TODAY - 08 April, 2011
الحارس الخاص لبن لادن في حوار: تطوعنا للقتال ضد البعث العراقى
المصري اليوم
قصة هذاالحوار
فى مارس الماضى، دعانى الإعلامى الكويتى الزميل ماضى الخميس لحضور الملتقى الإعلامى فى الكويت، وأثناء السفر بالطائرة قرأت فى إحدى الصحف الكويتية خبراً يقول إن ناصر البحرى، الحارس الشخصى السابق لأسامة بن لادن الشهير بأبى جندل منعته فرنسا من دخول أراضيها، ويفترض أن يشارك فى باريس فى إطلاق كتاب بالفرنسية قام بتأليفه مع الصحفى جورج ملبرنوه بعنوان «فى ظل بن لادن»، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية: «إننا نعتبر وجوده فى الأراضى الفرنسية غير مناسب».
انتهى الخبر وظل اسم «أبوجندل»، وهو الاسم الكودى لناصر البحرى، عالقاً فى ذهنى.. عدت إلى القاهرة وفى داخلى قرار بإجراء حوار مع الرجل، وعلى الفور تحدثت مع رئيس التحرير: ما رأيك فى حوار مع الحارس السابق لأسامة بن لادن، لمعت عينا مجدى الجلاد، وقال كلمته المعهودة: «فوراً».. وتبعها بسؤال: ما وجه الخطورة؟ قلت: سأسافر له إلى اليمن الشقيق.. جاءت إجابتى تحمل إصراراً، ولا تعير المخاطر أى بالٍ رغم الخوف الموجود فى داخلى.. بدأت رحلة البحث عن وسيلة اتصال مع «الرجل».. إلى أن زارنى صحفى يمنى شاب جاء ليتعرف على «سيستم» العمل فى «المصرى اليوم».. وتم له ما أراد من الزيارة.. ولم أفاتحه فى حينها وبعد سفره إلى بلاده أرسلت له رسالة على الموبايل أطلب فيها رقم ناصر البحرى مرة واثنتين ولا مجيب...
كان ذلك فى أبريل العام الحالى.
انشغلت وأجريت جراحة فى شهر يونيو الماضى، وتحديداً يوم ١٤/٦ وخرجت من المستشفى إلى المنزل لقضاء فترة النقاهة التى وصلت إلى شهرين.. فى هذه الأثناء، حاولت البحث عن رقم أبوجندل من خلال اسمه ورقم هاتفه الأرضى، وبحث على شبكة الإنترنت فى دليل هواتف «صنعاء»، حيث يسكن الرجل ولكن دون جدوى.
الوقت يمر ومحاولاتى للوصول للرجل دخلت مرحلة «العناد».. لابد أن أجده.. وتذكرت صديقاً يمنياً كان يعمل مراسلاً لوكالة الأنباء اليمنية وكان عضواً معى فى جمعية المراسلين الأجانب قبل ٢٠ عاماً وأجريت اتصالاً به وكأننى أسأل عليه لأننى كنت محرجاً من أن أطلب مساعدته مباشرة، وحددت موعداً للقاء، حيث قلت فى نفسى: سأطلب منه فور أن ألتقيه.. وفى الموعد المحدد للاتصال طلبت الزميل والصديق القديم لكى أؤكد الموعد، ولكن الموبايل خارج نطاق الخدمة.. كررت المحاولة دون ملل أو كلل ولكن دون جدوى.. «الزميل القديم خارج نطاق الخدمة».. وفى إحدى ليالى الألم بعد الجراحة، والنوم يجافينى فتحت جهاز الكمبيوتر ودخلت على «فيس بوك» وكتبت اسم «ناصر البحرى».. وكانت المفاجأة.. ظهرت صورة واسم الرجل.. الحارس السابق لأسامة بن لادن بزيه اليمنى التقليدى دون أى تعريف، ولكن الصورة المنشورة فى الصحيفة الكويتية المصاحبة للخبر الذى قرأته عنه فى شهر مارس الماضى، كانت التصقت فى ذهنى، وهى الصورة نفسها الموجودة على «فيس بوك».
وعلى الفور أرسلت له الرسالة التالية: «الأخ الفاضل الأستاذ ناصر.. أنا شارل فؤاد المصرى، مدير تحرير جريدة «المصرى اليوم».. الجريدة الأهم فى مصر الآن، يسعدنى إجراء حوار معكم، وفى حال موافقتكم هذه أرقام هواتفى (........) والإيميل الخاص بى» وأرفقت الرسالة بدعوة كى أكون صديقاً له على «فيس بوك».. كان ذلك فى نهاية شهر يونيو الماضى، ومرت أيام ولا مجيب، وأرسلت رسالة أخرى، وتلوتها بثالثة، ولا مجيب.
وفى أحد الأيام وأنا أتصفح «فيس بوك» وجدت ناصر البحرى أضافنى كصديق وكان ذلك نهاية شهر يوليو الماضى، وقلت فى داخلى «يبدو أن المحاولة ستنجح». ومرت أسابيع وبالمصادفة وجدت على «الشات» فى «فيس بوك» ناصر البحرى ودار هذا الحوار:
- أستاذ ناصر.. كيف حالك
- كويس والحمد لله
- أشكرك على إضافتى على الفيس بوك.
- ولو يا أستاذ شارل فوق العين والراس.
- ربنا يخليك ويبارك فيك.. كتر خيرك على ذوقك.
- أرسلت لك عدة رسائل على «الفيس بوك» هل قرأتها.. أستاذ ناصر أنا متخصص فى الحوارات المهمة مع الشخصيات المهمة.. وقد أجريت حوارات مع يوسف ندا فى سويسرا وهو مفوض العلاقات الخارجية فى جماعة الإخوان المسلمين.. وكذلك مع مرشد الإخوان فى مصر وغيرهما من الشخصيات المهمة.
«أوف لاين» ناصر البحرى يخرج من المحادثة ويغلق جهاز الكمبيوتر، وبعد عدة أيام.. أدخل معه فى حوار على الشات مرة أخرى هذا نصه:
- أستاذ ناصر يبدو أننى أزعجتك.. آسف جداً ويوم أن تقرر الموافقة على إجراء الحوار اتصل بى أو أرسل لى رسالة على «الفيس بوك» لترتيب الأمر..
شكراً والسلام عليكم ومتأسف جداً مرة أخرى.
ناصر البحري
أستاذى الفاضل: الوضع عندنا متأزم جداً، فمن الممكن أن ترسل ما نحب من أسئلة الحوار أو محاور تحب أن نتحدث حولها حتى أحاول أن أستأذن من الأجهزة الأمنية فى صنعاء.
ثم أرسل لى الإيميل الخاص به ورقم الهاتف الخاص أيضاً وبعد عدة أيام أرسلت له هذه الرسالة:
- أستاذ ناصر صباح الخير من القاهرة
وصلتنى الرسالة التى أرسلتها وردى عليها هو الآتى:
بالنسبة للحوار فسيكون إن شاء الله من الألف إلى الياء عن تجربتك كاملة وسنتطرق فيها إلى جوانب إنسانية.
وجاءتنى هذه الرسالة من ناصر
هذا هو رقمى الشخصى (..........) من داخل اليمن.
ومرت أيام كثيرة أرتب فيها أجندة مواعيدى.. وجاءتنى هذه الرسالة:
الأستاذ الفاضل/ شارل المصرى
تحية طيبة
هل من الممكن أن تقوم بتحديد موعد قريب لكى نكون على استعداد لاستقبالكم.
وأرسلت له الرسالة التالية:
وصلنى الإيميل الذى أرسلته وتطلب فيه تحديد موعد قريب للقائكم.. بداية أود الاعتذار لأننى تأخرت فى الرد، وسر التأخير هو أننى كنت مريضاً وملازماً الفراش والحمد لله الذى منّ علينا بالشفاء، أما عن الموعد فسيكون تقريباً فى الأول من شهر نوفمبر، أى بعد أسبوع من الآن، إن شاء الله، لأننى حتى الآن لم أتقدم إلى السفارة اليمنية بالقاهرة للحصول على تأشيرة السفر -لم أكن أعلم أن السفر إلى اليمن يتم دون تأشيرة-، إضافة إلى أننى لم أحجز الفندق الذى سأقيم فيه أو تذاكر السفر، عموماً هذه الأمور سهلة وسأنجزها فوراً.
شارل المصرى
تحياتى
ولكن فى هذه الأثناء ساورتنى هواجس كثيرة.. ماذا لو سافرت إلى اليمن وحدثت لى متاعب قد لا أستطيع التغلب عليها.. ماذا لو كان الرجل لايزال معتنقاً لفكر القاعدة وقدمنى «أضحية» لهم، وماذا لو.... وماذا لو...؟ والسؤال الأهم: كيف سأدخل اليمن.. ماذا سأقول لهم فى السفارة.. هل أنا ذاهب للسياحة فى الوقت الذى خرجت فيه عشرات الطرود الملغومة لكل أنحاء العالم من اليمن فى الوقت نفسه الذى حددته للسفر إلى هناك.. أى سياحة تلك هل هى سياحة الطرود الملغومة؟!.. المهم قررت أن أمشى فى الطريق الرسمى، وتقدمت بخطاب رسمى للسفارة أطلب مقابلة الرجل تحت سمعهم وبصرهم.. والتقيت نائب السفير وهو رجل مهذب وخلوق ووعدنى خيراً بأنه سيرسل إلى وزارتى الإعلام والداخلية بمطلبى، وسيرتب اللقاء فى أقرب فرصة.. فى ذلك الوقت كانت «دورة خليجى ٢٠» لكرة القدم مقامة فى اليمن.. ومرت أيام وأسأل عن الموافقة ولكن لا يوجد رد.. الرد لم يصل من صنعاء.. ونصحنى أحد الأصدقاء بأن أسافر والدورة الكروية قائمة خاصة أن سفر المصريين إلى اليمن لا يحتاج إلى تأشيرة وبالفعل قررت السفر قبل انتهاء الدورة.
وأرسلت هذه الرسالة إلى ناصر:
- أخى ناصر
- صباح الفل من القاهرة
- هل يناسبك حضورى يوم الأربعاء ١ ديسمبر؟
شارل
تحياتى
ولم يرد وأرسلت له رسالة أخرى:
أخى ناصر.. نظراً لأن هاتفك الجوال مغلق ونظراً لأن ردك جاء متأخراً لم أتمكن من حجز تذكرة الطيران لأن دورة كرة القدم «خليجى ٢٠» واخدة كل التذاكر وسأكون فى صنعاء يوم الجمعة الموافق ٤/١٢ وأرجو إرسال هاتف أرضى حتى أتمكن من الاتصال بكم فور وصولى.
تحياتى.. شارل
وأرسلت له رسالة تأكيد:
أخى العزيز ناصر.. صباح الخير
وجدت حجز الطيران بصعوبة والحمد لله وفقنا.
المهم سأصل يوم الجمعة فجراً على مصر للطيران وسأنزل فى شيراتون صنعاء.
- أحاول الاتصال بهاتفك من القاهرة دون جدوى هل إذا اتصلت بالموبايل الجوال سيرد أم لا وأنا فى صنعاء.. أرجو إرسال رقم المكتب حتى نكون فى المضمون أشكرك.
شارل
وقام ناصر بالرد: هذا هو رقمى الآخر (........) من داخل صنعاء أرجو لكم الوصول بالسلامة.
وبعد أن قمت بترتيبات السفر من حجز الفندق وتذاكر الطيران وترتيب مهام العمل جاءتنى هذه الرسالة:
ناصر البحرى: هذه رسالتى المهمة لك سوف أشارك فى برنامج أ/ عمرو خالد «مشروع بلدة طيبة» لمدة خمسة أيام من الأربعاء إلى الأحد فأرجو منك تقدير ظرفى الطارئ فهل يوم الاثنين مناسب لك فى الصباح.
وأرسلت له هذه الرسالة: أنا لم أتخذ أى خطوة إلا بعد موافقتك ولا أدرى ماذا أفعل الآن وأحاول الاتصال على الرقم الجديد الذى أرسلته دون جدوى.. ماذا أفعل الآن.. شارل
وجاءنى هذا الرد: لا بأس أخى الكريم نحن على موعدنا السابق ولكن سيكون اللقاء مساء وذلك بسبب جدول مواعيد الدورة التدريبية المكثفة مع أ/ عمرو خالد فأهلاً وسهلاً بك.. وهذا آخر كلام.
وبالفعل سافرت على الخطوط الوطنية «مصر للطيران» إلى صنعاء.. حطت الطائرة فى اليمن.. درجة الحرارة ٤ درجات.. الساعة تقترب من الرابعة فجراً بتوقيت اليمن.. تقدمت إلى ضابط الجوازات ذى الملامح المصرية.. قام بتقليب جواز السفر.. تأكد من الصورة.. الرجل رآنى وفرائسى ترتعد من البرد.. قال لى مازحاً: القاهرة حر.. جاء ردى: «نار» ما هذا البرد.. رد بلهجة مصرية: الجو اتغير.. سألته هل يوجد تاكسى إلى الفندق.. قال: نعم بالخارج.. وسألته كم أعطى له أجرة.. قال: ١٥٠٠ ريال.. وختم الباسبور بختم الدخول، وأثناء ذلك سألنى: لماذا حضرت؟ قلت: لحضور خليجى عشرين، وفسحة وسياحة.. يبدو أن الإجابة لم تكن مقنعة خاصة أننى عرفت بعد ذلك أن الدورة تم تنظيمها فى «عدن» التى تبعد عن صنعاء ٥٠٠ كيلو متر تقريباً.. هذا الحوار لم يستغرق دقيقتين وفى الطريق من المطار إلى الفندق وكان يوم الجمعة ٤/١٢، والمسافة لا تتعدى ٨ كيلو مترات.. أوقفتنا ثلاثة «مفارز» كمائن فالتشديد الأمنى فى صنعاء غير عادى.. قوات خاصة.. شرطة عادية.. شرطة عسكرية.. وتستطيع أن تعرفهم من الزى الذى يلبسونه.. ووصلنا الفندق وطلب السائق ٢٥٠٠ ريال وأعطيته ٢٠٠٠ فقط خاصة أن ضابط الجوازات قال لى ١٥٠٠ فقط ووافق على الفور.. ودخلت الفندق للنوم ولكن من أين.. والقلق يقتلنى؟!
فى التاسعة صباحاً اتصلت بناصر.. مكالمة قصيرة، فهذه أول مرة أسمع صوته عبر الهاتف.. قلت: ناصر.. السلام عليكم.. شارل يحدثك.. أهلاً أخى شارل.. حمداً لله على السلامة.. موعدنا فى الثامنة والنصف فى الفندق.. مر يوم الجمعة عصيباً.. ما أسوأ الانتظار.. فى الثامنة جلست منزوياً فى أحد أركان «الرسيبشان» فى الفندق.. الصالة واسعة جداً.. والبوابة الإلكترونية لا يدخل منها أحد.. فصنعاء تنام فى السابعة.. وفى الثامنة والنصف تماماً دخل رجل متوسط الجسم معه شابان صغيران ورجل ملتح عبر البوابة الإلكترونية.. وتبينته عندما اقترب.. هو ناصر البحرى.. شاب أسمر قوى البنية متوسط الطول ملتح بلحية خفيفة.. وأشرت له بيدى حتى لا يسأل عنى فى «الرسيبشان» وتصافحنا وكنت قد جهزت مكاناً لإجراء الحوار هادئاً ولا يزعجنا فيه أحد. وبدأنا الحوار وأنهيناه فى ليلتها وسهرنا حتى بعد منتصف الليل. واتفقت معه على أن أقوم بتصويره عدداً من الصور فى الشمس بخلاف التى قمت بها أثناء الحوار وجاءنى فى اليوم التالى السبت ودعانى إلى منزله وذهبت معه والتقطت له الصور اللازمة وغادرت إلى القاهرة فى اليوم نفسه.. ووصلت إلى مصر فجر يوم الأحد.. كل هذا فى شهر ديسمبر الماضى قبل الثورات التى اجتاحت الدول العربية.
وإلى الحوار:
■ كيف كانت بداية التحاقك بالقاعدة، وكيف انضممت إليها، وهل تم تجنيدك أم كان اختياراً منفرداً بمحض إرادتك؟
- بالنسبة لانضمامى إلى القاعدة لابد قبل أن أذكر ذلك أن تعرف الناس أننى شاب عربى مسلم يعيش فى بيئة عربية.. أعانى مثلما يعانى كل الشباب العربى من الواقع العربى.. وأنا شاب تأثر بالواقع الحادث فى فلسطين والصومال والبوسنة وغيرها.. هذه المآسى بالتأكيد أثرت فىّ، وزاد من المسألة عندى أننى تدينت، وأخذت طريق التدين عام ١٩٨٦.. وأنت تعلم جو التدين والآيات القرآنية.. وجو الجهاد والعالم الإسلامى وتاريخ الصحابة يبعث فيك الأمل أن تفعل شيئاً.
فى هذه الفترة من ٨٦ بدأ نجم الجهاد الأفغانى فى السعودية وفى عامى ٩٠-٩١ ومع فترة انتهاء الغزو السوفيتى لأفغانستان كان الجهاد الأفغانى فى السعودية قد أصبح قوياً، وفى هذه الفترة كان عمرى ١٦ عاماً، وكنا لا نسمع من الصحافة سوى عن الجهاد الأفغانى، وفجأة نمشى فى شوارع جدة نجد الشباب السعودى العائدين من أفغانستان يلبسون الزى الأفغانى، ومع الخلفية التى تأثرنا بها، فعندما نرى هؤلاء الشباب فى زيهم كنا نتخيل أنفسنا أمام الصحابى فلان أو فلان.. إضافة إلى كناهم فهذا أبومصعب وذاك أبوالحارث وعندما نجلس معهم ونسمعهم تصبح طموحاتنا هى الخروج للجهاد فى سبيل الله.
ودارت الأيام فى نهاية ١٩٩٠، ومع الانسحاب السوفيتى من أفغانستان العالم كله كبّر وصيّح للمجاهدين، والعالم كله كان «يدندن» وتزامن ذلك خلال عامى ٩٠-٩١ أثناء أزمة الكويت، التى غزا فيها صدام الكويت فتقدمنا فى هذه الفترة مع بعض شباب الحى، للقتال ضد حزب البعث العراقى.. من أجل ماذا؟ ليس من أجل أن تبعث كافراً أو مسلماً، ولكن من أجل رد المحتل، وكنا شباباً صغاراً، وكانت تلك أفكارنا ولم تكن الأبعاد الفكرية والعقائدية قد تشكلت عندنا، وبعد أن كتب الله ما كتب، وبعدها بأيام تدخلت القوات الدولية، وتحررت الكويت وحدث ما حدث وقتها.
إلى أن بدأت أحداث البوسنة تظهر على مسامع الناس فى عام ١٩٩٣، وبدأ المجاهدون فى التوافد إلى البوسنة، وبدأت فى السعى فى هذه المسألة.. وقررت الخروج إلى البوسنة، وسألت عن الكيفية إلى أن رتب لى بعض الشباب الذهاب إلى هناك.
■ هل سارت الأمور بشكل طبيعى؟
- نعم.. وسافرت إلى البوسنة، حيث خرجت من السعودية إلى اليمن ومن اليمن إلى البوسنة.
■ ما جنسيتك.. هل أنت سعودى أم يمنى؟
- جنسيتى يمنية، وأنا من مواليد السعودية عام ١٩٧٢، وتحديداً مدينة جدة.
■ لماذا ذهبت إلى اليمن؟
- اليمن كانت لى فى بداية أيامى محطة ترانزيت فقط، حيث أحضر إليها لكى أغير جواز السفر.
■ هل كانت لك علاقة بالجهاديين فى اليمن؟
- لا.. لم تكن لى أى علاقة بالجهاديين هناك بتاتاً إلا فى أرض الجهاد فقط، ودارت الأيام وذهبنا إلى البوسنة.
■ ولكن هل كان والدك موافقاً على سفرك للجهاد؟
- بالطبع لا، وكان رافضاً للفكرة تماماً.
■ وماذا عن والدتك؟
- والدتى كانت متأثرة بالجو العام، وكان التفاهم معها سهلاً وكنت أستطيع إقناعها.
■ إذن أنت ذهبت إلى البوسنة دون موافقة والدك؟
- نعم.. لم أستأذن منه.
■ هل سافرت إلى البوسنة، وأنت تستند إلى فتوى معينة؟
- نعم كنا نقرأ فتاوى الشيخ عبدالله عزام، وأخذنا بعض فتاوى مشايخ السعودية مثل عبدالعزيز باحاذق، والشيخ خالد الحرب المعروف بالحربى، وكذلك فتاوى بعض طلبة العلم فأفتونا بأنه «فرض عين».
■ ماذا تقصد بفرض عين؟
- أقصد أنه لا تحتاج إلى موافقة أبيك، لأن فرض العين هو ألا تستأذن المرأة من زوجها ولا الولد من أبيه ولا العبد من سيده.
■ متى وصلت إلى البوسنة؟
- عام ١٩٩٤.
■ ما تفاصيل ذهابك إلى اليمن وخروجك من السعودية ثم ذهابك إلى البوسنة؟
- استخدمت ورقة مرور من السفارة اليمنية بموجب شهادة ميلادى، فأنا يمنى الجنسية ومواليد جدة، واتجهت إلى صنعاء مباشرة، وكانت تلك هى المرة الأولى فى حياتى التى أخرج فيها من السعودية.
■ إذن لم تكن تحمل جواز سفر؟
- نعم واستخرجته من صنعاء فور وصولى.
■ هل تحدثت مع أسرتك فور وصولك إلى صنعاء؟
- لا.. لم أحدثهم إلا بعد مرور عام من سفرى، وكانوا يستشعرون أننى فى البوسنة.
■ بعد أن استخرجت جواز السفر.. هل كانت بياناتك به صحيحة؟
- نعم.. باسمى الكامل الحقيقى.
■ هل اتجهت إلى البوسنة مباشرة؟
- لا.. توجهت إلى تركيا ثم إلى البوسنة.
■ هل نسقت مع أى تنظيم وقتها؟
- لا، لم تكن لى علاقة بأى من الجهاديين فى أى مكان وكان ذهابى بشكل فردى وعن قناعة شخصية.
■ هل كان معك أفراد آخرون؟
- نعم بعض الشباب وفى اليمن.. بعض الشباب قال لنا هناك من سيساعدكم فى إسطنبول.
■ ما نوع تلك المساعدة؟
- استخراج وتقديم الأوراق والفيزا التى سندخل بها إلى البوسنة.
■ كم كان عمرك أثناء وصولك البوسنة؟
- ٢١ عاماً.
■ كيف تذهب إلى مكان لا تعرفه للقتال وأنت غير مدرب؟
- لم يكن لدىّ أى نوع من أنواع التدريب، ولكن كنت مستعداً للتضحية بنفسى كمجاهد فى سبيل الله.
■ كيف ومتى تم تدريبك؟
- عندما وصلنا إلى البوسنة استقبلنا أخ مسؤول عن الشباب اسمه عيسى المصرى وكان عضواً فى الجماعة الإسلامية فى مصر.
■ هل الجماعة الإسلامية كانت منتشرة داخل البوسنة؟
- نعم.. فى الداخل.
■ إذن أنت انضممت إلى الجماعة الإسلامية فى البوسنة؟
- لا.. ولكن إلى كتيبة المجاهدين التى تديرها الجماعة الإسلامية وأنا خارج للجهاد فى البوسنة وليس للانضمام إلى الجماعة الإسلامية التى لها أهدافها الخاصة فى ذلك الوقت فى مصر.
■ حتى عندما وصلت إلى البوسنة كنت لاأزال غير منتم إلى أى تنظيم؟ إذن كيف تم تدريبكم؟
- إذا كان الأخ المجاهد له سابقة جهاد فى مكان معين يبقى فى المعسكر التدريبى أسبوعاً وإذا كان جديداً يبقى ٤٥ يوماً يتدرب فيها على فنون القتال.
■ هل تدريبكم تم نهاراً أم ليلاً؟
- التدريب كان بالنهار وأحياناً ليلاً كنوع من الاستنفار.
■ كم عدد ساعات التدريب بالنهار؟
- ١٢ ساعة، وأحياناً ٢٤ ساعة.
■ هذا التدريب شاق.. هل مشقة وصعوبة التدريب جعلت بعض شباب المجاهدين يعود من حيث جاء؟
- نعم.. ولكننا كنا نحفزهم على البقاء ونذكرهم بأننا جئنا ابتغاء مرضاة الله.
■ ما نوعية التدريبات التى تدربتم عليها؟
- الدورة التدريبية مقسمة إلى ثلاثة أجزاء.. الأول هو التدريب على الأسلحة الخفيفة مثل الكلاشينكوف، والثانى استعمال الخرائط والتحرك عبر دراسة حركة النجوم، والثالث وهو الأصعب تدريس المتفجرات العادية ومسألة زراعة الألغام وكيفية رسم خريطة لتلك الألغام والتمييز بينها، إضافة إلى التدريبات البدنية.
■ على ذكر الجماعة الإسلامية وكتيبة المجاهدين.. هل كان أميركم مصرياً أم من جنسية أخرى؟
- أميرنا كان جزائرياً والكتيبة بها ليبيون وأردنيون ومصريون.
■ كم شهراً مكثت فى البوسنة؟
- مكثت فى البوسنة حتى منتصف عام ١٩٩٥ وتحديداً حتى شهور الصيف التى اشتعلت فيها المعارك، وشاركت فى معركة «بدر البوسنة».
■ ما موقعك على الجبهة؟
- فى الخطوط الخلفية كنوع من الإسناد للمهاجمين، لأن المقاتلين كانوا مقسمين إلى خط أول وخط ثان ومجموعة إسعاف ومجموعة إمداد مدفعية، وأخرى للنقل وأخرى للتمشيط وأنا كنت فى مجموعة الإسناد والتمشط.
■ ماذا تعنى بالتمشيط؟
- تنظيف المنطقة من الألغام وسحب الجرحى وتسليمهم إلى مجموعة الإسعاف.
■ كيف تقيّم دور المجاهدين العرب فى حرب البوسنة على ضوء مشاركتك فيها؟
- البوسنيون أنفسهم اعترفوا بأن المعارك التى خضناها كانت قوية لدرجة أن على عزت بيجوفيتش قال عن المجاهدين العرب والأجانب إنهم استطاعوا قلب موازين المعركة داخل أوروبا.