الملائكة .....
الإيمان بها واجب و تعد من المخلوقات التي تجهلها و هي فيما وراء الطبيعة التي نعرفها نحن
فما هي حقيقة الملائكة ، و ما هي أوصافهم ؟
الاجابة للشيخ صالح الكرباسي
الملائكة جَمعُ مَلَكْ ، و هم صنفٌ من خلق اللّه جَلَّ جَلالُه ، و معلوماتنا عنهم محدودة جداً ، و ذلك لأن عالمَ الملائكة ليس عالَماً محسوساً و مشهوداً بالنسبة إلينا ، فلا طريق لنا إلى معرفة عالمهم أو معرفة خصوصياتهم إلاّ بواسطة القرآن الكريم أو الأحاديث المروية عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) و الأئمة من أهل بيته ( عليهم السلام ) ، فمعلوماتنا تقتصر على ما وَرَدَ بيانه في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ، و إن كثيراً مما رُوِيَ في صفات الملائكة لا تستوعبها عقولنا ، ذلك لأنها خارجة عن مقاييسنا الدنيوية ، و لجهلنا بحقيقة هذا الخَلق العظيم ، فعلينا أن نتعبَّد في قبولنا لتلك المعلومات كما وردتنا .
الملائكة كما وصفهم القرآن الكريم :
وصف الله عَزَّ و جَلَّ الملائكة بأنهم خَلْقٌ من مخلوقاته جَلَّ جَلالُه ، و هم ذو إرادة و عقل و أجنحة و حياة و موت ، و هم عبادٌ لله يعبدونه و يعملون بأمره و لا يعصونه ، و ليست لهم نفس أمّارة بالسوء ، و هم على درجات من الفضل فمنهم الروح الأمين ، و روح القدس ، و منهم الملكان اللذان يسجّلان عمل الإنسان ، و منهم ملك الموت و أعوانه و غيرهم من الملائكة .
هذا و يختار اللّه من الملائكة رسلاً لتبليغ الوحي و إنزال المقدّرات في ليلة القدر ، و يحشرون يوم القيامة ، و يقومون بما يأمرهم اللّه به و لا يعصونه .
و قَدْ يتمثّل الملائكة أحياناً بصورة إنسان عند أداء واجبهم ، و يختار اللّه منهم رسله لتبليغ رسالة الله جَلَّت قدرته .
و قد أخبر الله جَلَّ جَلالُه عن بعض صفاتهم و أشار إلى بعض خصوصياتهم في آيات من كتابه الكريم ،
نذكر منها ما يلي :
• ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [1] .
• ﴿ وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ﴾ [2] .
• ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [3] .
• ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾ [4] .
• ﴿ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ﴾ [5] .
• ﴿ لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [6] .
• ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمَلآئِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [7] .
• ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلاَئِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاء وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ ﴾ [8] .
• ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ ﴾ [9] .
• ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [10] .
• ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [11] .
• ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [12] .
• ﴿ قُلْ مَن كَانَ عَدُوًّا لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللّهِ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * مَن كَانَ عَدُوًّا لِّلّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ﴾ [13] .
الملائكة في وصف علي ( عليه السَّلام ) :
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السَّلام ) و هو يتحدَّث عن خلق الملائكة :
" ثُمَّ فَتَقَ مَا بَيْنَ السَّمَوَاتِ الْعُلَا فَمَلَأَهُنَّ أَطْوَاراً مِنْ مَلَائِكَتِهِ ، مِنْهُمْ سُجُودٌ لَا يَرْكَعُونَ ، وَ رُكُوعٌ لَا يَنْتَصِبُونَ ، وَ صَافُّونَ لَا يَتَزَايَلُونَ ، وَ مُسَبِّحُونَ لَا يَسْأَمُونَ ، لَا يَغْشَاهُمْ نَوْمُ الْعُيُونِ ، وَ لَا سَهْوُ الْعُقُولِ ، وَ لَا فَتْرَةُ الْأَبْدَانِ ، وَ لَا غَفْلَةُ النِّسْيَانِ ، وَ مِنْهُمْ أُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ ، وَ أَلْسِنَةٌ إِلَى رُسُلِهِ ، وَ مُخْتَلِفُونَ بِقَضَائِهِ وَ أَمْرِهِ ، وَ مِنْهُمُ الْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ وَ السَّدَنَةُ لِأَبْوَابِ جِنَانِهِ ، وَ مِنْهُمُ الثَّابِتَةُ فِي الْأَرَضِينَ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ ، وَ الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ ، وَ الْخَارِجَةُ مِنَ الْأَقْطَارِ أَرْكَانُهُمْ ، وَ الْمُنَاسِبَةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ ، نَاكِسَةٌ دُونَهُ أَبْصَارُهُمْ ، مُتَلَفِّعُونَ تَحْتَهُ بِأَجْنِحَتِهِمْ ، مَضْرُوبَةٌ بَيْنَهُمْ وَ بَيْنَ مَنْ دُونَهُمْ حُجُبُ الْعِزَّةِ وَ أَسْتَارُ الْقُدْرَةِ ، لَا يَتَوَهَّمُونَ رَبَّهُمْ بِالتَّصْوِيرِ ، وَ لَا يُجْرُونَ عَلَيْهِ صِفَاتِ الْمَصْنُوعِينَ ، وَ لَا يَحُدُّونَهُ بِالْأَمَاكِنِ ، وَ لَا يُشِيرُونَ إِلَيْهِ بِالنَّظَائِرِ " [14] .
أقسام الملائكة :
قال العلامة المحقق السيد مرتضى العسكري : إنّ الامام ـ أمير المؤمنين ـ ( عليه السَّلام ) جعل الملائكة
أربعة أقسام :
الاوّل : أرباب العبادة ، و منهم الراكع ، و الساجد ، و الصافّ ، و المسبّح ، و قوله " صافّون " أي قائمون صفوفا ، ـ و قوله ـ لا يتزايلون أي لا يتفارقون .
و القسم الثاني : الامناء على وحي اللّه لانبيائه ، و الالسنة الناطقة في أفواه رسله ، و المختلفون بالاقضية إلى العباد : بهم يقضي اللّه على من شاء بما شاء .
و القسم الثالث : حفظة العباد ، كأنهم قوى مودعة في أبدان البشر و نفوسهم ، يحفظ اللّه الموصولين بها من المهالك و المعاطب ، و لولا ذلك لكان العطب ألصق بالانسان من السلامة ، و منهم سدنة الجنان ، جمع سادن ، و هو الخادم ، و الخادم يحفظ ما عهد إليه و أقيم على خدمته .
و القسم الرابع : حملة العرش ، و لعلّهم هم المأمورون بتدبير أمر العالم من إنزال المطر و إنبات النبات و أمثالها ممّا يتعلّق بربوبيّة ربّ العالمين لعوالم المخلوقات [15] .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 1 ، الصفحة : 359 .
[2] القران الكريم : سورة الزخرف ( 43 ) ، الآية : 19 ، الصفحة : 490 .
[3] القران الكريم : سورة المعارج ( 70 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 568 .
[4] القران الكريم : سورة النبأ ( 78 ) ، الآية : 38 ، الصفحة : 583 .
[5] القران الكريم : سورة القدر ( 97 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 598 .
[6] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 177 ، الصفحة : 27 .
[7] القران الكريم : سورة الأنفال ( 8 ) ، الآية : 50 ، الصفحة : 183 .
[8] القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 13 ، الصفحة : 250 .
[9] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 267 .
[10] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 28 ، الصفحة : 270 .
[11] القران الكريم : سورة النحل ( 16 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 270 .
[12] القران الكريم : سورة الحج ( 22 ) ، الآية : 75 ، الصفحة : 341 .
[13] القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 97 و 98 ، الصفحة : 15 .
[14] نهج البلاغة : 41 ، طبعة صبحي الصالح .