دور العاطفة و اللذة المادية في الزواج
إن محور الأسرة لا يدور حول اللذة المادية المتواجدة في العلاقة بين المرأة و الرجل. بل إن هذه اللذة لها دور محفز. فدورها دور زيت المكائن، الذي يساعد على تسهيل حركة الماكنة. و إلا فهدف الحياة بهذه الحركة التكاملية لاغير. فبداية نشوء المرء تكون حياته مليئة باللذة المادية و مفعمة بالعاطفة بين المرأة و الرجل و الاحساس الشديد بالحاجة للزواج، و كل هذا لكي يختار الشاب و الشابة الزوج المناسب بسرعة ليردوا ساحة التكامل. لكن، ليعلم الجميع، أن لا وجود للانسجام و التكافؤ المطلق في الصفات بين الزوجين. و إلا فلا يمكن أن يصل الإنسان في أجواء التكافؤ المطلق إلى رشده و نموّه. فمن فوائد هذه العاطفة الشديدة، هي أنها تجعل الشباب لا يتصعبون كثيرا في مسألة التكافؤ المطلق لكي يدخلوا إلى ميدان الحياة الزوجية بسرعة و عندها يُصدمون عند التفاتهم إلى مدى عدم التكافؤ المتوفر بينهم. فما فلسفة عدم التكافؤ إلا الحصول على الرشد و التكامل. فالحاجة العاطفية الملحة تجعل من البنت و الولد يردا حياتهما الزوجية بذكريات جميلة تساعد على استحكام العلاقة فيما بينهما و تعزيزها لتجعلهم يحسنون التعاطي مع عدم التكافؤ فيما بينهما. و كما قلنا سابقا، بأن على الزوجين شكر الباري عزوجل على أن جعل من سوء خلقهما و من عدم التكافؤ بينهما منطلقا لرشدهما و تطورهما.
الزواج و العلاقة بين المرأة و الرجل على قسمين: تكافؤ و عدم تكافؤ. و الويل لكلا الزوجين فيما لو لم يتحمل الآخر إن لم يكن منسجما معه في الصفات. و الويل لهما لو لم يعتبرا عدم الانسجام في الصفات فرصة ذهبية لرشدهما.
فمن يتصور أنه ليس بوسعه تحمل أخلاق الزوج السيئة، يجره هذا التصور إلى ترك البيت أكثر الأحيان إذ لا يعد يطيق تواجده في المنزل و هذا ما يؤدي إلى الجفاء ثم النفور فيما بينهما. مع أن الله سبحانه قد صمم معالم هذه المعيشة لهذا الأمر الذي لم يتحملاه بالتحديد. فقد صمم الله بداية المعيشة الزوجية بشكل بحيث ينشغل الاثنين و يلتذان بزغاريد الناس حواليهما وبالعاطفة الأولية و... لكي يصلا إلى هذه النقطة و يحصلا على رشدهما بتورطهما بعدم التكافؤ فيما بينهما.
فترة العقد، فرصة لمعرفة مواطن التكافؤ و عدمه.
تعد بداية الحياة المشتركة، فرصة جيدة و دورة معرفة تأهيلية للدخول إلى الحياة المشتركة. فعليهما السعي بعد العقد لدرك و معرفة الصفات المتكافئة و غير المتكافئة و دراسة آداب الدخول إلى الحياة الزوجية. و سنشير بالطبع في المواضيع القادمة إلى أن معرفة الصفات المتكافئة و غيرها صعب جدا.
اسمحوا لي أن أشير هنا إلى أحد آداب الدخول للحياة الزوجية بمناسبة الموضوع: قد تحصل للمرأة و الرجل في بداية حياتهم المشتركة جاذبة قوية و يبدأون حياتهم بالمحبة و العاطفة. ولكن لابدّ أن يأخذا بنظر الاعتبار بأن العاطفة الأولية، هي رأس مال نجاحهما في حياتهما الزوجية، وتبقى ضرورة السعي للحصول على الحب و العشق فيما بينهما، باقية في محلها. فليعلم الزوج أنه إذا رأى حبا بالغا من زوجته فإن قسي عليها منتهزا حبها وحملّها ما يفوق طاقتها، فإن هذا التحميل غير المعقول و المستمر يعد من مصاديق الصرف من رأس المال وتضييعه؛ لأنه مما يؤدي إلى زوال هذه المحبة الأولية شيئا فشيئا. فلا ينبغي صرف رأس المال بوقاحة.
إن الاسلام لايريد أن ترفع حجب الحياء بصورة مطلقة بين الزوجين. لأن بقاء شيء من الحياء ضروري لجلب محبة الآخرين و مما يساعد على بقاء المحبة فيما بينهما أكثر.