عبر القرادة تنتقل أنواع شتى من البكتيريا إلى جسم الإنسان، فتتسبب في أمراض خطيرة قد يحتاج علاجها إلى سنوات طويلة،
وهو ما قد يؤثر سلبيا على حياة الإنسان. يتواجد القراد في كل مكان تقريبا بما في ذلك في حديقة المنزل مثلا.
تعاني السيدة هايكه ترابهوف العاملة الاجتماعية من عدد لا يحصى من الأعراض الصحية مثل تساقط الشعر وآلام في منطقة الكتف وظواهر الإعياء الشديد وغير ذلك. قائمة الأمراض التي تعاني منها السيدة في الخمسين من العمر طويلة حقا، فهي تعاني من الأمراض منذ أحد عشر عاما.
وكثيرا ما عزت ذلك إلى سنها المتقدم حيث تتحدث لنفسها “إنه حكم السنين على الجسد”.
و لم تكن هايكه تتوقع أنها ستعلم في يوم ما أن سبب تردي وضعها الصحي يعود الى عضة القرادة وأنها مصابة بداء” لايم” وهو المصطلح الطبي لهذا الداء. بداية أخفق طبيبها الخاص في الكشف عن المرض، حيث انتشر البكتيريا في جسدها بشكل مستمر، فتحولت الإصابة البكتيرية إلى مرض مزمن.
ولحسن حظ هايكه، اكتشف الطبيب المعالج فيما بعد سبب علتها، فوصف لها مضادات حيوية تناولتها على مدى تسعة أشهر. وسريعا ما توقفت كل أوجاعها، و”كأنها ولدت من جديد” كما تقول ، ولأول مرة منذ سنوات طوية تؤكد أنها تشعر بنفسها “في حالة جيدة”.
عضة القرادة تنقل البكتيريا هايكه كانت محظوظة جدا، لأن أجساد العديد من المرضى لا تتفاعل مع المضادات الحيوية التي وصفها الطبيب، خصوصا إذا كانت مدة الإصابة طويلة. وفضلا عن ذلك فأن أعراض هذا المرض وصوره تختلف من شخص الى آخر، حيث لا يتم التعرف عليه دائما. سبب داء لايم هو الإصابة ببكتيريا بورليا المتعددة الأصناف. وهي بكتريا تنتقل إلى الجسد عن طريق عضة القرادة من فصيلة اللبود الذي ينقل البكتيريا إلى جسم الإنسان، ويقوم بخزنها بنفسه في الغدد اللعابية أو في الأمعاء. وبانقضاضها على المنطقة الجلدية من الجسم، تحمل القرادة البكتيريا بواسطة اللعاب.
وبما أن تلك الحشرة تبقى مدفونة في المنطقة التي هاجمتها لأول مرة، لمواصلة عملية امتصاص الدم على مدى بضعة أيام، فإن تلك العملية تتيح للبكتيريا المتواجدة في أمعاء الحشرة التسلل إلى جسم الإنسان. ويحذر طبيب الأمراض الباطنية فالتر بيرغهوف من مخاطر عضة القراد، ويحث المصابين بلسعات القراد على التوجه سريعا إلى الطبيب أو “تحمل سنوات من الصراع مع أمراض مزمنة عدة”، من بينها الحمى وأوجاع الرأس وغيرها. وتعد الحمامى الهامشية وهي أحد الأعراض المعروفة التي تظهر مباشرة بعد عضة القرادة وهي عبارة عن طفح جلدي دائري الشكل ولونه أحمر لكنه غير مؤلم عموماً.
وحسب الطبيب بيرغهوف فإن العلاج في تلك المرحلة يقي المريض من مضاعفات جمة. بكتيريا متنقلة في كل بقاع العالم من جهتها، توضح هليغا كامبن الخبيرة في مؤسسة فيردريش لوفلار الألمانية العلمية، أن القراد بخلاف الحشرات الكثيرة يتغذى من الدم فقط، أي أنه “قد يصوم لأشهرطويلة” فيتربص في العشب اقتراب فريسته، إنسانا أو حيوانا قبل الانقضاض عليه. وليست كل القراد مصابة بالبكتيريا، بل يرجح الأطباء أن نسبة 25% بالمائة فقط من فصيلتها مصابة بالبكتيريا.
وتقول هيلغا كامبن أن القرادة الأنثى “تنقل العدوى إلى صغارها، فرغم أن اليرقات لا تمتص الدماء، غير أنها مصابة وبالتالي حاملة لبكتيريا بورليا”.
وتنتشر بكتيريا بورليا في مختلف مناطق العالم، وتنقسم إلى أنواع كثيرة أهمها بورليا برجدورفيري المنتشرة خصوصا في القارة الأمريكية والتي تتسبب في حالات حمى شديدة الخطورة، ثم باكتيريا بورليا جاريني وورليا أفزيلي في كل من أوروبا وآسيا. كما تعد باكتيريا البابيزيا أيضا من الباكتيريا الخطيرة التي تنقلها القرادة، فهي توصف “بالشقيقة الصغرى لداء الملا ريا”. أمام خطرلسعة القرادة، ينصح الأطباء بارتداء ملابس تغطي جميع أعضاء الجسم. وهي النصيحة التي تتبعها هايكه بعد شفاءها من المرض، وتقول إنها تفتش جسدها بالكامل قبل أن تنام لكي لا تدع للقرادة فرصة الاختفاء في الجسم، فعادة ما تحتاج الحشرة إلى وقت طويل للبحث عن مكان ملائم من الجسم قبل الانقضاض عليه.
ثقافة وعلوم