاريخ الفن.
ولكن من ينظر الى أسفل قدمي جون يرى تشنجـا وتـوتـرا واضحـا فيـهما، لا تبـدو نومـتـها مرتـاحـة قيـاسـا لحركة القدمين، رغـم أن تقاسيم وجهها وارتـخاء يديـها، وشـعرها المنسدل بهـدوء، يدلـون على استسلام لنـوم عميق.. تـرى ماذا أراد ليتـون مـن هذا التناقض ؟!
القــبـلـة
للفنان النمساوي غوستاف كليمت
تعتبر لوحة القبلة لغوستاف كليمت من اشهر الأعمال الفنية العالمية التي انجزت في القرن العشرين. بل ان كثيرا من نقاد الفن لا يترددون في تصنيفها ضمن افضل خمس
لوحات في تاريخ الفن التشكيلي العالمي كله.
وقد اصبحت هذه اللوحة رمزا للأمل ومرادفا للجمال الانثوي والانجذاب العاطفي بين الجنسين.
في "القبلة"، كما في اعمال كليمت الأخرى، ثمة استخدام لافت للألوان الداكنة والخلفيات الذهبية والخطوط الزخرفية والعناصر الايروتيكية.
ورغم ان هذه اللوحة كانت في البداية مثار جدل واسع، فإنها اصبحت في العقود التالية واحدة من اكثر الاعمال الفنية التشكيلية تفضيلا وشهرة.
وكان لها تأثير واسع على الحياة الثقافية في عصر كليمت، وضمنت له بالتالي شعبية كبيرة في اوساط مجتمع فيينا انذاك.
اشتغل غوستاف كليمت في بدايات حياته الفنية بالديكور والزخرفة وتعلم مهارات الحفر والنقش التي اكتسبها من والده، الفنان هو الآخر.
وهناك ملمح ثابت في كافة اعماله، يتمثل في غلبة اللونين الفضي والذهبي عليها، كما كان يركز بوضوح على تضمين لوحاته عناصر وتفاصيل زخرفية.
في "القبلة"، استخدم كليمت الاشكال المسطحة والانماط الزخرفية بشكل عام، وتعمد ان يرمز للانثى بخطوط دائرية وللرجل بأشكال مربعة ومستطيلة.
ورغم بساطة هذه اللوحة ظاهريا، فإن رمزيتها العميقة والمهارة الفائقة التي نفذت بها كانت دائما مثار حديث اوساط الفن التشكيلي ودارسيه.
تمثال كيوبيد وسايكي
للنحات الايطالي انطونيو كانوفا
عمل آخر يعتبر من افضل واشهر الاعمال النحتية في العالم.
كان انطونيو كانوفا نحاتا ورساما كبيرا. وفي عصره كانت النزعة السائدة هي إحياء التراث الاسطوري القديم واعادة انتاجه من جديد على هيئة اعمال تشكيلية
ونحتية.
هذا التمثال يصور اسطورة العاشقين كيوبيد وسايكي التي ورد ذكرهما لأول مرة في رواية لاتينية لأبوليوس.
كان كيوبيد (او ايروس) هو إله الحب والرغبة عند الرومان، بينما كانت سايكي (التي تعني الروح بلغة الاغريق) امرأة فائقة الحسن والجمال.
تقول الاسطورة ان كيوبيد كان يزور سايكي في الليل فقط وانه وكان قد منعها من النظر الى وجهه. وفي احدى الليالي وبدافع الفضول حملت بيدها مصباحا
وتسللت الى الغرفة التي كان ينام فيها محاولة اختلاس نظرة الى وجهه.
وكانت تتوقع ان ترى شخصا قبيح الخلقة، لكنها رأت مخلوقا راعها جماله وحسن هيئته. وما فعلته سايكي استحقت عليه غضب افرودايت الهة الجمال التي
حكمت عليها بالنوم الأبدي، الذي لم يخلصها منه سوى عناق كيوبيد لها.
وكانوفا يصور في التمثال لحظة العناق تلك بأسلوب شاعري جميل.
كان كانوفا احد مناصري المدرسة الكلاسيكية الجديدة التي كانت تعنى بتصوير الانفعالات البشرية وابراز كل ما يرمز للطهر والنقاء.
الصــرخة
للفنان النرويجي ادفارد مونــك
الصرخة هي أشهر اعمال الفنان ادفارد مونــك.
وقد اكتسبت هذه اللوحة، رغم بساطتها الظاهرية، شعبية كاسحة خاصة منذ الحرب العالمية الثانية.
ربما يعود سبب شهرة هذه اللوحة الى شحنة الدراما المكثفة فيها والخوف الوجودي الذي تجسده.
في الجزء الأمامي من اللوحة نرى طريقا يحفّه سياج حديدي، وعبر الطريق نرى شخصا يرفع يديه بمحاذاة رأسه بينما تبدو عيناه محدقتين بهلع وفمه يصرخ.
وفي الخلفية يبدو شخصان يعتمران قبعتين، وخلفهما منظر طبيعي من التلال.
كتب ادفارد مونك في مذكراته الأدبية شارحا ظروف رسمه لهذه اللوحة: "كنت امشي في الطريق بصحبة صديقين، وكانت الشمس تميل نحو الغروب، عندما غمرني شعور بالكآبة. وفجأة تحولت السماء الى احمر بلون الدم. توقفت وأسندت ظهري الى القضيان الحديدية من فرط احساسي بالانهاك والتعب. واصل الصديقان مشيهما ووقفت هناك ارتجف من شدة الخوف الذي لا ادري سببه او مصدره. وفجأة سمعت صوت صرخة عظيمة تردد صداها طويلا عبر الطبيعة المجاورة".
عندما يتذكر مؤرخو الفن ادفارد مونك فإنهم يتذكرونه بسبب هذه اللوحة بالذات، ربما لأنها لا تصور حادثةاو منظرا طبيعيا، انما حالة ذهنية.
الدراما في اللوحة داخلية، مع ان الموضوع مرتبط بقوة بطبوغرافية اوسلو مدينة الفنان. والمنظر الطبيعي المسائي يتحول الى ايقاع تجريدي من الخطوط المتموجة، والخط الحديدي المتجه نحو الداخل يكثف الاحساس بالجو المزعج في اللوحة. الاسلوب اللولبي والدائري الذي رسم به مونك خلفية اللوحة أضفى عليها إحساسا بالدوامة والخوف والذهول وكثف الشحنة الدارمية لجو اللوحة.
لوحة الصرخة لادفارد مونك تحولت منذ ظهورها في العام 1893 الى موضوع لقصائد الشعراء وصرعات المصممين، رغم ان للفنان لوحات افضل منها وأقل سوداوية وتشاؤما.
عازف الغيتار العجوز
للفنان الاسباني بابلو بيكاسـو
لوحة شهيرة رسمها بيكاسو خلال ما عرف بالمرحلة الزرقاء (1901-1904) وهي المرحلة التي توفي فيها صديقه الرسام كازاجيماس ووقع بيكاسو تحت وطأة الأسى والحزن والوحدة والفقر. في المرحلة الزرقاء كان اللون الازرق يطغى على اللوحات التي رسمها الفنان في تلك الفترة.
وقد تباينت التفسيرات عن سبب اقتصار بيكاسو على الرسم بذلك اللون تحديدا، لكن اقرب تلك التفسيرات الى المنطق هو أنه اراد من خلال استخدامه ذلك اللون بالذات تصوير الحالة النفسية التي كان يمرّ بها انذاك. وهي مزيج من الحزن والسوداوية والبرود، نتيجة ظروف عدة عاشها بيكاسو كان من اهمها انتحار احد اصدقائه المقربين.
اما الموضوع المهيمن على لوحات المرحلة الزرقاء فقد كان حياة الفنان نفسه الذي كان يعاني النبذ والعزلة، وقد كان يرى ذاته في صور الفقراء والمتسولين الذين كان يرسمهم.
لوحات بيكاسو في المرحلة الزرقاء كانت، بمعنى ما، تلخيصا لحياة الفنان نفسه. اذ كان يعاني الفقر والحزن، كما كان واقعا تحت تأثير ابتعاده عن عائلته.
ولوحاته في تلكالفترة تشي بتعاطفه العميق مع المنبوذين والفقراء والمكفوفين وذوي العاهات، وباختصار كل من يعيش على هامش الحياة.
ولوحة "عازف الغيتار العجوز" توفر نموذجا ممتازا لطبيعة لوحات المرحلة الزرقاء، التي تعمد فيها بيكاسو رسم شخوص لوحاته بهيئات منكسرة ومشوهة.
في هذه اللوحة تمكن بيكاسو من التعبير ببراعة عن التدهور الجسماني والمعنوي للشخصية موضوع اللوحة. هنا يبدو العازف العجوز الأعمى بملابسه الرثة وجسده الكليل وهو يعزف على غيتاره بلا اهتمام، وقد اتخذ وضع جلوس غير مريح وبدا كما لو انه لا ينتظر اي عزاء او اشادة من العالم المحيط به، او كما لو ان الحياة تسربت من جسده الشاحب ولم تعد تعني له شيئا.
العازف العجوز كان احد بؤساء المرحلة الزرقاء، وقد افرد بيكاسو لهذه الفئة العديد من اللوحات التي تصورهم في كافة اشكال الحرمان والبؤس مستخدما اللون الأزرق، الذي اصبح بفضل بيكاسو ومرحلته الزرقاء رمزا للسوداوية والحزن وخلو الحياة نفسها من اي معنى او هدف.