انشغل علماء الطبيعة منذ القدم باكتشاف التنوع الرهيب في المخلوقات البحرية مثل الأسماك بجميع أنواعها، لكنهم بدءوا مؤخرا يركزون على الحياة الجنسية الخاصة لتلك المخلوقات، والمليئة بالطبع بالكثير من الأسرار.
وفي بحث يسلط الضوء عن جانب مهم من جوانب الحياة الخاصة للمخلوقات البحرية، كشف الخبراء عن جوانب مسلية وغير معروفة عن الحياة الجنسية للأحياء البحرية، حيث أثبتوا أن نوعا من الأسماك وجميعها من الإناث نجحت في الحياة منذ 70 ألف سنة دون ذكور.
ويرى علماء في جامعة أدنبرة أن سمكة أمازون موللي تلجأ إلى بعض "الحيل" الجينية كي تعيش وتتجنب الفناء، وتتفاعل هذه الأسماك الإناث والتي تعيش في تكساس والمكسيك مع ذكور من فصائل أخرى من أجل استمرارها، ويأتي الإنتاج الجديد استنساخا للأم ولا يرث أي شئ من المواصفات الجينية للأب.
ويعتقد العلماء أن الكائنات التي لا تنتج عن الاتصال الجنسي تتعرض لتغييرات مضرة في جيناتها عبر الأجيال وقد تصبح عرضة للفناء، وبعملية حسابية وجد العلماء أن أسماك أمازون موللي كان يجب أن تفنى منذ 70 ألف سنة، حيث وجد العلماء أن هذه الأسماك تلجأ إلى "حيل" جينية للبقاء واستمرار النوع.
ومن جانبه، أوضح البروفيسور لورنس لو من مدرسة الأحياء الطبيعية بجامعة أدنبرة، أن هذه السمكة مذهلة وفريدة من نوعها فهي ربما تلجأ لبعض الحيل الجينية من أجل البقاء"، طبقا لما ورد بموقع "البي بي سي".
واكتشف الباحثون أيضا أن إناث سمك القرش يمكنها تلقيح نفسها تلقائيا، وإنتاج صغار القرش من دون الحاجة إلى ذكر.
وأوضحت الدراسة أن التناسل التزاوجي بين الثدييات قد اعتمد على تحليل الحمض النووي لقرش ولد في 2001 في حديقة للحيوانات في نبراسكا، حيث ولد هذا القرش في خزان ضخم يحتوي على ثلاثة من إناث القرش، التي لم تقترب أو تلامس أيا من ذكور سمك القرش لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، وبعد تحليل الحمض النووي للقرش أظهرت التقارير عدم وجود أي أثر للطرف الذكوري في خلايا القرش.
وأوضح العلماء أن هذه الأدلة هي الأولى من نوعها التي تؤكد أن القرش يتناسل لا تزاوجيا.
ومن جانبه أكد بوب هيوتر مدير مركز أبحاث أسماك القرش في فلوريدا، أن هذه الظاهرة تكثر بين جميع الفقاريات عدا الثدييات، فهي موجودة بين الطيور، والبرمائيات، والأسماك، والآن أصبحت موجودة بين أسماك القرش.
يذكر أن عملية التكاثر اللاتزاوجية تكثر بين الحشرات وهي نادرة بين الطيور والبرمائيات.
سمك الشص، وهو نوع ضخم الرأس من الأسماك التي تعيش في أعماق البحار، الأنثى تطلق رائحة لاجتذاب الذكور وعندما يأتي الذكر يلتصق بها بقية حياته، كما أنها وجدت في بعض الأحوال سمكة أنثى من هذا النوع وقد التصق بها 11 ذكرا.
وفي بحث مماثل، أفاد علماء بجامعة كارديف البريطانية بأن بعض ذكور سمكة أبو شوكة تنتج مواد كيماوية تجعل الذكور تجذب الإناث، وهي عبارة عن بروتينات يطلق عليها اسم "بيبتايدات" وتستخدمها في إطلاق رائحة تجذب بشدة إناث سمكة أبو شوكة.
وأوضح الباحثون أن ذكور الأسماك تنتج روائح عطرية مماثلة لذكور البشر، مؤكدين أنه من خلال هذه الرائحة التي يطلقها ذكر سمكة أبو شوكة تعرف الأنثي أن له مناعة من الأمراض، ومن ثم فإن سلالتها لها فرصة أفضل في البقاء.
ذكور الأسماك تكتسب صفات أنثوية
وفى ظاهرة غريبة من نوعها، اكتشف علماء أمريكيون أن إلقاء كميات صغيرة من هرمون الاستروجين الأنثوي في مجاري المياه يؤدي إلى اكتساب ذكور السمك صفات أنثوية، الأمر الذي من شأنه أن يهدد بقاء الأسماك النهرية.
وأشار واضعو هذه الدراسة وهم باحثون في وزارة الصيد الكندية والهيئة الأمريكية لحماية البيئة إلى أنهم القوا في بحيرة اصطناعية في شمال اونتاريو وعلى مدى سبع سنوات، كميات من الاستروجين التركيبي الشبيه بذلك الموجود في مجاري المياه المبتذلة في المدن الكندية الكبرى، ويأتي الاستروجين التركيبي في مياه الصرف من الفضلات التي تخلفها حبوب منع الحمل.
وبالمتابعة وجد الباحثون أن هناك تحولات قد ظهرت في البحيرة على ذكور الأسماك الصغيرة التي يستخدمها العلماء لإجراء تجارب عليها، وتمثلت هذه التحولات في إنتاج هذه الأسماك لحيوانات منوية أقل خصوبة وبروتينات للبيوض، حتى أنه عثر في خصيتي بعض منها على بيوض، ولوحظت هذه العلامات كذلك على أسماك كبيرة تتغذى من الأسماك الصغيرة التي غالبا ما يستخدمها الصيادون كطعم.
خلص معدو الدراسة - التي أشرفت عليها باحثة كندية ونشرتها الأكاديمية الأميركية للعلوم - إلى أن نسبة الاستروجين في المياه يمكن أن تؤثر على بقاء الأسماك