مللنا وما مل العدو المغاضب |
ولنا وما لان الزمان المشاغب |
يعاجلنا ما لا نريد من الأذى |
ويبطئ من آمالنا ما نراقب |
حملنا قلوباً يعصف الدهر حولها |
وتهفو بها أحداثه والنوائب |
نريد سبيل الأمن والأرض كلها |
مشارقها مذعورة ٌ والمغارب |
تثور شعور العالمين وينطوي |
على الذل شعبٌ في السكينة راغب |
رمينا بأقوامٍ مراضٍ قلوبهم |
يسوموننا ما لا يسام المحارب |
فلا الدم ممنوعٌ ولا العرض سالمٌ |
ولا العسف محظورٌ ولا الرفق واجب |
يقاد إلى الهيجاء من لا يريدها |
فيمشي إليها وهو طيان ساغب |
أطاع العدى لا أنه خان قومه |
ولكنما ضاقت عليه المذاهب |
همو سلبوه المال والآل واحتووا |
من الحب والأنعام ما هو كاسب |
فأصبح لا يدري أفي الأرض مذهبٌ |
أم انطبقت أطرافها والمناكب |
تطوع يلقى الموت لا من شجاعة ٍ |
ولكنه من خيفة الموت هارب |
رماه من الجوع المبرح مقنبٌ |
تدين له الهيجا وتعنو المقانب |
إذا كر لاقته الأسنة خضعاً |
وجاءته في زي العصي القواضب |
وإن بلاداً سامها الضيم أهلها |
لأجدر أن يقضي عليها الأجانب |
يصيبون منها كل يومٍ فريسة ً |
تمزقها أنيابهم والمخالب |
أسودٌ على المستضعفين ثعالبٌ |
تروغ إذا هب القوي الموائب |
سئمنا حياة الذل والذل مركبٌ |
يساير فيه الموت من هو راكب |
نريد فيأبى الظالمون ونشتكي |
فيحجبنا منهم عن العدل حاجب |
دهانا من الأقوام ما لو دها الصفا |
لفاضت دماً عن جانبيه المذانب |
ولو أن بالشم الشوامخ ما بنا |
لما ثبتت منها الذرى والجوانب |
أما تحسن الأيام صنعاً بأمة ٍ |
أساءت بها الصنع الليالي الذواهب |
صبرنا وهذا منتهى الصبر كله |
فأين أمانينا وأين المآرب |
فلا مجد للأوطان حتى يزورها |
كتائب تزجيها لقومي كتائب |
إيهٍ بني مصر جاز الأمر غايته |
وذاع سر الليالي بعد كتمان |
دعوا اللجاج وسدوا كل منفرجٍ |
وأجمعوا الرأي من شيبٍ وشبان |
هل تحملون لمصرٍ في جوانحكم |
إلا براكين أحقادٍ وأضغان |
يطغى السباب حواليها ليطفئها |
وما يزيد لظاها غير طغيان |
يا قومنا هل رأيتم قبل محنتكم |
من قام يطفئ نيراناً بنيران |
من لي بكل حثيث المد مطردٍ |
وكل مندفق الشؤبوب هتان |
لو عظموا حرمات النيل ما اضطرمت |
أحقاد قلبٍ بماء النيل ريان |
لا مطلب اليوم إلا الحق نكبره |
عن أن يهون وأن يرمى بنقصان |
قالوا خذوه نجوماً فهو مدخرٌ |
في مخلب الليث يحميه لإبان |
الله أكبر جد اللاعبون بنا |
وأعمل الذم فينا كل طعان |
أما يرون بوادينا سوى نعمٍ |
ولا يصيبون منا غير قطعان |
سيكشف الجد عنهم كل غاشية ٍ |
ويوقظ الحق منهم كل وسنان |
ضموا القلوب شباب النيل واعتزموا |
لا يشمتن بكم ذو البغضة الشاني |
ظن الظنون بكم من ليس يعرفكم |
والأمر ذو صورٍ شتى وألوان |
أين العقول بنور الله مشرقة ً |
أين الذخائر من علمٍ وعرفان |
أين الضمائر والأخلاق طاهرة ً |
أين المواقف تشفي كل حران |
مصر الفتية إن هاجت حميتكم |
كنتم لها خير أنصارٍ وأعوان |
الهادمون كثيرٌ بين أظهركم |
شدوا البناء وصونوا حرمة الباني |
أما تسيل نفوسٌ ريع جانبها |
على جوانب تبكيه وأركان |
مد اليمين إليكم يستغيث بكم |
هبوا سراعاً ومدوه بأيمان |
أإن طوى العيش آثرتم لأنفسكم |
ما آثر اليوم من قبرٍ وأكفان |
أعيذكم من وفاءٍ راح ينكره |
ما في الجوانح من صبرٍ وسلوان |
خذوا السبيل إلى العلياء واستبقوا |
للمجد في كل مستن وميدان |
أدعوة الحق أولى أن يصاخ لها |
أم دعوة ٌ خرجت من جوف شيطان |
اليوم آذن بالآيات مرسلها |
ماذا ترجون منه بعد إيذان |
إن تعلق اليوم بالأعناق بيعته |
يعلق بكل وريدٍ ناب ثعبان |
لو كنت حاشاي ممن راح يحملها |
طارت بها الريح فوضى منذ أزمان |
ترب الإساءة لم يحمل لأمته |
غير العقوق ولم يهمم بإحسان |
جم الأراجيح للأقوام ينصبها |
يظن أحلامهم أحلام صبيان |
من يغلب الله أو يرمي خلائفه |
في العالمين بكيدٍ أو بخذلان |
الرافعين لواء الحق مذ عرفوا |
من كل راضٍ لوجه الله غضبان |
المانعين حمى مصرٍ إذا فزعت |
واستصرخت من بنيها كل غيران |
من كل متلف مالٍ غير ذي أسفٍ |
وكل باذل نفسٍ غير منان |
عزت بهم أمة ٌ عزت بما ملكت |
في قوة الحق من عزٍ وسلطان |
نأبى المناصب إلا في جوانحها |
ينصها كل ذي لبٍ ووجدان |
ونزدري المال إلا أن تفيض به |
دقات قلبٍ بنجوى الحب رنان |
قياصر الحق نستولي على سررٍ |
من الجلال ونستعلي بتيجان |
لا نبتغي غير دنيا الأنبياء ولا |
نرضى سوى الله من ربٍ لنا ثان |
لنا على كل قومٍ يوزنون بنا |
ملء الموازين من فضلٍ ورجحان |
لم يؤثر الخطة المثلى طواعية ً |
لله من راح يرمينا بعصيان |
ردوا المغير حماة الحي واحترسوا |
إن السراحين تخشى كل يقظان |
ولك ضيعة غالٍ حادثٌ جللٌ |
ولا كضيعة أقوامٍ وأوطان |
جدوا إلى الغاية القصوى ولا تهنوا |
إن الرجال أولو جدٍ وإمعان |
دعوا المضاجع إن الرابضين لكم |
ملء المراصد من إنسٍ وجنان |
لا يسكنون إذا نفس امرئٍ سكنت |
ولا يمر الكرى منهم بأجفان |
إن يبصروا غرة ً لا يجدلكم فزعٌ |
هل يرجع الأمر أعيا بعد إمكان |
الله من حولكم يحمي جوانبكم |
فجاهدوا لا تخافوا كيد إنسان |