اكتشف باحثون من كلية طب جامعة إلينوي بشيكاغو نطاقا جزيئيا جديدا يتعلق بتكوين الجلطة الدموية يبدو أنه يخفض التجلط بدون نزيف مفرط، وهو ما يحدث بسبب تأثير جانبي لمعظم العقاقير المضادة للتجلط، حسبما أورده نيوزمديكال نت. وقال الباحثون الذين نشروا الدراسة في دورية "علوم الحياة الجزيئية والخلوية", إنهم فوجئوا بأن تثبيط أحد الإنزيمات يقلل تخثر صفائح الدم بدون نزيف غير عادي، وأدركوا فوراً أن الإنزيم قد تكون له إمكانات مهمة في علاج أمراض القلب والشرايين.
ومعلوم أنه لدى تكوين الجلطة الدموية، تبدأ خلايا الدم الصغيرة المعروفة بالصفائح في التكتل مع بعضها البعض. بينما يقوم الأسبرين وغيره من مضادات التجلط بخفض مخاطر الأزمات القلبية والسكتات عن طريق اعتراض المسار البيوكيميائي المسبب لالتصاق الصفائح ببعضها البعض لكن كل هذه العقاقير تعرض المرضى لمخاطر النزيف. وأجرى الباحثون تجاربهم على فئران مختبر محورة وراثيا بحيث تفقد الجين المسؤول عن إنتاج إنزيم بروتيني شائع الوجود في خلايا الدم يسمى "كالبين-1" بقصد تحديد وظيفة الأنزيم.
وجد الباحثون أن الفئران الفاقدة لإنزيم "كالبين-1" قد انخفض لديها تخثر الصفائح لكنها لم تشهد أي نزيف غير عادي. كما وجدوا أن هذه الفئران قد ارتفعت لديها مستويات إنزيم آخر يعرف بـ"بروتين تيروزين فوسفاتاز-1بي". وعندما أعطيت الفئران مثبطاً للإنزيم الأخير، تم استرداد التخثر المخفض إلى مستواه الاعتيادي. وعندما أجرى الباحثون تزاوجاً بين الفئران المحورة وراثياً بدون إنزيم "كالبين-1" والفئران الفاقدة لإنزيم "فوسفاتاز-1بي" لإنتاج فئران تفتقد كلا الإنزيمين، تم استرداد تخثر الصفائح الاعتيادي لدى الفئران الجديدة المفتقدة للجينين المسؤولين عن الإنزيمين.
وهكذا، خلص الباحثون إلى أن إنزيم "فوسفاتاز-1بي" يعطل إشارة تخثر الصفائح الدموية، وأن إنزيم "كالبين-1" يقوم بتنظيم نطاق ونشاط هذا التعطيل.
وقال الدكتور آثار تشيشتي أستاذ علم الصيدلة بمركز سرطان جامعة إلينوي بشيكاغو وأحد مؤلفي الدراسة، إنه نظراً لخطر النزيف المفرط، تتحتم مراقبة الأشخاص الذين يتناولون مضادات التجلط عن قرب، وتحذيرهم من تجاوز الجرعات الموصوفة لهم. وأضاف أن هذه الدراسة قد أماطت اللثام عن مجال بحثي جديد للعلاجات المضادة للتجلط بحيث تستهدف هذين الإنزيمين، بقصد تجنب الآثار الجانبية الخطرة للعقاقير المتاحة حالياً. وكنتيجة ثانوية غير متوقعة، قد يكون لارتفاع مستويات إنزيم "فوسفاتاز-1بي" لدى الفئران المحورة وراثياً وغير المنتجة لإنزيم "كالبين-1" أهمية في أبحاث مرض البول السكري والبدانة.
فالفئران الفاقدة لإنزيم "فوسفاتاز-1بي" أظهرت لبعض الوقت استجابة عالية للإنسولين ومقاومة للبدانة الناجمة عن النظام الغذائي. وينوه الباحثون بأن إنزيم "فوسفاتاز-1بي" قد تم التعرف عليه واستهدافه علاجيا لدى كثير من علماء السكري والبدانة. وتمثل الفئران المحورة غير المنتجة لإنزيم "كالبين-1" وترتفع لديها مستويات إنزيم "فوسفاتاز-1بي"، نموذجاً بحثياً جيداً لاختبار فاعلية مثبطات "فوسفاتاز-1بي