مشروع عالمي لتتبّع هجرات الحيوانات بالاقمار الصناعية
قول مارتن وايكلسكي مدير قسم الطيور في معهد ماكس بلانك في المانيا, ان الحيوانات تخبرنا بكل شيء: من موعد حدوث الزلزال التالي الى وقت انتشار بعض الامراض المعدية. من هنا فإن ايجاد وسيلة لتتبّع الحيوانات في تنقلها وهجراتها سيوفر بيانات بالغة الاهمية للعلماء. ويقولون أن وضع اجهزة بث صغيرة على اجسام الحيوانات وبوزن يقل عن جزء من عشرين جزءاً من وزنها بما لا يؤثر على سلوكها, يمثل الوسيلة المثلى في ذلك.
ويقول وايكلسكي, ان بلايين الحيوانات تهاجر عبر الارض في كل ثانية, وليس لدينا أي فكرة عن اتجاه معظمها ولماذا. فعلى سبيل المثال, يمثل خفاش الفاكهة الحيوان الثديي الاكثر عدداً في افريقيا, وهو ينقل مرض ايبولا, لكننا لا نعرف في معظم ايام السنة اماكن تواجده, وهو امر مثير للغرابة.
من هنا جاء وايكلسكي الذي يقضي ايامه متنقلاً من قارة الى اخرى لتتبع هجرات حيوانات مختلفة, ليقدم مشروعاً عملاقاً لرسم نظام الهجرات العالمي للحيوانات, والذي يقول أنه لا يقل أهمية عن مشروع رسم الخريطة الجينية البشرية.
بدأ وايكلسلي عمله في آواخر التسعينات من القرن الماضي, بمتابعة حيوانات صغيرة مثل العصافير المغرّدة, وهو عمل اصبح رائداً فيه, رغم أنه واجه في ذلك صعوبات عدة كونه كان يعتمد على جهوده الفردية انطلاقاً من وسائل بسيطة وميزانية متواضعة. ورغم أن عمل وايكلسكي تطور مع الزمن, باستخدام ادوات بث راديوية يضعها على اجسام الحيوانات واستخدام طائرات صغيرة بعد حصوله على رخصة طيران, الا أن تتبّعه لهجرات الحيوانات لم يكن ليغطي على تتبعها من منطقة لأخرى أو من بلد لآخر في القارة الواحدة.
وايكلسلي مع فريق البحث العامل معه, عملوا على تطوير نظام تتبع عالمي بالاقمار الصناعية, تدور فيه الاقمار على ارتفاع 248 ميلاً عن سطح الارض, بحث يمكنها التقاط اشارات البث الراديوية منخفضة التردد من أجهزة بث يقل وزن الواحد منها عن الغرام. كما تلقوا عرضاً لاقامة نظام تتبّع عالمي للحيوانات الصغيرة على متن محطة الفضاء الدولية والتي توجد على ارتفاع 173 - 286 ميلاً عن سطح الارض, وبحلول عام 2014 سيبدأ هذا النظام عمله, ليوفر تتبّع عشرات الانواع الحيوانية في الوقت نفسه, بما يعني متابعة حركات عشرات آلاف الافراد الحيوانية في تنقلها السريع وفي أي وقت.
وهذا يعني أيضاً توفير مقادير هائلة من البيانات المتنوعة لحظياً عن الحيوانات, من موقعها الى سرعتها ومقدار الطاقة التي تستهلكها.
ويشير وايكلسلي في هذا الصدد, الى ان النظام ICARUS ستكون له فوائد غير محدودة مستقبلاً ليس اقلها تتبّع هجرات الطيور والحشرات, بما في ذلك الجراد, والتنبؤ بالطقس, والحد من انتشار الامراض, وحماية الانواع الحيوانية من خطر الانقراض. ويقول يكفي لتبيان اهميته, معرفة أن 75% من جميع أنواع الحيوانات البرية لا يمكن حتى الان تتبّعها بأي وسيلة بما في ذلك الاقمار الصناعية.