عندنا أشياء في الدين حدية، وعندنا أشياء نسبية، فتركُ المحرمات حديٌّ، لا تفاوت في ذلك ولا تفاضل، كما أن عندنا في اللغة العربية أفعالا لا تقبل التفاوت، كفعل ( مات )، لا تقل: فلان أموت من فلان، الموت حدي، له حالة واحدة، ومن لم يمت بالسيف مات بغيره، تنوعت الأسباب والموت واحد، فهناك أفعال لا تقبل التفاوت بل هي حدية، وهناك أفعال تقبل التفاوت، تقول: أنا أكثر منك مالاً، المال نسبي يزيد وينقص، فالاستقامة ما فيها تفاوت، الاستقامة حدية، فالذي نهانا عنه النبي عليه الصلاة والسلام يجب أن ننتهي عنه كلياً.
ا.د محمد راتب النابلسي
﴿ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا (110) ﴾
( سورة الكهف)
إذاً: لو قلت: إن الشمس ساطعة، ويا لها من شمس ساطعة، وأنت في أمسِّ الحاجة إلى ضوء الشمس، ولم تتعرض لأشعة الشمس، وأنت تعاني من مرض جلدي، وعلاجه الوحيد التعرض إلى أشعة الشمس، فمهما تحدثتَ عن أشعة الشمس، مهما أثنيتَ على أشعة الشمس، مهما بينتَ فائدة أشعة الشمس، وأنت قابع في غرفة مظلمة فهذا الكلام لا قيمة له إطلاقاً ما لم تتحرك نحو أشعة الشمس.
كلمة ( عبد ) تجمع على جمعين، هناك عبد جمعه عبيد، وعبد جمعه عباد، والفرق كبير بين العبيد والعباد، العبد عبد القهر يجمع على عبيد، وعبد الشكر يجمع على عباد، قال تعالى:
﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾
( سورة الحجر: 42)
أ.د . محمد راتب النابلسي
((وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ))
معنى ذلك أن العلاقة مع الله واضحة، الله عز وجل يحب من يتقرب إليه، وأحياناً يكون التعامل مع جهة صعب جداً، جهة مزاجية، ليس لها قاعدة تضبط تعاملها مع الآخرين، التعامل مع إنسان مزاجي صعب جداً، لكن التعامل مع رب العالمين سهل جداً، الله يحب الصادقين، يحب المتوكلين، يحب التائبين، وهناك عدد من الآيات تثبت هذا:
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) ﴾
( سورة آل عمران)
﴿ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) ﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) ﴾
(سورة البقرة)
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ (222) ﴾
(سورة البقرة)
أ.د . محمد راتب النابلسي
إن من فاق الناس بنفسه الكبيرة كانت عظمته في أن يفوق نفسه الكبيرة؛ إن الشيء النهائي لا يوجد إلا في الصغائر والشر، أما الخير والكمال وعظائم النفس والجمال الأسنى، فهذه حقائق أزلية وجدت لنفسها؛ كالهواء يتنفسه كل الأحياء على هذه الأرض ولا ينتهي، ولا يعرف أين ينتهي؛ وكما ينبعث النور من الشمس والكواكب إلى هذه الأرض يشبه أن تكون تلك الصفات منبعثة إلى النفوس من أنوار الملائكة، وبهذا كان أكبر الناس حظا منهم هم الأنبياء المتصلين بتلك الأنوار.
د . مصطفى الرافعي
مما راقني واحببت ان تشاركوني فيه القراءة