رحلة إلى الخلود القصة التي فازت بالمركز الثالث في مهرجان السفير الثقافي الثالث، بتاريخ 17 - 8 – 2013. بقلم: فلاح العيساوي هجير الصحراء، وحرارة الشمس، والعطش الشديد، نازع الرفيقين حياتهما فانتصر. بقي السفير وحيدا غريبا في عرض البيداء، وكان الإيمان المطلق والعقيدة العظمى أقوى من الهجير وأمضى من العطش، فمضى يصارع الموت ويعانق حياة الخلود إلى أنْ شارف على تخوم الكوفة، وحل بها داعيا إلى الله والى خليفة الله ووليه المطلق، فانثال عليه أهل الكوفة يعقدون له البيعة والعهد بنصرة الولي. اِطمأن السفير وأرسل البشرى بالنصر، فقدم الإمام نحو الكوفة يجد المسير ومعه العيال والنسوة، لكن شاءت الأقدار خلاف الطموح، حيث نكص الأصحاب وهرب الأنصار واعتقل الأغلبية، وأمسى السفير يتجول في طرقات الكوفة بلا دليل، ولا هم لديه غير الحسين.. فكيف يصل إلى الكوفة، والكوفة أسيرة بيد الطغاة، والمصير مجهول !! ،، تعب النفس أقوى من تعب الجسد والحيرة أجلست مسلمعلى باب طوعه التي فتحت باب الدار فوجدت رجلا غريبا، وبعد حديث دار بينهما عرفت طوعه السفير واستضافته رغم المخاطر والصعاب وعدم الأمن والأمان. لكن النفوس الأبية تسعى دوما إلى الكمال والخلود، ولا تهاب الموت، فوشى الخائن الخاسر، ابن طوعه بالضيف الثمينمن اجل الدينار والدرهم وأيام الحياة المعدودة الفانية، وأسرع جند الشيطان، وأحاطوا بالسفير الذي أبى التسليم والانهزام، فقابلهم بقوة الكرّار، لكن الكثرة تغلب الشجاعة، والحيلة والمكر شراك الأبالسة، فأصبح السفير أسيرا بيد الطاغوت، ولا همّ له غير الحسين، فأوصى إلى ابن سعد أن يكاتب الحسين بعدم القدوم إلى الكوفة، إلاّ أنَّ النكث والخيانة يسريان في دم ابن سعد فلم يعمل بالوصية. وقف السفير أمام الطاغوت وكأنه ضرغام موثق بالقيود،لا يهاب الموت ولا يرجو من الحياة الفانية غير رضا المعبود. وكانت وما تزال عادة الطغاة قتل آمال الناس المتمثل في الرجال الكاملين، فأمر بقتل السفير، وعلى عادة الرجال العباد طلب مسلم أن يتزود من آخر لحظات الحياة الفانية، صلاة ركعتين لله عز وجل، وبعد إتمامها وقف وتوجه نحو طريق مسير الحسين وقال السلام عليك يا أبا عبد الله، فنهض الحسين وقال وعليك السلام يا مسلم بن عقيل ورحمة الله وبركاته... ومضى السفير في رحلته نحو الخلود، وبقي ذكره يتلى عبر الأجيال.