TODAY - March 28, 2011
في انتظار كلمة الرئيس: أسئلة سورية كثيرة تنتظر إجابات
سقط حوالي 15 قتيلا و150 مصابا في الأحداث التي شهدتها اللاذقية منذ يوم السبت الماضي.
ما الذي يجري في سورية؟ في الشارع؟ في أذهان الحالمين بالتغيير؟ وراء الكواليس؟ في ذهن القيادة التي طال صمتها؟ وفي أماكن أخرى وراء الحدود حيث يعتقد بعض السوريين أن ثمة مؤامرة تُحاك ضدَّهم عبر إثارة فتنة طائفية كبرى في بلادهم؟
أسئلة كثيرة وكثيرة جدا تدور هذه الأيام في أذهان السوريين، من موالين ومعارضين، والذين لا يزالون ينتظرون إطلالة الرئيس بشار الأسد، عليهم ليطمئنهم، أو ليقول لهم ماذا ينوي القيام به بعد الذي شهدته البلاد من فوضى وعنف وموت وخوف منذ اندلاع الاضطرابات التي تعصف بالبلاد منذ الخامس عشر من الشهر الجاري.
في صحيفة الجارديان البريطانية الصادرة صباح اليوم الاثنين نطالع تحقيقا لكاثرين مارش، وهذا هو الاسم المستعار لمراسلة الصحيفة في العاصمة السورية دمشق، ويشترك معها فيه زميلها سعيد كمالي ديغان.
يسلِّط الصحفيان من خلال التحقيق الضوء على ألأوضاع التي تشهدها سورية هذه الأيام، وبالتالي يحاولان الإجابة على بعض هذه الأسئلة المطروحة بإلحاح.
بداية يركِّز التحقيق على الوضع الميداني المتوتر في عموم البلاد، وفي محافظة اللاذقية الساحلية على وجه الخصوصِ، والتي كانت قد شهدت أعمال توتر وعنف يومي السبت والأحد الماضيين، إذ أسفرت عن مقتل نحو 15 شخصا وإصابة حوالي 150 آخرين بجروح، ومعظمهم من عناصر الأمن.
"جهات أجنبية"
تعهَّد الأسد الخميس الماضي بإلغاء العمل بقوانين الطوارئ التي تُطبَّق في البلاد منذ عام 1963.
ولئن أبرز التحقيق جانب التفاؤل الذي عمَّ سكان اللاذقية مع عودة الهدوء والأمن إلى مدينتهم مع انتشار الجيش في شوارعها وضواحيها، فإنه يركِّز أيضا على الاتهامات التي تكيلها السلطات السورية لـ "جهات أجنبية أرسلت القناصة والعناصر المسلحة" لتستهدف الأفراد والأسر الآمنة في المدينة التي طالما تميزت بنسيجها الطائفي الفريد القائم على التعايش على مرِّ السنين.
بعدها ينتقل التحقيق إلى سؤال آخر يجول في خاطر الكثير من السوريين: أين الرئيس بشار الأسد، ومتى سيطلُّ على الشعب ليضع النقاط على الحروف ويفسِّر لمواطنيه كل ما يجري من حولهم وما يحف بحاضرهم ومستقبلهم ومستقبل بلادهم من من مخاطر وتحديات جدُّ خطيرة؟
وللإجابة عن هكذا سؤال، تبدأ الصحيفة بما كانت قد قالته الدكتورة بثينة شعبان، مستشارة الأسد للشؤون السياسية والإعلامية، الأحد بأن الرئيس سيدلي "قريبا" بكلمة إلى السوريين الذين ينتظرون بفارغ الصبر تفسيرا من رئيس البلاد لكل ما تشهده سورية من أحداث وتحديات جسام.
بعدئذٍ تنقلنا الصحيفة إلى العاصمة البريطانية لندن، حيث تقدم لنا ريم علاَّف، المحللة السورية في مركز تشاتام هاوس للدراسات والأبحاث بلندن، رؤية تحليلية لحاجة السوريين لسماع إجابة من رئيسهم عن أسئلة هامة كثيرة مطروحة.
تقول علاَّف: "الكل ينتظر الرئيس لكي يتحدث ويتخذ بعض الخطوات التي يقول لشعبه من خلالها إنه لا يزال يبسط سلطته على مقاليد الأمور في البلاد".
قوانين طوارئ
وحول أهمية الخطوات التي كانت القيادة السورية، برئاسة الأسد، قد أعلنتها يوم الخميس الماضي، ومنها اعتزام إلغاء العمل بقوانين الطوارئ المفروضة على البلاد منذ عام 1963، تقول علاَّف: "لا يوجد أي معنى لإلغاء قانون الطوارئ في الوقت الذي يمكن أن يُعتقل الناس وفقا لقوانين أخرى".
كانت شعبان قد أعلنت الأحد أن الرئيس الأسد سيلقي كلمة يشرح فيها لشعبه ملابسات الأحداث التي تشهدها البلاد.
وترى علاَّف أن الوقت قد ينفد بالنسبة للقيادة السورية إن هي تأخَّرت أكثر بمصارحة شعبها بكل ما يجري، لطالما أن كل يوم يمر دون اتخاذ المزيد من الخطوات الملموسة لمعالجة الأزمة الراهنة التي تمر بها البلاد قد يكون مجرَّد إضاعة المزيد من الوقت، وقد يصعب تعويضه في المستقبل.
وتضيف: "لم يكن الناس في البداية يدعون إلى ثورة، بل كانوا يطالبون بالمزيد من الحرية، وهو أمر لا يزال بوسع الرئيس تنفيذه".
خبير آخر يدلي للصحيفة بدلوه بما تشهده سورية هذه الأيام، و هو جوشوا لانديز، خبير الشؤون السورية في جامعة أوكلاهوما بالولايات المتحدة، وإن كان رأيه مختلفا.
يقول لانديز: "هنالك العديد ممَّن قد يكونون محقِّين باعتقادهم بالقول إن أنت أعطيت مقدار بوصة واحدة، فإن المطالب ستزداد في الحال ولن يتبقى لديك من شيء تقدِّمه".
استجابة "مثيرة"
صحيفة الفايننشال تايمز هي الأخرى تفرد مساحة واسعة للشأن السوري، فتعنون أحد تحقيقاتها: "الأسد يتعهَّد بإلغاء قانون الاعتقال".
يقول التحقيق إنه في حال تعليق العمل بقوانين الطوارئ، فإن ذلك سيشكِّل استجابة دراماتيكية مثيرة وغير مسبوقة لمطالب المحتجين، لطالما استبعد المحللون في السابق إمكانية أن تقدِّم الحكومة السورية مثل هكذا مطلب في الماضي.
ريم علاَّف، محللة سورية في مركز تشاتام هاوس للدراسات والأبحاث بلندن"الكل ينتظر الرئيس لكي يتحدث ويتخذ بعض الخطوات التي يقول لشعبه من خلالها إنه لا يزال يبسط سلطته على مقاليد الأمور في البلادكما يسلِّط التحقيق الضوء أيضا على قرار السلطات السورية يوم السبت الماضي الإفراج عن 264 معتقلا، وقرارها الأحد بإطلاق سراح الناشطة ديانا الجوابرة، والتي تقول الصحيفة إن اعتقالها كان أحد الأسباب التي ساهمت باندلاع الاحتجاجات في محافظة درعا في الخامس عشر من الشهر الجاري.
وتحت عنوان "الجيش السوري يغلق المدينة في معقل الأسد بعد انتشار الاحتجاجات"، نطالع في الديلي تلغراف تحقيقا لمراسل الصحيفة في منطقة الشرق الأوسط، أدريان بلومفيلد، يقول فيه إن انتشار الجيش في مدينة اللاذقية الأحد جاء في أعقاب انتشار القناصة في مناطق مختلفة من المدينة، وبالتالي ازدياد المخاوف من تزايد أعمال العنف فيها.
إطلاق نار "عشوائي"
يقول التحقيق إن عناصر مسلحة انتشرت في شوارع المدينة وأخذت تطلق النار على السكان بشكل عشوائي، بينما تنقل الصحيفة عن سكان محليين قولهم إن بعض المتظاهرين الذي هتفوا بشعارات مناوئة للرئيس الأسد "ليسوا من اللاذقية، وقد يكونون عناصر من جماعة الإخوان المسلمين المحظورة".
أمَّا الإندبندنت، فتنشر اليوم تحقيقا مطوَّلا عن آخر تطورات الأوضاع في سورية، وتركِّز فيه على مساعي الرئيس الأسد بالتصدي للاحتجاجات التي تشهدها البلاد من خلال تقديم وعود بتنفيذ حزمة إصلاحات جديدة.
شهدت محافظة اللاذقية السورية أعمال عنف وقتل عديدة خلال الأيام القليلة الماضية.
يقول تحقيق الإندبندنت: "لقد ازدادت التكهنات الليلة الماضة بأن الرئيس الأسد سيعلن عن إصلاحات سياسية واسعة في مسعى منه للتصدي للاضطرابات والتحكُّم بها".
الشأن الليبي
ورغم المساحة الواسعة التي تفردها للشأن السوري، فإن صحف الاثنين كافَّة تفرد صدر صفحاتها الأولى للتطورات المتسارعة للأوضاع في ليبيا، إذ تتناول القضية بالمزيد من التغطيات الميدانية المفصَّلة وبمقالات النقد والتحليل على الصفحات الداخلية.
فتحت عنوان "الثوار الليبيون يقتربون من معاقل القذافي"، نطالع على الصفحة الأولى من صحيفة التايمز تحقيقا جاء فيه أن "القبضة الوحشية الصارمة" للعقيد القذافي على السلطة في بلاده أخذت الليلة الماضية تتراخى وتضعف.
أمَّا عن الدليل على ذلك، فهو، برأي الصحيفة، استعادة قوات المعارضة مناطقة النفط الرئيسية في البلاد، واستغلالها للقصف الجوي الذي تشنه قوات الحلفاء الغربيين على قوات القذافي من أجل السيطرة على مدينة سرت، أحد معاقل القذافي الرئيسية.
يقول تحقيق التايمز: "لقد تقدمت القوات المناهضة للقذافي باتجاه الغرب من مدينة بن جواد، والتي كانت مسرحا لهزيمتها المذلَّة قبل نحو أسبوعين، لتزحف باتجاه سرت التي تُعتبر بوابة لغربي البلاد، وللعاصمة طرابلس نفسها".
شارات "النصر"
من صحيفة الإندبندنت البريطانية"قوات القذافي تتلاشى، وعين الثوار الآن على العاصمة الليبية"وعلى كامل صفحتها الأولى، تنشر الإندبندنت خريطة كبيرة للمدن الليبية الساحلية وعليها علامات تشير إلى وقوع معظمها تحت سيطرة قوات المعارضة، وفي الخلفية تظهر صورة لمقاتلين مناوئين للقذافي وقد رفعا شارة النصر ابتهاجا بما حققته قوات المعارضة من نتائج على الأرض ضد خصومها.
أمَّا العنوان، فيقول: "إلى الأمام، إلى طرابلس". وعنوان فرعي يقول: "قوات القذافي تتلاشى، وعين الثوار الآن على العاصمة الليبية".
وعلى الصفحة الأولى من الفايننشال تايمز، تطالعنا صورة لثوار ليبيين يحتفلون أمام أحد الفنادق في مدينة راس لانوف "المحرَّرة" من سيطرة قوات القذافي.
وفي الداخل نقرأ تحقيقا لمراسلي الصحيفة، ويليام ووليز وكاترينا مانسون، بعنوان "القذافي يطلب المساعدة من أفريقيا". وفي العنوان الفرعي نقرأ: "الزعيم الليبي يفوز بمساعدة محدودة فقط في ساعة الضيق".
حملة القذافي
وفي التفاصيل نقرأ عن الحملة التي أطلقها القذافي مؤخرا طلبا للعون الدبلوماسي والعسكري من الدول الواقعة جنوب الصحراء الأفريقية، والتي لم تسعفه بسوى مساعدة بسيطة لا تكاد تُذكر.
لم تكن استجاجة لطلب الزعيم الليبي معمَّر القذافي النجدة الدول الإفريقية بالشيء الكبير.
صحيفة الغارديان تمزج ما بين نتائج المساعي التي يقوم بها أصدقاء القذافي الأتراك لإيجاد مخرج دبلوماسي للأزمةالليبية في وقتها الحرج، وبين التقدم الكبير الذي تحققه قوات الثوار على الأرض.
فتحت عنوان "تركيا تتقدم بعرض وساطة للتوصل لوقف لإطلاق النار في ليبيا مع تقدم الثوار"، تنشر الصحيفة تحقيقها الرئيسي على صدر صفحتها الأولى، والذي جاء فيه أن رئيس الوزراء التركي، رجب طيِّب أردوغان، ألمح إلى أن بلاده جاهزة للعمل كوسيط للمساعدة بوضع نهاية للأزمة.
وتنقل الصحيفة عن أردوغان تحذيره أن من شأن الفشل بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا أن يدخل البلاد في نفق مظلم قد يحيلها إلى "عراقٍ ثانٍ".
وبعيدا عن صراعات منطقة الشرق الأوسط، ننتقل إلى صراع أكثر سلمية وأقل حدَّة: المظاهرات التي نظَّمتها النقابات العمالية البريطانية في لندن السبت الماضي احتجاجا على سياسات الحكومة لخفض الإنفاق العام في البلاد.
فبالإضافة إلى التحقيق المصوَّر المطوَّل على كامل صفحتيها الثانية والثالثة عشر، تطالعنا الغارديان برسم كاريكاتيري ساخر عن الحدث يظهر حجم أعمال العنف والفوضى التي تسبَّب بها المتظاهرون، وكأنهم يخوضون مواجهة حقيقية وساخنة في ميدان المعركة.