TODAY - March 30, 2011
مسؤولون كبار ألقوا بأنفسهم من الطابق الثالث.. وأجهزة الامن تشكو نقصا فادحا في التسليح
ضابط رفيع: قواتنا دخلت مبنى محافظة صلاح الدين بعد فوات الاوان

عنصر من الشرطة العراقية داخل عجلة مصفحة خلال دورية روتينية في منطقة النهروان شرق بغداد امس (ا ف ب)
بغداد – العالم
بعد الإعلان عن حصيلة نهائية للعملية اقتحام مبنى محافظة صلاح الدين، من قبل مجموعة مسلحة لم تعلن عن هويتها، بدأت خيوط سيناريو العملية تتكشف شيئا فشيئا، بعد أن قرر عدد من شهود العيان، والقادة الأمنيين، رواية ما رأوه وما علموه من معلومات تخص العملية، وتسريبها إلى الصحافة؛ المحلية منها والأجنبية.
الصحفي المستقل رياض العزاوي، يقول إن "مجلس محافظة تكريت، واحد من أهم الدوائر الحكومية، وتحيط به مقرات لعدد من الأجهزة الأمنية، لذا تخلل عملية الثلاثاء عنصر المفاجأة".
ويدلي العزاوي لصحيفة "العالم" أمس، بمعلومات كان استقاها من بعض من عايشوا العملية، ليؤكد أن "سيارات جاءت إلى مبنى مجلس المحافظة، وهي تقل مسلحين يرتدون ملابس مشابهة لتلك التي يرتديها رجال الأمن في تكريت، وبدؤوا عملية الاقتحام".
ويصف الصحفي المستقل من تكريت، أن "طريقة دخول المسلحين، والملابس التي كانوا يلبسونها، أوحت لحراس البوابة الخارجية لمجلس المحافظة، أنهم رجال أمن حقيقيون، وليسوا مسلحين تابعين لجماعة مسلحة". ويتابع العزاوي أن "المسلحين دخلوا إلى استعلامات المجلس، وبدؤوا يقتلون كل من كان موجودا هناك، باستخدام مسدسات تعمل بكواتم الصوت. ثم توزعوا داخل البناية بشكل يوحي بأنهم يألفون المكان تماما، إذ كانوا يعلمون مداخله ومخارجه"، مضيفا أنهم "توجهوا مباشرة إلى مكتب أمين عام المجلس، وعندما وجدوه مغلقا، أطلقوا النار على بابه، وفتحوها بتفجير رمانة يدوية، لكن أمين المجلس وموظفيه، ألقوا بأنفسهم من الطابق الثالث من المبنى، ونجوا من القتل". ويواصل حديثه بأن "المسلحين توجهوا بعد ذلك إلى مكتب رئيس مجلس المحافظة عمار يوسف حمود، وكانوا يريدون قتله بأي ثمن. وعندما دخلوا إلى إحدى الغرف المؤدية إلى غرفة رئيس المجلس، وجدوا 3 من أعضاء الحكومة المحلية، هم عبد الله حسين جبارة من كتلة العراقية، ومهدي العران وواثق السامرائي، من كتلة التوافق". ويضيف "سأل المسلحون: أين غرفة عمار؛ رئيس المجلس؟ ولما لم يحصلوا على جواب منهم، فتحوا النار عليهم وأردوهم قتلى في الحال".
وينقل العزاوي عن أحد الموظفين العاملين في مجلس المحافظة القول "بعد عملية الاقتحام، حاولت الاختباء في "علية" المبنى، لكن المسلحين طاردونا إلى هناك. وبعد أن ظننا أنهم من قواتنا الأمنية، أخبرناهم بأننا موظفون في المجلس، فعاجلنا أحد المسلحين بإلقاء قنبلة يدوية، قتلت زملائي جميعا، وقذفت بي من أعلى البناية إلى إحدى شرفات المبنى، لتكتب لي الحياة بأعجوبة".
وتشير معلومات العزاوي إلى أن "المسلحين توجهوا إلى غرفة الإعلاميين، لوجود معلومات لديهم تفيد بوجود بعض منهم، ينتظرون تغطية الاجتماع الدوري لمجلس المحافظة، الذي كان مقررا ظهر الثلاثاء. وبعد أن اقتحموا الغرفة، فتحوا النار على كل من كان فيها"، لافتا إلى أن مراسل قناة العربية ورويترز صباح البازي، كان "قد لقي حتفه عندما كان في الاستعلامات الخارجية، متأثرا بانفجار سيارة مفخخة". ويبدي العزاوي دهشته من دقة تنفيذ العملية، مشيرا إلى أن "كثيرا من الغموض ما زال يلف العملية، التي تميزت بتجهيز عسكري عال للمسلحين، وخطة محكمة تدل على أن المخططين استغرقوا فترة طويلة في إعداد الخطة، فضلا عن أن المهاجمين كانوا على دراية واسعة بالتوقيتات الخاصة باجتماعات المجلس، وبطوابق المبنى وما تحويه من غرف ومكاتب".
وعن النتائج التي حققتها الأجهزة الأمنية في اقتحامها للمبنى باستخدام عناصر مدربة تدريبا عاليا خارج العراق، للتصدي لمثل هذه العمليات، يؤكد العزاوي أن "القوة الأمنية التي اقتحمت المبنى لم تجد شيئا، لأن المسلحين كانوا قد انتهوا من أهدافهم، وقتلوا أغلب من كان في المبنى، وفجروا أنفسهم قبل وصول القوة الأمنية المقتحمة"، واصفا التدخل الأمني بأنه "كان تحصيل حاصل". ويؤكد ضابط رفيع في قيادة عمليات صلاح الدين، ما ذكره العزاوي، إذ يكشف أن "أبرز العقبات التي واجهت القوات العراقية، قبل اتخاذ قرار اقتحام مبنى المحافظة، بغية تحرير من فيه، والقضاء على المسلحين، تكمن في انتظار الأوامر التي تصدر لنا من وزارة الداخلية في بغداد".
ويوضح الضابط الذي طلب من "العالم" عدم الكشف عن هويته لحساسية الموضوع، أن "عملية استحصال الموافقات لتنفيذ الاقتحام، استغرقت 90 دقيقة، ما أدى إلى أن يكون اقتحامنا من غير طائل، لأن الإرهابيين كانوا قد فجروا أنفسهم قبل اقتحامنا، بعد أن قتلوا كل من وقف بطريقهم من المدنيين".
وكانت الحصيلة التي أعلنتها الجهات العراقية المختصة للعملية، أشارت إلى مقتل 58 عراقيا، وجرح 97 آخرين، جراح بعضهم خطيرة، ما يرشح تلك الحصيلة للارتفاع.
ويستدرك الضابط بالقول "لو كنا قررنا تنفيذ الاقتحام قبل ان نحصل على الاذن، لتكبدنا خسائر اضافية، بفعل أن قواتنا المتخصصة بالتدخل في مثل هذه الحالات، غير مجهزة بالاسلحة التي تمكنها من فرض سيطرتها في مثل هكذا مواقف"، معللا ذلك بأن "عناصرنا لا يملكون الغازات التي تستخدم في شل حركة المسلحين، أو الغازات المسيلة للدموع مثلا، فضلا عن رفض القوات الاميركية تزويدنا بما نحتاج من مستلزمات عسكرية، كي ننفذ الاقتحام بشكل منهجي، ولا نعلم ما الذي دفع الامريكان الى أخذ جانب الحياد من المسألة". ويضيف الضابط "قواتنا الأمنية لا تملك حتى رمانات يدوية كافية. كل ما تملكه قوات المحافظة، بسائر أجهزتها الأمنية، لا يتعدى 100 رمانة يدوية، لا تصرف إلا بأمر من الجهات العليا، وهذا أحد أهم الأسباب التي مكنت المسلحين، من تنفيذ اعتدائهم بشكل منظم".