دخان السجائر ... 15 مادة كيميائية تسهم في تكون الخلايا السرطانية
من أخطر الأمراض التي تصيب الجهاز التنفسي بسبب التدخين سرطان الرئة، حيث أثبتت الدراسات العلمية أن دخان السجائر يحتوي على 15 مادة كيميائية على الأقل تسبب إثارة أنسجة الرئة وتكوين خلايا سرطانية. وتشير الإحصائيات إلى أن احتمال إصابة المدخنين المعتدلين في التدخين تقدر بحوالي 12 ضعفا في احتمال الإصابة في غير المدخنين،
وقد يصل هذا الرقم إلى 24 ضعفاً في مفرطي التدخين، ومما يؤكد مضاعفة الإصابة بسرطان الرئة بسبب التدخين أنه في عام 1914م كان عدد المصابين بهذا المرض في أمريكا 371 من المواطنين، ولقد تزايد هذا العدد بدرجة ملحوظة مع انتشار التدخين حتى قفز في عام 1983م ليصبح 117 ألف مصاب (83 ألفاً من الرجال و34 ألفاً من النساء ).
وفي دراسة أجراها حديثاً طبيب أمراض صدرية في لندن تبين أن نسبة الإصابة بسرطان الرئة تزداد في الدول الصناعية وذلك بالمقارنة بنسبة الإصابة في الدول الزراعية، حيث إن تلوث الهواء الناجم عن مخلفات الصناعة يساعد على زيادة نسبة المصابين بسرطان الرئة من المدخنين، ويعتبر تلوث الهواء بمخلفات المصانع في حد ذاته سبباً مباشراً من أسباب الإصابة بسرطان الرئة، حيث تنخفض نسبة الإصابة بهذا المرض في الأماكن التي تتدنى فيها نسبة التلوث البيئي، كما تساهم إجراءات تحسين البيئة ومقاومة التلوث البيئي في الحد من الإصابة بسرطان الرئة.
ويسبب التدخين، بالإضافة إلى سرطان الرئة، حدوث أنواع أخرى من السرطان مثل سرطان الحنجرة والفم والمريء والمثانة.
وتسبب بعض المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر، مثل القطران، إثارة الأغشية المبطنة للشعب الهوائية والرئة، مما يؤدي إلى حدوث السعال الذي قد يصحبه ضيق في الممرات الهوائية للأنف والحلق والرئة، ويسبب هذا الضيق عسر التنفس الذي يؤثر على اللياقة البدنية للمدخن، ويجعله يشعر بالتعب والإنهاك أثناء ممارسة التمرينات الرياضية.
وقد تسبب بعض المواد الموجودة في الدخان حدوث شلل لأهداب الرئة (شعيرات دقيقة تعمل كالمكنسة في تنظيف الممرات الهوائية وتخليصها من الأتربة والميكروبات والمعلقات الهوائية الأخرى).
ويؤدي شلل الأهداب إلى زيادة قابلية الرئة للإصابة بالعدوى الميكروبية وزيادة تراكم المواد المسببة للسرطان. وينجم عن تدني كفاءة الرئة في مقاومة الأمراض تفاقم مضاعفات نزلات البرد والانفلونزا، وتكرار حدوث هذه النزلات وإطالة مدة الشفاء منها، وتودي الإصابة بهذه الأمراض إلى تدهور اللياقة البدنية للمدخن وتعسر ممارسته للتمرينات الرياضية.
ومن أخطر أمراض الجهاز التنفسي التي قد تنجم عن ممارسة التدخين مرض التهاب الشعب الهوائية المزمن الذي يسبب عسر التنفس، وهذا يؤثر تأثيراً بالغاً على مستوى اللياقة البدنية، حيث يشعر المريض بالتعب والإنهاك عند القيام بأدنى مجهود بدني مثل السير على الأقدام.
وفي دراسة أجراها باحثون في مدينة مانشستر البريطانية على بعض الأفراد المصابين بمرض الجدري، تبين أن التدخين يؤدي إلى مضاعفة الإصابة بالالتهاب الرئوي في هؤلاء المرضى، حيث دلت الدراسة على أنه من بين 19 مريضاً من المدخنين كان هناك سبعة أفراد مصابين بالالتهاب الرئوي، بينما لم تظهر الإصابة في أي من المرضى الذي لا يدخنون.
وتزداد نسبة حدوث مرض الإمفيزيما (انتفاخ حويصلات الرئة ) في المدخنين، وذلك لأن التدخين يدمر حويصلات الرئة ويحولها إلى حويصلات كبيرة غير مرنة عاجزة عن نقل الأكسجين من الرئة إلى الدم. ومرض الإمفيزيما من أخطر الأمراض التي تسبب انخفاضاً شديداً في مستوى اللياقة البدنية للمريض، وتحول بينه وبين القيام بالمجهود البدني الطبيعي، وقد يعجز مريض الإمفيزيما عن السير على القدمين لمسافات قصيرة، حيث تنهار قواه البدنية عند بذل أدنى مجهود.
أثر التدخين على الجهاز الهضمي:
تشير نتائج الدراسات المعملية التي أجريت على عدد من المدخنين أن التدخين يؤثر على عملية الهضم، إذ انه يمنع إفراز الأنزيمات التي تيسر هضم وامتصاص بعض المواد الكيميائية النافعة الموجودة في الطعام، مما يؤدي إلى تجمع هذه المواد التي يمكن أن تؤدى إلى الإصابة بالسرطان في ظروف معينة، بالإضافة إلى أن التدخين يقلل شهية المدخن للطعام، كما أنه يزيد من احتمال حدوث قرحة المعدة، وبطء التئام قرحة المعدة المعالجة كما أن التدخين قد يسبب الغثيان والتقيؤ وخاصة عند بداية التدخين.
وتبين نتائج بعض الدراسات أن التدخين يؤدي إلى زيادة إفراز حمض الهدروكلوريك بالمعدة مما يؤدي إلى تأخر التئام قرحة المعدة المعالجة.
وتدل نتائج بعض الدراسات الحديثة على أن التدخين يؤدي إلى تثبيط إفراز مادة البروستاجلاندين التي تساعد على حماية الغشاء المخاطي للمعدة من حمض الهيدروكلوريك والمواد المثيرة. وتجدر الإشارة إلى أن استعمال بعض الأدوية مثل الأسبرين والأدوية المستعملة في علاج الأمراض الروماتزمية يؤدي إلى تثبيط إفراز مادة البروستاجلاندين في المعدة، وقد ينجم عن هذا التأثير حدوث قرحة المعدة، ولذلك فإن خطورة هذه الأدوية على المعدة تتفاقم بسبب التدخين.
وتشير الدراسات إلى أن تدخين سيجارة واحدة يمنع انقباضات المعدة، التي تجعل الإنسان يشعر بالجوع، وذلك لمدة 35 دقيقة.
ويبين الجدول المنشور إحصائية أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1984م عن المعدل السنوي للوفيات بسبب أمراض التدخين المختلفة في أفراد تزايد أعمارهم عن 20 سنة.
تأثير التدخين على الجهاز العصبي المركزي:
يسبب النيكوتين الموجود في التبغ تنشيطاً بيناً حيث إنه يحث على إفراز بعض هرمونات المخ مثل النورأدرينالين والدوبامين. وتشير نتائج الأبحاث الحديثة إلى أن النيكوتين يسبب إفراز مورفينات المخ (الإندروفينات) وهي المواد التي تجعل المدخن يشعر بالراحة والهدوء بعد إشعال السيجارة وإدمانه للتدخين.
ويؤثر النيكوتين على عدة مراكز في المخ مثل مركز التقيؤ وحموضة المعدة. كما ينبه النيكوتين مركز التنفس، ومما يؤكد أن النيكوتين هو المادة التي تجعل المدخن يشعر برغبة ملحة ودائمة للتدخين. فالتجارب التي أجريت على الفئران حيث عودت هذه الحيوانات على تناول سائل يحتوي على النيكوتين وذلك بتدريبها على ضغط رافعة متصلة بإناء يحتوي على سائل النيكوتين. واتضح من هذه التجارب أنه حينما يقل معدل النيكوتين في دم الفأر فإنه يتجه في حركة سريعة إلى الرافعة ليضغطها حيث يخرج من الإناء سائل النيكوتين الذي يقوم الفأر بتناوله فيعوضه عن نقص النيكوتين في دمه.
وإذا كان التدخين المعتدل يساعد على التفكير، فإن الإفراط في التدخين يؤدي إلى تدني مقدرة المدخن على التفكير، حيث تؤكد الحقائق العلمية أن:
- سرعة التعب وعدم القدرة على التركيز لدى المدخنين أكثر من غيرهم بسبب تأثير التدخين على الجهاز العضلي والجهاز العصبي.
- أول أكسيد الكربون في الدخان يفسد التوازن الكيميائي للدم فيؤثر على خلايا المخ والتي تحتاج في نشاطها إلى نقاء الدم المؤدي إلى صفاء التفكير.
- مستوى التحصيل الدراسي لدى الطلاب المدخنين يقل عن مستواه لدى غيرهم.
- من أسباب تدني مستوى الذكاء في الأطفال تأثير تدخين الأم الحامل على الجنين.