البيان الأماراتية:كان صغيراً حين خاطبته عرافة غجرية قائلة " يا ابن الحرام .. سيأخذك رجل إلى الشرق ويجعل منك اميراً في قصره"، لم يفهم حينها الطفل "كريستيان" شيئاً ابتسم لها وذهب . لقد ولد في أربعينيات القرن الماضي بعد علاقة حب عنيفة بين والدته الفرنسية وأبيه الطبيب في الجيش الألماني ، أثمرت عنه.
قامت الحرب العالمية الثانية فاضطر أباه أن يلبي نداء الوطن وأن يشارك مع الجيش الالماني في معركة "ستالينجراد " في الأراضي السوفييتية، لكن القدر لم يمهله أن يعود لتحقيق وعده بالزواج الذي قدمه لحبيبته الفرنسية ، توفى وهو في عمر ال28 سنة.
كانت والدته شديدة الجمال الأمر الذي لم تستطع عينا"علي رضا بهلوي" مقاومته ، وهو شقيق شاه إيران ، حين رآها أثناء زيارته لفرنسا لحضور إحدى الدورات التدريبية العسكرية ، كان حباً من النظرة الاولى .و كان كريستيان يبلغ من العمر 6 أعوام حين تزوجت والدته من الامير الإيراني ، وأخذته إلى إيران لتعيش مع زوجها في طهران.
كان زوج الأم ثرياً وحنون فقد تعلق قلبه بالطفل الهادىء المكسور واليتيم واعتبره بمنزلة ولد ، ووصلت شدة حبه له إلى تسجيله كأبن له و و لد من صلبه ، فأصبح "كريستيان بهلوي " أحد الأسماء في قائمة ولاية العهد ، ومرشح لها .
كبر الولد وصار شاباً يميل إلى الكتابة والفنون وكان يزور باريس ويخالط كبار الفنانين والمستشرقين والدبلوماسيين يوم كانت طهران جسرا ثقافياً بين أوروبا والقارة الآسيوية من جهة و بين الشرق والاتحاد السوفييتي من جهة أخرى.
شاء القدر أن يكون كريستيان يتيماً للمرة الثانية ، فالأب الثاني له شقيق الشاه الإيراني توفي في سن 33 عاماً حين تحطمت طائرته فوق الجبال في عام 1954. وبوفاته أصبح كريستيان هو المرجح لولاية العهد فقد كان يقف على بعد شبر واحد من عرش فارس . فالتاج كان سيذهب للوريث الألماني الأصل، نظراً لأن أبناء الشاه كانوا دون السن القانونية .
لكن الأقدار كانت تلعب لعبتها ، فقد أطيح بالتاج الإمبراطوري وخرج شاه إيران محمد رضا بهلوي إلى المنفى وأدار له أصدقاء الأمس وجوههم ومات حزيناً ومريضاً في مصر ودفن فيها ، وتوزع أبناءه ما بين أميريكا و أوروبا. الأمر الذي شكل صاعقة لكريستيان وهو يتابع عمليات الهروب الجماعي للأسرة الحاكمة فقرر هو الآخر النجاة بحياته.
كانت مدينة نيس الواقع في جنوب فرنسا محطته ، والمكان الجديد لإقامته عمل كاتباً صحفياً في صحيفة "نيس ماتان" لبضع سنوات قبل أن يقرر تأليف كتاب "حبات ساعات الرمل" الذي سرد فيه حكايته الغريبة و لعبة الأقدار التي نقلته من فرنسا إلى إيران وحولته من طفل غير شرعي إلى وريث لواحد من أهم أفراد أسرة بهلوي الحاكمة. الكتاب الذي يبدو مثل دمعة تسيل على خد الماضي