أولا: تعريف الكفالات وخطابات الضمان
الكفالة هي ضمان خاص يطمئن به الدائن إلى استيفاء حقه من المدين، وهي إما أن تكون ضمانا شخصيا أو عينيا. والتأمينات الشخصية هي ضم ذمة شخص إلى ذمة المدين للوفاء بالدين، وقد عرف الفقه الاسلامي التأمينات الشخصية بالكفالة. وتقابل هذه التأمينات الشخصية التأمينات العينية التي هي عبارة عن تخصيص مال أو مجموعة من الأموال لضمان الوفاء بحق الدائن بحيث تجعله متقدما على باقي الدائنين العاديين إذ يمكنه تتبع هذا المال في أي يد تكون وينفذ عليه بالحجز والبيع ليستوفي دينه من ثمنه بالأولوية على باقي الدائنين، ومن أهم التأمينات العينية الرهن.
اقد انتشرت التأمينات الشخصية خصوصا بعد توسع المعاملات بين الناس وقيامها أكثر فأكثر على السرعة والثقة والعلاقات الشخصية. وقد ساهم تطور العمل المصرفي في انتشار هذا النوع من التأمينات، فعرفت البنوك أولا الكفالة في شكلها التقليدي بحيث يطلب البنك من العميل تقديم كفيل يضمن الدين الذي في ذمته، وقد يكون البنك كفيلا يضمن عميله في نشأ في ذمته من ديون لدى الغير كالتجار والموردين وغيرهم. ثم تطور نظام الكفالات في المجال المصرفي، فأصبحت للكفالات البنكية أبعاد وصيغا جديدة أوجدها النظام والقانون والأعراف المصرفية واتفاق الأطراف، وأصبحت هذه الصيغ المبتكرة متميزة عن مفهوم الكفالة التقليدية، ونجد من بينها ما يسمى بخطابات الضمان المصرفية التي تقوم البنوك الاسلامية بتقديمه لعملائها.
وتعرف خطابات الضمان بأنها عبارة عن تعهد كتابي، يتعهد بمقتضاه المصرف بكفالة أحد عملائه ( طالب الاصدار ) في حدود مبلغ معين تجاه طرف ثالث، وذلك ضمانا لوفاء هذا العميل المكفول بالتزامه تجاه الطرف الثالث خلال مدة معينة.
وبهذا يجب أن يتضمن خطاب الضمان تحديد القيمة، ومدة الصلاحية، والمستفيد، بالاضافة إلى تحديد موضوع الضمان أو الغرض منه أي مناسبة صدوره مثل ضمان الدخول في مناقصة، أو ضمان تنفيذ مقاولة مباني، أو ضمان مقدم للجمارك للحصول على افراج مؤقت أو غيره، حيث إنه لا يصح استخدام الخطاب بشأن عقود أو معاملات أخرى حتى لو كانت تربط بيم الأطراف أنفسهم.
ومن ناحية أخرى يتضمن خطاب الضمان شروط سريانه، فقد ينص فيه على أن المصرف يدفع المبلغ المضمون عند أول مطالبة من الطرف الثالث خلال مدة صلاحية الضمان دون التفات لما قد يبديه العميل من معارضة. وقد يقيد الدفع بطلب مسبب مثل وجود تقصير في تنفيذ الالتزام الأصلي المبرم بين العميل والمستفيد، وذلك بموجب اشعار من المستفيد يفيد وفقا لتقديره المطلق بوجود التقصير في التنفيذ.
وللخطابات شروطها، ويخضع إصدارها لإجراءات قد تكون قصيرة أو بطيئة وطويلة بحسب مركز العميل، والتعامل السابق أو المستجد معه، وطبيعة المشروع المقدم له الضمان ودراسته، وتجميع المعلومات، ومدى الثقة ووفرة الائتمان، وتقدير الظروف الاقتصادية والأحوال الداخلية والخارجية، وكل ذلك يحتاج الى دراسة قبل إصدار الخطاب وتكوين قناعة بمدى ملاءة العميل وقدرته على الوفاء بالتزامه.
وخطابات الضمان هي إحدى عمليات البنوك الائتمانية الناشئة من مجرد توقيع البنك عليها إذ أن توقيع البنك يرتب للمستفيد نفس المزايا التي يحققها دفع مبلغ نقدي مقدما، ويقوم توقيعه هنا مقام الدفع المقدم لما يمتاز به البنك من مركز مالي جيد وسمعة مقنعة.
ثانيا: أهمية ومزايا خطابات الضمان
تقوم خطابات الضمان بدور هام في الحياة الاقتصادية، حيث إنها تمثل بديلا عن التأمين النقدي لضمان حسن تنفيذ الالتزامات الناشئة بين المتعاقدين. وهي تمنح مزايا متعددة لكل الأطراف سواء كان العميل طالب إصدار خطاب الضمان، أو المستفيد منه، أو البنك المصدر لتلك الخطابات.
مزايا خطابات الضمان بالنسبة للعميل
توفر خطابات الضمان للعميل صيغة هامة تجنبه تجميد أمواله كتأمين نقدي لدى الجهات التي يتعامل معها سواء عند دخوله في مناقصات أو مزايدات أو أي تعاقد مع الأطراف الثالثة التي تطلب هذا التأمين. وبذلك فإنه يتمكن من الاستفادة بأمواله واستخدامها في مجالات نشاطه المختلفة بدلا من تجميدها.
كما تمكن صيغة خطابات الضمان أيضا تجنب العميل اجراءات تحويل مبلغ التأمين للمستفيد المقيم في الخارج وتحمل مخاطر تغير أسعار الصرف في الفترة بين تقديم التأمين النقدي وإرجاعه.
مزايا خطابات الضمان بالنسبة للمستفيد
يعتبر خطاب الضمان بالنسبة للمستفيد ضمانا جيدا لا يقل أهمية عن التأمين النقدي، وذلك لما يتضمنه من شروط تجعل التزام البنك قاطعا ومستقلا ومجردا، لأن البنك يلتزم في خطابه بالتسديد الفوري دون شروط حتى إذا قدم العميل اعتراضا على الدفع.
وخطاب الضمان أيضا يوفر للمستفيد كثيرا من الجهد والوقت لأنه يعفيه من القيام بالاجراءات الادارية والمحاسبة المعقدة التي يحتاج إليها عادة عند ايداع التأمين النقدي أو الافراج عنه.
كما يتيح خطاب الضمان فرصة كبرى أمام المستفيد للاطمئنان على مبدأ سرية المنافسة، إذ أن ايداع التأمين النقدي يكشف بسهولة أوضاع المتنافسين وعروضهم، كما قد يضر بسير وسرية العروض، ولذلك فإن خطاب الضمان يغني عن مثل هذه الاجراءات التي تكشف مبالغ الضمان.
كما أن قبول خطابات الضمان كبديل للتأمين النقدي من قبل المستفيد يشجع الموردين والمقاولين على التقدم إلى المناقصات التي يعلن عنها للمزايا التي يحققها خطاب الضمان لهم من عدم ضرورة ايداع مبالغ نقدية وتعطيلها عن الاستثمار.
مزايا خطابات الضمان بالنسبة للبنك المصدر
إن اصدار خطاب الضمان لا يكلف البنك عادة إلا النفقات الادارية، لأن البنك في أغلب الأحيان لا يدفع قيمة الضمان للمستفيد، وإذا حدث أن دفع البنك قيمة عدد من الضمانات فإنه سوف يستوفيها من العملاء كاملة، ولا يتحمل خسارة جسيمة.
كما أن البنك عند اصداره لخطاب الضمان يطالب العميل عادة بغطاء نقدي تختلف نسبته من قيمة الضمان وفقا لدرجة الثقة والعلاقة التي تربط الطرفين، ويودع هذا الغطاء النقدي لدى البنك مما يوفر له تملك ودائع نقدية سائلة يمكنه استخدامها واستثمارها سواء على أساس المضاربة فيستحق حصة من الربح متفق عليها، او استثمارها بالكامل على مخاطرته باعتبارها أموالا مضمونة لديه من قبيل القرض.
وهناك فائدة أخرى يحققها البنك عن طريق القيام بإصدار خطابات الضمان، وهي أنها تعتبر خدمة مصرفية ذات أثر جيد يؤدي بدوره إلى استقطاب عدد أكبر من العملاء مما يجعل البنك يحقق عوائد أكبر في مجالات مصرفية أخرى متنوعة.
ثالثا: أطراف خطابات الضمان
يتضح من خلال آلية التنفيذ أن هناك أطرافا ثلاثة أساسية لخطابات الضمان، هي:
البنك الكفيل أو البنك مصدر الخطاب
وهو الذي يتعهد خطيا بدفع مبلغ معين بالنيابة عن عميله إذا ما أخل هذا العميل بشروط التعاقد أو الغرض المذكور في الخطاب، وخلال مدة صلاحية الخطاب.
المكفول أو العميل طالب الخطاب
وهو الذي يتقدم إلى البنك الكفيل بطلب الضمان، ولا يتخذ الضمان شكلا واحدا بل يتنوع حسب الغرض الصادر من أجله، ولكن هناك عامل مشترك يتمثل في أن الكفيل سيقوم بضمان المكفول في تنفيذ تعهداته الواردة في العقد المبرم بين المكفول والمستفيد.
المستفيد
وهو الجهة التي يصدر الخطاب لصالحها، ويمثل صاحب المشروع المراد تنفيذه من قبل المكفول أو الجهة التي لها حقوق مالية أو غيرها تجاه الجهة المكفولة، وقد تكون مثلا جهة حكومية أو شركات مقاولات أو غير ذلك.
كما تنشأ بين الأطراف الثلاثة علاقات تعاقدية متبادلة على النحو التالي:
· علاقة أولى بين المستفيد في الخطاب (مصلحة أو هيئة أو شركة) وعميل البنك،· ويتولد عن هذه العلاقة الالتزام محل الضمان الذى بسببه يصدر خطاب الضمان،· ويحكمها عقد المقاولة أو التوريد.
· علاقة ثانية بين العميل (المضمون) والبنك الذى يقدم الكفالة (الضامن)،· ويحكمها عقد اعتماد خطابات الضمان المحرر بين البنك وعميله.
· علاقة ثالثة بين البنك الضامن والمستفيد من الضمان،· وهي التى تلزم البنك بدفع المبلغ المضمون للمستفيد عند أول مطالبة،· ويحكمها خطاب الضمان نفسه والتعهد الوارد به.
رابعا: أنواع خطابات الضمان
تتعدد أنواع خطابات الضمان بحسب اختلاف الغرض الذى من أجله تُصدر، ومن أهم هذه الخطابات:
1- تقسيم خطابات الضمان من حيث الصيغة:
يمكن تقسيم خطابات الضمان من حيث الصيغة إلى نوعين: حطابات مطلقة وخطابات مقيدة.
خطابات الضمان المقيدة أو المشروطة هي التي تتضمن صيغتها على التزام البنك بدفع مبلغ الضمان يكون بقيد بتقديم مستندات أو حصول إخلال أو تقصير فى تنفيذ العميل لالتزاماته، فالتزام البنك معلق على شرط وجود التقصير وإن كان سلطة تقدير واثبات هذا التقصير متروك في التطبيق العملي للمستفيد نفسه دون غيره.
خطابات الضمان غير المقيدة أو غير المشروطة: وهذه تتضمن صيغتها تعهد البنك بدفع قيمة الضمان عند أول مطالبة دون قيد ولا شرط، وهو يلتزم بدفع قيمة الضمان حتى فى حالة اعتراض العميل.
2- تقسيم خطابات الضمان من حيث الغرض:
يمكن تقسيم خطابات الضمان من حيث الغرض إلى عدة أقسام بحسب اختلاف الأغراض التى يمكن أن تصادف الحياة العملية، فنجد مثلا:
خطابات الضمان الابتدائية أو المؤقتة: وهي الخطابات الخاصة بالعطاءات التى تقدم للجهات الحكومية وما في حكمها، فهذه الجهات المستفيدة من تنفيذ العطاء تطلب عادة تأمين نقدي أو خطاب ضمان ابتدائي من الشركة التى يرسو عليها العطاء، وذلك لتكفل عدم نكولها في تنفيذ العقد وتقوم بمصادرة مبلغ الخطاب في حالة النكول.
وهذا الاجراء يحمي الجهات المستفيدة من العطاء، حيث إنه تمر فترة زمنية بين تقديم العطاء وتوقيع العقد قد تتغير فيها الأسعار في غير صالح من رسا عليه العطاء أو قد يكتشف أن هناك خطأ في تقديراته فينكل عن توقيع العقد مما يلحق أضرار بتلك الجهات المستفيدة. وينتهي مفعول خطاب الضمان الابتدائي في حالة عدم رسو العطاء على الشركة المقاولة، وأيضا عندما يرسو العطاء على مقدم الضمان وقيامه بتوقيع العقد.
خطابات الضمان النهائية: وهي الخطابات الخاصة بحسن تنفيذ العقود المبرمة مع الجهات المتعاقد معها سواء كانت مصلحة حكومية أو غيرها. وهي عبارة عن تعهد بدفع مبلغ من المال بنسبة 5% مثلا من قيمة المشروع أو المناقصة مقابل حسن التنفيذ وسلامة الأداء من الشركة المقاولة، ويسري مفعول خطاب الضمان النهائي لحين اتمام تنفيذ العقد ويستحق المبلغ المتعهد بدفعه في حالة تخلف الشركة المقاولة عن الوفاء بالتزاماتها.
خطابات ضمان التمويل عن دفعات مقدمة: وهي الخطابات التى يصدرها المصرف لضمان مبالغ تصرف مقدما لعملائهم أو توضع في حسابهم، ذلك أنه في أغلب الحالات يشترط هؤلاء العملاء الذين رست عليهم العطاءات بأن تدفع لهم الجهة صاحبة العطاء دفعات مقدمة قبل بداية العمل لتيسر لهم تمويل العمليات الكبيرة المسندة إليهم. لذا تطلب منهم الجهة الدافعة خطاب ضمان من المصرف بقيمة المبلغ المدفوع لهم، ومن أجل ذلك سمي هذا الخطاب بخطاب ضمان الدفعـات المقدمة.
خطابات ضمان أخرى: هناك أنواع عديدة أخرى من خطابات الضمان، مثل خطابات ضمان سفر المدرسين فى عطل نصف السنوية أو فى أعياد وهي بواقع راتب شهرين. وخطابات ضمان للمؤسسات الجمركية لتحصيل الرسوم الواجب تسديدها من العميل. وخطابات ضمان ملاحية التي يصدرها البنك لوكلاء الشحن، وهى تتضمن كفالة تقديم بوليصة الشحن الاصلية عند وصولها ولا تتعلق بضمان دفع قيمة البضاعة المستوردة. والهدف من هذا النوع الأخير هو تمكين العميل من استلام بضاعته قبل وصول المستندات حتى يتجنب تعرضها للتلف نتيجة تخزينها بالجمارك إلى حين أن تصل المستندات الأصلية المتعلقة بها.
3- تقسيم خطابات الضمان من حيث موطن البنك المصدر:
وتنقسم خطابات الضمان من حيث موطن البنك المصدر إلى خطابات ضمان محلية وأخرى أجنبية.
خطابات الضمان المحلية: هي التى تصدرها البنوك المحلية العاملة داخل البلد بناء على طلب عملائها. ويتم فيها إصدار خطاب الضمان إما إلى مستفيد مقيم داخل نفس البلد، أو إلى مستفيد خارج البلد.
خطابات الضمان الأجنبية: هي الخطابات الصادرة عن بنوك أجنبية تعمل خارج البلد لفائدة مستفيدين محلين. ويكون فيها أحد طرفي التعاقد مقيما خارج دولة المستفيد، فيلجأ المستفيد غير المقيم إلى البنك الذي يتعامل معه في موطنه بالخارج من أجل اصدار خطاب الضمان وارساله للمستفيد في الدولة الأخرى.
4- تقسيم خطابات الضمان من حيث التغطية:
تنقسم خطابات الضمان من حيث الغطاء النقدي إلى نوعين: خطابات ضمان غير مغطاة، وخطابات ضمان مغطاة كليا أو جزئيا. ذلك أنه بمقتضى خطاب الضمان، يتحمل البنك مخاطرة الوفاء بمبلغ الضمان للمستفيد في حالة عدم تنفيذ العميل لالتزاماته، لذلك قد يطلب المصرف من العميل تقديم ضمانات لتغطية خطاب الضمان، وتتفاوت قيمة الغطاء تبعا للدراسة الائتمانية لأوضاع العميل وما وما يتولد لدى المصرف من ثقة في مركزه المالي وفي جديته في تنفيذ ما يسند إليه من أعمال.
خطابات ضمان مغطاة كليا أو جزئيا: هى الخطابات التى يطلب فيها البنك المصدر من عمليه دفع قيمة خطاب الضمان أي المبلغ المضمون بالكامل أو جزء منه، وتتراوح عادة نسبة الغطاء المطلوبة من العميل من 10 إلى 30%، ويتوقف ذلك على مدى ثقة البنك بالعميل. ويودع مبلغ الغطاء الكلي أو الجزئي فى حساب خاص يسمى " احتياطى خطاب الضمان"، ولا يحق للعميل أن يتصرف فيه حتى ينتهي التزام البنك الناشئ عن خطاب الضمان.
كما أن الغطاء قد يكون نقديا وهو أبسط صور الغطاء سواء كان ذلك بدفع المبلغ اللازم لخزينة المصرف أو بخصمه من حسابه أو تجميده، أو يكون عينيا مثل رهن عقاري مسجل في محضر العقار أو رهن أسهم في شركات أو غيرها من الأوراق المالية أو التجارية أو التنازل عن بعض الحقوق.
خطابات ضمان غير مغطاة: هي الخطابات التي لا يطلب فيها البنك المصدر من العميل تقديم أي غطاء لها. وتطبق البنوك هذا النوع إذا كان العميل شركة كبيرة تتمتع بسمعة طيبة ولديها حسابات هامة لدى البنك.
5- خطابات الضمان من حيث عدد جهات الإصدار.
يمكن أن تصدر خطابات الضمان من بنك واحد أو من عدة بنوك.
خطابات الضمان الصادرة عن بنك واحد: الأصل أن يصدر خطاب الضمان من قبل بنك واحد. ويكون هذا البنك مسؤولا عن تسديد قيمة الضمان بكامله فى حالة مصادرته، فهو الملتزم الوحيد أمام المستفيد.
خطابات الضمان الصادرة عن عدة بنوك: يعرف هذا النوع بكفالات المشاركة، وهي التي يلتزم كل بنك بأداء نسبه معينة من قيمة الضمان. وتحدث مثل هذه الحالة إذا كانت قيمة خطاب الضمان عالية وترغب البنوك فى تجزئة مخاطر السداد فيما بينها.
خامسا: خطوات تنفيذ خطابات الضمان
تخضع خطوات اصدار خطابات الضمان لمراحل أساسية وضرورية متشابهة بين البنوك وإن اختلفت في بعض جزئياتها. وتتمثل هذه الخطوات الأساسية فيما يلي:
رقم الخطوة المهمة
(1) بناء على الاتفاق التجاري بينه وبين المستفيد، يتقدم العميل إلى بنكه بطلب اصدار خطاب الضمان للمستفيد. وبعد حصول موافقة البنك على هذا الطلب يتعين على العميل توقيع نموذج الطلب وتقديم ما قد يطلب منه من شروط مثل الغطاء النقدي أو أي ضمانات عينية مطلوبة أخرى.
(2) يقوم البنك بخصم القيمة المحددة للتأمين النقدي في حالة اشتراطه بالاضافة إلى المصروفات والعمولة المقررة، وذلك من حساب العميل الآمر بإصدار خطاب الضمان.
(3) يصدر موظف البنك المسؤول خطاب الضمان، ويقوم بتسليم الأصل للعميل عادة باليد أو بإرساله مباشرة للمستفيد في حالة طلب العميل ذلك بكتاب خطي، كما يقوم بتوزيع نسخة من الخطاب للعميل طالب اصدار الخطاب لاستكمال ملفاته والمتابعة، وترسل نسخة أخرى للادارة العامة، للمراقبة بالاضافة إلى حفظ نسخة أخرى في ملف خاص.
(4) في حالة تنفيذ العميل طالب خطاب الضمان لجميع التزاماته تجاه المستفيد، وبانتهاء مدة الخطاب دون حدوث مطالبة المستفيد من البنك بالدفع، فإنه ينتهي مفعول خطاب الضمان، ولكن يحرص البنك على استرداد النسخة الأصلية من الخطاب لقفل الملف. وقد درجت بعض البنوك على اضافة شرط متعلقا باستمرار مسؤولية العميل إلى أن يسترجع البنك أصل الخطاب أو إلى أن توافق الجهة المستفيدة على إلغائه بغض النظر عن انتهاء مدته. أما في حالة اخلال العميل بالتزاماته، فإنه يستمر التنفيذ على خطاب الضمان حسب الخطوات اللاحقة.
(5) يقوم المستفيد بإرسال طلب للبنك بدفع المبالغ المضمنة في خطاب الضمان، سواء كان ذلك مرفقا بمستندات أو بدونها حسب طبيعة خطاب الضمان المصدر.
(6) يدفع البنك المصدر لخطاب الضمان فورا مبلغ الضمان، وليس له انتظار سداد المبلغ من العميل، لأن التزامه يتضمن التعهد بالدفع الفوري بمجرد طلب المستفيد.
(7) يقوم العميل طالب خطاب الضمان بسداد المبلغ المدفوع من قبل البنك لابراء ذمته.
سادسا: خصائص خطابات الضمان وأوجه التشابه مع الكفالة
إن الخصائص التي تتميز بها خطابات الضمان تشبه في معظمها خصائص عقد الكفالة المعروف في الفقه الاسلامي إذ أن تعريفات الفقهاء لعقد الكفالة متفقة مع تعريف خطاب الضمان في جوهره، وهو أنه التزام الشخص مالا واجبا على غيره لشخص ثالث. ولذلك فإن مختلف الأحكام التي نجدها في خطابات الضمان يمكن أن نجد لها أيضا أصل في الفقه الاسلامي، ومن ذلك ما يلي:
الغرض من خطاب الضمان هو تقوية مركز العميل الائتماني:
· الغاية من خطاب الضمان هي تأمينية يقصد بها تقوية مركز العميل الائتماني أي مركز المدين الأصلي تجاه المستفيد.
· وهذه الغاية مشتركة موجودة فى الكفالة أيضا،· فالكفالة عقد إرفاق وإحسان لأن فيها رفع الحرج والضيق عن المدين.
خطاب الضمان مؤقت بمدة محددة:
· تصدر خطابات الضمان كلها مؤقته بمدة محددة ينتهي الضمان بعدها.
· والكفالة أيضا يجوز توقيتها عند جمهور الفقهاء،· فيصح أن يحدد الكفيل تاريخ محدد لاحق يبدأ فيه مفعول الكفالة،· كما يصح له تحديد مدة معينة تنتهي بانتهائها الكفالة (خلافا للشافعية).
المبلغ المضمون دين ثابت واجب فى ذمة العميل أو مآله الوجوب:
· في خطاب الضمان النهائي يضمن البنك حسن تنفيذ العميل التزاماته الناتجة عن تعاقده مع المستفيد. أما فى خطاب الضمان الابتدائي فإن العميل لا يكون قد دخل في التزامات مع المستفيد،· حيث يقتصر الضمان على تأكيد جدية عرضه فيما سيلتزم القيام به. فالبنك إذن يتعهد بالضمان سواء كان هناك دين والتزام للعميل أو لم يكن هناك أي دين ولا التزام.
· وهذا الأمر مقبول فى الكفالة لأن جمهور الفقهاء أجازوا ضمان ما لم يجب،· وأعطوا مثال لذلك قول الكفيل للمستفيد داين فلان وأنا أضمنه،· كما يستدل لذلك بقوله تعالى: ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم - سورة يوسف 72،· حيث ضمن حمل البعير قبل ثبوت الحق.
المبلغ المضمون معلوم عادة وقد يكون مجهولا:
· فى خطابات الضمان،· المبلغ المضمون قد يكون معينا أو قابلا للتعين كما جاء فى عدد من تعريفات خطابات الضمان،· وإن كان فى التطبيق الغالب الأعم وجود تحديد واضح لمبلغ الضمان.
· وفى الفقه الإسلامي،· يجوز أن يكون المال المضمون في عقد الوكالة معلوما أو مجهولا عند جمهور الفقهاء لأن الكفالة مبنية على التوسع،· فيجوز مثلا أن يقول الكفيل: أنا ضامن كل ما سوف تداين به فلان،· ويكون هذا من قبيل ضمان المجهول الذي أجازه الفقهاء. ويستدل بصحة ضمان المجهول عموم حديث الزعيم غارم حيث لم يفصل بين المعلوم والمجهول.
المستفيد يطالب فقط البنك مصدر خطاب الضمان:
· فى خطابات الضمان يعود المستفيد على البنك الكفيل فقط وليس له أن يرجع على العميل طالب إصدار الخطاب.
· والأَصل فى الكفالة أن للدائن المكفول له حق مطالبة الكفيل أو الأصيل أيهما شاء مع مراعاة أن لا يستوفي حقه إلا من أحدهما بحيث إذا أخذ من واحد منهما برئ الآخر. ولكن لا يوجد ما يمنع في الفقه الاسلامي من ترتيب الكفالة بأن يطالب الدائن المدين أو الكفيل أولا،· فإن امتنع هذا الطرف يرجع الدائن على الطرف الآخر. وبهذا يمكن القول بأن المستفيد في خطاب الضمان قد أختار مطالبة البنك الكفيل،· وهذه إحدى الحالتين المقبولتين.
دفع البنك مشروط أحيانا بعدم وفاء العميل بالتزاماته:
· فى بعض أنواع خطابات الضمان،· وهي خطابات الضمان المشروطة ينص على أن البنك لا يدفع المبلغ المضمون إلا عند حصول تقصير فى تنفيذ العميل لالتزاماته.
· وهذا الأمر مقبول وموجود أيضا فى الكفالة لأنها قد تكون مطلقة،· وقد تكون مقيدة بشرط ما،· وأجاز جمهور الفقهاء تقييد الكفالة.
رجوع البنك على العميل الآمر باصدار خطاب الضمان:
· يلتزم العميل الآمر باصدار خطاب الضمان وفقا للعقد المبرم بينه وبين البنك برد كل المبالغ الي يقوم البنك بالوفاء بها للمستفيد بمقتضى خطاب الضمان،· وهذا الالتزام من العميل برد المبالغ ناشئ عن عقد الاعتماد بالضمان وليس عن خطاب الضمان الذي يصدره البنك.
· فلا يوجد ما يمنع رجوع البنك على العميل المكفول عنه في خطابات الضمان،· لأن الكفالة في الفقه الاسلامي تنقسم إلى نوعين: كفالة مع حق الرجوع على المكفول عنه وهي التي تتم بطلب المدين أو رضاه،· وكفالة مع عدم الرجوع على المكفول عنه وهي التي تحصل من غير إذن المدين،· فيكون الكفيل متبرع بكفالته.
سابعا: الضوابط الشرعية للتعامل بخطابات الضمان
· بالنظر إلى تعامل المصارف الاسلامية في خطابات الضمان،· فقد اجتهد كثير من الفقهاء المعاصرين لتكييف هذا العقد،· واختلفت تلك التكييفات الشرعية كما اختلفت من قبلها الاجتهادات القانونية. ولكن أهم وأكثر التكييفات الشرعية التي لاقت القبول العام هي أن خطابات الضمان عقد خاص يقترب كثيرا من الكفالة،· أو هو نوع خاص من أنواع الكفالة،· وهو عقد جائز.
· لقد ذهب كثير من هيئات الفتوى والرقابة الشرعية وكذلك توصيات مختلف الندوات والمؤتمرات،· وقرارات مجمع الفقه الاسلامي الدولي أن خطابات الضمان يمكن ردها إلى نوعين من العقود التى طرقها الفقهاء،· وهما الكفالة والوكالة. فالعلاقة بين البنك والجهة المستفيدة بخطاب الضمان هي علاقة كفالة في كل الأحوال،· أما العلاقة بين البنك مصدر خطاب الضمان وبين العميل طالب الخطاب فهي تارة تكون علاقة كفالة وتارة تكون علاقة وكالة.
· وبين قرار مجمع الفقه الاسلامي الدولي أن خطابات الضمان بأنواعها لا تخلوا إما أن تكون بغطاء أو بدونه،· فإن كانت بدون غطاء فهي ضم ذمة الضامن إلى ذمة غيره فيما يلزم حالا أو مآلا،· وهذه هي حقيقة ما يعني في الفقه الاسلامي باسم الضمان أو الكفالة. وإن كانت خطابات الضمان بغطاء،· فالعلاقة بين طالب خطاب الضمان وبين مصدره هي الوكالة. والوكالة تصح بأجر أو بدونه،· مع بقاء علاقة الكفيل لصالح المستفيد.
· إذا كانت خطابات الضمان مغطاة تغطية جزئية فإنها تكون وكالة في الجزء المغطى،· وكفالة في غير المغطى.
· إن جواز خطابات الضمان المصرفية مشروط بأن يكون مرتبطا بمشروعية الموضوع الذي يطلب خطاب الضمان لأجله،· فلا يجوز اصدار خطاب ضمان لمن يطلبه للحصول على قرض ربوي أو عملية محرمة. والمنع هنا مستنده تحريم المعونة على الإثم.
· لا يجوز أخذ الأجرة على خطابات الضمان لقاء مجرد الضمان،· والتي يراعى فيها عادة مبلغ الضمان ومدته،· سواء أكان بغطاء أم بدونه،· لأن الكفالة من عقود التبرع التي يقصد بها الإرفاق والإحسان. وحيث لا يجوز أخذ الأجر على القرض،· فمن باب أولى وأحرى عدم جواز أخذ الأجر على الضمان الذي هو مجرد استعداد للإقراض.
· يجوز للبنك في جميع الأحوال أن يأخذ أجرا على خطاب الضمان بمقدار ما يبذله من جهد وعمل إجرائي،· ذلك أن إصدار هذا الخطاب بتطلب بعض الأعمال التي تقوم بها الجهة المصدرة للخطاب،· وهي خدمات منفصلة عن معنى الضمان،· وذلك بإعداد ملف لطالب خطاب الضمان والتأكد من أهليته لتلك المعاملة،· وقد يعرض الأمر على عدة جهات كرئيس القسم أو المدير أو لجنة الائتمان،· ثم تتم طباعة الخطاب،· وغيره من الأعمال. ولذا جاز أخذ العمولة أو الأجر عن عملية الإصدار،· ولكن يشترط ألا يربط الأجر بنسبة المبلغ الذي يصدر به خطاب الضمان،· فلا يمكن أن يختلف الأجر بين مبلغ وآخر لشبهة الربا،· كما لا يمكن ربطه بمدة صلاحية الخطاب لأن مراعاة الزمن أمر متصل بالضمان نفسه وليس بالإصدار فيجب استبعاده.
· يصح التفاوت في تحديد الأجر في خطابات الضمان تبعا لتصنيف عمليات الضمان إلى شرائح بحيث يختلف عبء الخدمة بينها،· وليس تبعا لمبلغ الضمان. بمعنى أنه يجوز وضع جدول حسب شرائح حالات الضمان المختلفة في طبيعتها مثل خطابات الضمان للهواتف،· أو للمقاولات العادية،· أو للمقاولة الحكومية وغيره. كما يصح وضع شرائح بالمبالغ متباعدة الحدود وتخصيص عمولة عن كل شريحة بصرف النظر عن رقم المبلغ،· بحيث تتفاوت الأجرة تبعا لتفاوت الجهد لكل شريحة الذي منشؤه ضخامة المبلغ الذي يتطلب موافقات وإجراءات خاصة،· وهذا يختلف عن ربط الأجرة مباشرة بمبلغ الضمان.
· إن تحميل المصروفات الإدارية ومقابل الخدمات على طالب خطاب الضمان لإصدار خطاب الضمان بنوعيه ( الابتدائي والنهائي ) جائز شرعا،· مع مراعاة عدم الزيادة على أجرة المثل. وفي حالة تقديم غطاء كلي أو جزئي يجوز أن يراعى في تقدير المصروفات لإصدار خطاب الضمان ما قد تتطلبه المهمة الفعلية لأداء ذلك الغطاء.
· يجوز للبنك الاسلامي أن يستثمر بالمضاربة المبلغ المودع لديه غطاء لخطاب الضمان الذي يصدره بنفس الشروط التي يستثمر بها للمودعين. وفي هذه الحالة يحصل البنك على حصة من ربح ذلك الاستثمار ولا يتحمل أي خسارة مالية قد تحدث لأنه يكتفي بخسارة جهده.
· الأولى أن يخير البنك طالب اصدار خطاب الضمان بين أن يكون غطاء خطاب الضمان وديعة استثمارية على أساس المضاربة،· وبين أن يكون مالا مضمونا على البنك مثله مثل الحسابات الجارية يملك البنك حق استثمار ذلك المال لنفسه،· فيكون الربح له،· والخسارة في حالة وقوعها عليه عملا بما ورد أن رسول الله قضى أن الخراج بالضمان.
منقول