مخاطر كثيرة تهدد أضخم رصيد من الوثائق في العالم العربي
تحتكر مكتبات عائلية في موريتانيا مخطوطات نادرة وكتباً مهمة من مختلف فنون العلم والمعرفة، ويجهل أغلب ملاك هذه المخطوطات النادرة قيمتها وأهميتها، ويرفضون عرضها على الباحثين، ويحتفظون بها بطريقة بدائية، مما يجعلها عرضة للتلف والضياع. ورغم أن رصيد موريتانيا من المخطوطات يعتبر الأضخم في العالم العربي لكنه الأقل انتشاراً وشهرة، كما أنه لا يحظى بالاهتمام والعناية، وتتهدده مخاطر كثيرة مثل الإهمال والتلف والحرق واستئثار بعض العائلات به.
ولعل استئثار عدد من المكتبات الأهلية بالمخطوطات والكتب النفيسة وعدم التعريف بها ومنع الباحثين من الاستفادة منها أخطر ما تواجهه هذه المخطوطات التي تبقى مجهولة ومغمورة في بيوت أحفاد العلماء، كما أنه يهدد وينسف الجهود والمشاريع التي أطلقها عدد من الباحثين لإعادة اكتشاف المخطوطات ونفض الغبار عنها.
مخطوطات أصلية نادرة
يصعب الوصول إلى معلومات دقيقة عن مخطوطات المكتبات العائلية، فالباحثون والمترجمون يؤكدون أن أغلب هذه المكتبات تغلق أبوابها أمامهم وتمنعهم من الاستفادة من هذا الكنز العلمي، ويطلق الباحثون المتخصصون من حين لآخر نداءات استغاثة لإنقاذ هذه المخطوطات من التلف والإهمال والظروف الحياتية القاسية في الصحراء، كما يحاولون إقناع الملاك الأصليين وورثتهم بعرض المخطوطات وعدم الاستئثار بها.
وحسب الدراسات التي أجريت فإن المكتبات العائلية بموريتانيا تحتوي على مخطوطات أصلية نادرة تهتم بالفقه والتفسير والنحو والبلاغة والتاريخ والطب والعقيدة والأدب والفلسفة، وتغطي المخطوطات الموجودة في موريتانيا والتي يقدر الباحثون عددها بأكثر من 40 ألف مخطوط فترة زمنية تمتد من القرن 3هـ إلى القرن 14هـ.
وتحتفظ أغلب العائلات الموريتانية بالمخطوطات في القرى الصحراوية البعيدة بطريقة بدائية لا تحترم قواعد حفظ المخطوطات. ويؤكد الباحث سيدي محمد ولد العربي وجود مخطوطات نادرة في موريتانيا مهدّدة بالتلف وممنوعة من أيدي الباحثين، بعضها مهمل مكتبات المدن التاريخية وأخرى تملكها العائلات الموريتانية وتتوارثها من جيل لآخر تشكو الإهمال والأيدي العابثة وجهل الباحثين والقراء بقيمتها وأهميتها.
ويضيف أن أغلب المخطوطات الموريتانية لا تزال حبيسة بيوت أحفاد العلماء والمشايخ يحتفظون بها ويرفضون عرضها في المعارض أو إطلاع الباحثين عليها، فمالكو المخطوطات يعتبرونها ملكية خاصة ولا يأبهون لقيمتها التاريخية والعلمية والحضارية. ويحمل الباحث الجهات الرسمية مسؤولية إهمال المخطوطات النادرة في موريتانيا، ويعتبر أن منع اندثار هذه المدخرات المغمورة والمبثوثة في كثير من زوايا البيوت يرتبط بتوعية العائلات التي تحتفظ بالمخطوطات بأهميتها وتدريبهم على حمايتها ونفض غبار الإهمال والجفاء عنها، وتحسيسهم بأهمية عرضها وتسهيل اطلاع الباحثين عليها.
ويقوم الباحثون بجهود حثيثة لبعث الحياة بالمخطوطات التي تسمح لهم بعض العوائل بالاطلاع عليها، كمعالجتها وتنظيفها من الحشرات والفطريات والغبار وتصويرها على شرائط ميكروفيلم