يعودون للمقاهي رغم التفجيرات القاتلة2013-08-15 محمود الملحم من بغداد
يرتاد البغداديون مقهى الشاهبندر الذي يقع في نهاية شارع المتنبي ببغداد حبا في القراءة والاسترخاء ولقاء الاصدقاء. [محمود الملحم/موطني]
في الوقت الذي ما زالت تضمد فيه بعض مقاهي بغداد جراحها جراء التفجيرات الأخيرة، يصر روادها على مواصلة حياتهم بالعودة إلى أماكن تجمعاتهم الشعبية.
ومثلما تشكل المقاهي جزء من طقوس شهر الصيام إذ تكون مسرحا للألعاب الشعبية، كالمحيبس أو محطة لتبادل تهاني العيد، فإنها بدت في الآونة الأخيرة أشبه ما تكون بملعب مصغر يتجمع فيه محبو كرة القدم لمتابعة ومؤازرة المنتخبات الوطنية وهي تلعب خارج البلاد.
ومنذ 18 نيسان/أبريل الماضي تم استهداف 23 مقهى في محافظات بغداد والأنبار وديالى وصلاح الدين وكركوك ونينوى وبابل، حسبما ذكر المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية، العميد سعد معن.
وأضاف معن أن "القاعدة والجماعات الإرهابية باتت تلجأ إلى تفجير المقاهي والمناطق الشعبية كونها هدف سهل إذ تضج بالمدنيين العزل".
وتابع بالقول إن "الإرهابيين يحاولون إخافة المواطنين وإضعاف ثقتهم بقوات الأمن وتصميمهم على مواصلة الحياة".
’رائحة‘ تراث بغداد
وبالرغم من كبر سنه ومرضه، يستجمع الحاج مهدي مطر، قواه كل ليلة للقاء أصحابه في مقهى المنطقة التي يسكنها بحي الوزيرية.
"بلغت من العمر 82 عاما وأعاني من أمراض المفاصل والسكري وضعف في القلب، لكني أجد راحتي في ارتياد المقهى الذي هو جزء لا يتجزأ من حياتنا، نحن البغداديون. من يريد ضرب المقاهي وقتل روادها إنما يفعل ذلك ليقضي على كل موروث عراقي جميل ".
ويذكر مطر أنه بدأ يجالس الناس في المقهى في سن مبكرة عندما كان يذهب بصحبة والده.
ويتابع " المقاهي الحالية برغم إختلافها بتفاصيل كثيرة عن المقاهي في الوقت السابق لكنها تبقى تحمل رائحة تراث المدينة وطيبة أهلها".
أما مخلد حازم، 23 عاما، فقال لموطني إنه فقد صديق له في هجوم استهدف مؤخرا أحد المقاهي.
"دقائق قليلة كانت تفصل بيني وبين الموت حين فجر الإرهابيون مقهى بمنطقة الأعظمية راح ضحيته أحد أصدقائي. كان ذلك أثناء تجمع عدد كبير من المواطنين لمشاهدة مبارة للمنتخب العراقي. كنت حينها في طريق إلى المقهى حين سمعت دوي انفجاره".
وعلى الرغم من الحزن الذي أصابه، فإن حازم يصر على ارتياد المقهى كل يوم قائلا "إنها حياتنا ويجب أن نعيشها كيفما نحب وليس كيفما يريد المجرمون".
إجراءات وقائية
ويعمد بعض أصحاب المقاهي إلى زيادة التدابير الاحتياطية قدر المستطاع حفاظا على سلامة روادهم.
ناظم حسن صاحب مقهى شعبي في منطقة البياع ببغداد، قال لموطني "قمت بنصب كاميرات مراقبة ووضعت حواجز مرورية لمنع ايقاف السيارات أمام المقهى"، فضلا عن وجود تعاون من قبل مفارز الشرطة والجيش التي تسير دوريات على مقربة من المقهى".
وتابع "بعض رواد المقهى حين يجلسون تجدهم يراقبون حركة المارة ويمنعون توقف السيارات والدراجات أمام المقهى في سبيل الحفاظ على حياة الناس والمقهى".
بدوره، قال جاسم العبيدي إنه يستعد لإعادة إفتتاح مقهاه في حي تونس شمال بغداد بعد تعرضه لتفجير إرهابي في شهر حزيران الماضي راح ضحيته خمسة قتلى و12 جريحا.
وأوضح لموطني "أبناء المنطقة طالبوني بإعادة إفتتاح المقهى، ففكرة بيعه أو تحويله الى محل أمارس فيه مهنة أخرى لم ترضيهم، فهم يعدون المقهى جزءاً من تاريخ المحلة".
وأضاف "سوف أعاود فتح المقهى بالرغم من أنه حتى هذه اللحظة كلما نظرت إلى خراب الذي خلفه التفجير تذكرت زبائني الذين راحوا ضحيته فأجهش بالبكاء".
شارك في إعداد هذا التقرير محمد القيسي