ارتبط اسم سجن بادوش في محافظة نينوى بتكرار عمليات فرار النزلاء وحوادث شغب في داخله على مدى السنوات الماضية التي أعقبت إسقاط النظام السابق في 2003.
ويقع السجن في ناحية بادوش الواقعة على بعد 25 كلم شمال غرب مدينة الموصل مركز محافظة نينوى وانتهت الحكومة من بنائه عام 1986 على مساحة تقدر بأكثر من كيلومترين مربعين.
ويتبع السجن لوزارة العدالة ويضم 4 آلاف نزيل على الأقل بينهم متورطون في أعمال "إرهابية"، ويعتبر ثاني اكبر السجون العراقية بعد سجن أبو غريب الذي شهد مؤخرا عملية فرار هي الأكبر في السنوات الأخيرة.
ودفعت هذه العملية التي تبناها تنظيم القاعدة أجهزة الامن العراقية إلى تشديد الامن في محيط سجون البلاد خشية تكرار تهريب سجناء مدانين بأعمال إرهابية.
ونظرا لأن سجن بادوش يظهر إلى الواجهة بمجرد الحديث عن وجود نوايا لتنظيم القاعدة بتهريب عناصره من السجون فإن السلطات الأمنية بدأت بالفعل باتخاذ تحوطات أمنية شديدة في السجن وأجرت عملية تفتيش دقيقة ومفاجئة في مهاجع النزلاء عثرت خلالها على أسلحة ورمانات يدوية ومئات من أجهزة الهاتف النقال.
وتحدث مصدر في استخبارات الجيش العراقي لـ"شفق نيوز" مشترطا عدم نشر اسمه لأنه غير مخول بالتصريح عن خفايا ما دار في السجن خلال الفترة القليلة الماضية.
وقال "بعد تكرار مسلسل هروب المعتقلين، وخاصة المتورطين بقضايا ارهابية تم تشديد الحراسات والاجراءات داخل وخارج سجن بادوش".
واضاف "تم نشر قوات اضافية من الشرطة المحلية في محيط السجن على شكل حلقة دفاع، مع نشر سياج امني من قوات الشرطة الاتحادية كخط دفاع ثاني، وفي الحلقة الخارجية تم نشر قوات من الجيش العراقي".
واعتبر ان هذه "الاجراءات المشددة اصابت السجناء بالاحباط حسب معلومات استقيناها من بعض السجناء، ناهيك عن وجود جدران كونكريتية واسيجة شائكة ومعدات اخرى، اتحفظ في الكشف عنها".
وعادة تنتشر نقاط الحراسة أمام باب السجن وفي داخله وخارجه، وتقسم ردهاته إلى قاعات خاصة بالأحكام الثقيلة والأحكام الخفيفة وقاعات للتأهيل لمن أنهى فترة محكوميته.
وبإلقاء نظرة على جدران السجن ومقدار ارتفاعها والأسلاك الشائكة التي وضعت فوقها، يظن المرء ان الهروب منه مستحيل، لكن حالات الهروب تكررت في السنوات الماضية وهو ما يثير المخاوف من شن هجوم على المعتقل شبيه بالهجوم على سجني ابو غريب والتاجي في بغداد.
وفر من سجن ابو غريب خلال الهجوم الذي وقع الشهر الماضي 500 نزيل على الاقل من بينهم قادة بارزون في تنظيم القاعدة قيل إنهم من الجيلين الأول والثاني في العراق.
وينظر إلى نينوى على أنها احد أبرز معاقل تنظيم القاعدة في العراق ولا يزال التنظيم المشدد يجد له موطئ قدم هناك وحتى أنه يفرض اتاوات على التجار وأصحاب المحال.
وقال المصدر الاستخباري في الجيش إن "قوات خاصة من الرد السريع وصلت للسجن قبيل عطلة عيد الفطر الماضي، وقامت بحملة تفتيش مكثفة ودقيقة في القاعات والاقفاص".
وبين أن "الحملة اسفرت عن ضبط اكثر من 750 جهاز محمول، بضمنها اجهزة متطورة وحديثة جدا، مع ضبط مسدسين اثنين ورمانتين يدويتين".
ونوه الى ان "بعض السجناء كانوا قد خباوا اجهزتهم داخل اجهزة وحدات التبريد (السبلت) لكن تم كشفها ومصادرتها". واستطرد بالقول "احد المعتقلين قام بابتلاع شريحة هاتفه (سيم كارت) تجنبا لوقوعها بايدي الاجهزة الامنية".
وعند وقوع الخروقات الامنية في السجون العراقية يتم الحديث على نطاق واسع بوجود تواطؤ من قبل حراس المعتقلات مع النزلاء، وهو امر لم يتمكن العراق من التخلص منه على ما يبدو نظرا لتكرار عمليات الفرار.
وأشار المصدر إلى أن النزلاء حصلوا غلى اجهزة الموبايل والأسلحة من أفراد الشرطة القائمين على حراسته، منوها إلى أن أفراد الشرطة داخل السجن "يخشون على حياتهم وحياة اسرهم بفعل تهديدات يسمعونها من المعتقلين، كما ان بعض هؤلاء الشرطة يبيعون الاجهزة للمعتقلين".
وبحسب المصدر، فان "سعر الـ (سيم كارت) الواحد هو 100 الف دينار عراقي، وسعر الجهاز المعروف باسم (صرصر) والذي هو من ارخص الاجهزة بالاسواق المحلية، يباع للمساجين بسعر 150 الف دينار، كما ان هناك اجهزة يتجاوز سعرها المليون دينار".
واستدرك بالقول "لكن مصادرة هذه الاجهزة يتيح للجهات المختصة الاطلاع عن الاتصالات بين المعتقلين وبين تنظيماتهم خارج السجن، ولابد من الاستفادة القصوى من هذه المعلومات".
ونوه المصدر الى ان "بعض المعتقلين يشترون ملعقة الطعام المعدنية الواحدة بـ 15 الف دينار، حيث يقوموا بتحويرها الى آلة جارحة، بينما جميع معدات الطعام هي من البلاستيك".
ويرى المصدر انه "من الخطا ان يكون حراس السجن الداخليون من سكنة المناطق القريبة من السجن نفسه، لان هناك تهديدات لهم ولاسرهم ويضطرون للتعامل مع المعتقلين والاستجابة لبعض طلباتهم".