معامل «موطا» في بغداد تستخدم الحليب الفاسد وتخفي رائحة العفن بـ «المطيبات»
بغداد – مصطفى ناصر
أكد عاملون في معامل مرطبات ببغداد، أنهم "يرغمون على استخدام حليب فاسد، منتهي الصلاحية، ولا يصلح للاستهلاك البشري"، في صناعة المرطبات (الموطا)، إذ يتم استخدام "مطيبات ونكهات واصباغ وفانيلا" لاخفاء رائحة الحليب وعيوب الطعم، فيما كشفوا أن "منازل في مناطق الصدرية والكفاح ببغداد تتخذ كمصانع تنتجح أنواعا مختلفة من المرطبات بعيدا عن عيون الجهات المختصة التي لم تعد تمارس رقابة تذكر على هذا النوع من الأعمال".
وقال أحد العاملين في معمل خاص لإنتاج المرطبات ببغداد، لـ "العالم"، إن "أصحاب هذه المعامل، يستخدمون الحليب الفاسد في انتاج المرطبات"، موضحا أنه "بمجرد ان نخلط هذا الحليب بالماء الحار في برميل الماكنة تفوح رائحة العفن، لكن ما يخفيها هو المطيبات والنكهات".
وأضاف "يتم اللجوء للحليب المنتهي الصلاحية لكسب مادي اكبر، اذ ان سعر كيس حليب (المدهش) 3500 دينار، في حين ان سعر الكيس المنتهي الصلاحية 750 دينار"، مشيرا إلى أن "الأجهزة الرقابية المعنية في السابق كانت تفرض غرامات على المخالفين"، موضحا أن "إجازة هذا النوع من المعامل يجب أن تجدد شهريا، وهو ما لم يحدث منذ سنوات".
وتابع "يجب ان لا يحصل أي صدأ في المكائن والمخازن والبرادات والاوعية، لانها قد تتحول الى مواد مسرطنة، لكن هناك مكائن تعرضت الى الصدأ لانها قديمة للغاية"، مؤكدا أن "هناك معملا افتتح واصدر اجازته في عام 2008 بمكائن قديمة ومستعملة ومتروكة، وكل المكائن المتروكة تتعرض الى الصدأ، لكن تم منحه اجازة بالرغم من كشف اللجان الرقابية على المكائن ومكان المعمل".
وزاد "الان هناك معامل ومحال تفتح دون اجازات اصلا، بل يتم زيارتها من قبل لجان التفتيش لاخذ الرشوة فقط، وليس لمتابعة اجازتهم او معايير عملهم".
وذكر العامل أن "هناك معامل مرطبات منزلية تنتشر في المناطق الشعبية عادة، على سبيل المثال هناك منازل في الصدرية والكفاح تقوم بانتاج المرطبات التقليدية وهي عبارة عن لبن مجمد او عصائر بمواد حافظة والوان ربما غير صحية مجمدة تسمى باللغة الدارجة (ابو الجيس) يشتريها الصغار دون ان تكون هناك ادنى رقابة او مساءلة صحية".
ومضى يقول "صحيح انها ليست واسعة الانتشار لكنها بالنتيجة ربما تعرض صحة الصغار للخطر، لا سيما وانها مناطق يسكنها محدودو الدخل، فيقبل أطفالهم على هذه المنتجات لقلة كلفتها اذ ان سعر الكيس الواحد 250 دينارا فقط".
من جهته، قال فؤاد عوني، وهو عضو إحدى اللجان التفتيشية المسؤولة عن متابعة معامل المرطبات في بغداد "لا يمكن السيطرة على الفساد وتعاطي الرشى لان ذلك مرتبط بالوزارة نفسها"، موضحا أن "وزارة الصحة لم تغلق معملا او محلا واحدا لإنتاج وبيع المرطبات في بغداد منذ عام 2008 وحتى الان".
وأضاف "المواطنون لا يملكون الوعي اللازم ليعزفوا عن المحال غير المجازة، لان من لا يجدد اجازته فانه يعمل خارج الضوابط وخلاف المعايير الصحية، وهذا ما لا يدركه المواطن".
وتابع عوني أن "المعايير الصحية المطلوبة تتمثل في نظافة المكان، وعدم خلط مواد حافظة، والاعتماد على الحليب المبستر غير المجفف، لكن بعد توقف شبه تام لمعمل ابو غريب وشحة الحليب المبستر صارت معامل المرطبات تتجه للحليب المجفف (ماركة المدهش) الذي كان يوزع للمواطنين مع الحصة التموينية"، موضحا "الان يستخدمون مختلف انواع الحليب المجفف الرديء وغير المطابق للمواصفات بل وغير الصالح للاستهلاك البشري وحتى الحيواني. ويتم استخدام مواد حافظة ونكهات مضرة بالصحة ومطيبات اخرى غير صحية".
ويؤكد عوني "كل ما يحدث في معامل الكبة وغيرها يحصل مع معامل المرطبات، اذ ان الفرق التفتيشية تقوم باخذ الرشى من اصحاب المعامل بين فترة واخرى وبالاتفاق مع كبار المسؤولين في الدوائر الصحية، وكل لجنة لها جولات اسبوعية على معامل المرطبات، ولديها ارتباط وثيق بأصحابها لابلاغهم باي جولة تفتيشية مفاجئة لاخفاء المواد الحافظة والممنوعة والاصباغ غير الصحية والحليب المنتهي الصلاحية".
ويقول مصدر في وزارة الصحة لـ "العالم" إن "العديد من اللجان الصحية الميدانية تحولت الى متاجرة بصحة وحياة المواطنين، واكاد اجزم ان معظم هذه اللجان لا تولي اي اهمية لصحة الانسان ولا للمعايير المطلوبة في الصحة العامة".
وأضاف أن "معامل المرطبات هي الاخرى شريكة في هذه الجريمة، لانها تدفع أي مبلغ تطلبه الفرق التفتيشية مقابل كتابة تقرير سليم عنها على الرغم من عدم امتلاكها اجازة عمل او ان عمالها لا يملكون اجازات صحية".
وكشف أن "دائرة الرقابة الصحية لا تمتلك اية احصائيات بشأن المعامل او المحال المخالفة للشروط والمعايير الصحية العامة، وهذا ما يفسر عدم اغلاق اي معمل مرطبات او غيره".
وزاد أن "تجديد الاجازة لا يكلف صاحب معمل المرطبات شيئا سوى المراجعات الادارية، والكشف عن صلاحية المكائن والبرادات، لكن بما ان معظم المعامل مكائنها مستهلكة وغير صالحة للاستعمال فانها تكتفي برشوة الفرق التفتيشية، وهذا يعفيها من الضرائب السنوية".