سرطان القولون والمستقيم هو ثاني سرطان يهدد حياة الإنسان بعد سرطان الرئة؛ ويصيب عادة بعض الأشخاص ممن تعدت أعمارهم الخمسين سنة وتزداد النسبة عندما يكون هناك تاريخ عائلي للمرض . وللتشخيص والكشف المبكر عن سرطان القولون والمستقيم دور أساس في نجاح علاجه بإذن الله ؛فما هو سرطان القولون والمستقيم وما هي العوامل المساعدة على ظهوره وكيف يتم الكشف المبكر عن هذا المرض الخبيث ؟
التركيب التشريحي والوظيفي للقولون والمستقيم
القولون ( أو الأمعاء الغليظة ) هو أحد مكونات الجهاز الهضمي ويمتد من نهاية الأمعاء الدقيقة وحتى بداية المستقيم ويتكون من أجزاء هي القولون الصاعد والمستعرض والنازل و القولون السيني ((أي الذي يشبه حرف s)) .
تتمثل وظيفة القولون بالدرجة الأساسية في تخزين ما تبقى من فضلات الطعام حتى تأتي الفرصة المناسبة لتفريغها خارج الجسم عبر عملية التغوط. أما المستقيم فهو الأنبوب الواصل من نهاية القولون وحتى فتحة الشرج وعندما ينتقل البراز إليه يشعر الإنسان بالرغبة في التغوط.
ما هو سرطان القولون والمستقيم ؟
هو نمو عشوائي مستمر غير مرغوب لمجموعة من الخلايا التابعة للقولون أو المستقيم.
أعراض وعلامات سرطان القولون والمستقيم
قد يظهر سرطان القولون والمستقيم وينمو دون أي أعراض أو علامات، لذلك كان الكشف المنتظم عن هذا المرض لمن تعدت أعمارهم الخمسين سنة أمرًا ضروريًا ؛ وفي حالات أخرى تكون هناك أعراض وعلامات تستدعي عندما يلاحظها المصاب المسارعة في التوجه للطبيب للتحقق من وجود المرض.
ومن تلك الأعراض والعلامات :-
1- وجود تغير مستمر وغير مفسّر لحالة التغوط ما بين الإمساك مرة والإسهال مرة أخرى.
2- وجود دم في البراز أو النزيف عبر فتحة الشرج أو سواد في لون البراز.
3- فقدان غير مفسّر لوزن الإنسان.
4- فقر دم غير مفسّر وخاصة عند الرجال.
غير أنه يجب أن نلاحظ هنا أن بعض هذه الأعراض والعلامات أو كلها ليست مقتصرة على مرض سرطان القولون والمستقيم فقط إذ إنها قد تظهر مع أمراض أخرى .
العوامل المساعدة على ظهور سرطان القولون والمستقيم
كباقي أنواع السرطانات الأخرى ، لم يعرف حتى الآن السبب الرئيس للإصابة بسرطان القولون والمستقيم إلا أنه وحسب الأبحاث العلمية لهذا المرض فقد وجد أنه يزداد في الحالات التالية:-
1-كثرة تناول اللحوم والمأكولات الدسمة.
2-قلة تناول الخضار والفواكه والألياف النباتية .
3-وجود تاريخ عائلي بالإصابة بهذا المرض ، إذ لوحظ لدى بعض الأسر ميل للإصابة بسرطان القولون في عمر يتراوح ما بين 40-50 سنة. بينما تكون الإصابة في معظم الحالات في عمر الستين أو السبعين سنة عادة .
4- اتضح من الدراسات العديدة التي أجريت ؛ أن هناك ورمًا صغيرًا يدعى (البوليبPolyp ) موجود عند بعض الأشخاص وهو غير خبيث في الأصل؛ وينشأ عن الخلايا المبطنة للأمعاء الغليظة ؛ إلا أن هذا الورم يتحول فيما بعد إلى سرطان ؛ وقد أثبت ذلك في حالات عديدة؛ وجدت فيها عدة (بوليبات) في الأمعاء الغليظة ؛ اعتبرت بعد ذلك آفة سابقة لحدوث السرطان.
5-ثمة آفة أخرى يمكن اعتبارها سابقة لسرطان القولون والمستقيم ؛ وهي ما يدعى بالتهاب القولون التقرحي ulcerative colitis وهو عبارة عن تفاعل التهابي مزمن في بعض أجزاء القولون؛ وكثيرًا ما يشمل القولون كله . في بعض حالات التهاب القولون القرحي يحدث تحول سرطاني في الخلايا لدى المرضى في سن البلوغ .
6- جاء في دراسة علمية أعدها مركز أبحاث الكحول في كوبنهاجن أن شرب أكثر من 14 وحدة من البيرة أو المشروبات المسكرة في الأسبوع يزيد من مخاطر الإصابة بسرطان المستقيم.
7- توصلت دراسة علمية حديثة إلى أن التدخين قد يزيد بشكل كبير احتمال الإصابة بسرطان القولون والمستقيم خاصة إذا كانت هناك إصابات سابقة في العائلة.
كيفية الوقاية من سرطان القولون والمستقيم
نستطيع أن نلخص طرق الوقاية من سرطان القولون والمستقيم من خلال الآتي:
1- التشخيص و الكشف المبكر عن المرض
يعد سرطان القولون والمستقيم من الأمراض القابلة للعلاج جراحيا إذا ما تم تشخيصه والكشف عنه مبكرًا قبل توسعه وانتشاره إلى الغدد الليمفاوية والأعضاء المجاورة . لذلك تم وضع مرض سرطان القولون والمستقيم ضمن الأمراض التي تحتاج إلى فحوصات منتظمة وخاصة لمن تعدت أعمارهم الخمسين سنة من خلال مراكز الطب الوقائي والكشف المبكر عن الأمراض .
وتتمثل هذه الفحوصات في الفحص الشرجي اليدوي Digital rectal exam وفحص الدم المخفي في البراز Fecal occult blood test (FOBT) و منظار القولون Flexible sigmoidoscopy وأخيرًا منظار المستقيم Colonoscopy . وليس بالضرورة أن تعمل جميع تلك الوسائل التشخيصية في ذات الوقت بل يتم الاختيار من بينها طبقًا لحالة المريض ونسبة خطورة إصابته بالمرض .
2- تناول الألياف النباتية
أكدت العديد من الدراسات العلمية فائدة تناول الألياف النباتية بشكل منتظم ضمن غذاء الإنسان في الوقاية من سرطان القولون والمستقيم . ومرد ذلك ربما يعود إلى أن الألياف النباتية تساعد على حركة الأمعاء المنتظمة وتفريغ الفضلات وتحد من حدوث الإمساك . كما تعد الألياف النباتية عاملاً فعالاً ضد مرض السرطان بما تحويه من مضادات الاكسدة. لذلك فعلى الشخص الحرص على تناولها مع كل وجبة من غذائه ومن ذلك الخضار والبقوليات والفواكه والقمح الطبيعي (الخبز العربي) وهي من أغنى مصادر الألياف النباتية.
3- الاعتدال في تناول اللحوم والمأكولات الدسمة والإكثار من تناول المأكولات البحرية . فقد بنيت عدد من الدراسات العلمية تضاؤل فرص الإصابة بسرطان القولون بالنسبة لمن يتناولون الأسماك والأطعمة البحرية بكميات كبيرة، بينما يزداد خطر الإصابة بالسرطان في من يتناولون كميات كبيرة من اللحوم الحمراء و المحفوظة و السجق.
4- الحرص على تفريغ الأمعاء عبر عملية التغوط متى ما شعر الإنسان بذلك وعدم إهمال هذا الأمر لما في ذلك من انعكاسات سلبية . فالإهمال في تلبية الرغبة لقضاء الحاجة يؤدي إلى ظهور ما يسمى بالإمساك المستقيمي rectal constipation .
ولقد حث ديننا الحنيف على هذا الأمر ولم يعط للمسلم رخصة في تأخير قضاء حاجته حتى ولو كان لغرض إدراك الصلاة جماعة ففي حيث قال حبيبنا ومعلمنا نبي الرحمة محمد صلوات الله عليه وسلم) لا يصلي أحدكم بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان) والأخبثان هما البول والغائط . كما أن انتظام المسلم على تأدية الصلوات الخمس وما يسبقه من التنزه من البول والغائط برنامج وقائي يضمن للمسلم الانتظام في تنظيف جسمه وقضاء حاجته.
5- التمسك بشريعة الإسلام في اجتناب شرب الخمور و التدخين . وها هي الأبحاث العلمية تكشف لنا يومًا بعد يوم أضرار هاتين المادتين على صحة الجسم والعقل ومن هذه الأبحاث ما دل على علاقة الخمور والتدخين بسرطان المستقيم والقولون.
6- نشر تقرير يفيد بأن الكاري يساعد في مقاومة سرطان القولون ، وقد لفت الكاري أنظار الباحثين في جامعة ليستر بالمملكة المتحدة حين لاحظوا أنه من بين 500 مريض بالسرطان يوجد اثنان فقط من الآسيويين ، رغم أن الآسيويين يشكلون خمس السكان في المدينة موضع البحث . ويعتقد الباحثون أن السر في مقاومة الآسيويين للسرطان يكمن في الكاري الذي يحتوي على خلطة من الأعشاب الاستوائية المتبلة ، وكمية كبيرة من الخضروات والفاكهة ، بالإضافة إلى الألياف الموجودة في الأرز.
7- نصحت كثير من الدراسات العلمية بأن يتم استئصال الورم الصغير الحميد (البوليب ) بشكل مبكر قبل تحوله إلى ورم سرطاني وخاصة عند العائلات التي لها تاريخ عائلي بالإصابة بسرطان القولون.