ربما تكون الصورة من أنجح الوسائل في إقناع الآخرين بصدق المزاعم حول قضية ما، ولهذا السبب غدت آلة التصوير منذ اختراعها سلاحا فتاكا لغسل العقول وإرغامها أحيانا على القبول بما لا يمكن تصديقه، وقد برع في استخدامها لهذا الغرض العديد من المحتالين والدجالين فتراكمت بمرور الزمن آلاف الصور المزعومة عن الأشباح والصحون الطائرة والوحوش الخرافية. ورغم أن الخبراء اثبتوا أن اغلب هذه الصور مزيفة تم استخدام حيل وتقنيات مختلفة في تركيبها، لكن هناك نسبة قليلة جدا، قد لا تتجاوز عدد أصابع اليد، أصبحت مثارا لجدل طويل بين من يعتقد بأنها مزيفة ببراعة كبيرة، وآخر يؤمن بأنها حقيقية. وقد اخترنا في هذه المقالة أشهر هذه الصور مع ذكر قصة كلٌ منها تاركين الحكم حول مصداقيتها للقراء الأعزاء. في يوم ما من صيف عام 1826 التقطت أول صورة فوتوغرافية في تاريخ البشرية على يد الفرنسي جوزيف نيبس، ولم تمض سوى سنوات قليلة على ذلك التاريخ حتى حدثت طفرات هائلة في مجال التصوير الفوتوغرافي (أول صورة ملونة التقطت عام 1861) فتوصل المصورون الأوائل إلى تقنيات متطورة في حيل تركيب ودمج الصور مع بعضها، وهكذا ظهرت أولى صور الأشباح في التاريخ وشهدت رواجا منقطع النظير بين الناس البسطاء والسذج في أواخر القرن التاسع عشر الذين آمنوا بأنها صور حقيقية وأن آلة التصوير (الكاميرا) بإمكانها التقاط صور الأشباح حقا!، وهي فرضية روج لها البعض رغم انه لا يوجد أي دليل علمي يثبت صحتها.
من صور الاشباح المزيفة التي شهدت رواجا كبيرا قبل قرن من الزمان المبيعات الكبيرة التي حققتها صور الأشباح والشهرة التي حاز عليها مصوريها صارت حافزا لظهور الآلاف من هذه الصور خلال المائة والخمسون عاما المنصرمة. ويمكنك عزيزي القارئ الاطلاع على بعض هذه الصور بمجرد كتابة كلمة "Ghost " في أي محرك بحث انترنيتي. وبالطبع اغلب هذه الصور تمت فبركتها بسذاجة بحيث يمكن إدراك زيفها من النظرة الأولى، لكن هناك أيضا القليل منها تم إعداده بعناية كبيرة إلى درجة إن زيفها ربما انطلى حتى على خبراء التصوير المحترفين. أن القبول بحقيقة أي صورة شبحية يخضع لمعايير عديدة، منها على سبيل المثال طبيعة المكان الذي التقطت فيه الصورة .. هل التقطت في مكان تكثر فيه قصص الأشباح ؟ هل التقطت عن طريق الصدفة ؟ هل كان هناك شهود ؟ من الذي التقط الصورة ؟ هل هو مصور محترف أم شخص عادي ؟ .. الخ. وبتطبيق هذه المعايير، إضافة طبعا للجوانب التقنية والاحترافية، فأن الكم الهائل من صور الأشباح المزعومة سيتبخر بسرعة ولن يتبقى سوى صور معدودات يمكن القول بأنها محيرة وتثير أكثر من علامة الاستفهام حول حقيقتها.
وأدناه سنعرض بشيء من التفصيل لقصص البعض من هذه الصور الشهيرة :
1 –شبح السيدة البنية (The Brown lady ) :
أشهر صور الأشباح قاطبة، التقطت في قصر راينهام الريفي (Raynham Hall ) في انجلترا عام 1936 من قبل المصورين الكابتن بروفاند ومساعده اندري شيرا عندما كان الاثنان يعدان تقريرا مصورا عن القصر لصالح مجلة الحياة الريفية "Country Life ". صورة الشبح الشهيرة التقطت عن طريق الصدفة على سلم البهو الكبير للقصر القديم الذي يعود تاريخ بناءه إلى عام 1619 والمملوك لعائلة تاونشيند الارستقراطية الثرية
شبح السيدة ذات الرداء البني والى اعلى اليسار لوحة تصور اللورد جارلز شبح السيدة البنية له قصة طويلة تعود إلى عام 1726، ففي تلك السنة نقل اللورد شارلز تاونشيد تابوت زوجته دورثي إلى الكنيسة ثم إلى المقبرة حيث تم دفنها في مراسم مهيبة حضرها العديد من أعيان ولوردات انجلترا. لكن هل ماتت السيدة دورثي تاونشيد حقا وتم دفنها في ذلك اليوم ؟ الأسطورة تقول لا، فالتابوت الذي دفنه اللورد شارلز كان خاليا تماما!، ودورثي التي حضر اغلب أعيان المملكة جنازتها كانت ما تزال حية ترزق في قصر اللورد الريفي، أي قصر راينهام الذي ذكرناه في بداية قصتنا. السيدة دورثي كانت في الحقيقة سجينة قصر راينهام، فاللورد شارلز أخفى زوجته بعيدا عن أعين الجميع، حتى عن أولادها، بسبب شكه في سلوكها والشائعات التي انتشرت آنذاك عن خيانتها له مع لورد آخر. هناك من يقول بأن الأمر برمته كان مجرد شكوك ضخمها زوج غيور اشتهر بعصبيته المفرطة، فيما يذهب آخرون إلى أن شكوك اللورد كانت في محلها وانه قبض على زوجته متلبسة بالخيانة. على العموم، أيا كانت حقيقة خيانة اللايدي دورثي تاونشيد لزوجها فأن الأسطورة تقول بأنها عاشت حبيسة القصر لسنوات طويلة أعقبت دفنها رسميا، ولم تكن حياتها رغيدة طبعا، لأن زوجها القاسي أذاقها صنوف المهانة والعذاب. وفي النهاية، في ليلة باردة من شتاء عام 1733 قام اللورد شارلز في إحدى نوبات غضبه الجنونية بشنق زوجته دورثي فوق سلم بهو القصر وتركها معلقة هناك، جثة الزوجة التعيسة أنزلت عند الصباح ودفنت في مكان مجهول داخل القصر لا يعلمه سوى اللورد وبعض ثقات خدمه. لورد شارلز لم يزر القصر مرة أخرى خلال حياته التي لم تدم طويلا حيث مات في عام 1738، لكن نزلاء القصر ومنذ عام 1733 بدءوا يتحدثون عن سيدة مجهولة ترتدي ثوبا بنيا تتجول داخل الممرات والدهاليز المظلمة في بعض الليالي، أحيانا كانت تقف عند سلم البهو فيعلو صوت نحيبها لبرهة قبل ان تختفي وتتلاشى كالأثير. الذين شاهدوا شبح السيدة البنية قالوا بأنها كانت امرأة دقيقة الملامح ذات شعر ذهبي طويل وجسم أهيف رشيق، لكن وجهها كان متجهما عبوسا زاده بشاعة اختفاء العيون تماما وتحولها إلى ثقوب جوفاء كبيرة.
حوادث مشاهدة الشبح تكررت عبر القرون وفي مناسبات عدة يطول شرحها، لكن الحادثة الأخيرة وقعت في عام 1936 عندما تمكن مصورا مجلة الحياة الريفية من التقاط صورة الشبح عن طريق الصدفة فوق سلم البهو، ومنذ ذلك الحين اختفى الشبح تماما ولم يره احد مرة أخرى. هناك من يعتبر صورة شبح السيدة البنية دليلا قويا على وجود الأشباح. فيما يعتبرها آخرون مجرد خدعة رخيصة تم فيها تركيب صورتين معا أو ربما عن طريق وضع القليل من الزيت على عدسة آلة التصوير.
2 – شبح فريدي جاكسون (Freddy Jackson ) :
هذه الصورة نشرت لأول مرة عام 1975 من قبل السير فيكتور غودارد الضابط المتقاعد في سلاح الجو الملكي البريطاني. الصورة التقطت عام 1919 لمجموعة من ضباط وجنود السرية التي كان السير غودارد يخدم فيها كطيار. للوهلة الأولى تبدو الصورة عادية، مثلها مثل ملايين الصور الجماعية الملتقطة خلال القرن المنصرم. لكن عند تدقيق النظر في المنطقة التي تقع خلف الشخص الرابع من اليسار في الصف العلوي، سنميز وجها شاحبا باهتا جعل افرد السرية آنذاك يصابون بالهلع والذهول. انه وجه فريدي جاكسون فني الطائرات الذي قتل في حادثة مروعة عندما إصابته مروحة إحدى الطائرات في رأسه أثناء تصليحه لها، المثير والمدهش في الأمر هو أن فريدي مات قبل التقاط الصورة بيومين!! ويبدو أن شبح فريدي المسكين لم يدرك حقيقة أنه أصبح في عداد الموتى لذلك وقف لالتقاط الصورة مع زملاءه ظنا منه بأنه لا يزال على قيد الحياة. صورة فريدي جاكسون حازت على شهرة واسعة منذ أن نشرت لأول مرة عام 1975 ضمن كتاب من تأليف السير غودارد، وهناك اليوم مئات المواقع على الانترنت تتحدث عن هذه الصورة وقصتها. لكن شهرة الصورة لم تمنع المشككين من التساؤل حول حقيقتها، فالسير فيكتور غودارد "Sir Robert Victor Goddard " هو شخص حقيقي عاش زهاء التسعين عاما وخدم لسنوات طويلة كضابط طيار في سلاح الجو الملكي البريطاني ترقى خلالها في المراتب ونال العديد من أوسمة الشجاعة البريطانية والأمريكية. لكن الرجل رغم بسالته ومجده الحربي، خصوصا في الحرب العالمية الثانية، كان معروفا أيضا بأطواره وقصصه الغريبة، فقد اهتم لفترة من الزمن بالصحون الطائرة والروحانيات، وروى العديد من القصص الغريبة التي زعم أنها حدثت معه خلال حياته والتي تحولت إحداها إلى فلم سينمائي عام 1955 بعنوان "The Night My Number Came Up ". شخصية سير غودراد الغريبة الأطوار هي التي ألقت بظلال الشك على صورة فريدي جاكسون وجعلت المرتابين في حقيقتها يعتقدون بأنه زيف الصورة ولفق قصتها من اجل إثبات معتقداته الروحانية
.
3 – شبح عذراء المقبرة (Madonna of Bachelor's Grove ) :
باجلور غروف هي مقبرة قديمة مهجورة شبيهة بتلك المقابر المخيفة التي نشاهدها في أفلام الرعب السينمائية. مقبرة نسجت حولها بمرور السنين الكثير من القصص المخيفة حتى غدت إحدى أشهر الأماكن المسكونة في الولايات المتحدة. هناك على شواهد قبورها المتآكلة والمتكسرة يمكن للإنسان أن يقرأ تاريخ موت أولئك الراقدين بصمت تحت الثرى، أقدم تلك الشواهد يعود إلى عام 1838 فيما أحدثها عهدا يرجع إلى عام 1965 وهي السنة التي أغلقت فيها المقبرة تماما ومنع دفن المزيد من الموتى فيها. في سبعينيات القرن المنصرم، وللاختباء عن أعين الشرطة، بدأ بعض الشباب يؤون إلى المقبرة المهجورة لتعاطي المخدرات، وفي تلك الفترة بالذات بدأت تنتشر قصص الأشباح وصارت ارض الموت المنبوذة تلك تجتذب إليها بالتدريج مجاميع مختلفة من الباحثين عن المغامرة والمؤمنون بالسحر وعبدة الشيطان. وقد قام هؤلاء الشباب المهووسون بسرقة اغلب شواهد القبور وصخورها حتى لم يتبقى في النهاية سوى بعض الشواهد الثقيلة التي عجزوا عن اقتلاعها. أشباح المقبرة لها قصص مختلفة، هناك من يزعم أن بعضها يعود لأشخاص قتلهم آل كابوني رجل العصابات المعروف في عشرينيات القرن المنصرم، فموقع المقبرة المنعزل والمنقطع عن العمران عند أطراف مدينة شيكاغو جعلها مكانا مثاليا لتصفية منافسي وأعداء رجل المافيا الأقوى آنذاك. ورغم انه من الناحية التاريخية لا يوجد أي دليل يؤكد صحة هذه القصص إلا أن بعض الناس يؤمنون بحدوثها ويؤكدون بأن الشخص الذي يدخل إلى المقبرة ليلا ويتمتع بحاسة سمع مرهفة فأنه سيسمع بالتأكيد أنات وصرخات أولئك الذين دفنهم آل كابوني وهم أحياء تحت الكتل الصخرية الضخمة التي تغطي القبور. قصة أخرى تتحدث عن مزارع كان يحرث الأرض مع حصانه في يوم ما من عام 1870 حين غاص الاثنان في إحدى البرك الطينية وماتا معا. البعض يزعم أن شبح المزارع وحصانه لازالا يتجولان داخل المقبرة ويحرثان الأرض كما كانا يفعلان في حياتهما، لكن حين يمر الحصان ببركة ماء فأنه ينطلق مذعورا ساحبا معه صاحبه المزارع المسكين الذي يبدأ بالصراخ طلبا للمساعدة لكن بدون جدوى. هناك قصص كثيرة أخرى ومشاهدات لا تعد ولا تحصى للأشباح في المقبرة. كل هذا دفع فريقا من أعضاء جمعية الأبحاث الروحانية (GRS ) بزيارة باجلور غروف في عام 1991 لغرض تقصي الحقائق ومعرفة حقيقة الأشباح الهائمة هناك. أعضاء الفريق تجولوا لعدة ساعات كانت المقبرة خلالها خالية تماما من البشر. وقبل مغادرتهم بقليل قامت إحدى عضوات الفريق وتدعى ماريا هوف بالتقاط بعض الصور لشواهد القبور بواسطة كاميرا حرارية فائقة السرعة، إحدى هذه الصور كان لها وقع الصاعقة على أعضاء الفريق لأنها أظهرت ما بدا انه شبح امرأة ترتدي ثوبا ابيضا طويلا وتجلس بهدوء وسكينة فوق شاهد احد القبور. صورة السيدة البيضاء أو عذراء باجلور غروف سرعان ما أصبحت من أشهر صور الأشباح، لكنها مثل غيرها من الصور لم تسلم من الانتقاد والتشكيك، فالبعض يعتقد بأنها مجرد صورة لامرأة حقيقية تجلس فوق القبر ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بعالم الأشباح.
4 – شبح المقعد الخلفي (The Back Seat Ghost ) :
يا ترى ما هو المكان الذي يذهب إليه الناس المرة تلو المرة من اجل زيارة شخص ما و هم موقنون بأنهم لن يروه أبدا ؟. إنها المقبرة بالتأكيد حيث يرقد الموتى بصمت وسكينة بانتظار أن يزورهم والد أو ولد .. حبيب أو قريب ليخفف عنهم بصوته الحزين شيئا من وحشة زنزانتهم الأبدية المظلمة. الزائر غالبا ما يجلس بجوار القبر يناجيه ويحادثه بعين دامعة وقلب كسير من دون أن يسمع ردا ولا جوابا، فأنى للموتى أن يتحدثون؟. لكن يا ترى ماذا سيكون شعور هذا الزائر لو علم بأن روح صاحب القبر الذي أتى لزيارته تجلس إلى جواره أو تقف فوق رأسه من حيث لا يعلم !؟ هذا هو بالضبط ما حصل مع السيدة مابيل جينري التي ذهبت برفقة زوجها في يوم ما من عام 1959 لزيارة قبر والدتها. الزوجان أوقفا سيارتهما السوداء عند أطراف المقبرة حيث ترجلت السيدة مابيل ومشت نحو قبر أمها مصطحبة معها آلة التصوير من اجل التقاط بعض الصور. السيدة مابيل أنهت زيارتها بسرعة وقفلت عائدة نحو السيارة حيث ينتظرها زوجها، لكن قبل أن تصل إلى غايتها بعدة ياردات توقفت والتقطت صورة سريعة لزوجها الجالس وحيدا في المقعد الأمامي ثم أسرعت وركبت إلى جانبه لينطلق الاثنان بالسيارة تاركين المقبرة خلف ظهورهم. بعد عدة أيام جلس الزوجان في منزلهما يشاهدان الصور التي التقطاها في المقبرة، لم يتوقعا رؤية شيء غير عادي. لكن فجأة تسمرت عينا السيدة مابيل على الصورة التي التقطتها لزوجها عند أطراف المقبرة، ما شاهدته في الصورة كان محيرا ومربكا، فهي متأكدة تماما بأن السيارة في ذلك اليوم كانت خالية إلا من زوجها الذي كان يجلس في المقعد الأمامي منتظرا عودتها وحيدا، لكن في الصورة ظهر بوضوح وجه امرأة تجلس وراء زوجها مباشرة في المقعد الخلفي للسيارة، المدهش أن ملامح السيدة بنظارتها السميكة وملابسها الداكنة لم تكن غريبة أبدا على السيدة مابيل .. لأنها في الحقيقة لم تكن سوى أمها الميتة!!. قصة شبح المقعد الخلفي محيرة فعلا، إذ يبدو إن روح والدة السيدة مابيل قررت مغادرة قبرها الممل والموحش بصحبة ابنتها فسبقتها إلى السيارة لتجلس في المقعد الخلفي حيث تعودت الجلوس في حياتها. لكن هل هذه قصة قابلة للتصديق!؟ أنا شخصيا بحثت طويلا عن أي معلومة حول السيدة مابيل وزوجها لكني لم أتوصل لشيء، فالمواقع الأجنبية ذكرت القصة بنسق واحد تقريبا كأنما نقل احدهم عن الأخر من دون أية تفاصيل إضافية.
5 - شبح فتاة الحريق (The Fire Girl ) :
"ويم" هي بلدة صغيرة في مقاطعة شروبشاير الانجليزية. معظم الناس لم يسمعوا بهذه البلدة قبل أن تتناقل وسائل الإعلام خبر احتراق مبنى بلديتها القديم في عام 1995. السنة اللهب المتصاعدة من المبنى القديم الذي يعود تاريخ إنشاءه إلى عام 1905 سرعان ما اجتذبت إليها العديد من السكان الذين وقفوا يشاهدون بحزن أهم معالم بلدتهم الصغيرة وهو يتلاشى وسط النيران ويتحول إلى كومة من الرماد. احد هؤلاء المشاهدين ويدعى توني اوريلي، كان يقف على الجانب الآخر من الشارع ممسكا بآلة تصوير مزودة بعدسة مقربة التقط بواسطتها عدة صور للمبنى المحترق، إحدى هذه الصور كانت غريبة ومحيرة حقا لأنها أظهرت ما بدا بأنه فتاة ترتدي ملابس بيضاء قديمة الطراز وتقف بلا مبالاة عند الباب الرئيسي للمبنى وسط النيران الملتهبة. الفتاة في الصورة أصابت جميع سكان البلدة بالذهول وأعادت إلى أذهانهم القصص القديمة التي كانوا قد سمعوها في طفولتهم حول شبح فتاة تدعى جان جورم. سجلات البلدة التاريخية تذكر بأن جان جورم هي فتاة عاشت في البلدة عام 1611 وكانت سببا في إحراق العديد من المنازل الخشبية آنذاك بعد أن أشعلت النار سهوا في سقف منزلها المصنوع من القش. الفتاة دفعت ثمن غلطتها غاليا إذ كانت أول المحترقين، لكن يبدو أن روحها المعذبة أبت أن تفارق البلدة واستمرت بالظهور من حين لآخر عبر السنين والقرون. لم يصدق الجميع طبعا أن الصورة حقيقية، البعض اتهموا اوريلي بفبركتها وتزييفها بحثا على الشهرة. وللدفاع عن مصداقيته قام توني بعرض صورته المثيرة على الدكتور فارنون هاريسون الخبير في الجمعية الملكية للمصورين البريطانيين. هاريسون عاين الصورة واختبرها جيدا قبل أن يعلن بأنها حقيقية وانه لم يستطع العثور على أي اثر للاحتيال فيها. رأي الدكتور هاريسون أعطى صورة الشبح مصداقية كبيرة فغدت بسرعة إحدى أشهر صور الأشباح في العالم وتم نشرها في العديد من الصحف والمجلات ومواقع الانترنيت.
لكن هل كانت الصورة حقيقية فعلا ؟
صورة تثبت زيف شبح فتاة الحريق
كلا للأسف لم تكن كذلك، وقد لعبت الصدفة دورا كبيرا في كشف زيفها. ففي عام 2010 كان براين لير من مدينة شروبشاير الانجليزية يتصفح عددا من بطاقات المعايدة القديمة عندما شاهد عن طريق الصدفة صورة فوتوغرافية ملتقطة لشارع في بلدة "ويم" عام 1922. الصورة بدت عادية جدا، مجرد منظر كئيب لشارع قديم في بلدة انجليزية صغيرة، لكن نظر براين الثاقب انتبه إلى فتاة كانت تقف في الصورة عند ناصية الشارع وترتدي ملابس بيضاء قديمة الطراز، بلير تعرف على الفتاة في الحال .. إنها نفس فتاة صورة شبح المبنى المحترق!. توني اوريلي الذي التقط صورة فتاة الحريق مات عام 2005، وحتى آخر لحظة في حياته كان يصر على أن صورته حقيقية، ويبدو ان الرجل لم يكن يعتقد أبدا بأن حيلته يمكن ان تنكشف، لكنه بالطبع لم يضع في حسبانه دقة نظر وقوة ذاكرة شاب من مدينة شروبشاير يدعى براين لير. قصة شبح فتاة الحريق هي دليل واضح على حجم الزيف والكذب الذي يمكن أن يمارسه بعض الأشخاص من اجل الوصول إلى الشهرة، وهي أيضا مثال جيد على مدى سذاجة بعض الناس وسهولة تصديقهم للأكاذيب، ولهذا السبب نجد اليوم على شبكة الانترنت مئات الصور المزعومة للأشباح تتداولها المواقع والمنتديات المختلفة ونرى البعض يصر على أنها حقيقية متناسين أن فبركة الصور في القرن الحادي والعشرين صارت من السهولة بمكان إلى درجة أن الأطفال أيضا أصبح بإمكانهم دمجها والتلاعب فيها بواسطة بعض برامج الحاسوب البسيطة.