لا، لم يكن التصور لملكة جمال الحرية دائماً كما هو اليوم متمثلاً في “تمثال الحرية”.
ولا أيضاً، لم يكن من المفترض أن تُضاء الشعلة للوافدين الجدد عند مدخل ميناء نيويورك.
كان من المفترض أن يكون التمثال لفلاحة مصرية تقف عند مدخل قناة السويس ووجهها ينظر باتجاه الشرق وتلوح بالشعلة التي ترمز للنور الذي تقدمه لآسيا ، وكان من المفترض أن يكون اسمها مصر أو التقدم.
بعد رحلة الفرنسي فريدريك “Frédéric Auguste Bartholdi” إلى الأقصر في مصر عام 1855 وقع في حب الشرق الأوسط، كان يحب المنحوتات الضخمة، تلك المنحوتات الجرانيتية مع العيون التي تبدو ثابتةً تتطلع إلى المستقبل البعيد.
عاد فريدريك إلى مصر عام 1869 وبيده نموذجاً مُصغر لتمثال سيدة تحمل مشعلا، وعرضه على الخديوي إسماعيل ليتم وضعه في مدخل قناة السويس التي افتتحت في 16 نوفمبر من نفس العام، لكن الخديوي إسماعيل اعتذر عن قبول الإقتراح نظراً للتكاليف الباهظة التي يتطلبها هذا المشروع، حيث لم يكن لدى مصر السيولة الكافية بعد تكاليف حفر القناة وحفل افتتاحها.
بسبب الوضع الإقتصادي المتأزم في مصر آنذاك أصبح واضحاً أن خطته لن تحصل على التمويل مما أصابه بخيبة أمل كبيرة، فأبحر إلى نيويورك.
وهكذا.. أصبحت شعلة تمثال سيدة الحرية تضاء للوافدين الجدد عند مدخل ميناء نيويورك بدلاً من تمثال سيدة مصر التي تقف على مدخل قناة السويس ووجهها باتجاه الشرق ملوحة بالشعلة لتنير الطريق إلى آسيا.