مجزرة الفجر الكيميائي في دمشق تصدم العالم 1300 قتيل وجلسة عاجلة لمجلس الأمن


أقارب وناشطون يعاينون جثث المجزرة في دوما بمنطقة الغوطة في ريف دمشق أمس. (رويترز)

العواصم الأخرى - الوكالات
بعد يومين فقط من بدء خبراء الامم المتحدة التحقيق في ما اذا كانت اسلحة كيميائية قد استخدمت في الحرب السورية، استفاق السوريون على انباء مجزرة مروعة في بلدات الغوطة الشرقية بريف دمشق، قالت المعارضة السورية ان القوات النظامية قصفتها فجراً بصواريخ مزودة رؤوساً كيميائية مما اسفر عن مقتل اكثر من 1300 شخص بينهم عدد كبير من الاطفال والنساء والمسنين، الأمر الذي سبّب صدمة على مستوى العالم. وهذه اعلى حصيلة

لضحايا في يوم واحد منذ بدء الازمة السورية في 15 آذار 2011. وعقد مجلس الامن جلسة مشاورات عاجلة غير رسمية بناء على طلب من المملكة العربية السعودية، فيما طالبت واشنطن ولندن وباريس، دمشق بالسماح لخبراء الامم المتحدة الموجودين في العاصمة السورية بالتحقيق في الهجوم. لكن النظام السوري نفى استخدام اي سلاح كيميائي، فيما قالت روسيا ان الصاروخ المحمل بمواد كيميائية اطلق من مواقع مسلحي المعارضة ورأت في الهجوم "عملاً استفزازياً مدبراً سابقاً" بالتزامن مع بدء مهمة خبراء الامم المتحدة.
وعلمت "النهار" من ديبلوماسيين في نيويورك ان ممثلي البعثات الديبلوماسية لكل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا واللوكسمبور وأوستراليا وكوريا الشمالية وجهوا رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون طالبوا فيها بأن تتولى مهمة تقصي الحقائق عن الإدعاءات ذات الصلة باستخدام الأسلحة الكيميائية في سوريا برئاسة آكي سالستروم، والتي باشرت مهمتها في دمشق، فتح تحقيق فوري في ما يمكن أن يكون أكثر الحوادث دموية في الحرب السورية المستمرة بلا هوادة منذ نحو 30 شهراً.
وسعت دول الى اصدار بيان من مجلس الأمن خلال الجلسة الطارئة التي استمرت ساعات حتى مساء أمس بتوقيت نيويورك (فجراً بتوقيت بيروت). واستمع أعضاء المجلس الى احاطة من نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان ألياسون عن ملابسات ما حصل وفقاً للمعلومات الأولية المتوافرة. ولم يتضح فوراً ما إذا كانت موسكو ستسمح بإصدار البيان الذي يحتاج الى كل الأصوات الـ15 في مجلس الأمن. وأفاد ديبلوماسي شارك في الجلسة أن ألياسون أبلغ مجلس الأمن أن السلطات السورية رفضت التعجيل في ذهاب فريق التحقيق الى الأماكن التي قيل إنها استهدفت بأسلحة كيميائية.
وهو كان يتحدث بعيد اصدار الأمين العام للأمم المتحدة بياناً عبر فيه عن "صدمته" من التقارير عن استخدام الأسلحة الكيميائية في ضواحي دمشق، مؤكداً أن "أي استخدام للأسلحة الكيميائية من أي طرف تحت أي ظرف من الظروف من شأنه أن ينتهك القانون الإنساني الدولي". وإذ ذكر بأن سالستروم وأفراد فريقه موجودون في سوريا للتحقيق في ثلاثة ادعاءات عن استخدام الأسلحة المحرمة، شدد على أن الاتفاق مع دمشق ينص على أن الطرفين سيناقشان أيضاً، بشكل مواز، الادعاءات الأخرى والمواقع ذات الصلة بها. وقال إن "سالستروم يجري مناقشات مع الحكومة السورية في شأن جميع المسائل المتصلة باستخدام الأسلحة الكيميائية"، بما في ذلك في الغوطتين الشرقية والغربية.
الموقف الأميركي
وفي واشنطن، أبدت الادارة الأميركية "قلقها العميق" من التقارير التي تحدثت عن مقتل المئات من المدنيين السوريين في هجمات شنتها القوات الحكومية في منطقة الغوطة، بما في ذلك استخدام الاسلحة الكيميائية، وطالبت بالسماح لفريق الأمم المتحدة بمعاينة المنطقة التي تعرضت للهجمات الكيماوية لجمع الادلة الحسية.
ومع ان بيان البيت الأبيض استنكر عموماً باستخدام أي طرف الاسلحة الكيميائية، فانه لم يندد بالحكومة السورية ولم يتهمها مباشرة باستخدام الاسلحة الكيميائية في الغوطة، واكتفى بان واشنطن تعمل بشكل ملح لجمع المعلومات الاضافية. وأوضح ان الولايات المتحد طلبت رسميا من الامم المتحدة التحقيق في الاتهامات الجديدة "واذا لم يكن لدى الحكومة السورية شيء تخفيه واذا كانت ملتزمة فعلاً تحقيقاً مستقلاً وغير منحاز لاستخدام الاسلحة الكيميائية في سوريا، فعليها تسهيل عمل فريق التحقيق فورا ودون أي عوائق".
وعلى رغم ان استخدام الاسلحة الكيميائية قرب دمشق، اذا تأكد، سيكون خرقاً اضافيا ونافرا لـ"الخط الاحمر" الذي رسمه الرئيس الاميركي باراك اوباما قبل سنة تقريبا للرئيس بشار الاسد، الا انه لا يبدو ان واشنطن تعتزم تغيير موقفها الرافض للتدخل عسكرياً في النزاع السوري، لا بل ان رئيس هيئة الاركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أكد مجدداً معارضته لمثل هذا التدخل، وشكك في نيات القوى المعارضة السورية، إذ قال في رسالة الى النائب الديموقراطي اليوت اينغل: "اعتقد ان الطرف الذي نختار الوقوف الى جانبه يجب ان يكون مستعدا لتعزيز مصالحه ومصالحنا عندما يتغير ميزان القوى لمصلحته. اليوم هذا الطرف غير مستعد لذلك".
ورأى ان "الازمة في سوريا مأسوية ومعقدة. ولها جذور عميقة لدى الفئات المختلفة ونزاعاتها العنيفة على السلطة، وهي نزاعات سوف تستمر حتى بعد انتهاء حكم الاسد. وعلينا تقويم فاعلية الخيارات العسكرية المحدودة في هذا السياق".
الموقف الروسي
في موسكو صرح الناطق باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش: "أطلق صباح اليوم 21 آب على الضواحي الشرقية لدمشق من مواقع المسلحين صاروخ يدوي الصنع مماثل للصاروخ الذي استخدمه الارهابيون في 19 آذار بخان العسل، يحتوي على مواد كيميائية سامة لم تحدد بعد". وقال إن "ما يسترعي الانتباه، أن وسائل الاعلام الاقليمية المنحازة بدأت فورا، وكأنها تلقت أمرا، بهجوم اعلامي شرس، وحملت الحكومة السورية كامل المسؤولية. ويبدو انه ليس من قبيل المصادفة، كما يبدو أن ادعاءات قد ظهرت في وقت سابق، بما في ذلك في الأيام الأخيرة، نقلت عن مصادر معارضة، عن استخدام السلطات السورية الأسلحة الكيميائية، لكنها لم تتأكد في ما بعد. وإن كل ذلك لا يمكن إلا أن يبعث على التفكير في أننا نرى عملا استفزازيا آخر، مخطط له سابقاً".
وتحدث عن "دلالة اخرى تؤكد هذه الفرضية وهي توقيت ظهور هذه الأنباء، حيث تزامن ذلك مع مباشرة فريق خبراء الأمم المتحدة عمله للتحقيق في المعلومات عن استخدام السلاح الكيميائي". وأضاف أن موسكو ترى أنه من المهم "إجراء تحقيق موضوعي ومحترف في ما حدث... نحن ندعو مجدداً كل من يستطيعون التأثير على المتطرفين المسلحين، إلى بذل قصارى الجهود من أجل وضع حد للاستفزازات باستخدام مواد كيميائية سامة". وأشار إلى أن الحملة الإعلامية تهدف إلى إحباط عقد مؤتمر جنيف - 2 حول تسوية الأزمة السورية. وقال إن "كل ذلك يشبه محاولات لايجاد ذريعة لمطالبة مجلس الأمن بالوقوف إلى جانب خصوم النظام، أياً كان الثمن، ولاحظ القضاء على فرص عقد مؤتمر جنيف الذي من المقرر أن يعقد اجتماع يوم 28 آب الجاري للخبراء الروس والاميركيين للتحضير له".