فدوى طوقان(1917 - 2003)ولدت فدوى طوقان في نابلس عام 1917 لأسرة عريقة وغنية ذات نفوذ اقتصادي وسياسي اعتبرت مشاركة المرأة في الحياة العامة أمرًا غير مستحبّ, فلم تستطع شاعرتنا إكمال دراستها, واضطرت إلى الاعتماد على نفسها في تثقيف ذاتها.
وقد شكلت علاقتها بشقيقها الشاعر إبراهيم علامة فارقة في حياتها, إذ تمكن من دفع شقيقته إلى فضاء الشعر, فاستطاعت -وإن لم تخرج إلى الحياة العامة- أن تشارك فيها بنشر قصائدها في الصحف المصرية والعراقية واللبنانية, وهو ما لفت إليها الأنظار في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي ومطلع الأربعينيات.
موت شقيقها إبراهيم ثم والدها ثم نكبة 1948, جعلها تشارك من بعيد في خضم الحياة السياسية في الخمسينيات, وقد استهوتها الأفكار الليبرالية والتحررية كتعبير عن رفض استحقاقات نكبة 1948.
كانت النقلة المهمة في حياة فدوى هي رحلتها إلى لندن في بداية الستينيات من القرن الماضي, والتي دامت سنتين, فقد فتحت أمامها آفاقًا معرفية وجمالية وإنسانية, وجعلتها على تماسٍّ مع منجزات الحضارة الأوروبيّة.
وبعد نكسة 1967 تخرج الشاعرة لخوض الحياة اليومية الصاخبة بتفاصيلها, فتشارك في الحياة العامة لأهالي مدينة نابلس تحت الاحتلال, وتبدأ عدة مساجلات شعرية وصحافية مع المحتل وثقافته.
تعدّ فدوى طوقان من الشاعرات العربيات القلائل اللواتي خرجن من الأساليب الكلاسيكية للقصيدة العربية القديمة خروجًا سهلاً غير مفتعل, وحافظت فدوى في ذلك على الوزن الموسيقي القديم والإيقاع الداخلي الحديث. ويتميز شعر فدوى طوقان بالمتانة اللغوية والسبك الجيّد, مع ميل للسردية والمباشرة. كما يتميز بالغنائية وبطاقة عاطفية مذهلة, تختلط فيه الشكوى بالمرارة والتفجع وغياب الآخرين.
على مدى 50 عامًا, أصدرت الشاعرة ثمانية دواوين شعرية ه
أهم شاعرات فلسطين في القرن العشرين، ولقبت بشاعرة فلسطين، حيث مثّل شعرها أساساً قوياً للتجارب الأنثوية في الحب والثورة واحتجاج المرأة على المجتمع.= في مساء السبت الثاني عشر من شهر ديسمبر عام 2003ودعت فدوى طوقان الدنيا عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاما قضتها مناضلة بكلماتها وأشعارها في سبيل حرية فلسطين،وكُتب على قبرها قصيدتها المشهورة : كفاني أموت عليها و أدفن فيها
و تحت ثراها أذوب و أفنى
و أبعث عشباً على أرضها
وأبعث زهرة اليها
تعبث بها كف طفل نمته بلادي
كفاني أظل بحضن بلادي
تراباً ،وعشباً ، وزهرة …
خصائص شعر فدوى طوقان
استخدمت فدوى طوقان الرمز في شعرها بصورة كبيرة
ومن ذلك ما تقوله في قصيدتها (إلى السيد المسيح وعيده) :
قتل الكرامون الوارث يا سيد
واغتصبوا الكرم
وخطاة العالم ريّش فيهم طير الإثم
فأين صاحب الكرم
والمقصود هنا استحضار الدلالة الرمزية والتي جاءت في إنجيل مرقس
حيث إن صاحب الكرم " يأتي ويهلك الكرامين " .
كما وظفت فدوى طوقان التضمين بطريقة غير مألوفة حيث
إنها لجأت في أحد المرات على سبيل المثال إلى استخدام اللغات الأجنبية
في قصيدة لها من بحر المتدارك فتقول :
وبنو عبس طعنوا ظهري
في ليلة غدر ظلماء
Open the door
Oeuvre la Porte
افتاح آت هاديلييت
افتح باب
وبكل لغات الأرض على بابي يتلاطم صوت الجند
فهي هنا استخدمت اربعة لغات : الإنجليزية ، العربية ، العبرية
والفرنسية لتعبر عن تعدد ثقافات وأصول الجنود الإسرائيليين المختلفة .
ولقد اعتمدت فدوى طوقان على الشعرالحر في نظم قصائدها
وإن كانت كتبت في الشعرالعمودي كقصيدتها في رثاء جمال عبد الناصر
على بحرالوافر (مرثية فارس) .
آثارها ومؤلفاتها النثرية والشعرية
صدرت للشاعرة عدة دواوين والمجموعات الشعرية نذكر منها:
- وحدي مع الأيام، دار النشر للجامعيين، القاهرة ،1952م.
- وجدتها، دار الآداب،بيروت، 1957م.
- أعطني حبا ً.
- أمام الباب المغلق.
- الليل والفرسان، دار الآداب، بيروت، 1969م.
- على قمة الدنيا وحيدا ً.
- تموز والشئ الآخر.
- اللحن الأخير، دار الشروق، عمان، 2000م.
ومن آثارها النثرية أيضا :
- أخي إبراهيم، المكتبة العصرية، يافا، 1946م
- رحلة صعبة- رحلة جبلية (سيرة ذاتية) دار الشروق، 1985م.
- الرحلة الأصعب (سيرة ذاتية) دار الشروق، عمان، (1993) ترجم إلى الفرنسية.
مجالات ومواضيع كتاباتهاأ – حزنها على فقدها لأخيها إبراهيم طوقان :فقد كان إبراهيم معلمها الأول الذي أخرجها بتدريسه إياها مما كانت تعانيه من انعدام تقدير المجتمع لإبداعاتها ومواهبها، ويظهر أثر موت أخوها إبراهيم جليا عندما نرها تهدي أغلب دواوينها إلى " روح أخي إبراهيم "ويظهر أيضا من خلال كتابها " أخي إبراهيم "والذي صدر سنة 1946إضافة إلى القصائد العديدة التي رثته فيها خاصة في ديوانها الأول " وحدي مع الأيام ".ب – قضية فلسطين :فقد تأثرت فدوى طوقان باحتلال فلسطين بعد نكبة 1948 وزاد تأثرها بعد احتلال مدينتها نابلس خلال حرب 1967 فذاقت طعم الاحتلال وطعم الظلم والقهر وانعدام الحرية. يقول عنها عبد الحكيم الوائلي : " كانت قضية فلسطين تصبغ شعرها بلون أحمر قان ففلسطين كانت دائما وجدانا داميا في أعماق شاعرتنا فيأتي لذلك شعرها الوطني صادقا متماسكا أصيلا لا مكان فيه للتعسف والافتعال "ج – تجربتها الأنثوية :لقد مثلت فدوى طوقان في قصائدها الفتاة التي تعيش في مجتمع تحكمه التقاليد والعادات الظالمة، فقد منعت من إكمال تعليمها ومن إبراز مواهبها الأدبية ومن المشاركة في الحياة العامة للشعراء والمثقفين ومنعت من الزواج، كل ذلك ترك أثره الواضح في شعر فدوى طوقان بلا شك وجعلها تدعوا في كثير من قصائدها إلى تحرر المرأة وإعطائها حقوقها واحترام مواهبها وإبداعاتها، مما جعلها محط احترام وتقدير غيرها من الأديبات اللاتي شاركنها نفس الفكر، فتقول عنها وداد السكاكيني: " لقد حملت فدوى طوقان رسالة الشعر النسوي في جيلنا المعاصر يمكنها من ذلك تضلعها في الفصحى وتمرسها بالبيان وهي لا تردد شعرا مصنوعا تفوح منه رائحة الترجمة والاقتباس وإن لها لأمداً بعيداً هي منطلقة نحوه وقد انشق أمامها الطريق "أوسمتها وجوائزهاكرست فدوى طوقان حياتها للشعر والأدب حيث أصدرت العديد من الدواوين والمؤلفات وشغلت عدة مناصب جامعية بل وكانت محور الكثير من الدراسات الأدبية العربية إضافة إلى ذلك فقد حصلت فدوى طوقان على العديد من الأوسمة والجوائز منها:
- جائزة الزيتونة الفضية الثقافية لحوض البحر الأبيض المتوسط باليرمو إيطاليا 1978م.
- جائزة سلطان العويس، الإمارات العربية المتحدة، 1989م.
- وسام القدس، منظمة التحرير الفلسطينية، 1990.
- جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة، ساليرنو- إيطاليا.
- جائزة المهرجان العالمي للكتابات المعاصرة - إيطاليا 1992.
- وسام الاستحقاق الثقافي، تونس، 1996م.
- وسام أفضل شاعرة للعالم العربي الخليلعمادينعمادين فدوى طوقان اعظم شاعرة عند العرب
اخترت لكمرجاءً لا تمُتْ
يا أخا الروحِ رجاءً لا تمُتْأو فخُذْ روحي معكليتني أحمِلُ عن قلبكَ مايوجع قلبكلو ترى كم رفع القلبُ إلى اللّهصلاة القلب كي يشفي بروح منه جُرحَكيا أخا الروح رجاءً لا تمُتْنقطةُ الضوءِ بعمري أنتنبراسي المضيءابْقَ لي أرجوكابْقَ الضوءَ والنكهةَ والمعنَىوأحلى صفحةٍ في سِفْر شِعريوّجَت آخرَ عمريحلمٌحلمتُ...رأيت قصائد قلبي التي لم أقلهاتموت واحدة بعد أخرىحزنتُ... وقمت إليهاألملمها جثثًا ورفاتْبكيت عليها وغسلّتها بالدموعْوسلّمتها لمهب الرياحْرجعت بخفي حنينْبكفين فارغتينوظل شرود حزين يدبّ على مقلتيّوذكرىبنيتُ لها معبدًا يتهجدُ قلبي لديهويضئُ الشموعلذكرى قصائد ماتتْوليس لها من رجوعْ
انشودة الحبكان وراء البنت الطفلةِعشرةُ أعوامْحين دعته بصوتٍ مخنوقٍ بالدمعِ:حنانك خذنيكن لي أنت الأبَكن لي الأمّوكن لي الأهلْوحدي أنالا شيء أناأنا ظلّوحدي في كون مهجورفيه الحبُّ تجمّدْفيه الحسُّ تبلّدْوأنا الطفلةُ تصبو للحبِّ وتهفوللفرحِ الطفْليِّ الساذجْللنطّ على الحبلِوللغوصِ بماءِ البركةِللّهو مع الأطفالْلتسلّق أشجارِ الدارْالقمعُ يعذبنيوالسطوة ترهبنيوالجسم سقيمٌ منهارأرفعُ وجهي نحو سماءِ الليلْأهتفُأرجُوأتوسّل:ظلّلني تحت جناحيكَأغثنيخذني من عشرة أعوامِيمن ظلمةِ أيامي خذنِيوسّعْ لي حضنَك دَعْنيأتوسَّدُ صدرَك امنحنيأمنًا وسلاميا بلسمَ جرحِ المطحونينْوخلاص المنبوذين المحرومينْخذني!خذني!يجري نهرُ الأيام يمرُّ العامُوراءَ العامِ وراءَ العامِالطفلةُ تكبَرُ والأنثىوردةُ بستانْتتفتّح والأطيارُ تطوفْوتحوم رفوفًا حول الوردةِبعد رفوفْالزّمنُ الصعْبُ يصالحهاومجالي الكوْن تضاحكهاوالحبُّ يفيضُ عليهامن كلّ جهات الدنياويطوّقها بتمائمهويباركها بشعائِرِهويساقيها من كوثرِهِما أحلى الحبّ وما أبهاه!الأنثى الوردةُ بعد سُراهاوتخبّطها في ليلِ متاههْتتربَّعُ في ملكوتِ الحبّْتصير إلههْهالاتُ النورِ تتوّجُهاوتلاطفها قُبَلُ الأنسامْما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!فيه الليلُ سماءٌ تَهْمِيتُمطر موسيقى وقصائدْوقناديلُ الكلماتِ تصبُّالضوءَ على أملٍ واعدْما أحلى الحبّْ!تتفتح فيه عيون القلبْما أحلاه حين يمسُّ شغافَ القلبِفيبصرُ ما لا يبصرهُ العقلُ ويدرِكُما لا يدركه الفكرُ ويسبرُ ما لاتبلغُهُ الأفهامْما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!كونٌ مكتملٌ ومعافىلم يتشظَّ ولم يتمزَّقْيتناسق فيه العمرُ ويمسيإيقاعًا كونيّ الأنغامْتتماهى فيهِ (أنا) مع (أنتْ)تزهو بحوارٍ موصولٍحتى في الصمتْما أحلى الحبّ وما أبهاهْ!يحيا بين يديْه رميمْتندى أرضٌ, تحضرُّ عظامْفيه الزمنُ المسحورُ يقاسُبدقّاتِ القلبِ المبهورْلا بالسَّاعاتِ يُقاس ولابتوالي الأشهرِ والأعوامْما أحلى الحبّْ!ويكيبيدياالموسوعة العالمية للادب العربي