أم عروة في عامها السبعين وهي تستقبل يوميا عشرات الأطفال حديثي الولادة لمعالجتهم من إصابات الخلع الولادي أو ما يعرف شعبيا لدى الأمهات بـ (المتن)، وتقول أم عروة "منذ عشر سنوات تحول منزلي إلى أشبه بعيادة طبيب أطفال خصوصا بعد انتشار اسمي بين النساء في المناطق الشعبية باني أعالج الأطفال واجعلهم يشعرون بالراحة وان يداي مباركتان كوني اعمل لوجه الله تعالى وبدون مقابل مادي".
وتواصل أم عروة حديثها فيما تعالج بين يديها طفلة عمرها شهرين لم تذق طعم النوم منذ ثلاثة أيام ولا تشكو من علة مرضية سوى أنها مستمرة بالبكاء ولا ترغب بالرضاعة وتعتبر أم عروة "هذه الأمور من ابرز الأعراض التي تصيب الطفل الممتون"، وكالدمية هكذا هو حال الطفلة بين يدي أم عروة فهي تقلبها حيثما تشاء وتدلك أكتافها وظهرها بالزيت ثم تقوم بدحرجتها على ساقيها الممدودتين وبعدها تقوم بلفها بالقماط بطريقة محكمة كي تمنع حركتها وما يثير الدهشة والاستغراب بعد أول ثلاث دقائق من البكاء يغفو الطفل ويغط في نوم عميق.
وتضيف أن "سبب هذه الإصابات لدى الأطفال هو قلة الخبرة لدى القابلات الماذونات أو الممرضات في صالات الولادة بالمستشفيات وغيرها من الأخطاء كسحب الطفل أثناء الولادة بقوة وعدم منح المرأة الولود وقتا كافيا لإخراج الجنين بشكل مرن وانسيابي" كما أنها تلقي باللائمة على أم الطفل التي تترك طفلها عرضه للحمل والنقل من شخص لآخر وهو في أيامه الأولى ومازال لحم أكتافه وعضلاته طري ورقيق.
وبعد أن استراحت من بكاء طفلتها قالت أم الطفلة ذات الشهرين "هذه ابنتي الثانية وأنا ازور هذه المرأة الطيبة باستمرار لعلاج أبنتي من المتن وأنا سعيدة لوجود هكذا نساء يقدمن المساعدة والمشورة لنا نحن الشابات ونكتسب منهن الخبرة في التعامل مع أطفالنا".
وبعد السؤال عن السبب في عدم مراجعة عيادة طبيب الأطفال تجيب أم فاطمة "لقد راجعت احد الأطباء وقال إن ابنتك لاتشكو من شئ ولكن اضطرابات المعدة لدى الأطفال الحديثي الولادة تسبب الإزعاج للطفل وتؤدي به إلى البكاء ومع ذلك أعطيت ابنتي الدواء والمسكنات ومازالت تبكي باستمرار ولا اعرف السبب حتى قررت أن ازور أم عروة لأني شككت بان ابنتي ممتونة".
ويبدو ان الطب لايتفق مع مبادئ ام عروة المكتسبة من تجاربها العديدة مع الأطفال فهو يعتبر هذه الأمور من خرافات العجائز ولاتمت للعلم الحديث بصلة حيث يشير أخصائي طب الأطفال في محافظة ميسان صلاح الزهيري إلى أن "هذا الموضوع له ارتباط بما يعرف بالعرف الاجتماعي أو التقاليد والعادات المكتسبة والمتوارثة لدى النساء خصوصا كبار السن" واصفا انتشار النساء اللواتي يعالجن بهذه الطريقة في المناطق السكنية الشعبية بالكبير.
وأوضح الزهيري أن "المشكلة الرئيسة التي يعاني منها الطفل حديث الولادة هي (المغص الولادي المسائي) وهو بحسب طب الأطفال ليس بالمرض ولم تعرف أسبابه لحد الآن كونه يسبب الألم في البطن ويبدأ من فترة المساء وحتى ساعات الفجر بشكل شبه يومي محذرا في الوقت ذاته من اللجوء لمعالجات وصفها بالبدائية كالمساج الذي يؤدي في كثير من الحالات إلى الخلع في المفاصل أو تمزق العضلات أو إعطاء الطفل الأعشاب التي تؤدي إلى التسمم لعدم معرفة المستخدمين لهذا النوع من التخصصات بشكل علمي.