TODAY - 09 April, 2011
حمل سوريا بشكل مباشر مسؤولية اغتيال الحريري
برقيات 2005: عاهل البحرين كان سعيداً بدور بوش القيادي
ايلاف
أظهرت برقيات دبلوماسية خاصة بالسفارة الأميركية في المنامة أن ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة كان سعيدا بالدور القيادي الذي كان يلعبه الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، وكان مهتما بالعلاقة بين المنامة وواشنطن.
على الرغم من استمرار بعض المخاوف إزاء المملكة العربية السعودية، إلا أن ملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة، أعرب عن تفاؤله بشأن البحرين والمنطقة خلال مناقشة موسعة مع السفير الأميركي في الـ 15 من شهر شباط/ فبراير عام 2005. وبحسب ما ورد في مجموعة برقيات دبلوماسية خاصة بالسفارة الأميركية في المنامة، فإن الملك حمد كان سعيداً بحالة العلاقات الثنائية والدور القيادي للرئيس بوش.
وقالت البرقيات إنه شعر بأن الأخبار الإيجابية المتعلقة بالجبهة الفلسطينية- الإسرائيلية والوضع في العراق سوف تحظى بأثر مفيد في المنطقة، على الصعيدين السياسي والاقتصادي. وفيما يتعلق بالملف الإيراني، أوضحت البرقية أن الملك حمد كان يفضِّل الحل الدبلوماسي، لكن في حالة حصول إيران بالفعل على أسلحة نووية، عبَّر عن رغبته في أن تظهر الولايات المتحدة وتقوم بدور "الضامن النووي".
كما حمّل الملك حمد مسؤولية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق، رفيق الحريري، بشكل مباشر على سوريا. كما لم يعد قلقاً بشأن حظر المملكة العربية السعودية لاتفاقية التجارة الحرة، لكنه انتقد استمرار المهيجات الثنائية مع السعوديين وعرقلة السعودية لإقامة مشاريع مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي مثل جسر قطر- الإمارات وخط أنابيب بين قطر والكويت ( حيث يؤثران كلاهما على البحرين ).
وأفادت البرقية بأن الملك حمد قد قال إن البحرين قررت السماح لفضائية الجزيرة بأن تفتتح مكتباً لها في المملكة. وأشار إلى أن البحرين ستسمح للمرشحين بالمشاركة في الأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية عام 2006.
تناول الشاي مع الملك
دعا الملك حمد السفير الأميركي إلى قصر الصافرية بعد ظهر يوم الخامس عشر من شهر شباط / فبراير عام 2005 لكي يتناول معه الشاي ويجري معه محادثة هادئة أمام الموقد ( حيث كان ذلك اليوم يوماً بارداً وماطراً على نحو غير عادي في البحرين ). ورافق الملك في تلك الجلسة وزير الديوان الملكي، الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، والشيخ حمد بن إبراهيم آل خليفة، نسيب الملك وأحد المقربين منه. وقد استمرت تلك المحادثة، التي تناولت مجموعة من القضايا الداخلية والإقليمية، 90 دقيقة.
العلاقات الثنائية لا تزال قوية
بدأ السفير المناقشة بإعرابه عن تقديره للخطاب الذي كان قد أرسله الملك في السادس والعشرين من كانون الثاني/ يناير عام 2005 إلى الرئيس جورج بوش. ( وفي ذلك الخطاب، عبَّر الملك عن كامل دعمه للأهداف المشتركة سعياً وراء الحرية وأكد بقوله " مثلكم يا سيادة الرئيس، نحن ننظر في البحرين إلى التقدم الذي يتم إحرازه في أفغانستان، جنباً إلى جنب مع الانتخابات المقبلة في العراق، والتطورات الديمقراطية في أوكرانيا، على أنها رموز للرغبة العالمية في الحرية والانفتاح والتمثيل" ).
وبدوره، قال الملك إنه يقدِّر الرد الذي تلقاه للتو من الرئيس، ولاحظ أن هناك بلدين – هما البحرين والأردن – يقفان دائماً على المدى البعيد مع الولايات المتحدة ويدعماها. وأضاف أن بمقدور الولايات المتحدة أن تعتمد دائماً على البحرين. وأشار إلى أنه يثق في الرئيس جورج بوش، الذي وصفه بـ ( القائد العظيم ) منذ اليوم الأول لتوليه الحُكم. وأتبع " ما فعلته الولايات المتحدة في العراق سوف يُغيِّر مستقبل المنطقة". ولفتت البرقيات إلى أن الملك حمد كان سعيداً بنجاح الانتخابات في العراق.
الملف الفلسطيني – الإسرائيلي : أمر جيد للاستقرار في المنطقة
وأوضحت البرقيات أن الملك حمد تحدث بإسهاب عن التطورات الإسرائيلية الفلسطينية، وأعرب عن ارتياحه للتحول الإيجابي للأحداث. وقال إن هذه لحظة جيدة وقد تكون مهمة بالنسبة للاستقرار في المنطقة. وأشار إلى أنه أمر وزير الإعلام المعين حديثاً، حينها، دكتور محمد عبد الغفار، بأن يتأكد من أن الإعلانات أو البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الإعلام لا تشير إلى إسرائيل على أنها "عدو" أو "كيان صهيوني". وأفصح الملك كذلك عن أن البحرين تربطها اتصالات بالفعل مع إسرائيل على المستوى الاستخباراتي والأمني ( أي مع الموساد)، ولفت إلى أن البحرين ستكون مستعدة للانتقال إلى مجالات أخرى، رغم أنه سيكون من الصعب على بلاده أن تكون البادئة. وبسؤاله عما إن كان من الممكن للبحرين أن تنظر في تكوين علاقات تجارية في مرحلة ما، قال الملك حمد إن أمر كهذا يجب أن ينتظر إنشاء دول تكون جنباً إلى جنب. وأضاف أنه خطط للسفر إلى الأردن في الـ 19 من كانون الثاني/ يناير لمقابلة الملك عبد الله وإظهار دعمه للمضي قدماً.
وأوضح الملك حمد أيضاً أن السلام الفلسطيني – الإسرائيلي، بمساعدته على تحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، سيُسَهِّل النمو الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة. لكنه قال إنه وعندما تُزال القضية الفلسطينية من المعادلة ويتم تسوية النزاع العربي – الإسرائيلي، فإنه سيتم الحد من قدرة إيران على التسبب في الأذى. وأكد أن الإيرانيين لن يعودوا قادرين على استغلال القضية الفلسطينية لأهدافهم الخاصة.
إذا نجحت إيران في امتلاك السلاح النووي ..
وهنا، أظهرت الوثائق أن الملك حمد شدد على أهمية عدم السماح لإيران بأن تمتلك القدرة النووية. وقال إن هناك طريقتان يمكن التعامل من خلالهما مع إيران: إما من خلال الدبلوماسية أو عن طريق القوة. وأن البحرين تفضِّل من ناحيتها الدبلوماسية. وأضاف "وإذا وصلنا إلى مرحلة امتلاك إيران لأسلحة نووية، فسيتعين على الولايات المتحدة أن تتدخل وأن تقوم بدور "الضامن النووي" لدول المنطقة.
اغتيال الحريري : اللوم يقع على سوريا
لم يدع الملك حمد أي شك في أنه يُحَمِّل سوريا بشكل مباشر مسؤولية اغتيال رفيق الحريري. وقال إنه تناول العشاء مع الحريري قبل عشرة أيام فقط، حين كان يتواجد الحريري في البحرين لافتتاح المعرض التجاري الإسلامي العاشر. وأخبره الحريري بأنه يخطط للتحرك صوب معارضة السوريين في لبنان بصورة علنية في أيار/ مايو ( عقب الانتخابات البرلمانية )، لكنه لا يرغب في رفع يده قبل الانتخابات.
مخاوف متواصلة بشأن علاقة السعودية بمجلس التعاون الخليجي
حيث ورد في البرقيات أن الملك حمد قال إن البحرين لم تعد قلقة من المحاولات التي تبذلها السعودية لمنع إبرام اتفاقيتها الخاصة بالتجارة الحرة مع الولايات المتحدة ( وأنه لا يتوقع أي صعوبات في التصديق من جانب البرلمان البحريني بسبب الأجواء غير المستقرة مع السعوديين بشأن اتفاقية التجارة الحرة ). ومع ذلك، أظهرت البرقيات كذلك أنه لا يزال منزعجاً بشكل واضح من الطريقة التي سارت بها الأمور، ومن استمرار المهيجات في العلاقات الثنائية مع المملكة العربية السعودية، ومن المحاولات السعودية لمنع المشروعات التعاونية بين دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى. وكرر الملك ابتهالاً مألوفاً الآن للشكاوى البحرينية من سوء النية السعودية تجاه البحرين، بما في ذلك تعليق المنحة النفطية التي تقدر بـ 50 ألف برميل يومياً وقطع مبيعات الرمل.
وأشار الملك حمد كذلك إلى أن السعوديين يمنعون مشروع جسر مقترح بين قطر والإمارات العربية المتحدة ومشروع خط أنابيب مقترح بين قطر والكويت، وهما المشروعان الذين يحظيان بتأثير على البحرين. وعندما يجتمع هذا الجسر المقترح إقامته بين قطر والإمارات مع الجسر المخطط له بين البحرين وقطر، فإنه سيُسَهِّل السفر بشكل كبير بين الدول الثلاث ( وبالطبع القضاء على الحاجة للمرور عبر المملكة العربية السعودية – إلى جانب آثارها بالنسبة لمسألة قيادة المرأة للمركبات). أما خط أنابيب الغاز من قطر إلى الكويت فسيمر عبر المياه الإقليمية السعودية، وسوف يشتمل أيضاً على وصلة إلى البحرين. ونظراً للاعتراضات السعودية، قال الملك حمد إن الكويتيين بدؤوا يتحولون الآن إلى الإيرانيين من أجل الحصول على الغاز. واستفسر الملك عما إن كان بمقدور الولايات المتحدة أن تلعب دوراً مفيداً في إقناع السعوديين بأن يسمحوا بالمضي قدماً في المشروع الخاص بالغاز.
عودة فضائية الجزيرة إلى البحرين ؟
رغم عدم دخول مشروعي خط أنابيب الغاز أو الجسر الخاص بقطر مرحلة التنفيذ، إلا أن الملك حمد شدد على أن العلاقات ممتازة الآن مع قطر. ومازح بقوله إنه مع اكتمال الجسر، سوف تحصل البحرين على أموال قطر وستحصل قطر على أفكار البحرين ( بشأن الإصلاح السياسي ). وكمؤشر على تحسن العلاقات، أشار بن عيسى إلى أن البحرين قد وافقت الآن على السماح للجزيرة بافتتاح مكتباً لها في البحرين. ( ملحوظة : رغم صحة هذا الحديث، إلا أنه لم يتم التوصل بعد إلى اتفاق في هذا الشأن).
المساعدة في تطوير قدرات البحرين التلفزيونية والإذاعية
قال الملك حمد إنه أمر وزير الإعلام الجديد، عبد الغفار، بأن يسعى لطلب المساعدة من الولايات المتحدة لتقديم يد العون للبحرين فيما يتعلق بتحويل بثها التلفزيوني إلى عملية من الطراز العالمي. وأخبر الملك عبد الغفار بأنه يحتاج إلى رؤية إستراتيجية لتطوير صناعة البث البحرينية. ( ملاحظة : التقى عبد الغفار بالسفير الأميركي وأثار معه هذا الموضوع في العاشر من شباط/ فبراير ). وبدا من الواضح الآن أنه كان يتصرف بناءً على التعليمات التي تصله من القصر، وليس من تلقاء نفسه.
الديمقراطية في البحرين والمنطقة
استعرض الملك تاريخ الديمقراطية في الشرق الأوسط، وأعرب عن أسفه نتيجة لتعرض التحركات الأولية للحركات الديمقراطية في المنطقة للخنق بسبب صعود الحكومات الاشتراكية / البعثية في خمسينات وستينات القرن الماضي. ومع التركيز في المنطقة على الشعارات الاشتراكية، كان هناك تحركاً لإنشاء وحدات سياسية واحدة، والقضاء على التعددية السياسية. ولم يعد يفهم الناس مفاهيم الديمقراطية التشاركية أو التنوع في التفكير، ويتم الآن التخلص من البقايا السياسية التي عفا عليها الزمن، في الآونة الأخيرة في العراق. ولدينا الآن فرصة لتشجيع المشاركة في العملية السياسية بجميع أرجاء المنطقة.
ولفت الملك حمد إلى أن ذلك هو ما يحدث الآن بالضبط في البحرين. فلا تزال هناك عناصر من الفكر القديم، مثل البعثيين الذين تربطهم صلة بنادي العروبة. وهناك تحدي متمثل في استقدام المعارضين الشيعة للمشاركة في الانتخابات المقبلة. فلم يشاركوا في انتخابات عام 2002 لأنهم كانوا معترضين على ما يحتويه الدستور. وعاود الملك حمد يقول – طبقاً للبرقيات – إن الحكومة أخبرتهم بأن يخرجوا ويشاركوا في انتخابات عام 2006. وإن كان لديهم الأرقام وشاركوا، فبإمكانهم أن يفوزوا بمقاعد في البرلمان وأن يغيروا الدستور ( كما يسمح الدستور). وأضاف الملك " بينما كانت تستند الانتخابات الأخيرة على مشاركة الأفراد، فإن انتخابات 2006 ستستند على الأحزاب السياسية. وبناءً عليه، فإن الحكومة تقوم الآن بصياغة قانون خاص بالأحزاب السياسية".