الحمق مرض يفرق بين الأصدقاء ويفرق بين الزوج وزوجته
يقول المولى عز وجل : {ياأيُّها الَّذين ءامنوا اجتنِبُوا كثيراً من الظن إنَّ بعضَ الظن إثمٌ ولا تَجسَّسوا ولا يغْتَبْ بعْضُكُم بعضاً أيُحِبُّ أحدُكُمْ أن يأكلَ لحمَ أخيهِ مَيْتاً فكرهْتُمُوهُ واتَّقوا الله إنَّ الله توَّابٌ رحيمٌ} ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم ( التمس لأخوك 70 عذرا وان لم تجد فقل لعل له عذرا لم أجده ).
لاشك عزيزي القارىء انك سمعت يوما عن صفة الحمق تطلق على رجل أو امرأة فيقولون هذا الشخص حمق أو هذه المرأة حمقه فما هو هذا الداء و ما هي مضاعفته؟.
الحمق هو مجموعة صفات تؤدي في النهاية إلى تكرار الخصام بين الشخص الحمق والشخص الآخر وهذه الصفات هي العصبية المفرطة وسؤ الضن وزيادة التحسس والإنسان الحمق هو أكثر من يعاني من حمقه فمثلا قد يحرم نفسه من أمور كثيرة حتى يرضى طبعه الغريب هذا الحرمان الذي قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى فرار الأصدقاء والخلان من حوله.
ومن صفات الإنسان الحمق انه لا ينسى بسهوله مواقف المشادة واختلاف الآراء التي حصلت بينه وبين زميله أو من حمق عليه.
ولعلك عزيزي القارىء سمعت أن رجلا مثلا قد انفصل من زوجته لا لشئ إلا لأنها مصابه بداء الحمق , فأيام الزعل والكآبة عندها أكثر من أيام الفرح والسرور فهي قد تعكر صفو البيت وتجعله يعيش أيام في غم وهم بسب خلاف بسيط بينها وبين زوجها أو بكلمة عابرة أو بدون قصد. وكذلك الصديق قد يمطر صديقه بوابل من التهم والكلام الجارح بسب تقصير أو سؤ فهم حصل من صديقه. والحمد لله أن الناس المصابين بهذا الداء قليل و إلا كان رأينا قصص الزعل والفراق بين الأصدقاء والأحباب كثيرة.
ولكن السؤال المهم هل داء الحمق وراثي أم مكتسب وهل ممكن تجنب إصابة الشخص به؟
لا شك أن طبائع الأبناء تتأثر بطبائع الآباء والأمهات ولكن لا اعتقد أن هذه الصفات هي صفات وراثية و إلا كان الإنسان الذي لديه صفات غير سويه كالحمق والبخل والحسد وغيرها غير مسئول عن هذه الصفات ,
وهذا غير صحيح حيث أن تلك الصفات ليست وراثية وإنما يكتسبها الإنسان من الظروف الأسرية والبيئة التي يعيش فيها فمثلا هناك دراسات اوربيه تريد أن تثبت أن الانحرافات السلوكية كالتدخين والإدمان ومزاولة اللواط إنما يتحكم بها عامل وراثي وهذا غير صحيح فمثلا رذيلة اللواط انحراف سلوكي بداء لأول مرة في قوم لوط والدليل على ذلك قول المولى عز وجل (ما سبقهم احد من العالمين) ولو كان اللواط له دور وراثي لظهر في الأمم السابقة التي جاءت قبل قوم لوط. لذلك فان أي انحراف سلوكي فان الإنسان يكون مسئولا عنه تمام المسؤولية.
يقول الله تعالى: بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره. ويبقى القول الراجح أن العامل الأسري والبيئي وطريقة تربية الأبناء هي السبب في وجود سلوكيات غير سويه لدى بعض الأشخاص ومن ضمنها الحمق.
أما علاج الحمق فهو من كتاب الله وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والتي فيها منهج العلاج لكل الانحرافات السلوكية. فالإسلام وكما اشرنا في الآية والحديث التي في مقدمة الموضوع قد ارشد الإنسان بان يترك سؤ الضن بأخيه وان الشيطان يدخل من هذا الباب لكي يفرق بين الصديق وصديقه وبين الزوج وزوجته كما إن على الإنسان أن يترك كثرة الجدال (المراء )حتى ولو كان على حق لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) وكلمة زعيم تعني (أضمن ببيت في الجنة) وذلك لان نهاية الجدال تكون عادة الشحناء والبغضاء خاصة إن بعض الأشخاص لا يتنازل عن رأيه مهما كانت البراهين وعادة ما يطلق المثل الشعبي (عنزة ولو طارت) على الشخص الذي يتمسك برأيه ولا يتنازل أبداء للرأي السديد.
بقلم د. جمال عبدالله باصهي
استشاري طب أمراض الأسرة
منقوووووول