TODAY - 11 April, 2011
حاجز الدم - الدماغ.. ما دوره في حدوث الاضطرابات العصبية؟
يسمح بنفاذ مواد معينة دون أخرى
كمبردج ولاية ماساتشوستس الأميركية مايكل كريغ ميلر*
* ما حاجز الدم - الدماغ؟ لقد قرأت أن له دورا محتملا في الإصابة بالاضطرابات العصبية. هل هذا صحيح؟
* حاجز الدم - الدماغ blood-brain barrier الفاصل بين مجرى الدم والدماغ، هو تركيبة فسيولوجية تولد مع الإنسان. وهو يحمي الدماغ من تغلغل المواد التي يمكن أن تكون ضارة، الدائرة في مجرى الدم.
* ورغم أن كلمة «حاجز» قد تثير في الأذهان صورة لجدار فاصل مثل ذلك الذي يفصل بين ممرات الشوارع الكبرى، أو جدار حجري عال، فإن هذا الحاجز الموجود في الجسم، لا يكون في الواقع عصيا على النفاذ عبره.
ويتكون هذا الحاجز من جدار من خلايا متجمعة بعضها حول بعض بشكل محكم، يكون شبه عائق لنفاذ أي مواد، إلا أنه يمثل خطا للحدود أكثر من كونه حاجزا، لأنه يسمح لبعض المركبات بالنفاذ والعبور نحو الدماغ بينما يمنع مركبات أخرى.
* حدود الدماغ
* تم التعرف على الحدود التي يوجد ضمنها الدماغ قبل نحو قرن من الزمن، إلا أننا لم نعرف الكثير عنها أو عن وظائفها، إلا في عام 2000 أو نحوه.
في عام 1885 قدم الدكتور بول إهرليتش الباحث في علوم المناعة الذي حاز جائزة نوبل، واشتهر أكثر ما اشتهر باكتشافه علاجا مبكرا لمرض السفلس، أول دليل علمي على وجود نوع من العائق الموجود بين الدماغ وبين الدورة الدموية. وقد لاحظ أثناء تجاربه المختبرية على القوارض أن الأصباغ الذائبة في الماء التي تم حقنها في أطراف الحيوانات قد لونت بعض الأعضاء مثل الكليتين والقلب، لكنها لم تلون الدماغ.
ثم اكتشف أدوين غولدمان، وهو أحد طلاب الدكتور إهرليتش، في ما بعد أن الأصباغ التي حقنت مباشرة في سائل النخاع الشوكي لحيوانات الاختبار لونت خلايا الدماغ، إلا أنها لم تلون أيا من الأعضاء الأخرى للجسم. وطرح الدكتور هنريتش ماكس لواندوفسكي الباحث في علوم الأعصاب في دراسة قدمت عام 1900 مصطلح «bluthirnschranke» (وهي كلمة ألمانية تعني «حاجز الدم - الدماغ»).
* وظيفة الحاجز الدماغي
* ولكي نفهم وظائف هذا الحاجز، فإن من الأفضل البدء بفهم كل الدورة الدموية للجسم: تبطن كل الأوعية الدموية بطبقة من خلايا البطانة. وفي أغلب أجزاء الجسم تتجمع هذه الخلايا بشكل غير محكم ما يسمح للأدوية أو المواد الأخرى بالعبور من مجرى الدم نحو الأنسجة.
أما في الدماغ، فإن الأوعية الدموية تحتوي على خلايا البطانة التي تتجمع بشكل محكم، بحيث يتم تقوية مواقع تشعبها (مفاصلها) بشبكة من البروتينات التي تصنع جدارا بيولوجيا واقيا مضادا لجزيئات معينة. وإضافة إلى ذلك، فإن الخلايا النجمية astrocytes والخلايا العصبية الأخرى، تحيط بالأوعية الدموية في الدماغ في تشكيلة جوهرية لتكوين حاجز واق ثان.
وعموما، فإن المواد الذائبة في الدهون، التي تتكون من جزيئات صغيرة، هي وحدها التي تتمكن من اختراق حاجز الدم - الدماغ. وتضم هذه المركبات الكافيين، والنيكوتين، والكحول، وهذا هو ما يساعدنا في تفسير الكيفية التي تقوم بها هذه المواد بالتأثير بسرعة على الدماغ.
كما أن بمقدور مضادات الاكتئاب وأدوية علاج الأمراض العصبية عبور حاجز الدم - الدماغ. إلا أن الكثير من أنواع الأدوية الأخرى، مثل الأدوية الكيميائية الموجهة لعلاج السرطان، لا تستطيع عبوره. وهذا ما يمكن اعتباره من النقائص في الحالات التي لا يتمكن دواء مفيد من الدخول إلى أنسجة الدماغ.
* اختراق مدمر
* ورغم أن حاجز الدم - الدماغ اعتبر في يوم ما سدا منيعا، فإن الأبحاث تفترض الآن أن تعرض الإنسان لبعض الأذى والأضرار والعدوى قد يقود إلى ازدياد الفجوات بين خلايا بطانة الأوعية الدموية في الدماغ. ويمكن أن يحدث هذا النوع من الضرر، على سبيل المثال، عند التعرض إلى سكتة دماغية اسكيمية، أي تلك الناجمة عن نقص التروية الدموية (التي تحدث عندما تمنع الخثرات الدموية تدفق الدم نحو الدماغ، مما يتسبب في أضرار بأنسجته)، أو التعرض لأذى ناتج عن صدمة للدماغ، أو تعرض خلايا البطانة للضرر مباشرة.
أما عن سؤالك حول ما إذا كان حاجز الدم - الدماغ يلعب دورا في حدوث الاضطرابات العصبية، فإن الجواب السريع هو أننا لا نعرف ذلك. وتفترض الأبحاث الأولية أن الضرر الذي يلحق حاجز الدم - الدماغ ربما يمثل واحدا من الحوادث المرضية التي تساهم في ظهور مرض التصلب المتعدد، ومرض ألزهايمر، وبعض الأمراض العصبية الأخرى.
وتقول إحدى النظريات الجديدة إن الضرر الذي يتعرض له حاجز الدم - الدماغ ربما يحفز على حدوث التهابات في المخ تقود مع الزمن إلى حدوث اضطرابات عصبية مثل الكآبة أو انفصام الشخصية (الشيزوفرينيا). ومع أنه لا يوجد اتفاق عام حول هذه المسألة، فن المؤمل أن تسلط الأبحاث المقبلة الأضواء عليها.
«رسالة هارفارد للصحة العقلية». «خدمات تريبيون ميديا»