سيعة وشنة

بقلم: صالح محمد العراقي

لا تستغرب عزيزي القارئ، فقد قفزت نقاط السين الى الشين عن قصد وعمد، حتى نوحي لك ان في المقالة التي بين يديك الكثير من التهكم، فاصغي واحكم. ان اسلوب التعامل مع الناس لا يخلو اما ان يكون بالاقناع والادلة والحجة الدامغة واما ان لا يكون على هذا النحو، بل قد يكون واهاً وضعيفاً ولا يستند الى الادلة والحجج، وقد تصل الامور تدريجيا الى الاجبار والاكراه والتعنت والتزمت وما الى ذلك من الامور الممقوتة في التعامل مع الاخرين. نعم، ان الاسلام سنّ وقنـّن الجهاد ضد الكفر والخارجين والمارقين الا انه تحت نظم واسس وقيادة المعصوم، ولم يكُ يوما من الايام بلا رقيب. واعلم عزيزي القارئ ان الجهاد اخر اساليب الاسلام لا اولها، بمعنى انه يأتي بعد فشل كل المحاولات السلمية والثقافية والحوارية والتفاوضية والاقناعية والنقاشية، ولكن تبقى نتيجة الجهاد مختلفة عن نتائج باقي الاساليب، فان نتيجته الآنية الارضاخ لا القناعة واليقين بل لعله مجرد استسلام، ومنه ما حدث مع اصحاب الرايات الحمر في زمن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم حينما اخضعهم ثم سارعوا الى ذبح حفيده بعد ان لاقى الرسول الاكرم ربه. فليس حري بالسني اخضاع الشيعي ولا العكس على الاطلاق، بل لعل الثمرة المتوخاة من الجهاد تحت لواء المعصوم حصرا هو تثقيف المحارَبين بعد اخضاعهم وتعليمهم الدين او العقيدة الصحيحة تدريجيا. اذن فليحاول كلا الطرفين اقناع الاخر لا اخضاعه، فان الثاني ينتج نفورا وعدم الوصول الى اليقين بالافكار والعقائد التي يريد الطرف ايصالها الى الاخر. ولا اريد ان ادخل خمار التاريخ فارجع لحوادث وقعت بين الطرفين ولعل اهمها واشهرها واقعة الطف، وذلك لاحد سببين الاول: لا اريد التذكير بامور تاجج. الثاني: ان قاتل الحسين ليس (سنيا) ولا (شنيا) بل يمكن القول انهم البيزنطيون كما ذكرها مولانا الصدر، او انه سوء التصرف وتدني الاستحقاق السني الشيعي، فلو كان الشيعة حريصين ومستحقين وكذا السنة لما ذهب من بين ايديهم حفيد رسولهم، الذي اعتز به وبراسه حتى المسيحيين آنذاك، والمسلمون غافلون، فلو كان (الشيعة) او (السيعة) متفهمين ومستحقين لما قبع امامهم في السجن سنين طوال والمسلمون بكلا طرفيهم عنه يغفلون!!. القصور والتقصير موجودان لا محالة من الطرفين، ويجب ان يصحح المسار وتتنور الافهام وتتحد المساعي والجهود من اجل اخراج المندسين في الجسد الاسلامي المنهك والمتهالك لا لاجل الحفاظ على عقيدة معينة بل للحفاظ على بيضة الاسلام. ولنصم اسماعنا عن كل الاصوات الناعقة من هنا وهناك ونطبق اجفاننا عن كل الافعال السيئة التي لا تصدر من الشيعي الحقيقي او السني الحقيقي ولنكون معا من اجل افراغ الشوائب التي صارت تملأ الجسد الاسلامي بلى، قد وقع الخلاف الفكري والعقائدي لا في الامامة فقط بل حتى في صفاة الرسول بل اكثر فان صفاة الاله قد تختلف من عقيدة لاخرى، بيد اننا يجب ان نحدد مسار اعمالنا، وهل ذاك الطرف يريد هداية الطرف الاخر، وهذا ان دل على شيء انما يدل على الترابط والتاخي ووجود اواصر المحبة وان نقصت، فمن احب شخصا اراد هدايته والا فلا. واما ان يقال ان ذاك الطرف قد قرر انهاء الطرف الاخر وازاحتهم او اخضاعهم بالقوة لاسباب عقائدية او ربما سياسية كما هو الاصح، فذاك كلام اخر وموضوع اخر يحتاج الى تحكيم: القران اولا والسنة ثانيا والعقلاء ثالثا، لا ان نحكم الولايات المتحدة وجيشها كما حدث واستعان به بعض (الشيعة) في العراق او بعض اصوات المعارضة في سوريا الان، او الاتحاد الاوربي كما حدث في ليبيا وان اختلفت الاخيرة في عدم وجود (الشنة والشيعة) الا النادر. ولابد من ان نحاول جاهدين للعيش السلمي عسى ان تكون المعايشة والمعاشرة السلمية بين العقيدتين صراع سلمي تكاملي يتمخض عن تلاقح الافكار وتكاملها وهداية الضال ونصرة الحق والحق يعلو ولا يعلى عليهم فمهما كان او يكون فان الهنا واحد ومحمدنا واحد وعلينا ايضا واحد بمعنى حب اهل البيت واللعنة على مبغضيهم من الشنة والسيعة...