وقف تنفيذ القرار المطعون فيه
أجاز المشرع المصري للقضاء في المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري إذا طلب الطاعن ذلك في صحيفة الدعوى ورأت المحكمة أن نتائج التنفيذ قد يتعذر تداركها .
ويتضح من هذا النص أن المشرع يشترط لتلبية وقف التنفيذ ثلاثة شروط :
أولاً- أن يطلب رافع دعوى الإلغاء وقف التنفيذ:
درجت أحكام القضاء الإداري المقارن على ضرورة اتحاد طلبي الإلغاء ووقف التنفيذ في صحيفة الدعوى، ويترتب على إغفال هذا الشرط الشكلي رد طلب وقف التنفيذ وعدم قبوله والحكمة من ذلك أن وقف التنفيذ طلب متفرع عن طلب الإلغاء وتمهيداً له، كما أن القرار المطعون فيه يتمتع بالصفة التنفيذية اعتباراً من هذا التاريخ، كما أن الجمع بين طلب وقف التنفيذ وطلب الإلغاء يحقق اتحاد بدء ميعاد الطعن بالقرار إلغاءً ووقفاً لغرض تفادي الاختلاف والتفاوت في حساب هذا الميعاد " .
ثانياً- شرط الاستعجال:
ويقصد بهذا الشرط أن تنفيذ القرار يقترن باحتمال وقوع نتائج لا يمكن تداركها فيما لو انتظر الأمر لحين الفصل في موضوع دعوى الإلغاء، لذلك منح المشرع القضاء سلطة وقف تنفيذ القرار المطعون فيه إذا انطوى تنفيذ القرار على خطورة تؤدي إلى نتائج يصعب تلافيها، خاصة وأن إجراءات دعوى الإلغاء قد تستغرق وقتاً طويلاً حتى الفصل في موضوعها بالقبول أو الرفض، على أنه يتعين إلا يخلق الطاعن حالة الاستعجال هذه أو يساهم في خلقها بسبب تقاعسه أو إهماله.
وحالة الاستعجال هذه هي حالة موضوعية تستظهرها المحكمة من وقائع الدعوى وظروفها مثال ذلك قرار حرمان الطالب من أداء الامتحان، وصدور قرار يمنع مريض من السفر إلى الخارج لغرض العلاج أو صدور قرار بهدم منزل أثري.
كما تعد القرارات المتضمنة تقييد الحرية الشخصية من أبرز صور الاستعجال لما يترتب على تنفيذها من نتائج يتعذر تداركها .
ثالثاً- شرط الجدية:
إن سلطة وقف التنفيذ مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها وبالتالي لابد لقاضي الموضوع أن يتصدى لمشروعية القرار الإداري عند نظره طلب وقف التنفيذ، كما يتصدى لمشروعيته عند نظره دعوى الإلغاء، فيكون عقيدة مبدئيه عن مشروعية القرار الإداري لكي يصدر قراره في موضوع الدعوى، فقد يصدر القاضي حكمه بوقف التنفيذ، يستتبعه حكم آخر في موضوع الدعوى يرفض دعوى الإلغاء .
وبذلك فإن الجدية التي يقوم عليها طلب وقف التنفيذ تعنى فحص القاضي بصورة أولية لمشروعية القرار الإداري، فإذا وجد أن القرار الإداري حسب الظاهر قد شابه عيب ما فأنه يصدر قراره بوقف التنفيذ، وبمعنى آخر فأن العقيدة التي تكونها المحكمة عن طلب وقف التنفيذ هي عقيدة أولية مبنية على أساس أرجحية إصدار قرارها بالإلغاء عند بحث موضوع دعوى الإلغاء .
ويمكن أن تستظهر المحكمة جدية الطلب بوقف التنفيذ من خلال فحصها الأولى لمشروعية القرار الإداري ومن خلال قرائن معينة تفيد ذلك كضئالة المستندات وكونها غير منتجة تعطي انطباعاً بعدم جدوى وقف التنفيذ، كما أن تقاعس الإدارة عن إبداء دفاعها في الدعوى أو ذكر أسباب القرار يكون مبرراً للمحكمة في إصدار قرار وقف التنفيذ .
حجية الحكم بوقف التنفيذ وتنفيذه
إذا اجتمعت في طلب وقف التنفيذ الشروط السابقة يجوز للقضاء الإداري أن يأمر بوقف تنفيذ القرار الإداري المطعون فيه، ونبين فيما يلي حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ وتنفيذه .
أولاً- حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ:
الفصل في الشق المستعجل من دعوى الإلغاء وهو طلب وقف التنفيذ، سابقاً على الفصل في موضوع دعوى الإلغاء لذلك فإن الحكم الصادر في الشق المستعجل هو حكماً وقتياً لصدوره في مسألة مستعجلة، وكما هو شأن جميع الأحكام المستعجلة، فأنه لا يقيد محكمة الموضوع عند فصلها في دعوى الإلغاء، فقد تقضي المحكمة بوقف التنفيذ ورغم ذلك تقضي في موضوع الدعوى برفض دعوى الإلغاء والعكس صحيح .
غير انه حكم قطعي فيما فصل فيه، من وقف التنفيذ أو عدمه أي أن مقومات الأحكام وخصائصها متوافرة فيه وقد استقرت أحكام القضاء الإداري على تمتع الحكم الصادر بوقف التنفيذ بخاصيتي التأقيت والقطعية .
وفي ذلك قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق في حكمها عدد 3/اتحادية/تمييز/2005 الخاص بطعن صاحب المصلحة بقرارمحكمة القضاء الاداري برفض طلب وقف الاجراءات المتعلقة بتنفيذ قرار اداري :ان القرار المميز من الاوامر على العرائض وهي من القضاء الولائي المنصوص علية في المادة (151)من قانون المرافعات المدنية المعدل وهي غير قابلة للطعن فيها تمييزا عملا باحكام المادة (153/1)من القانون المذكور اذ يتم التظلم منها لدى المحكمة التي اصدرتها وتفصل المحكمة في التظلم وقرارها عملا بحكم الفقرة (3) من المادة(153) .
ولا تقتصر حجية الحكم الصادر بوقف التنفيذ على موضوع ما فصل فيه من وقف التنفيذ أو رفضه، بل تشمل تلك الحجية المسائل الفرعية السابقة على الفصل في موضوع دعوى الإلغاء كالدفع بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى أو بعدم قبولها أصلاً لرفعها بعد الميعاد أو لأن القرار المطعون فيه ليس نهائياً .
ثانياً- تنفيذ الحكم المستعجل بوقف التنفيذ:
يؤدي الحكم بوقف التنفيذ إلى إعادة الأمور بصورة مؤقتة إلى ما كانت عليه قبل صدور القرار الإداري المطعون فيه، والسبب في تأقيت الحكم المستعجل هو لارتباطه بمصير دعوى الإلغاء فإن توصلت المحكمة عند فصلها في الموضوع إلى رفض الدعوى فأن آثار الحكم بوقف التنفيذ تنتهي وتزول قوتها، وأن توصلت إلى إلغاء القرار الإداري فأن آثار الحكم بوقف التنفيذ تمتد وتتصل بآثار الحكم بالإلغاء، وقد لا يختلف تنفيذ الحكم بوقف التنفيذ عن تنفيذ الحكم بالإلغاء، إذ يتعين على جهة الإدارة في الحالتين اتخاذ الإجراءات الإيجابية لوضعها موضع التنفيذ .
على أن الحكم بوقف التنفيذ قد يؤدي من الناحية العلمية إلى أن يصبح الفصل في موضوع الدعوى غير ذي جدوى، لأن الغاية من المطالبة بالإلغاء قد يتوصل إليها الطاعن بحصوله على الحكم بوقف التنفيذ، ويصبح عندها الحكم بالإلغاء غير ذي فائدة من الناحية العلمية، عندها تقضي المحكمة بإنهاء الخصومة في الدعوى، مثال ذلك طلب الطاعن إلغاء قرار منع سفره إلى الخارج وطلبه الحكم بوقف تنفيذه، فأن أصدرت المحكمة حكمها بوقف التنفيذ واستفاد الطاعن من هذا الحكم بأن غادر أرض الوطن، فأن الغاية من إلغاء القرار الإداري قد تحققت بوقف تنفيذه.
منقول