بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
وعجل فرج يوسفها الغائب ونجمها الثاقب واجعلنا من خلص شيعته ومنتظريه وأحبابه يا الله
السلام على بقية الله في البلاد وحجته على سائر العباد ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الاسم الشريف والكنية المباركة (1)


أشهر أسمائه:
علي، وقد اختار الله له هذا الاسم، كما ورد: (علي اشتق من العلي)(2).

و رسول الله () كنّاه بـ:أبي تراب في قصة معروفة(3).
ومن أشهر كناه:


أبو الحسن وأبو الحسين، وأبو السبطين و…

وهناك رواية تقول: بأن أمه سمّته عند ولادته (حيدرة)(4) ويؤيده قوله يوم خيبر: (أنا الذي سمتني أمي حيدرة)(5).
وقالوا في وجه تسميته بعلي : انه اعتلى كتفي رسول الله () وكسر الأصنام(6)، فهو (علي) من العلو والرفعة والشرف، والظاهر لأنه كان علياً في جميع الكمالات والمجالات الدينية والدنيوية وغيرها سمّاه الباري بهذا الاسم المبارك.
أما حيدرة فإنها اسمٌ من أسماء الأسد (7).. وكذلك كان أمير المؤمنين فهو أسد الله الغالب(8).
ومن أسمائه وألقابه أيضاً: (البطين) لأنه كان بطيناً من العلم.
وسُمّي (بالأنزع) لأنه أنزع من الشرك(9).
ويسمى أيضاً (بأسد الله وأسد رسوله).
وسمي بيعسوب الدين والمؤمنين(10)
وقائد الغر المحجلين(11) كذلك.
وقد سبق أن علياً مشتق من اسم الله الأعلى سبحانه، قال أبوطالب :
سميته بعلي كي يدوم له عز العلو وفخر العز أدومه(12)
وفي المناقب(13): انه لما ولد علي أخذ أبو طالب بيد فاطمة بنت أسد، وعلي على صدره وخرج إلى الأبطح ونادى:
يا ربّ يا ذا الغسق الدجــي والقمر المبتلــــج المضـــي
بيّن لنا من حكمك المقضي ماذا ترى في إسم ذا الصبي
قال: … وإذا بلوح أخضر كتب فيه:
خصصتما بالولــد الزكي والطاهر المنتجب الرضي
فإسمه من شامخ عـلــي علي اشتق من العـــلـــــيّ
قال: فعلقوا اللوح في الكعبة، وما زال هناك حتى أخذه هشام ابن عبد الملك.
فيا له من مولود طاهر.. من نسل طاهر.. في موضع طاهر! فأنى لغيره أن يحوز هذه الكرامة.
ولا عجب من تعدد الأسماء، في هذه الروايات، فإنه دليل على كمال المسمى.
مولد النور
ولد الإمام أمير المؤمنين في الكعبة المشرفة، وروي أن فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت العتيق وهي حامل بعلي فضربها الطلق فلاذت ببعض جوانب البيت وتمسكت بأستار الكعبة وأنشأت تقول:
«رب إني مؤمنة بك، وبما جاء من عندك من رسل وكتب، وإني مصدقة بكلام جدّي إبراهيم الخليل، وإنه بنى البيت العتيق، فبحق الذي بنى هذا البيت وبحق المولود الذي في بطني لما يسّرت علي ولادتي».
يقول الراوي: فرأينا البيت وقد انفتح(14) عن ظهره ودخلت فاطمة فيه وغابت عن أبصارنا (15).

وكانت ولادته (عليه السلام) في أسعد يوم من أشرف شهر في أشرف بقعة وأقدسها، وذلك في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر رجب المرجب (شهر الله) داخل البيت الحرام، علماً أن أحداً لم يولد في البيت الحرام لا قبله ولا بعده، فقد تفرد بهذه المنقبة الباهرة.
من فضائله


وقد امتاز أمير المؤمنين علي بصفات عديدة لا يسع المقام لبيانها ولو إجمالاً .. ونكتفي هنا بما أشار إليه رسول الله () في قوله: «من أراد أن ينظر إلى آدم في خلقه، وإلى نوح في حكمته وإلى إبراهيم في حلمه فلينظر إلى علي بن أبي طالب»(19).

الاعتقاد بولايته (ع)
لماذا نؤمن بالإمام علي بن أبي طالب ونعتقد بولايته؟

وما هي فوائد الإيمان بذلك؟

عن أم سلمة أنها قالت: كان رسول الله () يقول: «لا يحب علياً إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق»(20).
فأول فائدة في معرفة الإمام والاعتقاد به تعود للإنسان نفسه، فإن أمير المؤمنين (عليه السلام) كلما تعرف عليه المجتمع البشري بشكل عام والمجتمع الإسلامي بشكل خاص كلما كان يعود بالنفع عليهم وإن لم يكتسب هو من ذلك أية منفعة لنفسه، كما أنه لا يضره شيء حتى لو أساءت كل الدنيا إليه وهجرته.
فمعاوية عندما أخذ يسب ويلعن علياً على المنابر وأمر بذلك جميع ولاته، لم يتضرر به الإمام(21) أي ضرر، حيث أنه مستغنٍ عن مدحنا له على المنابر أو في المحافل العامة وإنما تضرر معاوية وتضرر المسلمون وتضررت البشرية جمعاء وحتى الأجيال القادمة..
فالمسألة بالعكس تماماً ، فنحن الذين ننتفع بمدحه ونستفيد من فضائله ومناقبه، ونتضرر إذا ابتعدنا عن نهجه وتكبّرنا عن الاقتداء به.. ومن هنا قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : (ذكر علي عبادة)(22)، فإن العبادة توجب التقرب إلى الله وتكامل الإنسان وسعادته في الدنيا والآخرة، وهكذا يكون ذكر علي فإنه يوجب السعادة الدنيوية والأخروية..
علماً بأن الذكر يشمل الذكر العملي أيضاً كما لا يخفى..
وقد أشار الإمام أمير المؤمنين إلى ذلك بقوله: «وان ههنا لعلماً جماً ـ وأشار إلى صدره ـ ولكن طلابه يسير، وعن قليل تندمون لو فقدتموني»(23).
ويمكن تقريب الصورة إلى الذهن بمثالٍ: فلو أن الناس احترموا الطبيب الذي يعيش بينهم والتفوا حوله، سوف تقل مرضاهم ولصدّ ذلك ـ نوعاً ما ـ عن أمراضهم، وحافظوا على سلامتهم وصحتهم..
أما إذا تركوا الطبيب ولم يلتفوا حوله بل أهانوه و… فستزداد أمراضهم، وتسلب راحتهم وتصبح سلامتهم وحالتهم البدنية معرضة للآفات والأمراض، أما الطبيب نفسه فلا ينتفع بنفعهم ولايتضرّر بضررهم بشكل أساسي، بل هم المنتفعون إذا اهتموا بطبيبهم وأصغوا إلى نصائحه وتوجيهاته، وهم المتضررون إذا تخلوا عنه.
وأين الطبيب من أمير المؤمنين علي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في جميع مرافق الحياة، وكل مراحل العمر، وما ذكرناه ـ آنفاً ـ ليس إلا مثالاً لتقريب الصورة لا أكثر.
ومع كل هذا، رأينا كيف ظلم بعض الناس أنفسهم وانفضوا من حول الإمام علي، ففروا من نوره الشعشاع إلى ظلماتهم الدامسة.
لقد كان يناديهم بين الحين والآخر بقوله: «أيها الناس إني قد بثثت لكم المواعظ التي وعظ الأنبياء بها أممهم، وأديت إليكم ما أدت الأوصياء إلى من بعدهم… لله أنتم! أتتوقعون إماماً غيري يطأ بكم الطريق ويرشدكم السبيل؟»(24).
في حيـــن أن على الناس أن يـــختاروا الأفضل دائماً وقد عين رسول الله () الأئمة من بـــعده حيث قال: « الخلفاء بعدي اثنا عشر»(25).
وقال: «أولهم أنت يا علي وآخرهم القائم»(26)، ولكن الناس أخّروا علياً فأخروا حظهم بذلك.
ولذلك نرى المسلمين تخلفوا باتّباعهم أمثال معاوية..

وكذلك المسلمون اليوم إذا لم يرجعوا إلى أمير المؤمنين سيكون مصيرهم السقوط والتخلف، لأن أمير المؤمنين نور إلهي يضيء الدرب لكل المجتمعات الانسانية إذا ما عملت بقوله وآمنت به واقتدت بسيرته، فهو الذي يعطي العلماء علماً، وللمجاهدين قوةً، وللصابرين صـــبراً، وللمتقين روحاً وتقوى، وللمضحّين إخلاصاً، وللسياسيين درساً، وللاقتصاديين منهجاً، وللحكام برنامجاً، وللشعب تقدماً، وحتى لغير المسلمين رحمة وعطفاً..
وهو الذي يعطي جميع ما يحتاجه الناس في الدنيا والآخرة وقد قال الشاعر(27):
من ذا بخاتمه تصـــدق راكــعــــاً وأسرها في نفسه إســــرارا
من كان بات على فراش محمـــد ومحمد أسرى يؤم الغـــــارا
من كان في القرآن سمي مؤمناً(28) في تسع آيات تلين غــــزارا
في حين اننا نرى غيرنا يقتدون بأنبيائهم وأئمتهم ـ ولو بنسبة ـ رغم عقائدهم المنحرفة، فالمسيح نبي من أولي العزم، لكن المسيحيين عرفوه بشكل غير صحيح ودون مستواه الرفيع لا بواقعه الذي نعرفه نحن المسلمون، إنهم عرفوه باعتقادات منحرفة، ومع ذلك يعملون بتعاليمه التي أرادوها ويطبقونها ويسعون إلى التبشير بها، ويقولون: بأنه المنقذ لهم في الدنيا والآخرة..
قال القرآن الحكيم: (وان منهم لفريقاً يلوون ألسنتهم بالكتاب لتحسبوه من الكتاب وما هو من الكتاب ويقولون هو من عند الله وما هو من عند الله ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)(29).
فلو عملنا - نحن المسلمون - أصحاب الاعتقاد الصحيح والرسالة المحمدية مثل ما يعمل المسيحيون أو غيرهم سنصل بأسرع وقت إلى قمة الحضارة من جديد وتأسيس حكومة المليار ونصف مليار مسلم(30)، التي دعا إليها الإسلام وأئمة أهل البيت فقال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة)(31).
وقال سبحانه: (إنما المؤمنون أخوة)(32).
وقال : (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون)(33).
وعن الإمام أمير المؤمنين قال: «من قصر في العمل ابتلى بالهم»(34).




الهوامش:
1 ـ المراد بالاسم هنا ما يعم اللقب حسب المصطلح العرفي.
2 ـ انظر المناقب: ج2 ص174 فصل في آثار حمله وكيفية ولادته .
3 ـ علل الشرائع: ص156 ب125 باب العلة التي من أجلها كنى رسول الله () أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أبا تراب.
ومعاني الأخبار: ص120 باب معنى أبي تراب.
والمناقب: ج3 ص106 فصل في تسميته بعلي والمرتضى وحيدرة وأبي تراب.
4 ـ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص12 القول في نسب أمير المؤمنين علي . والاحتجاج: ص206.
5 ـ المناقب: ج3 ص129 في غزوة خيبر حينما برز الإمام أمير المؤمنين علي إلى مرحب ارتجز وقال:
أنـا الـذي سمتني أمـي حيـــــدرة ضـرغام آجام ليث قســـــورة
على الأعادي مثل ريح صرصرة أكيلكم بالسيف كيل السنـــدرة
أضرب بالسيـف رقاب الكفــرة
وانظر كشف الغمة: ج1 ص214، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج1 ص12 القول في نسب أمير المؤمنين علي .
6 ـ المناقب: ج2 ص138، وإرشاد القلوب: ص261.
7 ـ راجع لسان العرب: مادة (حدر).
8 ـ المناقب: ج3 ص259.
9 ـ عيون أخبار الرضا : ص49، وفيه قال رسول الله () لعلي : (يا علي إن الله تعالى قد غفر لك ولأهلك ولشيعتك ومحبي شيعتك فابشر فإنك الأنزع البطين منـزوع من الشرك بطينٌ من العلم).
10 ـ اليعسوب: أمير النحل وهو أحزمهم يقف على باب الكوارة كلما مرت به نحلة شمّ فاها، فإن وجد منها رائحة منكرة علم أنها رعت حشيشة خبيثة فيقطعها نصفين، وكذلك أمير المؤمنين فهو يقف على باب الجنة فيشم أفواه الناس فمن وجد منه رائحة بغضه ألقاه في النار. (تذكرة الخواص لابن الجوزي: ص4).
11 ـ شرح نهج البلاغة ابن أبي الحديد: ج19 ص224.
12 ـ كشف الغمة: ج1 ص87.
13 ـ انظر المناقب: ج2 ص174، فصل في آثار حمله وكيفية ولادته. والفضائل: ص57 مولد الإمام علي .
14 ـ وهذا الشق موجود آثاره إلى يومنا هذا، وهو من معجزاته التي ظهرت حين ولادته، ولكن الوهابيين أرادوا محو ذلك الأثر بحجة تعمير مبنى الكعبة.
15 ـ الأمالي للشيخ الصدوق: ص132 المجلس السابع والعشرون.
16 ـ المناقب: ج2 ص174.
17 ـ روضة الواعظين: ص77 مجلس في ذكر مولد أمير المؤمنين علي .
18 ـ راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج4 ص115 ب56، فصل في قول علي : اني ولدت على الفطرة.
19 ـ أمالي المفيد: المجلس الثاني، ص14. وراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج9 ص154.
20 ـ الأمالي للشيخ الصدوق: ص 441، وانظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج8 ص119.
21 ـ كشف الغمة: ج1 ص109، والاحتجاج: ص293.
22 ـ العمدة: ص375.
23 ـ عيون أخبار الرضا : ص205.
24 ـ نهج البلاغة: الخطبة 182.
25 ـ الخصال: ص467.
26 ـ الأمالي للشيخ الصدوق: ص111.
27 ـ حسان بن ثابت.
28 ـ راجع تفسير القمي: ج1 ص255 في تفسير سورة الأنفال: الآية 2.
29 ـ سورة آل عمران: 78.
30 ـ بلغ عدد المسلمين المليارين حسب آخر الاحصاءات.
31 ـ سورة الأنبياء: 92، والمؤمنون: 52.