يقظة الأم ضرورية لحماية الطفل من الأمراض النفسية
السلامة النفسية من أهم المجالات الصحية التي يجب أن توليها الأمهات اهتماما خاصا، وتعتني بها لتضمن طفلا سويا.
في كتاب "الصحة النفسية للطفل" توضح الباحثة إيمان محمود، المفهوم العلمي للصحة النفسية للطفل وعلاج الاضطرابات النفسية لديه، والأمراض التي غالبًا ما تكون نتاج تنشئة خاطئة من الأبوين والبيئة المحيطة بالطفل في المراحل الأولى من حياته.
وتقول الباحثة "الصحة النفسية للطفل من وجهة نظر الطب النفسي: "من خلال الجلسات الفردية وجلسات العلاج النفسي الجمعي ينكشف الستار عن اضطراب العلاقة بين الأبناء والآباء، ويكون هذا الاضطراب من أهم العوامل المهيئة والمرسبة للاضطرابات النفسية لدى الطرفين، وفي أغلب الحالات تضطرب هذه العلاقة دون قصد".
هناك أسباب عديدة يمكن أن تدفع الوالدين إلى أن يذهبوا بالطفل إلى الطبيب النفسي، منها أن يكون الطفل شديد الخجل أو لديه مشكلات في تكوين صداقات أو أنه يشعر بدرجة كبيرة من الحزن أو الخوف أو القلق، ولهذا يمكن أن يكون ذهاب الطفل إلى الطبيب النفسي هو الطريقة المثلى للحديث عن مشاعره.
وعن كيفية التعامل مع الطفل المريض، تنصح المؤلفة: "أولًا استشر طبيب طفلك، واطلب منه أن يجري فحصًا طبيًا شاملًا لطفلك، وأخبره عن التصرفات التي تشغل بالك، اسأل طبيبك عما إذا كان الأمر يحتاج إلى مزيد من التقييم أو المعالجة من قبل اختصاصي في المشاكل السلوكية للأطفال، كما يمكنك أن تتصل بمدرسة طفلك، حيث يمضي الأطفال قسمًا كبيرًا من يومهم في المدرسة، لذلك من الممكن أن يساعدك المعلمون ومستشارو المدرسة في التعامل مع طفلك المريض".
وترصد الباحثة الأمراض الناتجة عن تراجع الصحة النفسية للأطفال، فتشير إلى الاكتئاب: "يعتبر الاكتئاب والحزن في نظر الكثيرين شيئًا واحدًا وهذا ليس غريبًا، فمما لا شك فيه أن الحزن يمثل جانبًا مهمًا من جوانب الاكتئاب التي قد تأخذ أشكالًا وصورًا عدة، والاكتئاب الشائع هو رد الفعل الطبيعي لفقدان عزيز بالفراق أو الموت، وقد يكون الاكتئاب أحيانًا نتيجة الشعور المتكرر بالإحباط.
وترى أن علاج الاكتئاب عند الأطفال يكون برفع كل العوامل المسببة لهذا الإحباط، وذلك من خلال إخراج الطاقة المكبوتة عند الطفل، حيث يمثل اللعب المتنفس الوحيد له، كذلك يجب أن يترك الآباء مساحة يعبر الأبناء من خلالها عن أنفسهم، مع قيام الأم بالملاحظة المستمرة لكل التغيرات التي تطرأ على طفلها.
ومن وسائل الوقاية من اكتئاب الأطفال، تنمية شعور الطفل بالكفاءة والاستقلالية والرضى عن الذات، تجنب طلب الكمال من الطفل وإلزامه بقوانين متشددة، لأن إلقاء اللوم على الطفل يجعله أكثر عرضة للاكتئاب من غيره، وتعويد الطفل على محاولة التغلب على المشكلات أو العوائق، حتى لا يشعر بالعجز أمامها، وتشجيعه على التعبير عن ذاته وانفعالاته من خلال التواصل معه واحترام آرائه ومشاعره.
أما عن مشكلة "التلعثم" فتعرفه الباحثة بعدم قدرة الطفل على التكلم بسهولة فتراه يتهته ويجد صعوبة في التعبير عن أفكاره، فتارة ينتظر لحظات حتى يتغلب على خجله، وأخرى يعجز تمامًا عن النطق بما يجول في خاطره. هناك الكثير من العوامل التي تساهم في حدوث التأتأة وأهمها: الوراثة: ففي %60 من الحالات يكون هناك أحد الأقارب مصابًا بالتأتأة أيضًا، كذلك وجود مشاكل أخرى في الكلام عند الطفل أو مشاكل تطورية، وجود اختلافات في مناطق معالجة اللغة في الدماغ عند المصابين بحالة التأتأة، بحيث يتم المعالجة في أكثر من مكان في الدماغ.
وإذا استمر التلعثم أكثر من شهرين، فمن المهم التوجه إلى التشخيص وتلقي الإرشاد لدى اختصاصي النطق، وفي المقابل هناك علامات تحذير يستطيع الأهل في البيت تمييزها: يستمر الطفل في التأتأة بعد سن خمس سنوات، ويخاف من الحديث أو أنه لا يتكلم، مع وجود حالات من التلعثم المرضي في العائلة.
وتتناول المؤلفة، مرض التوحد فتعرفه، بأنه إعاقة متعلقة بالنمو عادة ما تظهر خلال السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل، وهي تنتج عن اضطراب في الجهاز العصبي، مما يؤثر على وظائف المخ، ويقدر انتشار هذا الاضطراب مع الأعراض السلوكية المصاحبة له بنسبة 1 من بين 500 شخص وتزداد نسبة الإصابة بين الأولاد عن البنات بنسبة 1.4، ولا يرتبط هذا الاضطراب بأية عوامل عرقية أو اجتماعية.
ومن الأسباب التي لم يثبت دورها بشكل علمي في ظهور التوحد نذكر الحساسية الغذائية، وزيادة تركيز الفطور في جهاز الهضم، والتعرض للسموم البيئية وبعض اللقاحات، وهناك بعض الفرضيات والنظريات حول أسباب مرض التوحد أهمها؛ العوامل الوراثية "جينات"، والتسمم بالمعادن الثقيلة كالزئبق والرصاص…
وترى الباحثة أن مرض التوحد يظهر على نمطين، الأول: تلاحظ العلامات المرضية الأولية منذ الولادة وخلال السنة الأولى من العمر، والنمط الثاني: تظهر علاماته بعد السنة ونصف السنة بعد فترة تطور طبيعي.