م / اولى ليالي الطوفان
اخذت خطوات نوح تتسارع جيئة وذهابا في اروقة الفلك الذي صنعه وذلك في الليلة الاولى لاغلاق الله الباب عليه وبدء التدفق العظيم للمياه من طاقات الارض والسماء وكل ما كان يجول بخاطره هو ان كان قد صنع كل شيء بطريقة مثالية ومناسبة لهكذا موقف وبحسب ارادة الخالق الذي امره بدخول السفينة مع افراد اسرته وانواع الحيوانات --- وان كان بالامكان افضل مما كان – وتبادرت اسئلة كثيرة ان كان طعامه وطعام حيواناته يكفي ان طالت مدة بقائهم داخل الفلك --- وراحت نظراته العطوفه تتركز على ابنائه وعائلته وهم يعتريهم الخوف والقلق من المجهول – ومما ينتظرهم في قادم الايام – ولكنه كان يختلف في شيء واحد وهوثقته العمياء بكلام الرب الاله وطاعته حتى وان بدى الامر غير معقول او مصدق للاخرين --- وارادته التي طيعها وحولها اداة لله الخالق --- وزينت عقله رغم كل شيء طاقة ايجابية من النور والتفاؤل قلما تجد انسانا في ذاك الزمان او في وقتنا الحالي يمكن ان يتحلى بها – فتح له هذا الاختبار العجيب افاقا جديدة وعالما جديد يتماشى وخطة الرب – وجعله يبدأ من حيث البركة ووسط العناية الالهية الفائقة بعدما كان وسط بشر متمردين خطائين لابعد الحدود بل تخطوا كل الحدود --- تلك الليلة الاولى بكل صعوباتها واثارها كانت بداية التطهير والتجديد --- ومرحلة من اهم مراحل التخطي الكامل للماضي المؤلم والموحش الى حاضر ملؤه السلام والراحة .
قدم لنا الله الاب صورة حية لما ينوي فعله في اواخر الزمان حين وضع سفينة جديدة لكل من يرغب الدخول الامن الا وهي رب المجد ( يسوع المسيح ) بدمه وصليبه وقيامته – لكل من اراد الحياة الابدية ان يؤمن بعمله وتضحيته على الصليب ليكون بمأمن من الطوفان الجديد ونهاية كل شيء – وفي موعد يعينه الاب ويغلق به باب الرحمه المفتوح منذ الفي عام كما اغلق الباب على نوح بحسب ما يحدثنا الكتاب المقدس .
وقدم لنا مثالا عن نوح الذي كان بارا بعيني الرب كيف جعله وعائلته خارج الدينونه – كما ان المسيح سيحمل كنيسته خارج الدينونه ايظا --- ومثالا عن الغراب الذي ارسله نوح ليتقصى الارض فذهب وما عاد ابدا كما ان الخطيئة تذهب في يوم الرب وما تعود ابدا – والحمامة التي ارسلها وعادت له بغصن الزيتون هي الروح القدس الذي ارسل الى العالم وعاد بالسلام والفرح وخلاص النفوس --- وكيف ان السفينة قد رست فوق قمة جبل وهي اشارة لرسو الكنيسة ومختاريها في السماء لحياة جديدة بعد الطوفان الاخير وهوتعبير رمزي لان الدينونة الاخيرة ليست بالماء بل بالنار كما يخبرنا الكتاب –
انها صورة من صور انجيل المخلص التي يعج بها العهد القديم ولا يخلو منها اي سفر ورغم ذاك رفضه الرافضون ولازالوا كما رفض البشر وقت الطوفان تحذيرات الله --- يسخر الان الملايين من رسالة الخلاص ويعاندوها – ويحاربوها ايظا وتزداد ضراوة الانكار يوما بعد اخر – ولكن المؤمنين لهم الوعد كما قطع الله عهده مع نوح بعلامة قوس قزح في السماء هكذا يقطعه الان مع ابنائه بعلامة الصليب –
نحن نعلم اليوم كما يعلم الكثير من منتظري الرب اننا في الليلة الاولى للطوفان وانه قادم لامحالة – لتكن نعمة ربنا وخلاصه مع الجميع في هذه الاوقات وليحفظ كل انسان مؤمن في قلبه مهابة وفرح ذاك اليوم لان الله سيغلق الباب على ابنائه قبل بدء الدينونة الاخيرة ولنكن جميعا كنوح وابنائه في تلك الثقة والرغبة الشديدة بالطاعة والمحبة دائما وابد