فـى حَضْــرَةِ الـمـُصْـطـَفَى خَفـِّـفْ عـَنِ القَـلـَمِ
فالقـَصْــدُ جَــلَّ عَـــنِ الأشْــعَارِ والحِكَـمِ
قـَـدْ يـَـهْـزِجُ الطَّــيـرُ ألحَـانــًا عَلـَـى فـَنَــنٍ
أنَّى لِطَيـْرٍ دِرَاكُ الشَّـمـسِ فـــى السُّـدُمِ ؟
فَـمَـبـْـلَـغُ العِـلْــمِ لا يــَدنـُـو مـَن الحُـجُــبِ
ومَبـْلَــغُ الشِّــعْـرِ لا يـَخْـلُــو مـِنَ الحُلـُمِ
هـُــوَ الحَقـِـيقـَــةُ فـــى أجْـلـَى مـَنـَـازِلـِهـا
لم ينكرِ الحَــقَّ غـَيـْرُ الفَـــاجِـرِ البَـهِمِ
" ومَبـْـلَــغُ الــعِــلْــمِ فـِـيــهِ أنـَّـهُ بـَـشَــرٌ "
لـكنـَّـهُ اُسْـــتـُلَّ مـِـن نـُـورٍ مـِـنَ القـِــدَمِ
يــَا مَــولـِـدَ الـنـُّـورِ فــى الأكــوانِ مـَـولـِـدَه
كـالـشَّمـسِ تـَخْرُجُ فـى الظَّلْمَاءِ مـِن رَحِمِ
فـَـآذَنــَـتْ بـِـالـــزَّوالِ ظُــلْــمَــةِ الـغَــسَــقِ
لـَمـَّـا خَـطـَـوْتَ بِِـِنُـورِ اللَّـهِ فـى الحـَـرَمِ
سـَمْـحَـاً ، أمِـيـنـًا ، صَـدُوقـًا ، طـَاهراً أبـَداً
تـَأبـَى السُّــجُـودَ لغَيـْـرِ اللَّهِ فى شَـمَـــمِ
شَــقَّ الـمَلائِــكُ مِـنْـكَ الصَّــدْرَ فــى الصِّـغَـرِ
وطَهَّــرُوكَ مِــنَ الهَــوَى ومـِــن عـَتـَـــمِ
يــَـا يــَـومَ مـَــولـِــدِهِ .. آيـــَاتـُـهُ ظَــهَـرَتْ
فـى نـَـارِ كِسْـرَى ، وعَرْشٍ جِـدِّ مُـنْقَصِـمِ
ومـِــن دَلائِــــلـِــهِ الـغَــمَـــــــامُ ظـَلَّـلَـــــهُ
أنـَّـى يـَسِــيرُ يـَسِــيرُ الغَــيـمُ عـَن أمَــمِ
يـَـا مـَــن لـَــهُ جَــاءَتِ الأشْـجـَـارُ سـَـاجـدَةً
تـَـحْــنـُـو عـَلَيـهِ حُنـُـوًّا بـَالـِـغَ الرَّحَــمِ
قَـــد خَـصَّـــكَ الـلَّــه مـُــذْ وُلـِـدتَ بــِالأدَبِ
فَكُـنْـتَ قـُرآنـًـا يـَـمـْـشـِى علـَــى قـَــدَمِ
ربــَّـاكَ رَبـُّــكَ فـِــى يــُتـْـمٍ لـِـحِــكْــمـَـتـِـه
أنْــتَ العَـزِيـزُ بـِرَغْــمِ الـيـُتْمِ لَمْ تـُضَــمِ
يـَا أيـُّـهَا الــرَّحـْمَـــةُ الــمُــهْـدَاةُ لــلأُمـَــمِ
بُعِثـُتَ تـَهْدِي ، وَكـَمْ أصْلَحْتَ مِنْ ذِمَـمِ
أنْــتَ البـِشـَارَةُ فى الإنـْـجِــيلِ قـَدْ سَلَـفَــتْ
والدَّعْـوَةُ الـمِـسْـكُ مِـنْ سَـمْـحٍ ومُـخْتـَتـِمِ
أحْـيـَيـْتَ مـَـوْتـَـى عُقـُـولٍ مـِـنْ جَـهَـالَـتـِهِم
والجَهْلُ فِى النَّاسِ مِثلُ الـمَوْتِ فِى الرِّمَمِ
قَـاوَمْــتَ شِــرْكــًا عَـتـِيـًّـا بــَاتَ دَيـْـدَنـَـهُـم
فـى حَـانَةِ الخَمْـرِ ، أو فِى سـَاحَةِ الصَّنَمِ
لــَمْ تَلْـقَ مِـنْهُـم سـِوَى الإعـْـرَاضِ فى عَـنَـتٍ
تـِلْــكَ القـَبَـائـِلُ فــِى وَغـْـرٍ وفـِـى أَضَــمِ
" قَـدْ تُنْكِرُ العَـيـْنُ ضـَوْءَ الشَّـمْـسِ مِـنْ رَمَـدٍ "
والقَلْـبُ يَهْـوَى ومـِثـْلُ العَيـْنِ فِى السِّقـَمِ
حـَاربـْتَ بالسَّــيْفِ شَــــرًّا جـَـاءَ مـُنْـتَـقـِمـًا
مـَنْ يَشْكُمُ الشَّـرَّ غَيْرُ السَّيفِ فى اللُجُـمِ ؟
أُجْـبـِرْتَ لِلسَّـيْـفِ، لـَـمْ تـُجْـبـِرْ بـِهِ أَحَــدًا
والـدَّعْـوَةُ الحَــقُّ فِــى القـُــرْآنِ بـِالْكَلِـــمِ
أنـْـتَ الـمُـؤَيـَّـدُ يـَـومَ الفَـتـْـحِ قـَـدْ هـُـزِمـُــوا
يـَا سَــيِّدَ الـحُـكْـمِ بـَـلْ يـَا سَيـِّـدَ الحِكَـمِ
لــَـمْ تـَفْــشُ فـِـيـْهِم قـِـتـَالاً بـَل دَعَــوْتـَهمُـو
وكـُنـْتَ فـِيـهِـم ـ كـَمَـا ظَـنـُّوا ـ أخـا كَرَمِ
أرْلْـتَ تـَـدْعـُــو مـُلـُـوكَ الأرْضِ كـُلَّـهُـمُـــو
مـَََََا كُـنْـتَ تـَدْعـُو بـِغَـيْـرِ الـرُّسْـلِ والقَلَـمِ
لــَمْ تـَرْفَـعِ السَّــيـْفَ إلاَّ تـَحْـتَ سَـيـْفـِهِـمُـو
بـَلْ تـَغْـمِـدُ السَّيفَ مـِن عَفـْوٍ ومِـن شِـيـَمِ
لـَـو كـُـنْـتَ تَسْـعـَى لـِمـُلْـكٍ كُــنْتَ حـَــائِـزُه
مـَا كـَـانَ مـَسـْـعَـاكَ لـلأَمْـــلاَكِ والأُطُـــمِ
لـَـو كَانَ هَـمُّــكَ فـى الــدُّنْيــَـا وزُخْــرُفـِـهَــا
كُـنْـتَ الـمَـلـيـِكَ ومـِنـْكَ النـَّاسُ كَالخَـدَمِ
أنـْـتَ الإمــِـــامُ إذا مـَا الـمُـصـْـلِحـُونَ أتـَــوا
كـُـــــلٌّ لأُمـَتـــِــــــهِ وأنـْــتَ لـــلأُمـَــمِ
يـَشـْـــكُـونَ دَهـْـــرًا وأرْكـَـــانـًا مُـهـَـدَّمـَــةً
أنـْتَ الـمَــلاذُ ورُكـْــنٌ غَـيـْــرُ مـُـنْهَــدِمِ
ألـَّفـْـــتَ بـَيـْـنَ قـُلُـوبِ الـقـَـــومِ فـَاتَّحـَــدُوا
وثـَمَّ عـَـدْلـُكَ ، والأخْــلاَقُ فـِـى الــتِّـمَـمِ
مِنْ سـَطـْوَةِ الـقَـفْـرِ أو مـِن عَـيـْشِـهَا الشَّـعِـثِ
قَـامَـتْ بـِكَ الأُمـَّةُ الوُسـْـطَى مـِـنَ العَـدَمِ
فـَاضَـتْ عـُلـُـومــًا ، وقـَـــادَتْ لـِلْعـُلا أُمـَمــًا
مـِن بَعـْـدِ شِـقـْوَتِهَا فـِى العِـيـرِ والـغَـنَمِ
لـقـَــــدْ تـَرَكْــتَ رِيـَـــاضَ الـعِـلْــمِ يـَانـِعَـةً
تـَزْكُـو الحُلـُوم بِهَا فـى الضَّـوْعِ والنَّسـَـمِ
كَفـَــــاكَ رَبــُّـــكَ بـِـالــقـُــــرآنِ مـُعْـجـِــزَةً
دَامَــتْ ، وإعْــجـَازُ غَـيْـرِ اللـَّهِ لـَمْ يـَـدُمِ
إنْ لـَـمْ تـَفـِـضْ دمعًا عينٌ لسامعهِ
فالسَّـمْـعُ فى أُذُنٍ، والقـَلْـبُ فـِى الـصَّـمَـمِ
تــَـاجُ الـبـَيــَـانِ وفـِيــهِ الهَـــدْىُ والخَـبـَــرُ
لا رَيـْـبَ فـِيـهِ ، ونـُورُ الـلَّهِ فــِـى كَـلِــمِ
يـَـا سَـــيِّدى يـَـا رَسـُــــولَ الـلَّهِ بـِى رَهـَــقٌ
وجِـئْتُ أشْكُو وفـِى شـَكْـوَاىَ مـُخْـتَـصَمِى
لا زِلـْـتَ شـَـمـْـسـًـا عـَلـَى الأكْـوَانِ أجْـمَـعـِهَا
رَغْـمَ الضَـبـَـابِ سـَتَـبـْـقَى سـَـيـِّدَ السَّـنَمِ
يـَا رَوْحـَةَ الـمـُتـْعَـبِيـنَ، الإِفـْكُ حـَــاصَـرَنِى
وأنْـتَ لِى بَعـْـدَ رَبِّ الكَــوْنِ مـُعْـتَـصَـمِـى
هـَذا زَمــَــــــانُ الأرَاجِــــيفِ الـتِى عـَـرِيَتْ
فى مـَوْسـِمِ الشَّــرِّ، بَاتَ الحَقُ فى العَـتَـمِ
هــَــذَا زَمـَــانُ الضَّـــــلاَلاتِ الـتى حَـكَـمَـتْ
ومَـنْـطِـقِ الــذِّئْـبِ فـِى مـَرَابـِضِ الـغَـنَـمِ
أدْرِكْ حِـمَــاكَ فـَقـَــدْ دِيْـسَـــتْ قـَـدَاسـَــتُـهُ
والأُمَّـــةُ الـوُسـْــطَى نـَهْــبٌ لـِمُـغْـتـَـنِمِ
أنـَتَ الأمـَــــانُ عـَلــى الأزمـَـــانِ قـَاطـِبـَـةً
أنْـتَ الـمُــجِـيرُ وأنْـتَ اليـَومَ مـُحْـتَكَمِى
سـَـــــادَ الـتَّـجَـــبُّرُ والـتـَّـدْجِــيلُ والرَّهـَـبُ
لا فَـرْقَ بَيْنَ خَــصِـيمِى الـيَوْمَ أو حَـكَمِى
" والـسَّـــيْفُ أصْـــدَقُ أنْـبــَاءً مـِنَ الكُـــتُبِ "
والصَّـادِقـُــونَ كـَثِـيرٌ فـِى طـِــلاَبِ دَمـِـى
مـَا أَبـْقـَـتِ الـرِّيــحُ فـِى الأصْــقَاعِ مِـنْ حَدَثٍ
غَيْرَ الـدِّمـَــاءِ عَلـَى الصَّيْـخُــــودِ كـَالأُدُمِ
مـَاتَـتْ سـُــعَـادُ فـجـِـيرَانٌ بـِــذِى سـَــــلَـمِ
واسْـتَشـْرَتِ الـرِّيحُ بـَيـْنَ الـبـَـانِ والعَـلَمِ
للشاعر
عبد الجواد خفاجي