مصاحبة النفس لها أهمية كبيرة ، فمن خلال معرفة الذات نصل الى معرفة الله و الاشباع الروحي لهذه النفس من حب الله عز و جلّ ، فالسعادة كل السعادة في معرفة النفس و مصاحبتها و الذي يوصلنا الى معرفة الله و حبه جل و علا .
فعن تجربة شخصية منذ أن صاحبت نفسي تغيرت حياتي عندما استطعت أن أفهم ذاتي و أحاكيها و أفهم قدراتها و أقدرها و أنميها بحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم و أنميها بالمعرفة و القراءة و أعطيها وقتها لأجالسها و أفهمها جيدا .... فهي صديقتي التي لا غنى لي عنها ....
أصبحت الصحبة في عصرنا هذا لها مفهوم خاطئ لدى البشر و لدى أبنائنا خاصة لدرجة أن الفتاة أو الفتى يرتبطون بعلاقات خارجة عن المفهوم الحقيقي للصحبة و هناك أسباب عديدة لذلك أولها البيت و الأسرة و اذا لم يوفر الوالدان لأبنائهم الاشباع العاطفي و التحفيزي و الاحتواء سيبحث الأبناء عن علاقات خاطئة ، فعلى الأباء و الأمهات أن لا يهملوا هذا الجانب بانشغالاتهم و أعمالهم و ينبغي عليهم احسان صحبة أنفسهم و التعامل مع أبنائهم بأحسن أسلوب .
و علينا أن ندرك أن حياة القِدَمِ مختلفة عن حياتنا هذه و وقتنا الحالي و هناك العديد من حالات الانحراف السلوكي و الشذوذ و الانحرافات الأخرى و أسبابها ترجع بداية الى الفراغ العاطفي ، فتقول الفتاة المهملَة عاطفيا : أمي لا تمنحني الحنان و الحب و لا حتى الكلمة الحلوة لكثرة انشغالها بأشياء أخرى ـــ غالبا ما تكون تافهة ـــ فسابقا لم يكن هناك انترنت و لا أيفون و لا قنوات التواصل الاجتماعي الأخرى .
فلا بد أن تتغير أساليب المعاملة و التحدث بلغة الحوار الفعّال مع الأبناء و الأزواج و الأصدقاء و قد علمنا رسولنا الكريم صلى الله عليه و سلم أساليب فن التعامل فيما بيننا و أساليب الحوار ، فعندما سُئِل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الساعة ؟ فكان رده عليه الصلاة و السلام ماذا أعددت لها ؟ فلم يقل له لا أعرف بل استخدم معه أسلوب جميل في الرد ، و نحن في مجتمعاتنا نفتقر لمثل هذه الأساليب فلا بد أن نتخذ من حياة الرسول عليه الصلاة و السلام منهاجا في حياتنا .
و حسن صحبة النفس و الذات تؤدي الى حسن صحبة الغير و هما على علاقة وطيدة فمن أحسن صحبة نفسه ستدفعه الى الاختيار السليم لصحبة الأخرين ، فالشخص السوي لا يرض لنفسه الا صحبة الأسوياء الطاهرين فالنفس لا تستقيم و لا تتآلف الا مع أمثالها ... الطيور على أشكالها تقع ، فالانسان عندما يسمو لذاته فلن ينسجم مع أصحاب التفكير المحبط و أصحاب السوء .
فلنصاحب أنفسنا و ذواتنا كي نرقى بفكرنا و نسمو في حياتنا .... فلنجعل هذه النفس قائمة بمنهاج الله و رسوله و واثقة من قدراتها ...
دمتم بود..