الحماية
لمّا كنتُ صغيراً وكان أبي آنذاك شاباً تكتنهه مشاعر الغرور والنخوة، أذكرُ جيداً عندما اُودعه ذاهباً للمدرسة كان يقفُ وبيده عصىً أو بندقية صيد فيستوقفني في عتبة باب المنزل ويرفع صوته الذي يكاد أن يصير زئير اسد فيقول لي : إذا آذاك أحدٌ او تشاجر معاك، قل لي لاُهشم رأسه ورأسَ أبيه بهذه...
مرات كثيرة أتشاجر مع أطفالٍ في الصف ويحدثُ أن اُضرب او يُسرق مني شيئاً ولكن لما أرجع للبيت لم أقل لأبي عن الموضوع شيئاً..و يجوز أن أطلعته مرة أو مرتين بهكذا امور ولكن عموماً لم أكن أرغب في إبلاغ أبي بتلك المواضيع وللآن لا أعرف ماهو السبب، ربما أني كنت أخاف من توسيع رقعة الشجارات والمشكلاتِ...
اليوم كبرتُ وكبُر أبي وأصبحت رجلاً في منتصف العمر وصار أبي شيخاً. فإذا أردتُ الخروج من المنزل اُوْدعه فيقول لي : إذهب الله معك. وكلما أسمعُ كلماته هذه أذكر تلك الكلمات في زمن شبابهِ واضحكُ رضىً لهذه الكلمات البعيدة عن النخوة والغرور والنابعة عن التواضع والتوكل على قدرة كونية تشمل الجميع برحمتها وعطفها...
ع ع الأهواز2013