(يا بني: اقبل وصيتي، واحفظ مقالتي، فإنك إن حفظتها تعش سعيداً، وتمت حميداً.
يا بني: إنه من رضي بما قسم له استغنى، ومن مد عينه إلى ما في يد غيره مات فقيراً، ومن لم يرض بما قسم الله عز وجل اتهم الله في قضائه، ومن استصغر زلة نفسه استعظم زلة غيره، ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه.
يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته، ومن سل سيف البغي قتل به، ومن احتفر لأخيه بئرا سقط فيها، ومن داخل السفهاء حقّر، ومن خالط العلماء وقّر، ومن دخل مداخل السوء اتهم.
يا بني: اياك ان تزري بالرجال فيزرى بك، واياك والدخول فيما لا يعنيك فتذل لذلك.
يا بني: قل الحق لك أو عليك تستشان، من بين أقرانك.
يا بني: كن لكتاب الله تالياً، وللسلام فاشياً، وبالمعروف آمراً، وعن المنكر ناهياً، ولمن قطعك واصلاً، ولمن سكت عنك مبتدئاً، ولمن سألك معطياً وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال، واياك والتعرض لعيوب الناس، فمنزلة المتعرض لعيوب الناس بمنزلة الهدف.
يا بني: إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولاً، وللأصول فروعاً، وللفروع ثمراً، ولا يطيب ثمر إلا بفرع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل ثابت إلا بمعدن طيب.
يا بني : إذا زرت فزر الأخيار ولا تزر الفجار، فإنهم صخرة لا ينفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وارض لا يظهر عشبها).
قال علي بن موسى: فما ترك أبي هذه الوصية إلى أن مات.