بغداد/المسلة: لقاء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في بغداد الأربعاء، مع زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض كمال كيليتشدار أوغلو، يطلق اشارة تهافت دور أردوغان على الصعيدين المحلي والاقليمي، وهو خطوة عراقية صائبة في التفاهم والحوار مع الاطراف التركية المعارضة لسياسات أردوغان الاقلمية، كما يمثل صفعة عراقية بامتياز لسياسيات اردوغان التي فشلت في العراق وسوريا ومصر، وضعفت علاقاتها الى حد كبير مع دول الخليج لاسيما السعودية، بحسب مراقبين.
غير ان الزيارة بالنسبة لبعض الاطراف العراقية، غير مرحّب بها، اذ رفض رئيس مجلس النواب اسامة النجيفي استقبال زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، معبرا عن "استيائه وعدم ترحيبه بالزيارة"، مشددا على اعتبار "الزيارة غير رسمية".
ويقرأ مراقبون رفض النجيفي تعبيراً عن وجهة نظر "لمحور محلي عراقي تتناغم سياساته وأجندته مع سياسات رجب طيب اردوغان".
وكان زعيم حزب الشعب الجمهوري التركي المعارض قد وصل أمس إلى العاصمة بغداد تلبية لدعوة من رئيس الحكومة نوري المالكي لتعزيز العلاقات بين البلدين.
وفور وصوله عقد أوغلو اجتماعات مع مستشار الأمن القومي العراقي فالح الفياض ووزير الخارجية هوشيار زيباري، وتحدث بعد ذلك لمجموعة من المثقفين والسياسيين العراقين في مركز "النهرين للدراسات الاستراتيجية".
كما تناولت مباحثات أوغلو مع المسؤولين العراقيين مجمل التفاصيل الخاصة بالعلاقات التركية - العراقية والتطورات الإقليمية، ولا سيما الوضع في سوريا وخطر الجماعات الإرهابية هناك وفي المنطقة عموماً.
وتأتي زيارة كيليتشدار أوغلو للعراق في إطار انفتاح الحزب على دول المنطقة؛ إذ من المقرر أن يزور إيران وبعض دول المنطقة، وبعد ذلك أمريكا.
وتعرّض كيليتشدار أوغلو لانتقاد عنيف من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بسبب زيارته العراق، وحذرته وزارة الخارجية التركية رسمياً من أنها لن تتحمل مسؤولية ما قد يواجهه الوفد التركي من مخاطر جدية خلال الزيارة بسبب التفجيرات والهجمات التي تشهدها المدن العراقية.
وأكد كمال كيليتشدار أوغلو اثناء زيارته الى بغداد على أن "أمن العراق واستقراره من أمن تركيا واستقرارها"، مبيناً أن "عراقاً قوياً ومستقراً سيكون صمام أمان للمنطقة ولتركيا أيضاً"، لافتاً الى أن "حزب الشعب الجمهوري عارض سياسة الحكومة التركية الحالية الجانحة نحو التدخّل في شؤون الدول الأخرى".
وقال "نحن نعارض سياسة حكومتنا إزاء الأزمة السورية ويجب ان نتعلم من الدرس السوري"، معتبراً زيارته الحالية إلى بغداد "خطوة باتجاه دعم العلاقات بين البلدين وتطويرها على كل المستويات".
وكان بيان حكومي عراقي قال ان "العراق يسعى لبناء علاقات صداقة واحترام ومصالح مشتركة مع جميع دول العالم، سيما الدول المجاورة".
وأوضح أن "العلاقات الاقتصادية والتجارية بين العراق وتركيا في اتساع، والشركات التركية منتشرة في أنحاء العراق"، داعياً إلى "إصلاح صورة العلاقات الثنائية بين البلدين لأن التحديات المحدقة بالمنطقة تتطلب تكاتف الجميع لأنها لا تقتصر على جهة دون أخرى".
ويعد كمال كيليتشدار أوغلو الذي انتخب زعيماً جديداً لحزب الشعب الجمهوري العام 2010، من اقوى خصوم الحكومة التركية، محمّلا رجب طيب أردوغان مسؤولية تدهور علاقات بلاده مع دول الجوار.
وعلى المستوى المحلي، يدعو الى تنقية ديمقراطية تركيا من الشوائب التي شوهتها سياسيات اردوغان وحزبه "العدالة والتنمية"، بل ان اوغلو يعتبر اردوغان "خطرا على الديمقراطية التركية"، متهما اياه "بمحاولة هدم ارث اردوغان الذي جعل من تركيا دول ديمقراطية حديثة".
وفي معرض انتقاداته لحكومة حزب العدالة والتمية يقول اوغلو ان الحكومة الحالية هي "حكومة تنصت"، بعدما كشفت معلومات ان حكومة اردوغان تتنصت على الهواتف.
ويرفض اوغلو إقحام تركيا في الشأن السوري، وتوريطها بنشر الفوضى لدى هذه الدولة الجارة.
وفي أكثر من مرة، اتهم الحكومة التركية بإقامة معسكرات مخالفة للقانون الدولي تؤوي لاجئين سوريين، وتستخدم لتدريب مقاتلين فيما يسمى "الجيش الحرّ".
ويعتبر كيليتشدار أوغلو " المعسكرات مكانا لتدريب مسلحي المعارضة على استخدام السلاح، وتجهيزهم للعودة إلى الأراضي السورية للقتال هناك".
ويرى أوغلو أن "وجود قوات أجنبية مسلحة على الأراضي التركية، يحتاج إلى قرار من البرلمان التركي"، نافياً "حصول الحكومة على إذن بذلك، ومتسائلاً عن دواعي وجود هؤلاء المسلحين".
كما يصف سياسة (العدالة والتنمية) بالفوضوية قائلا "إنهم لا يعرفون ما الذي يقومون به تالياً وكل ما يفعلونه هو اللعب ورمي النرد والمجازفة عوضاً عن الآخرين".
يذكر أن العلاقة بين الحكومتين العراقية والتركية تشهد توتراً من جراء المواقف المتباينة بينهما في العديد من الملفات، برغم المصالح الاقتصادية الكبيرة بينهما، ومنها العلاقة بين أنقرة وأربيل لاسيما في المجال النفطي، والموقف من الأزمة السورية، والموقف التركي من قوى المعارضة العراقية.
كما مثلت قضية نائب رئيس الجمهورية المحكوم بالإعدام، طارق الهاشمي، بقضايا الإرهاب، ولجوئه إلى تركيا بعد صدور مذكرة اعتقال بحقه في (العاشر من كانون الثاني 2012 المنصرم)، من الأسباب المضافة للتوتر بين البلدين