امثال وحكم من العصر الجاهلي
أبدع معظم العرب في ضرب الأمثال في مختلف المواقف والأحداث فلا يخلو موقف من حياتنا العامة إلا ونجد مثلا ضرب عليه، ولا تخلو خطبة مشهورة ولا قصيدة سائرة من مثل رائع مؤثر في حياتنا.
فالأمثال أصدق شئ يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها وعقليتها , و تقإليدها وعاداتها , ويصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي مرآة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية , وهي أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنه لغة طائفة ممتازة , أما هي فلغة جميع الطبقات.
والأمثال إما حقيقية أو فرضية فالحقيقة: لها أصل وقائلها معروف غالبا والفرضية ما كانت من تخيل أديب ووضعها عل لسان طائر أو حيوان أو جماد أو نبات أو ما شاكل ذلك والفرضية تساعد علي النقد والتهكم والسخرية وخاصة في عصور الاستبداد وهي وسيلة ناجحة للوعظ والتهذيب والفكاهة والتسلية مثل كليلة ودمنة وسلوان المطاع , وفاكهة الخلفاء.
بعض القصص الحقيقية التي أدت في النهاية إلى ضرب مثل:
- ( رجع بخفي حنين ) كان حنين إسكافا فساومة أعرابي على خفين فاختلفا, فأراد حنين أن يغيظ الأعرابي, فأخذ أحد الخفين وطرحه في الطريق, ثم ألقى الآخر في مكان آخر, فلما مر الأعرابي بأحدهما قال ما أشبه بخف حنين ولو كان معه الآخر لأخذته, ثم مشى فوجد الآخر, فترك راحلته وعاد ليأتي بالخف الأول, وكان حنين يكمن له فسرق راحلته ومتاعه. وعاد الأعرابي إلى قومه يقول لهم جئتكم بخفي حنين. ويضرب هذا المثل لمن خاب مسعاه.
- ( الصيف ضيعت اللبن ) قاله عمرو بن عمرو بن عدس وكان شيخا كبيرا تزوج بامرأة فضاقت به فطلقها فتزوجت فتى جميلا وأجدبت. فبعثت تطلب من عمرو حلوبة أو لبنا , فقال ذلك المثل, ويضرب هذا المثل لمن يطلب شيئا فوته على نفسه.
مَثَلٌ عربي شهير يضرب لمن ضيّع الفرصة ، وفوّت الغنيمة ، وترك المجال الرحب الواسع ، ولم يكن له من ذكاء عقله ومن شرف نفسه ومن قوة عمله ما يجعله محصلا لمكاسب دنياه ومدخرا لمآثر أخراه .
مثلٌ يضرب بامرأة تزوجت رجلاً شهماً كريماً ، يغدق عليها طعاماً وشراباً ولبناً سائغاً للشاربين مع حسن معاملة وإجلال وإكرام ، لكنها لم تقابل ذلك باعترافها بالنعمة وشكرها لها وانتفاعها منها ، وحرصها عليها وقابلت ذلك بإعراض وتضييع ، وبجحود وإنكار ، فكانت العاقبة أن طلّقها ثم تزوجها غيره ، لم تجد عنده يداً مبسوطة بالكرم ، ولا وجهاً مشرقاً بالسرور ، ولا معاملة محفوفة بالإعزاز والإكرام ، فتندمت وتحسّرت على ما فات عليها وما ضاع منها ، لكنها لم تنحو باللائمة على غيرها ، وإنما خاطبت نفسها تذكّرها تفريطها ، وتبيّن لها سوء تدبيرها ، فقالت : " الصيف ضيعت اللبن " ، ومضى مثلاً لكل من أضاع الفرصة وفرط في الغنيمة .
- (على أهلها جنت براقش ) وبراقش كلبة لقوم من العرب اختبأت مع أصحابها من غزاة, فلما عادوا خائبين لم يعثروا عليهم نبحت براقش فاستدلوا بنباحها على مكان أهلها فاستباحوهم.
- ( وافق شن طبقة ) شَنّ رجل من العرب خرج ليبحث عن امرأة مثله يتزوجها, فرافقه رجل في الطريق إلى القرية التي يقصدها, ولم يكن يعرفه من قبل. قال شن: أتحملني أم أحملك؟ فقال الرجل: يا جاهل أنا راكب وأنت راكب فكيف تحملني أو أحملك؟ فسكت شن حتى قابلتهما جنازة, فقال شن: أصاحب هذا النعش حي أم ميت؟ فقال الرجل ما رأيت أجهل منك, ترى جنازة وتسأل عن صاحبها أميت أم حي, فسكت شن, ثم أراد مفارقته, فأبى الرجل وأخذه إلى منزله, وكانت له بنت تسمى طبقة. فسألت أباها عن الضيف فأخبرها بما حدث منه, فقالت يا أبت ما هذا بجاهل؛ إنه أراد بقوله أتحملني أم أحملك: أتحدثني أم أحدثك. وأما قوله في الجنازة فإنه أراد: هل ترك عقبا يحيا به ذكره؟ فخرج الرجل وجلس مع شن وفسر له كلامه, فقال شن: ما هذا بكلامك , فصارحه بأنه قول ابنته طبقة, فتزوجها شن. ويضرب مثلا للمتوافقين.
• قصص خرافية على ألسنة الحيوانات:
هناك بعض القصص الخرافية علي ألسنة الحيوانات صارت أمثالا, وبهذا لم يكن المثل كإبداع سريع كما سبق أن رأينا وإنما يكون جزءا من شكل إبداعي أوسع والصق بعمل الخيال الخلاق , ومن هذه القصص:
- قصة الغراب والديك:
" في الكثير من الروايات من أحاديث العرب أن الديك كان نديما للغراب, وأنهما شربا الخمر عند خمار ولم يعطياه شيئا, وذهب الغراب ليأتيه بالثمن حين شرب, ورهن الديك فخاس به فبقي محبوسا " [9].
وربما لهذا الغدر تشاءمت العرب من الغراب ورأته نذيرا بالفرقة والخراب ربما لأنه تسبب في فقدان الديك حريته, واستئثاره لدي البشر حتى إليوم.
- الاحتكام إلى الضب:
أما القصة التي أبدعها العرب لتبرير عدد كبير من الأمثال فهي قصة احتكام الأرنب والثعلب إلى الضب, وتكاد كل جمل الحوار فيها تكون أمثالا وتميزت بالحيوية, ومرح الموقف, وقصر العبارة, وسلاستها, ودقة وعمق ما فيها من أمثال, إلى جانب تعدد شخوصها وصدق التعبير عن سماتها النفسية ". هذا مما زعمت العرب على ألسن البهائم, قالوا إن الأرنب التقط ثمره فاختلسها الثعلب فأكلها, فانطلقا يتخصمان إلى الضب.
فقال الأرنب: يا أبا الحسل ( كنية الضب)
فقال الضب: سميعا دعوت.
فقال أتيناك لنختصم إليك.
قال: عادلا حكمتما.
قالت: فاخرج إلينا
قال: في بيته يؤتي الحكم.
قالت: إني وجدت ثمره.
قال: حلوة فكليها.
قالت: فاختلسها الثعلب.
قال: لنفسه بغى الخير.
قالت: فلطمته.
قال: بحقك أخذت.
قال: فلطمني.
قال: حر انتصف ( أي اقتص لنفسه )
قالت: فاقض بيننا.
قال: قد قضيت.
فذهبت أقواله كلها أمثالا
وهذه كانت نظرة سريعة للأمثال في الأدب الجاهلي, فرأينا كيف كانت الأمثال في ذلك العصر, وبما تميزت به الأمثال من خفه ودقة وسلاسة وإيجاز وعمق ما فيها من حكمه وصواب رأي, وكيف أبدعوا العرب قبل الإسلام في الأمثال, فحياتنا الآن لا تخلو من أمثالهم وحكمهم.
الحكم:
رب عجلة تهب ريثاً
رب قول أنفذ من صول
المرء يعجز لامحاله
لاجماعة لمن اختلف
كلم اللسان أنكى من كلم السنان
من مأمنه يؤتى الحذر
من سلك الجدد أمن العثار
كل ذات بعل ستئيم
العتاب قبل العقاب
إذا فزع الفؤاد ذهب الرقاد
الأمثال:
يداك أوكتا وفوك نفخ
تجوع الحره ولا تأكل بثدييها
الصيف ضيعت اللبن
سبق السيف العذل
جزاء سنمار
أحشفاً وسوء كيله؟
كنتَ كراعاً فأصبحتَ ذراعاً
رمتني بدائها وانسلت
كل فتاة بأبيها معجبه
قبل الرمي يراش السهم
رب كلمة تقول لصاحبها دعني
آمثآل :
1.
آستنوق آلجمل.(يضرب مثلآ للرجل آلوآهن آلرآي آلمخلط في كلآمه)
2.
آن ترد آلمآء بمآء آكيس.
(يضرب مثلآ للآخذ بآلثقة و آلآحتيآط)
3.
آي آلرجآل آلمهذب!
(يضرب مثلآ لرجل يعرف بآلآصآبة في آلآمور ثم تكون منه آلسقطة)
4.
لآ يطآع لقصير آمر.
(يضرب مثلآ للرجل آلخآمل يقول آلرآي آلحكيم و لآ يقبل منه)
5.
تسمع بآلمفيدي لآ آن ترآه.
(يضرب مثلآ لمن يكون آمره مشهورآ و لكن هيئته لآ تدل على ذلك)
6.
تحت آلرغوة آلصريح.
(يضرب مثلآ لآمر تظهر حقيقته بعد حفآئهآ)
7.
خلآ لك آلجو فبيضي و آصفري.
(يضرب لمن يخلى بينه و بين حآجته)
8.
رب آخ لم تلده آمك.
(يضرب مثلآ لآعآنة آلرجل صآحبه و آنخرآطه في سلكه حتى كآنه آخوه لآبيه و آمه)
9.
آلصيف ضيعت آللبن.
(يضرب مثلآ لمن يضيع آلآمر ثم يريد آستدرآكه بعد فوآت آلآوآن)
10.
آلقول مآ قآلتْ حذآم.
(يضرب مثلآ في تصديق آلرجل صآحبه)
11.
ويل للشجي من آلخلي.
(يضرب لسوء مشآركة آلرجل لصآحبه)
12.
مآ كل سودآء ثمرة و لآ كل بيضآء شحمة.
(يضرب في موضع آلتهمة و عدم وضوح آلآمر)
و هنآك آمثآل تنسب لآشخآص مثل:
آسخى من حآتم،آشجع من ربيعة آبن مكدم،آدهى من قيس بن زهير،آعز من كليب وآثل،آكل من لقمآن،موآعيد عرقوب،صحيفة آلمتلمس.
آلحكم:
1.
مصآرع آلرجآل تحت بروق آلطمع.
2.
آول آلحزم آلمشورة.
3.
آترك آلشر يتركك.
4.
رب ملوم لآ ذنب له.
5.
آدب آلمرء خير من ذهبه.
6.
رضآ آلنآس غآية لآ تدرك.
7.
خير آلغنى آلقنآعة و خير آلمآل مآ نفع.
8.
خير آلكلآم مآ قل ودل