(البنت والذبابة)
يُحكى أن بنتاً صغيرةً كانتْ تعملُ في بيتِ القاضي
تنظِّفُ الأرضَ وتطهو الطعامَ
وعندما انتهتْ ذاتَ يومٍ من عملها أعطاها القاضي ليرةً
ومع أن الأجرَ كان قليلاً، فقد أخذتْها وانصرفتفي المنزلِ، قالتْ البنتُ لأُمِّها: القاضي أعطاني ليرةًقالتِ الأمُّ: تستحقينَ أكثرَ من ذلكقالتِ البنتُ: ولكنِّي ذهبتُ إلى الدكانِ واشتريتُ دبساحسناً فعلتِوقد وضعتُ إناءَ الدبسِ في الشبَّاكِبنتٌ مدبرةٌوقد غطيّتُ الدبسَ بالغربالِ حتى لا تأكلُهُ الذبابة
خيراً صنعت
نامتِ البنتُ تلك الليلةَ نوماً هنيئاً، وفي الصباحِ نهضتْ وغسلتْ وجهَهَا ويدهاوجلستْ جانبَ الجدارِ تستمتعُ بأشعَّةِ الشمسِ. لكنَّها بعد ساعةٍ أحسّتْ بالجوعِفنادتْ أُمَّها وقالتْ: أنا جائعةٌ يا أُمي. سأحضرُ الخبزَ والدبسَ لنتناولَ الفطورَمضتِ البنتُ إلى الشبَّاكِ، ورفعتْ الغربالَ عن الوعاءِ فوجدتِ الذبابةَقد دخلتْ من ثقب الغربالِ، وأكلتِ الدبسَفحزنتْ وقالتْ لأُمها: الذبابةُ أكلتِ الدبسَقالت الأمُّ: ظالمةٌ معتديةٌسأذهبُ وأشكوها إلى القاضيحقَّكِ تطلبينوانطلقتِ البنتُ إلى المحكمةِ وقالتْ للقاضي: أنتَ تعلمُ أنني بنتٌ صغيرةٌقالَ القاضي: ستكبرينوأسكنُ مع أُمي بيتاً من طينٍأنتِ وأُمكِ بالقليلِ تقنعينِواشتريتُ بليرةٍ دبساً للفطورِحلواً تأكلينثم وضعتُهُ في إناءٍ ووضعتُ الإناءَ في الشباك وغطيتُهُ بالغربالِنِعْمَ ما تدبّرين
في الصباحِ أحسستُ بالجوعدبساً تُحضرينلكنني وجدتُ الذبابةَ قد التهمتِ الدبسمعتديةٌ وظالمةٌ تأكلُ حقَّ الآخرينلذلكِ جئتُ أطلبُ إنزالَ العقابَ بالذبابفكَّرَ القاضي طويلاً... إنها مسألةٌ صعبةٌ... ثم أمسك القلمَوأخذ ينظرُ في الأوراقِ، وبعد فترةٍ من التفكيرِ قالَ: يا بنتُ يا صغيرةُأجلْ يا قاضيَ البلدِإنْ رأيتِ ذبابةً فاقتليهاانزعجتِ البنتُ من هذا الحكمِ الذي لا يؤذي الذبابةَ ولا يُرجع لها الحلاوةَ، فظلّتْ واقفةًأمامَ القاضي. تنظرُ إلى ملامحهِ الجادَّةِ الجامدةِ، فرأتْ ذبابةً تحطُّ على أَنفهِ مندون أن يتحرَّك... عندئذٍ قرَّرتْ تنفيذَ الحكمِ في الحالِ، فأمسكتْ منديلهاوضربتْ به الذبابة. فانتفضَ القاضي مذعوراً، ونَهَرَها قائلاً: ماذا فعلتِ يا بنتُ يا صغيرةفردَّتْ مبتسمةً: نفذتُ حكمَكَ، وقتلتُ الذبابة
*
*
*
*
تحياتي
منقوله.......