الإسلام الأكبر إسلام الروح-
قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون )
هو الإسلام النابع من أصول الدين ودين الحق .
كما قال تعالى (ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )
هو الالتفات من الأبعاد الباطنية للشريعة , وهذا البرنامج يبدأ من مقام الظاهر ويتدرج بتربية الفرد مراعيا مراتب وجوده من العقل إلى القلب فالسر وسر السر ،
و من علامات خضوع العبد تجلي العبودية في كل مراتب وجوده وسريان امتثاله من القلب إلى الجوارح والأعضاء.
وان من علامات النفاق عدم إطاعة وانقياد الظاهر للباطن فمن كان يدعي صدق الاعتقاد بالله فان اعتقاده إذا وصل إلى القلب يظهر في البدن ، والبدن ليس إلا آلة تعمل بأمر القلب كما قيل ( القلب أمير البدن)،
وبناء عليه فان الوسيلة العملية لتهذيب الباطن هي الالتزام بظاهر الشريعة دائما وان طريقة مجاهدة النفس الاماره ومحاربة الأهواء هي العمل الظاهري بما أمر الله عز وجل .
فكل ما يحدث في المرحلة الثانية أن يصبح المطلوب من السالك أن يتوجه بباطنه إلى مقاصد الشريعة , ويعلم بان الهدف ليس انقياد الظاهر والبدن فقط ، وعليه أن يجعل كل مملكة وجوده تحت سلطان الحق سبحانه ، ولعل الآية تشير إلى هذا القول ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ...) أي بكافة وجودكم ....
قول الأمير (ع) ( الإسلام هو التسليم).
وقوله تعالى لنبيه الكريم(فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما )النساء208
فقد اقسم الله بربوبيته لمحمد بأنهم لن يدخلوا إلى الإيمان الأكبر ما لم يرجعوا إلى النبي في شؤونهم وما يختلف عليهم وبينهم ويسلموا له فيما يحكم ، فالرجوع إلى النبي هو الرجوع إلى الشريعة والتسليم له هو التسليم لأوامر الله عز وجل ..
ومن هنا كان عالم الإسلام الأكبر عالم التسليم لأحكام الله وترك الاعتراض اللساني والقلبي عليها، وان من أعظم ثمار التسليم ما جاء في قوله تعالى : ( فمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه)الزمر22
قوله تعالى ( يا أيها الذين امنوا امنوا بالله ورسوله..................)
انه سبحانه وتعالى ناد المؤمنين وسماهم مؤمنين، ولو سمعنا من إنسان هذا الأمر لحملناه بجهلنا على العبث ، فكيف يطلب من الصائم الصيام ، وكيف تأمر المصلي بالصلاة أثناء صلاته ،إن هذا الأمر فيه مطلب يخبر عن مطلب عظيم ،فهو يدعوهم إلى عبور مراتب الإيمان وعدم الاكتفاء بالمرتبة الأولى منه ,
وقال سبحانه (قد افلح المؤمنون، الذين هم في صلاتهم خاشعون ، والذين هم عن اللغو معرضون ، والذين هم للزكاة فاعلون ، والذين هم لفروجهم حافظون)المؤمنون2-5
وقوله تعالى :-
( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا.....)الانفال2
وقوله تعالى :-
(الم يأن للذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق)الحديد16
فانه يعاقب الذين اكتفوا من الإيمان بمرتبته الأولى وهي الاعتقاد العقلي فعليهم أن يكتبوا هذا الاعتقاد على لوح القلب، لان صلاح مملكة الإنسان تبدأ من قلبه وإذا بقي هذا القلب سقيما فلن ينفعه شيء .
حيث قال تعالى (يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم).
قال تعالى ( واهجرهم هجرا جميلا ).
من الأمور التي ينبغي علينا أن نهجرها في هذا العالم هم الفاسقون وأهل المعاصي، وأهل اللغو والجاهلين،ويجب علينا إلغاء العادات والتقاليد ...
ولكن الهجرة هنا لا تكون بالبدن دائما وإنما تكون بترك العشرة بحسب درجات الموانع ، فإذا حددنا الذين يجب علينا هجرانهم فهم..........................
الفاسقون:-
هم الذين يتعمدون ترك الواجبات أو فعل المحرمات رغم عدم إنكارهم لأصول الدين وهم يعيشون داخل المجتمع الإسلامي ، وهؤلاء قسمين منهم اولي الأرحام لا يجوز قطعهم مطلقا ، ولكن تجوز هجرتهم إذا كانت مؤثرة في نهيهم عن المنكر ، أما غير أولي الأرحام فلا تجوز معاشرتهم بأي حال ولكن يجوز الاستفادة منهم واللقاء بهم ضمن الحياة اليومية ويكون بالنصيحة لهم لأنها من أهم العوامل المساعدة على حفظ التدين والروحانية الدخول في هذه الفريضة ، وليس بترك الفاسقين مطلقا.
وفي حديث أمير المؤمنين(ع) فيه إشارة لهذا المطلب فقال :
(وأمر بالمعروف تكن من أهله ).
أما أهل اللغو:------- فهم الذين يلتزمون بظاهر الشريعة في الإجمال ويمكن عدهم من الفاسقين ، ولكنهم لا يهتمون بالجانب المعنوي في الدين ولا يعطون لتهذيب النفس وإصلاحها قيمة وهم يعيشون على هامش هذه الحياة تاركين أمواجها تقذفهم دون علمهم بالمصير.
ولهذا الصنف من الناس تأثير مباشر على القلب من حيث إيجاد الغفلة أو التزين ،فانه قلما ينجو الفرد السالك من مرض العجب أثناء معاشرة أهل اللغو حيث يرى نفسه أفضل منهم واتقى مما يجره إلى الغفلة .