القانون هو مجموعة من الاوامر والنواهي التي يترتب على مخالفتها ايقاع العقاب او الجزاء بحق المخالف . كونها وبحسب فلسفة القانون تعبر عن ارادة ورغبة الطبقة الحاكمة او الفئة الممسكة بالسلطة او بعبارة اخرى النظام السياسي .وله زمان ومكان لسيادته وبسط نفوذه وقد يكون تشريعا سماويا او ارضيا اي وضعيا من صنع الانسان ووضعه معبرا عن مطامحه ومطامعه ومصالحه التي يجب حمايتها من خلال تطبيقه . وفيما يتعلق بالمعاملات فان التشريعات الوضعية تستمد الكثير من قواعدها وتستعيرها من التشريعات السماوية او الدينية لتتلائم وتتوائم وتواكب قدر الامكان المجتمع الذي تطبق فيه وتكون الى جانب وبصحبة العقاب الجنائي قوة مضافة متمثلة بالردع الاجتماعي المتمثلة باستهجان الفعل واستنكاره وشجبه ومما لاجدال فيه ان الدين يؤثر تاثيرا فعالا في بناء شخصية الفرد ويطبعها بطابعه . وبسبب من ذلك ومن جرائه فمخالفة واختراق وعدم اطاعة واحترام الاديان وان لم يرتب على فعل فاعله جزاء مادي مباشر لكن في المقابل هناك جزاء معنوي غير مباشر ربما كان اكثر قسوة والما وايذاءا وردعا وتاثيرا في شخصية الفاعل اذ يمارس الضمير الذي نشا وترعرع في وسط هذه البيئة ليوخزه ويؤنبه ويؤدي سلطته وسطوته على كل مارق سواء في صحوته ووعيه ام في منامه وسباته مذكرا له وعلى الدوام قائلا له لم فعلت ذلك.. اين انت من مبادئك ومثلك واخلاقك ومعاييرك وادابك .. قد نبذتك عقيدتك ودينك ومقدساتك ومجتمعك .. الان لاتتوفر فيك الصفات الانسانية ..قد اصبحت كائنا اخر لذا ترى الكثير من المجرمين يعترفون بنذنوبهم وجرائمهم ليتخلصوا من عذاب الضمير ..وهناك من الاديان كالدين المسيحي قد اخذ بمبدا الاعتراف بالذنب امام رجل الدين .. ليخلص مرتكب الفعل من عقدة الذنب ووقوعه تحت وطأتها وليشعر انه عاد انسانا سويا صالحا مباركا منسجما مالفا مع عقيدته ومجتمعه .. وبعد الرسالة الانسانية وعندما كان الايمان قويا عميقا وراسخا قد ضربت جذوره بعيدا في ارض المبادئ كان هناك من المسلمين من قد ارتكب فعلا لا يتفق مع الشريعة الاسلامية فياتي بنفسه الى الرسول (ص) ليعترف بما فعل ويطلب ايقاع العقاب عليه مع علمه وادراكه ان هذا الاعتراف سيضع النهاية لحياته بهذه الطريقة وبهذا الاسلوب ان لم تنته الجريمة فانها سوف تضمحل ويتحقق الامن والسلام الاجتماعيين ويذكرني هذا الامر بحادثة قد حصلت في تاريخ القضاء الاسلامي اذ تم تعيين احد القضاة لولاية الكوفة وبعد ان باشر في عمله ومرت اربعة اشهر على ذلك لم يتقدم اليه من يطلب مقاضاة اخر فما كان من القاضي الا ان قام بلملمة سجادته تاركا المدينة قد ملئها الامن والسلام مخبرا الخليفة بالامر وان استمراره في تقاضي راتبه من بيت المال امرا يعتبر من باب الكسب من دون سبب لعدم وجود ما ياقله من عمل يؤديه فلم يستهويه المنصب كما لم يغريه المال الذي يوفره له اجر هذا المركزالوظيفي بقدر ما كانت رغبته هي ارضاء الله سبحانه وتعالى وضميره الاسلامي الحي . لذلك فان الكثير من المبادئ الدينية تتحول الى قواعد اخلاقية يطبقها افراد المجتمع بكل يسر وسهولة وبفطرة وعن طواعية واختيار ..ان قوة كل مجتمع من قوة تمسكه باهداب مبادئه فاذا حافظ عليها وتمسك والتزم بها يكون قد فتحت وانفرجت امامه سبل وطرق النجاحات وفي كافة الميادين والمجالات واصبح فوزهم ونجاحهم وتقدمهم كبيرا وعظيما وسريعا وباهرا . اما في حال ابتعادهم عن ذلك عندما تصبح اخلاقه تخالف المبادئ والمثل الدينية وما اعتاد عليه من عادات وسلوك وتعامل ديني واصبح الدين في تنافر مع طباعهم واخلاقهم وما وخالف ظاهرهم باطنهم فقد نسخوا ونسفوا وهدموا والغوا ومحقوا شخصيتهم وكتبوا على انفسهم الهلاك لذلك علق احد المصلحين المسلمين عند زيارته لاوربا بعد تواصل الشرق المسلم مع اوربا بعد حملة نابليون بونابرت بقوله قد وجدت الاسلام ولم اجد المسلمين لما رآه واطلع عليه وشاهده من صدق في العمل والتعامل والاخلاص فيهما وتمسكهم بدينهم وعاداتهم وتقاليدهم وتازرهم وتعاضدهم فيما بينهم ويشهد على ذلك فاعلية مؤسسات المجتمع المدني وغوث المجتمعات المنكوبة .. ذات مرة وانا اشاهد التلفاز دهشت لتصرف الرئيس السابق لاقوى دولة في العالم وهو بوش الابن عندما كان وزوجته في زيارة الى الـ بابا في الفاتيكان مدى ما يكنه الرئيس وعائلته من مهابه وقدسية واحترام واجلال للحبر الاعظم للدين المسيحي ..اما زوجة الرئيس فقد اقتربت منه وبكل وقار وامسكت بيده وقبلتها !!.. ونعود للتشريعات الوضعية فنقول اذا ما اريد لها النجاح والاستمرار والديمومة والبقاء فيجب ان تجاري وتتماشى مع المعتقدات الدينية وان يكون من تطبق عليهم لهم الايمان الديني العميق والقوي الراسخ الذي يعتبر المرتكز الاساس للرقابة الذاتية او ما يسمى برقابة الضمير وعندها لا نحتاج الا الى القليل من الاجهزة الامنية لوجود الرقابة الذاتية النابعة من ذات الشخص او الفرد او الانسان هو رقيب ذاته فلا غش في العمل ولا رشوة ولا تزوير ولا احتيال ولا سرقة ولا تعدي على الحق العام او الخاص .. عندها تتحول المحاكم الى جوامع و امكنة للعبادة والتفقه والتامل والى موضوع اخر والله ولي التوفيق