يجول يامن بنظره بين امه و ابيه...
هنا...هنا...لم يعد هناك ما يسمى...مأوى...او عائله...
يجلس بين قطع الخرده الباليه و جثتان ملقاتان على الارض...
جائع...بائس...يكاد يتجمد من البرد...
لم تعد امه دافئه...وقد تلطخت ارغفة الخبز بدمائها...
لم تعد صالحة للأكل...لايعرف احدا في العالم سواهما...
و لايستطيع الجلوس في البيت اكثر...
ستأتي الكلاب الجائعه لأكل الجثث...
ليس هناك جيران...ولا اقارب...
حتى الجماعه...غادراها لكي يحتفظا به....
طفل في الرابعه عشره من عمره...اين عساه يذهب...
أحياء المدينة مخيفه...ملئى بالمدمنين و السكرة و الشواذ...
الخروج من البيت في مثل هذا الزمان و المكان ولطفل غض جميل...
قد يكون بمثابة الانتحار...ولكن من الجنون البقاء في بقايا البيت اكثر...
لملم بعثراته...
و ترك بسماته و قلبه معهما...
ثم جرى...بغير وجه...
خرج يبتغي الحياه...
ستشرق الشمس عما قريب...
لا داعي للخوف...
وجد لنفسه مكانا تحت الجسر ليتقي المطر المنهمر...
و كأنهما على ميعاد...
بكى و بكى و بكى...
و لكن البكاء لم يشبعه كما في الصغر...
جائع...لم يأكل منذ يومين...
ذهب يبحث عن شئ يؤكل...
اتجه الى حاويات القمامه...
وجد عندها اطفال مثله...يقاتلون الكلاب الضاله على كسرة الخبز...
بالكاد وجد له مكانا...يبحث و يبحث...
حتى وجد قطعة كعك بدأت بالتعفن...فرح بها...
رفعها الى فمه ليأكلها...
فسقط جزء منها على الارض وعلى الفور جاءت قطة ضاله و خطفتها...
جال بنظره فإذا طفل صغير يبحث عن شئ يأكله و يبكي من شدة الجوع...
اعطاه يامن ماتبقى من قطعة الكعك...
وعاد ليبكي تحت الجسر...بكى حتى نام...
ثم استيقظ على صوت جلبة ما...
رجل يمسك بطفلة صغيره و يضرب بجسدها الهزيل عرض الحائط...
وهي تبكي وتصرخ من شدة الالم...
ضربها ضربة اخرى على رأسها ...
فكانت القاضيه...ثم جرجر جثتها و القى بها في النهر العكر العميق...
و غادر...وكأن شيئأ لم يكن...
يامن الذي تملكه الخوف هرب مسرعا من تحت الجسر...
لا يدري اين يذهب من قسوة الحياه...